Top
Image Alt

تعريف الصرف لغةً واصطلاحًا، ومشروعيته، ودليل هذه المشروعية

  /  تعريف الصرف لغةً واصطلاحًا، ومشروعيته، ودليل هذه المشروعية

تعريف الصرف لغةً واصطلاحًا، ومشروعيته، ودليل هذه المشروعية

الصرف لغةً: له عدة معانٍ، منها: الرد، يقال: صرفه يصرفه صرفًا، إذا رده عن وجهه، يعني: عن الوجهة التي كان يتوجه إليها.

ومن معاني كلمة الصرف أيضًا الإنفاق، يقال: صرفت المال، أي: أنفقته، ومن معانيه: البيع، كما تقول: صرفت الذهبَ بالدراهم، والمعنى الذي يهمنا هو هذا المعنى الثالث، الصرف بمعنى البيع.

واصطلاحًا: عرَّفه جمهور الفقهاء: بأنه بيع الثمن بالثمن من جنسه أو من غير جنسه.

وبيع الثمن بالثمن من جنسه: كبيع الذهب بالذهب، أو الفضة بالفضة، أو بغير جنسه، يعني: كبيع الذهب بالفضة، أو الفضة بالذهب.

والمراد بالثمنية في قولنا: “بيع الثمن بالثمن”، أي: ما خلق لذلك الغرض، يعني: ما خلقه الله يكون ثمنًا للأشياء، يعنون بذلك الذهب والفضة، فيدخل فيه المصوغ، ويدخل فيه التبر، ويدخل فيه المصكوك، والمصوغ يعني: المصنوع على شكل معين من الصياغة مثل القرط، والسوار، وما إلى ذلك، والتبر يعني: الذهب الذي على شكل حبيبات، أو جزئيات، أو سبائك غير مصنعة، والمصكوك يعني: الذهب إذا صُنعت منه النقود يصنع عن طريق الصك، وهي حديدة عليها نقش معين يطبع على ذهب، فيصير عملةً معينةً أو على الفضة أيضًا.

هذا تعريف الجمهور من الحنفية، والشافعية، والحنابلة.

لكن المالكية عرفوا الصرفَ: بأنه بيع النقد بنقد مغاير له في النوع، كبيع الذهب بالفضة، أو الفضة بالذهب، فإن كان من جنسه لا يسمونه صرفًا، يعني: بيع الذهب بالذهب أو الفضة بالفضة لا يقولون عنه: إنه صرف، لكن إذا بيع من جنسه بجنسه يعني: ذهبًا بذهب أو فضة بفضة، فإما أن يكون بالوزن وإما أن يكون بالعدد، فإن كان بالوزن كبيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة فهو المراطلة، ما دام وزنًا ومن جنس واحد، وإن كان بالعد وهو من جنس واحد أيضًا، لكن بالعدد لايسمونة صرفًا ولا مراطلةً، وإنما يسمونه المبادلة.

وهذا اصطلاح خاص بالمالكية.

والشرع أجاز الصرف بشروط معينة، فالصرف بمعني: مبادلة النقد بالنقد من جنسه أو حتى من غير جنسه على رأي الجمهور مشروع، إذ الأصل فيه أنه أمر مشروع ومباح.

ودليل هذه المشروعية من الكتاب: قوله تعالى: {وَأَحَلّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرّمَ الرّبَا} [البقرة: 275]؛ لأن الصرف نوع من أنواع البيع، فهو يدخل في عموم البيع، فـ”أل” في كلمة: {وَأَحَلّ اللّهُ الْبَيْعَ}، يعني: كل البيع، ومن هذا البيع الصرفُ، إذًا فالأصل فيه أنه حلال. ودليل المشروعية من السنة أحاديث كثيرة صحيحة؛ منها:

حديث عبادة بن الصامت رضي الله  عنه أن رسول الله صلى الله عليه  وسلم قال: ((الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبُر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلًا بمثل، سواءً بسواء، يدًا بيد، فإذا اختلفت هذه الأجناسُ، فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيدٍ))، أخرجه مسلم.

والحديث واضح، ومعناه: أن النبي صلى الله عليه  وسلم يقول: إذا تبايعتم: ((الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح))، فلا بد أن يكون هناك تماثل سواء في الثمن والمثمن، ((يدًا بيد))، يعني: ولا بد من القبض في الحال، لكن إذا: ((اختلفت هذه الأجناس))، كأن بِعتم الذهب بالفضة أو الفضة بالذهب: ((فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيدٍ))، يعني: لا يُشترط التماثل، وإنما يُشترط فقط القبض في الحال.

والمراد بالمماثلة المذكورة في الحديث: ((مثلًا بمثلٍ))، المراد بها: المماثلة، يعني: التساوي في القدر لا في الصورة، والقدر حسب تقدير الشرع، إذا كان شيئًا يوزن، فيكون ذلك بالوزن، أو إذا كان يقدر بأي نوع من أنواع التقدير الذي أقره الشرع، فالتماثل ميزانُه ومعيارُه هو القدر لا الصورة، ولا يهم الشكل، إذ المهم التماثلُ في القدر.

error: النص محمي !!