Top
Image Alt

تعريف الذكر وبيان المراد به

  /  تعريف الذكر وبيان المراد به

تعريف الذكر وبيان المراد به

الذكر لغةً: كما جاء في المعاجم والقواميس اللغوية، الذكر: هو الحفظ والاستحضار، يقال: ذكر الشيء يذكر ذِكرًا وذُكرًا وذِكرَى وتذكارًا، كل هذه الألفاظ معناها: حفظه واستحضره، يقال حفظ الشيء؛ أي: استحضر الشيء في ذهنه، وجرى على لسانه ذكره بعد نسيانه، وذكر الله أي: أثنى عليه بما هو أهله من صفات الكمال والجلال، وذكر النعمة: شكرها، تلك هي المعاني اللغوية للفظ الذكر.

معنى الذكر اصطلاحًا: حفظ واستحضار جلال الله -تعالى- وأسمائه الحسنى وصفاته العلى، وجريان ذلك في القلب واللسان تسبيحًا وتحميدًا وتكبيرًا وتهليلًا واستغفارًا وشكرًا، والثناء على الله بما هو أهله، ومما يدخل في هذا المعنى: الخشية من الله تعالى والخوف من عذابه، والدعاء والإنابة والتأمل في آياته، والتدبر في مخلوقاته؛ لأنها دلائل وجوده وقدرته، وقد قال الكسائي: إن الذكر باللسان ضد الإنصات وذاله مكسورة ذِكْر، وبالقلب ضد النسيان وذاله مضمومة، فإن قلت: ذِكر باللسان هذا حديث ضد الإنصات، وإن قلت: ذُكر بالقلب فهو ضد النسيان وذاله مضمومة، وقال غير الكسائي: بل هما لغتان.

الآن نأتي مع قول الله تعالى في الدعوة إلى الذكر والحث عليه قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} [الأحزاب: 41، 42]، وقال: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُون * وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُون}         [الروم: 17، 18]، وقال: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُون} [البقرة: 152].

مما يدل من هذه الآيات أو غيرها أن الذكر من أحب الأعمال إلى الله تعالى وأعظمها أجرًا وثوابًا، ومما يؤكد ذلك قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون} [العنكبوت: 45]؛ لذلك يجب تكريم كل ما يشتمل على ذكر الله تعالى، سواء كانت أوراقًا أو جلودًا أو عظامًا أو أوراقًا، وعلى رأس ذلك كله المصحف والصلاة والدعاء.

هناك كلام طيب للراغب الأصفهاني في كتابه المشهور (المفردات في غريب القران): يقول -وقد نقل ذلك الكلام الفيروزآبادي في كتابه (بصائر ذوي التميز في لطائف الكتاب العزيز): الذكر تارة يراد به هيئة للنفس، بها يمكن الإنسان أن يحفظ ما يقتنيه من المعرفة، وهو كالحفظ إلا أن الحفظ يقال اعتبارًا بإحرازه، والذكر يقال باعتبار استحضاره، وتارة يقال لحضور الشيء: القلب أو القول؛ ولذلك قيل: الذكر ذكران؛ ذكر بالقلب وذكر باللسان، وكل واحد منهما ضربان، ذكر عن نسيان، وذكر لا عن نسيان، بل عن إدامة حفظ، وكل قول يقال له: ذكر، ومن الذكر بالقلب واللسان معًا قوله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا}  [البقرة: 200].

error: النص محمي !!