تخفيفُ “إنَّ” المكسورة
تُخفَّف “إنّ” المكسورة لِثقلها، فيكثر إهمالُها لزوال اختصاصها. ومثالها: قول تعالى: وَإِن كُلّ لّمّا جَمِيعٌ لّدَيْنَا مُحْضَرُونَ} [يس: 32]، في قراءة مَن خفّف{لّمّ}}.
ويجوز إعمالُها على قِلّةٍ استصحابًًا للأصل، نحو قوله تعالى: {وَإِنّ كُـلاّ لّمّا لَيُوَفّيَنّهُمْ رَبّكَ أَعْمَالَهُمْ} [هود: 111]، في قراءة نافع وابن كثير، بتخفيف {وَإِنّ}، و{لّمّا} .
وتلزم “لام” الابتداء بعد “إنْ” المهملة، فارقةً بين الإثبات والنفي. وهذه اللام تُغني عنها قرينةٌ لفظية، بأن يكون الخبر منفيًًّا، نحو: “إنْ زيدٌ لن يقوم”، أو قرينةٌ معنوية، كأن يكون الكلام سِيقَ للإثبات والمدْح، كقول الشاعر:
أَنَا ابْنُ أُباةِ الضَّيْم من آلِ مالكٍ | * | وإنْ مالكٌ كانتْ كِرامَ المعادن |
ولو قال: “لكانت” بـ”اللام” لَجَاز؛ لكن استغنى عنها لكونه في مقام المدح، وتوهُّمُ النفي هنا ممْتنع. وإن وَلِيَ “إنْ” المخفّفة فِعْلٌ:
كَثُرَ كَونُه مضارعًًا ناسخًًا، نحو قوله تعالى: {وَإِن يَكَادُ الّذِينَ كَفَرُواْ لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ} [القلم: 51]، وقوله تعالى: {وَإِن نّظُنّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} [الشعراء: 186].
وأكثرُ منه: كونُ الفعل ماضيًًا ناسخًًا، نحو قوله تعالى: {وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً} [البقرة: 143]، وقولهِ تعالى: {إِن كِدتّ لَتُرْدِينِ} [الصافات: 56]، وقولهِ تعالى: {وَإِن وَجَدْنَآ أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ} [الأعراف: 102].
وندَر كونُه ماضيًًا غيرَ ناسخٍ، كقول الشاعر:
شَلَّتْ يَمِينُكَ إنْ قَتَلْتَ لَمُسْلِمًا | * | حَلَّتْ عليك عقوبةُ المُتَعمَّد |
أدخل “إنْ” المخفّفة على “قتلتَ”، وهو فعل ماضٍ غير ناسخ، ولا يقاس عليه “إنْ قامَ لأنَا”، و”إن قَعَدَ لزيدٌ”، خلافًًا للأخفش والكوفيِّين.
وأندر منه: كونُ الفعل لا ماضيًًا، ولا ناسخًًا، حُكِيَ قول العرب: “إنْ يزِينُكَ لَنَفْسُكَ وإنْ يَشِينُكَ لِهِيَهْ”؛ ولا يُقاس عليه اتفاقًًا.