Top
Image Alt

تابع ذكر أسماء يوم القيامة

  /  تابع ذكر أسماء يوم القيامة

تابع ذكر أسماء يوم القيامة

الأسماء الأخرى التي وردت في القرآن الكريم:

فمنها: يوم البعث، قال تعالى: {يَأَيّهَا النّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مّنَ الْبَعْثِ فَإِنّا خَلَقْنَاكُمْ مّن تُرَابٍ} [الحج: 5]، قال ابن منظور: البعث: الإحياء من الله تعالى للموتى، وبعث الموتى: نشرهم ليوم البعث.

ومنها: يوم الخروج، قال تعالى: {يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصّيْحَةَ بِالْحَقّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ} [ق: 42]، سمي بذلك؛ لأن العباد يخرجون فيه من قبورهم عندما يُنفخ في الصور.

ومن أسماء يوم القيامة: القارعة، قال تعالى: {الْقَارِعَةُ}(1) {مَا الْقَارِعَةُ}(2) {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ} [القارعة: 1- 3]، قال الإمام القرطبي: سُميت بذلك؛ لأنها تقرع القلوب بأهوالها، يقال: قد أصابتهم قوارع الدهر؛ أي: أهواله وشدائده.

ومنها: يوم الفصل، قال تعالى: {هَـَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذّبُونَ} [الصافات: 21]، وسمي بذلك؛ لأن الله يفصل فيه بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون، وفيما كانوا فيه يختصمون، قال تعالى: {إِنّ رَبّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقَيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [السجدة: 25].

ومن أسماء يوم القيامة: يوم الدين، قال تعالى: {وَإِنّ الْفُجّارَ لَفِي جَحِيمٍ}(14) {يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدّينِ}(15) {وَمَا هُمَ عَنْهَا بِغَآئِبِينَ}(16) {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدّينِ}(17) {ثُمّ مَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدّينِ}(18) {يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالأمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلّهِ} [الانفطار: 14- 19]، والدين في لغة العرب: الجزاء والحساب، وسُمي هذا اليوم بذلك؛ لأن الله يجزي العباد ويحاسبهم في ذلك اليوم.

ومن أسمائه: الصّاخّة، قال تعالى: {فَإِذَا جَآءَتِ الصّآخّةُ} [عبس: 33]، قال القرطبي: قال عكرمة: الصاخة: النفخة الأولى، والطامة: النفخة الثانية، قال الطبري: أحسبه من صخ فلانٌ فلانًا؛ إذا أصمه. قال ابن العربي: الصاخة التي تُورث الصمم وإنها المسمعة، وهذا من بديع الفصاحة، حتى لقد قال بعض أحداث الأسنان حديثي الأزمان:

أصم بك الناعي, وإن كنت أسمعا

*…. …. …. ….

ومن أسمائه: الطامة الكبرى، قال تعالى: {فَإِذَا جَآءَتِ الطّآمّةُ الْكُبْرَىَ} [النازعات: 34]، وسميت بذلك؛ لأنها تطمّ على كل أمر هائل مفزع، كما قال تعالى: {وَالسّاعَةُ أَدْهَىَ وَأَمَرّ} [القمر: 46]، قال القرطبي: الطامة: الغالبة من قولك: طم الشيء إذا علا وغلب، ولما كانت تغلب كل شيء كان لها هذا الاسم حقيقة دون كل شيء، قال الحسن: الطامة: النفخة الثانية، وقيل: حين يسار بأهل النار إلى النار.

ومن أسمائه: يوم الحسرة، قال تعالى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} [مريم: 39] سمي بذلك الاسم؛ لشدة تحسر العباد في ذلك اليوم وندمهم وتندمهم، أما الكفار فلعدم إيمانهم {حَتّىَ إِذَا جَآءَتْهُمُ السّاعَةُ بَغْتَةً قَالُواْ يَحَسْرَتَنَا عَلَىَ مَا فَرّطْنَا فِيهَا} [الأنعام: 31] ولنستمع إلى تحسّر الكفار عندما يحل بهم العذاب: {أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَحَسْرَتَا عَلَىَ مَا فَرّطَتُ فِي جَنبِ اللّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السّاخِرِينَ}(56) {أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنّ اللّهَ هَدَانِي لَكُـنتُ مِنَ الْمُتّقِينَ}(57) {أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنّ لِي كَـرّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الزمر: 56- 58]، وتبلغ الحسرة ذروتها بأهل الكفر، عندما يتبرأ السادة والأتباع من متبوعيهم{وَقَالَ الّذِينَ اتّبَعُواْ لَوْ أَنّ لَنَا كَرّةً فَنَتَبَرّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرّءُواْ مِنّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النّارِ} [البقرة: 167]، ويتحسر المؤمن في ذلك اليوم؛ بسبب عدم استزادته من أعمال البر والتقوى.

ومن أسمائه: الغاشية، قال تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية: 1]، سميت بذلك؛ لأنها تغشى الناس بأفزاعها وتغمّهم، ومن معانيها: أن الكفار تغشاهم النار، وتحيط بهم من فوقهم ومن تحت أرجلهم، كما قال تعالى: {يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ} [العنكبوت: 55].

ومن أسمائه: يوم الخلود، قال تعالى: {ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ ذَلِكَ يَوْمُ الُخُلُودِ} [ق: 34]، سمي ذلك اليوم بيوم الخلود؛ لأن الناس يصيرون إلى دار الخلد، فالكفار -والعياذ بالله- مخلدون في النار، والمؤمنون بنعمة الله مخلدون في الجنان، قال تعالى: {وَالّذِينَ كَفَرواْ وَكَذّبُواْ بِآيَاتِنَآ أُولَـَئِكَ أَصْحَابُ النّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 39].

ومنها: يوم الحساب, قال تعالى: {إِنّ الّذِينَ يَضِلّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدُ بِمَا نَسُواْ يَوْمَ الْحِسَابِ} [ص: 26] سمي ذلك اليوم بيوم الحساب؛ لأن الله يحاسب فيه عباده. قال القرطبي: “معنى الحساب: أن الله يعدّد على الخلق أعمالهم من إحسان وإساءة، ويعدد عليهم نعمه، ثم يقابل البعض بالبعض، فما يشفّ منها على الآخر حكم للمشفوف بحكمه الذي عينه؛ للخير بالخير وللشر بالشر، وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما منكم أحدٌ إلا وسيكلمه الله, ليس بينه وبينه ترجمان))”.

ومنها: الواقعة؛ أي: من أسماء يوم القيامة الواقعة، قال تعالى: {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ} [الواقعة: 1]، قال ابن كثير: “سميت بذلك؛ لتحقق كونها ووجودها”. وأصل وقع في لغة العرب لفظ كان أو لفظ وجد.

ومن أسمائه: يوم الوعيد، قال تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصّورِ ذَلِكَ يَوْمَ الْوَعِيدِ} [ق: 20]؛ لأنه اليوم الذي أوعد به عباده، وحقيقة الوعيد هو الخبر عن العقوبة عند المخالفة.

يوم الآزفة: قال تعالى: {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الأَزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ} [غافر: 18]، وسميت بذلك؛ لاقترابها كما قال تعالى: {أَزِفَتِ الاَزِفَةُ}(57) {لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللّهِ كَاشِفَةٌ} [النجم: 57، 58]، والساعة قريبة جدًّا، وكل آت فهو قريب وإن بعد مداه، والساعة بعد ظهور علاماتها أكثر قربًا.

ومنها: يوم الجمع، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لّتُنذِرَ أُمّ الْقُرَىَ وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لاَ رَيْبَ فِيهِ} [الشورى: 7]، سميت بذلك؛ لأن الله يجمع فيه الناس جميعًا، كما قال تعالى: {ذَلِكَ يَوْمٌ مّجْمُوعٌ لّهُ النّاسُ} [هود: 103].

ومنها: الحاقة، قال تعالى: {الْحَاقّةُ}(1) {مَا الْحَآقّةُ} [الحاقة: 1، 2]، وسميت بذلك -كما يقول ابن كثير- لأن فيها يتحقق الوعد والوعيد، قال الإمام البخاري في صحيحه: “هي الحاقة؛ لأن فيها الثواب وحواقّ الأمور, والحقة والحاقة واحد”. وقال ابن حجر في شرحه لكلام البخاري: “هذا أخذه من كلام الفراء، قال في (معاني القرآن): الحاقة: القيامة، سميت بذلك؛ لأن فيها الثواب وحواق الأمور، ثم قال: الحقة والحاقة كلاهما بمعنى واحد. قال الطبري: سميت الحاقة؛ لأن الأمور تحق فيها، وهي كقولهم: ليل قائم، وقال غيره: سميت الحاقة؛ لأنها أحقت لقومٍ الجنة ولقومٍ النار، وقيل: لأنها تحاقق الكفار الذين خالفوا الأنبياء”.

ومنها: يوم التلاق، قال تعالى: {رَفِيعُ الدّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىَ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التّلاَقِ} [غافر: 15]، قال ابن كثير: قال ابن عباس: يلتقي فيه آدم وآخر ولده, وقال ابن زيد: يلتقي فيه العباد، وقال قتادة والسدي وبلال بن سعد وسفيان بن عيينة: يلتقي فيه أهل الأرض والسماء والخالق والخلق، وقال آخرون: يلتقي فيه الظالم والمظلوم، وقد يقال: إن يوم التلاق يشمل هذا كله، ويشمل أن كل عاملٍ سيلقى ما عمله من خير وشر -كما قال بعض العلماء الآخرون.

يوم التناد: قال تعالى حاكيًا نصيحة مؤمن آل فرعون قومه: {وَيَقَوْمِ إِنّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التّنَادِ} [غافر: 32]، وسمي بذلك؛ لكثرة ما يحصل فيه من نداء في ذلك اليوم، فكل إنسان يدعى باسمه للحساب والجزاء، وأصحاب الجنة ينادون أصحاب النار، وأصحاب النار ينادون أصحاب الجنة، وأهل الأعراف ينادون هؤلاء وهؤلاء.

ومنها: يوم التغابن، قال تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التّغَابُنِ} [التغابن: 9]، سمي بذلك؛ لأن أهل الجنة يغبنون أهل النار؛ إذ يدخل هؤلاء الجنة فيأخذون ما أعدّ الله لهم، ويرثون نصيب الكفار من الجنة.

هذه هي أشهر أسماء يوم القيامة، وقد أورد بعض العلماء أسماء أخرى غير ما ذكرناه، ولكن هذه الأسماء أخذوها بطريق الاشتقاق مما ورد منصوصًا، فقد سموه بيوم الصدر؛ أخذًا من قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النّاسُ أَشْتَاتاً} [الزلزلة: 6]، ويوم الجدال؛ أخذًا من قوله تعالى: {يَوْمَ تَأْتِي كُلّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نّفْسِهَا} [النحل: 111]، وسموه بأسماء الأوصاف التي وصف الله بها ذلك اليوم، فقالوا من أسمائه: {يَوْمٌ عَسِيرٌ} [المدثر: 9]، و {يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الأنعام: 15]، و {يَوْمٌ مّشْهُودٌ} [هود: 103]، و {يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً} [الإنسان: 10]، و {يَوْمٍ عَقِيمٍ} [الحج: 55].

ومن الأسماء التي ذكروها غير ما تقدم: يوم المآب, ويوم العرض ويوم الخافضة الرافعة, ويوم القصاص ويوم الجزاء ويوم النفخة, ويوم الزلزلة ويوم الراجفة ويوم الناقور, ويوم التفرق ويوم الصدع, ويوم البعثرة ويوم الندامة ويوم الفرار، ومنها أيضًا: {يَوْمَ تُبْلَىَ السّرَآئِرُ} [الطارق: 9]، يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً} [الانفطار: 19]، {يَوْمَ يُدَعّونَ إِلَىَ نَارِ جَهَنّمَ دَعّا} [الطور: 13]، {لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَارُ} {يَوْمَ لاَ يَنفَعُ الظّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ} [غافر: 52]، {يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ} [المرسلات: 35]، {يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ} [الشعراء: 88]، يوم {وَلاَ يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثاً} [النساء: 42]، يوم {لاّ مَرَدّ لَهُ مِنَ اللّهِ} [الروم: 43]، {يَوْمٌ لاّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ} [إبراهيم: 31]، يوم لاّ {رَيْبَ فِيهِ} [آل عمران: 9].

ويضيف إليها بعض أهل العلم أسماء أخرى، وقد يسمى الاسم بما يقاربه ويماثله، قال القرطبي: “ولا يمتنع أن تسمى بأسماء غير ما ذكر؛ بحسب الأحوال الكائنة فيه من الازدحام والتضايق، واختلاف الأقدام, والخزي والهوان والذل, والافتقار والصَّغَار والانكسار. وكذلك يوم الميقات والمرصاد، إلى غير ذلك من الأسماء”.

السر في كثرة أسمائها:

يقول القرطبي: وكل ما عظُم شأنه تعددت صفاته وكثرت أسماؤه، وهذا نهج كلام العرب، ألا ترى أن السيف لما عظم عندهم موضعه، وتأكد نفعه لديهم وموقعه، جمعوا له خمسمائة اسم؟ وله نظائر؛ فالقيامة لما عظم أمرها وكثرت أهوالها؛ سماها الله تعالى في كتابه الكريم بأسماء عديدة ووصفها بأوصاف كثيرة.

error: النص محمي !!