Top
Image Alt

تعريف الاختصار

  /  تعريف الاختصار

تعريف الاختصار

 بعد أن عشنا مع المناسخات بطريقة التطويل والإسهاب، نعيش في هذا الدرس مع الاختصار في المناسخات.

الاختصار في اللغة: الاختصار في اللغة مأخوذٌ من قولهم: “اختصر الطريق” سلك أقربه، واختصر الكلام حذف الفضول منه، ويقال: هذا أخصر من ذاك، أي: أوجز.

الاختصار في الاصطلاح: هو رد الكثير إلى القليل، وفيه معنى الكثير، أو هو إيجاز اللفظ مع استيفاء المعنى، والاختصار يجب المصير إليه صناعة كلما أمكن ذلك، وأكثر ما يتأتى في المناسخات، وللعمل فيه مسلكان، أي: أن الاختصار في المناسخات يكون على نوعين:

النوع الأول: اختصار المناسخات يكون في الابتداء، أي: قبل التقسيم والعمل، ويسمى اختصار المسائل، وهذا النوع هو الذي تكلمنا عنه في بداية الكلام عن المناسخات في الحالة الأولى من حالتها الثلاث، وهو أن تنظر في ورثة كل ميت بعد الأول؛ فإذا انحصروا في ورثة الأول، واتفقوا في الإرث بمطلق التعصيب، فافرض من مات بعد الأولى كالعدم، واقسم على الباقين ما للأول كأنه مات عنه.

مثال أول على ذلك: مات عن زوجة، وخمسة بنين، وخمس بنات من غيرها، ثم مات ابن عن من في المسألة، ثم مات ابن آخر، ثم مات ابن ثالث، ثم ماتت بنت، ثم مات ابن، ثم ماتت بنت، افرض الموتى الستة الذين ماتوا بعد الأول كالعادة، وكأن الميت الأول مات عن زوجة، وابن وثلاث بنات؛ فتصح بالاختصار من أربعين، ولو سلكنا الطريق الأول، وهو جعل مسألة خاصة لكل ميت بعد الأول؛ لصحت من عدد كثير يصل هذا العدد إلى أربعمائةوثمانمائةوأربعين وإحدى عشر ألفًا.

وهذه صورتها: زوجة، ولها الثمن، وللأبناء الباقي تعصيبًا للذكر مثل حظ الأنثيين؛ فأصل المسألة من ثمانية: للزوجة سهم، وسبعة أسهم، للأولاد انكسرت على عدد رءوس العصبة، وهو خمسة، فتصحح المسألة بضرب أصل المسألة ثمانية في عدد الرءوس التي انكسرت عليها المسألة، فتصح من أربعين، للزوجة خمسة، وللابن أربعة عشر سهمًا، ولكل بنت سبعة أسهم.

 شرح المسألة:

افترضنا أن الميت الأول مات عن هؤلاء الورثة فقط، والباقين الذين ماتوا بعد الأول كالعدم، وكأن لم يكونوا، وزعنا المسألة على هذا الأساس. أصل المسألة ثمانية، مخرج فرض الزوجة، وهو الثمن، ولَهَا من السهام سهم واحد، والباقي، وهو سبعة أسهم للابن، والبنات الثلاث، ورءوسهم خمسة، فبين السهام والرءوس تباين؛ فضربنا عدد الرءوس خمسة في أصل المسألة ثمانية؛ فصحت من أربعين، ومن له شيء في أصل المسألة أخذه مضروبًا في عدد الرءوس فكانت كالآتي:

أ- الزوجة واحد في خمسة يساوي خمسة أسهم.

ب- الابن والبنات الثلاث سبعة في خمسة يساوي خمسة وثلاثين على خمسة يساوي سبعة؛ لكل بنت، وللابن سبعة في اثنين يساوي أربعة عشر سهمًا.

مثال ثان: ماتت عن أخت شقيقة وأخت لأب وزوج، وتزوج الزوج بالأخت لأب، ثم ماتت عنه، وعن أختها؛ فنعتبر الأخت لأب الذي هي الميت الثاني، والزوجة الثانية في نفس الوقت كأن لم تكن، ونقسم ما تركته الزوجة الأولى للميت الأول على الزوج والأخت الشقيقة، وكأنها لم تترك سواهما، وهذه صورتها الزوج النصف لعدم وجود الفرع الوارث، والأخت الشقيقة النصف؛ لكونها واحدة، ولا معصب، ولا حاجب، ولا توجد بنت صلبية، ولا بنت ابن؛ فأصل المسألة كما هو واضح من اثنين للزوج سهم، وللأخت الشقيقة السهم الآخر.

شرح المسألة:

أولًا: افترضنا أن الميت الأول -الزوجة الأولى- ماتت عن هذين فقط، وأن الميت الثاني -الزوجة الثانية- التي هي الأخت لأب كالعدم، وكأنها لم تكن، ووزعنا المسألة على هذا التقدير، ولما كان فرض الزوج نصف التركة، وفرض الأخت الشقيقة النصف كذلك؛ فيكون أصل المسألة اثنين لكلٍّ واحد، وهنا ورثة الميت الثاني، هم ورثة الميت الأول، وورثوا في المسألتين بالفرض، بلا تفاوت في قدره، وعالت المسألة الأولى التي يكون ورثتها زوج وأخت شقيقة، وأخت لأب؛ وذلك لأن الزوج له النصف في المسألة الأولى، كما له النصف في الثانية، والأخت الشقيقة لها النصف في الأولى، كما أن لها النصف في الثانية، وعول المسألة الأولى يكون بإعطاء الأخت لأب فرضها، وهو السدس تكملة للثلثين؛ وبذلك تكون المسألة الأولى قد عالت من ستة إلى سبعة، أي: عالت بسدسها.

فبرغم من عول المسألة الأولى فإننا نلغيها، ولا داعي لها لعدم الحاجة إليها؛ لأن ورثة الثاني هم ورثة الأول، وورثوا في المسألتين بالفرض بلا تفاوت في القدر -كما ذكرنا.

أما النوع الثاني: اختصار المناسخات، يكون في الانتهاء، أي: بعد التقسيم والعمل، ويسمى اختصار السهام، وشرط إمكان حصول الاختصار في هذا النوع أن تشترك جميع الأنصبة سواء أكانت متواثقة، أم متداخلة، أم متماثلة؛ أم مختلفة في ذلك، فلو اشتركت كلها إلا واحدة؛ فلا يتأتى الاختصار، فإذا تحقق الشرط، فاقسم ما صحت منه المسألة، وكل نصيب منه على مخرج الجزء الذي اشتركت به، ومعنى هذا الكلام أن تختصر جميع السهام والجامعة برقم واحد مشترك، أي: لا بد من وجود مضاعف مشترك بين سهام الورثة والجامعة.

مثال ذلك: مات عن زوجة، وابن، وبنت، ثم ماتت البنت قبل تقسيم التركة عمن في المسألة، أي: عن أمها التي هي زوجة في المسألة الأولى، وعن أخيها الذي هو ابن في المسألة الأولى؛ فللزوجة الثمن؛ لوجود الفرع الوارث، وللابن والبنت الباقي تعصيبًا؛ فأصل المسألة من ثمانية للزوجة سهم، وللابن والبنت سبعة أسهم، والسبعة لا تنقسم على الثلاث التي هي عدد رءوس العصبة؛ فكان لا بد من تصحيح المسألة، فصححت بضرب أصلها ثمانية في ثلاثة تساوي أربعة وعشرين؛ فللزوجة منها بعد التصحيح ثلاثة أسهم، وللابن أربعة عشر سهمًا، وللبنت سبعة أسهم. فهذه هي المسألة الأولى.

أما البنت التي توفيت عن أمها، وأخيها الشقيق؛ فللأم الثلث، وللأخ الشقيق الباقي تعصيبًا، وأصل المسألة من ثلاثة؛ يكون للأم سهم، وللأخ الشقيق سهمان.

شرح هذه المسألة:

هذه مسألة مناسخات عادية قبل أن تجيء مرحلة الاختصار، وقد اتبعنا فيها الخطوات الآتية:

أولًا: عملنا للميت الأول مسألة من ثمانية، وصحت من أربعة وعشرين، وذلك بضرب عدد الرءوس في أصلها ثلاثة، × ثمانية يساوي أربعة وعشرين.

ثانيًا: عملنا للميت الثاني البنت مسألة من ثلاثة.

ثالثًا: أخذنا سهام الميت الثاني البنت من المسألة الأولى، وعددها سبعة أسهم، وقسمناها على ورثتها، وسهامهم ثلاثة؛ فوجدنا بينهم تباينًا فضربنا كل المسألة الأولى × كل المسألة الثانية أربعة وعشرين × ثلاثة تساوي اثنين وسبعين هي الجامعة.

رابعًا: من له شيء من الأولى أخذه مضروبًا في الثانية، ومن له شيء من الثانية أخذه مضروبًا في سهام مورثه، فيكون التوزيع هكذا:

أ- الزوجة لها من المسألة الأولى ثلاثة أسهم في كل الثانية ثلاثة تساوي تسعة أسهم بصفتها زوجة، ولها من الثانية سهم في سهام مورثها سبعة يساوي سبعة أسهم بصفتها أم، فيكون مجموع ما لها ستة عشر سهمًا.

ب- الابن له من الأولى أربعة عشر سهمًا في الثانية ثلاثة يساوي اثنين وأربعين سهمًا بصفته ابن، وله من الثانية سهمان في سهامِ مورثه سبعة يساوي أربعة عشر سهمًا، بصفتِه أخا شقيقا؛ فيكون مجموع ما له ستة وخمسين سهمًا.

خامسًا: تجيء الآن مرحلة الاختصار، وهي أنه بالنظر إلى الجامعة اثنين وسبعين، وسهام الورثة ستة عشر، الزوجة التي هي أم في المسألة الثانية، وستة وخمسين للابن الذي هو أخ شقيق في المسألة الثانية، وبالنظر إلى هذه الأرقام جميعها تجدها مشتركة بجزء، وأدق أجزاء الاشتراك هو الثمن، أي: بين الجميع توافق بالثمن؛ فنقسم الأرقام جميعها إلى جامعة، وسهام كل وارث على مخرج الثمن، وهو ثمانية، أي: نرد كل رقم إلى ثمنه، ويكون هكذا:

اختصار الجامعة: اثنين وسبعين على ثمانية يساوي تسعة، اختصار سهام الزوجة ستة عشر على ثمانية يساوي اثنين، اختصار سهام الابن ستة وخمسين على ثمانية يساوي سبعة وهكذا، وبعد فكما ذكرنا من قبل أن الاختصار للمناسخات لا يتأتى إلا إذا اشتركت الأرقام جميعها بجزءٍ معينٍ؛ فلو تخلف واحدٌ منها امتنع الاختصار.

error: النص محمي !!