تربية الصحابة على أخلاق الإسلام السامية
لقد حرَصَ الرسول صلى الله عليه وسلم على تربية أصحابه على أخلاق الإسلام، كما حرصوا هم على التأسِّي به.
ومن إرشاده إلى الأخلاق الفاضلة قوله: ((ثلاث مَن كنَّ فيه استوجب الثواب، واستكمل الإيمان: خُلق يعيش به في الناس، وورع يحجزه عن محارم الله، وحِلم يردُّ به جهل الجاهل)) أخرجه البزار من حديث أنس.
وقوله: ((إن أحبكم إليَّ وأقربكم مني منزلة يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا، الموطئون أكنافًا، الذين يألفون ويؤلفون)) أخرجه الطبراني في (الأوسط) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أنه قال: أراد معاذ بن جبل رضي الله عنه سفرًا إلى جهة فقال: ((يا نبي الله أوصني، قال: اعبد الله ولا تشرك به شيئًا، قال: زدني، قال: إذا أسأتَ فأحسِن، قال: زدني، قال: استقم وليحسن خلقك)) أخرجه ابن حبان في “صحيحه”.
وقوله: ((اتقِ المحارم تكن أعبد الناس، وارضَ بما قسم الله لك تكن أغنى الناس، وأحسن إلى جارك تكن مؤمنًا، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلمًا، ولا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب)) أخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة.
وقوله: ((عفُّوا تعفّكم نساؤكم، وبرّوا آباءكم تبركم أبناؤكم)) رواه الطبراني من حديث عائشة، وقوله: ((ما من شيء بأثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، وإنّ الله يبغض الفاحش البذيء)) أخرجه الترمذي عن أبي الدرداء، والبذيء بفتحٍ فكسر ثم تشديد، الذي يتكلّم بالفحش ورديء الكلام.
وقوله: ((إن لله خََلْقًا خَلَقهم لحوائج الناس، يفزع الناس إليهم في حوائجهم، أولئك الآمنون من عذاب الله)) رواه الطبري، وقال: ((أحبّ الأعمال إلى الله -تبارك وتعالى- سُرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تطرد عنه جزعًا، أو تقضي عنه دينًا)) رواه أبو الشيخ من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
وقوله: ((إن أطيب الكسب كسب التجار، الذين إذا حدثوا لم يكذبوا، وإذا ائتمنوا لم يخونوا، وإذا وعدوا لم يخلفوا، وإذا اشتروا لم يذمّوا، وإذا باعوا لم يمدحوا، وإذا كان عليهم لم يمطلوا، وإذا كان لهم لم يعسّروا)) رواه البيهقي من حديث معاذ رضي الله عنه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((اتَّق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخَالِقِ الناس بخلق حسن)) رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.
وقال صلى الله عليه وسلم: ((من سعادة المرء حُسن الخلق، ومن شقاوته سوء الخلق)) أخرجه البيهقي في (شُعب الإيمان) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما .
وقال: ((ليس منا مَن لم يرحم صغيرنا ويعرف شرف كبيرنا)) رواه أبو داود والترمذي، وقال: حسن صحيح، كما قال صلى الله عليه وسلم: ((من أحسن فيما بينه وبين الله كفاه الله ما بينه وبين الناس، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته، ومن عمل لآخرته كفاه الله أمر دنياه)) أخرجه الحاكم عن ابن عمرو رضي الله عنهما.
وقال أنس رضي الله عنه: ((لقد خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما قال لي قط: أف، ولا قال لشيء فعلته: لم فعلته، ولا لشيء لم أفعله: ألَا فعلت كذا)) متفق عليه.
هذا، إلى ما غرسه في نفوسهم من ملكة النظر والبحث والاستنباط؛ إذ لم يكن همّه على المعجزات، بل توجيه النفوس إلى النظر في آيات الله، في الأنفس والآفاق، فنشأ من ذلك:
- معرفة الخالق التي هي رأس المعارف والعلوم اليقينية.
- تقوية غريزة حب النظام والجمال، وناهيك بجمال الطبيعة.
- تربية ملكة تقدير الجمال والنظام، والبحث في الروابط والأسباب.
- غَرْس مبادئ قوة العزم والرأي، واستقلال الفكر، والاعتماد على النفس، ولهذا لم يجد النبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه ضعفًا في مواقف الجدِّ، فلم يجد هِمَمَهم فاترة، وعقولهم قاصرة، كما وجد موسى عليه السلام في بني إسرائيل ذلك الخَوَر الفاضح، حين ذهب بهم إلى العدو، إذا بهم ينكصون على أعقابهم، ويخاطبونه بلسان الخائر الجبان: {فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُون} [المائدة: 24].