Top
Image Alt

تعريفات لكلٍّ من: مصرف، وسبيل الله

  /  تعريفات لكلٍّ من: مصرف، وسبيل الله

تعريفات لكلٍّ من: مصرف، وسبيل الله

أولا: مصرف: اسم مكان أو مصدر ميمي من صرف فهو مكان الصرف أو الانصراف، ومصرف في سبيل الله هو أحد المصارف الثمانية التي تصرف فيها الزكاة الواجبة كما جاء في قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ} [التوبة: 60].

ثانيا: سبيل الله: هو المصالح العامة للمسلمين؛ وكانت هذه المصالح أو هذا المصرف في الماضي يطلق على الجهاد والحج؛ أي: العاجزون عن الجهاد لعدم وجود أموال معهم يعطون من مصرف في سبيل الله الذين انقطعت سبلهم عن الأموال، ثم اتسع معنى “في سبيل الله” في العصر الحديث لتشمل كل ما ينفع المسلمين ويعود عليهم بالخير، أو بعبارة أخرى: تشمل كل ما يقرب إلى الله تبارك وتعالى؛ لأن أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس.

وبهذا يكون مصرف في سبيل الله هو أحد المصارف الثمانية التي توزع عليها الزكاة الواجبة؛ كما جاء في الآية الكريمة لتحقيق خيرٍ عام لعامة المسلمين، وقد فصل الشيخ القرضاوي -جزاه الله خيرًا- هذه المعاني كلها في كتابه (فقه الزكاة) حيث قال: عبر القرآن الكريم عن المصرف السابع من مصارف الزكاة بقوله: {وَفِي سَبِيلِ اللّهِ} فما المقصود بهذا المصرف ومن هم أهله الذين عنتهم الآية؟ بين فضيلته أن المعنى اللغوي الأصلي للكلمة واضح؛ فالسبيل هو الطريق، وسبيل الله؛ أي: الطريق الموصل إلى مرضاته اعتقادًا وعملًا.

قال العلامة ابن الأثير: السبيل في الأصل الطريق، وسبيل الله عامٌّ يقع على كل عملٍ خالصٍ سلك به طريق التقرب إلى الله عز وجل  بأداء الفرائض والنوافل وأنواع التطوعات، وإذا أطلق فهو في الغالب واقع على الجهاد؛ حتى صار لكثرة الاستعمال كأنه مقصور عليه، وبهذا التفسير البين من ابن الأثير لكلمة سبيل الله يتضح لنا:

أ. أن المعنى الأصلي للكلمة لغة: هو كل عمل خالص سلك به طريق التقرب إلى الله، فهو يشمل جميع الأعمال الصالحة فردية كانت أو جماعية.

ب. أن المعنى الغالب للكلمة والذي يفهم منها عند الإطلاق هو الجهاد حتى صار لكثرة استعمالها فيه كأنه مقصور عليها.

وهذا التردد بين المعنيين؛ أي: المعنى الواسع والمعنى الضيق كان سببًا لاختلاف الفقهاء في تعيين المقصود من هذا المصرف؛ هل يقصر على الجهاد أم يتجاوز ذلك فيشمل المعنى الأصلي للكلمة في اللغة ولا يقف عند حدود الجهاد، بل لا يبقى عمل من أعمال البر والخير إلا دخل فيه؟

فسره الكساني في (البدائع) وهو من علماء الحنفية: بجميع القرب والطاعات، ثم حكى القرضاوي إجماع الفقهاء على أن الجهاد في سبيل الله داخل في معنى سبيل الله، أما الاختلاف ففي قصر سبيل الله على الجهاد أو تعميمه ليشمل جميع مصالح المسلمين وتقربهم إلى الله، أما الجهاد فهو محل اتفاق أنه داخل سواء كان المعنى ضيقًا أو واسعًا، كما ذكر فضيلته أن الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة اتفقوا على أن الغزو؛ أي الجهاد داخل قطعًا في سبيل الله، أما صرف الزكاة في جهات الخير والإصلاح العامة فلا يدخل.

ثم حكى فضيلته مذاهب الموسعين لمعنى سبيل الله وعدم قصره على الجهاد، بل يشمل عندهم سائر المصالح والقربات وأعمال الخير والبر، ونسب ذلك إلى القفال وأنس بن مالك والحسن البصري والإمامية الجعفرية والزيدية، ومن أهل الحديث صديق خان، ومن المحدثين القاسمي ورشيد رضا والشيخ شلتوت ومخلوف وغيرهم.

إذًا نحن أمام معنيين كما تفضل وبيّن الشيخ القرضاوي في كتابه (فقه الزكاة) في الجزء الثاني؛ معنى يضيق “في سبيل الله”: وهو مذهب الأئمة الأربعة الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة هؤلاء جميعًا يقصرون سبيل الله على الجهاد أو أحيانًا يضيفون الحج، ولذلك قال فضيلته: يلاحظ مما نقلناه عن المذاهب الأربعة أنها اتفقت في هذا المصرف على أمورٍ ثلاثة:

أولًا: أن الجهاد داخل في سبيل الله قطعًا.

ثانيًا: مشروعية الصرف من الزكاة لأشخاص المجاهدين بخلاف الصرف لمصالح الجهاد ومعداته.

ثالثًا: عدم جواز صرف الزكاة في جهات الخير والإصلاح العامة من بناء السدود والقناطر وإنشاء المساجد والمدارس وإصلاح الطرق وتكفين الموتى ونحو ذلك، وإنما عبء هذه الأمور على موارد بيت المال الأخرى من الفيء والخراج وغيرهما.

ثم انتقل إلى الموسعين فنقل عن القفال ما نقله عن بعض الفقهاء وما نسب إلى أنس والحسن وما روي عن الإمامية الجعفرية وكذلك الزيدية وبين فضيلته رأي صاحب (الروضة الندية) وآراء المحدثين كالقاسمي ورشيد رضا وشلتوت والشيخ حسنين مخلوف من أن المصرف مصرف في سبيل الله يشمل جميع أنواع القرب التي تعود على المسلمين بصفة عامة بالخير والصلاح.

هذا هو معنى مصرف في سبيل الله عند الموسعين وعند المضيقين.

error: النص محمي !!