Top
Image Alt

تعريف اللقيط وحكمه

  /  تعريف اللقيط وحكمه

تعريف اللقيط وحكمه

اللقيط في اللغة بمعنى الملقوط، فهو فعيل بمعنى مفعول، ولقيط بمعنى ملقوط، وسمي لقيطًا لالتقاط واجده له، فكل ما يلقط -أي يرفع من الأرض- فهو لقيط لغة، ولكن غلب عرف أهل اللغة على أن اللقيط هو الطفل الذي يوجد ملقًى على الأرض, لا يعرف أبوه ولا أمه. هذا من ناحية اللغة.

ومن ناحية تعريفه في الاصطلاح, فقد عرفه الحنفية بأنه اسم لمولود حيّ، طرحه أهله خوفًا من العيلة أو الفقر، أو فرارًا من تهمة الريبة؛ أي: خوفًا من مسئولية إعالته وهم فقراء, أو فرارًا من تهمة الريبة, أي: الزنا، فلا يعرف أبوه ولا أمه, أو لسبب آخر.

وعند المالكية هو آدمي صغير لم يُعلَم أبوه ولا أمه، سواء كان لا يعلم أبوه الحر أو سيده إذا كان هذا الصغير عبدًا, فهو آدمي لم يعرف أبوه أو أمه, أي: أبوه الحر أو سيده.

وعند الشافعية: هو المنبوذ؛ أي: الطفل الملقى فقط، هذا هو التعريف عندهم؛ لأن النبذ هو الإلقاء، فالمنبوذ هو الطفل الملقى عند الشافعية, فيقولون في تعريفه: هو الطفل الملقى.

وقال الشافعية: وقد تفعل المرأة ذلك بولدها لأمور, منها: أن تأتي به من فاحشة فتخاف العار فتلقيه، أو تأتي به من زوج فتضعف عن القيام به فتلقيه؛ رجاء أن يأخذه من يقوم به؛ أي: هي فقيرة لا تجد له قوتًا فتلقيه, أو تموت الأم فيبقى ضائعًا,

فهو عندهم كل صغير ضائع لا كافل له.

وعند الحنابلة: هو طفل غير مميز؛ أي: كأن اللقيط عندهم له حدّ من أجل ذلك يسمى لقيطًا, وجعل حده إلى سن التمييز، فقالوا: اللقيط طفل غير مميز لا يعرف نسبه، ولا رقه -أي: لا يعرف نسبه إذا كان أبوه حرًّا، ولا يعرف له رق إذا كان له سيد-

طرح في شارع أو ضل الطريق ما بين ولادته إلى سن التمييز، فما بعد سن التمييز لا يسمى هذا لقيطًا في نظرهم.

وكما قلنا في اللقطة: حكم اللقطة بمعنى الالتقاط، نقول هنا: حكم التقاط اللقيط، فطفل موجود على الطريق، صغير بصفة عامة أو قبل سن التمييز كما يقول الحنابلة، ما حكم التقاطه -أي: حكم أخذه من على الطريق ورفعه؟

ذهب جمهور الفقهاء -المالكية والشافعية والحنابلة- إلى أن التقاط المنبوذ فرض كفاية, أو واجب على الكفاية لقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2]؛ لأن في هذا العمل إحياء للنفس وإنقاذًا لها من الهلاك، فكان واجبًا كإطعامه إذا اضطر إلى ذلك، وإنجائه من الغرق.

ولكنهم يقولون: إن هذا العمل فرض كفاية أو واجب على الكفاية، أي: إذا قام به واحد سقط عن الباقين؛ فإذا قام بهذا العمل واحد والتقطه فلا إثم على الباقين، لكن إذا تركه الجماعة كلهم كانوا آثمين، إذا علموا فتركوه مع إمكان أخذه.

أما إذا لم يوجد سوى شخص واحد، ووجد هذا الطفل المنبوذ أو الملقى؛ كان التقاطه فرض عين عليه. هذا عند الجمهور؛ لأن هذا العمل فيه إحياء للنفس وإنقاذ لها من الهلاك، ولم يوجد غير هذا الشخص الملتقط، فكان التقاطه لهذا الطفل فرض عين عليه.

ويقول الحنفية: التقاط المنبوذ مندوب، فلم يوصّلوه إلى فرض الكفاية أو وجوب الكفاية كما قال الجمهور، لكنهم قالوا: إنه من أفضل الأعمال؛ لأنه يترتب عليه إحياء النفس؛ لأن هذه النفس لا حافظ لها إلا الله، فكان التقاطها إحياء لها معنى، وهذا إذا لم يغلب على الظن هلاكه؛ أي: يكون مندوبًا إذا لم يغلب على الظن هلاك هذا الطفل أو اللقيط، لو لم يأخذه، كأن وجد في مغارة, فإذا وجد في مغارة ونحوها من المهالك، فهذه الأماكن الموجود فيها يغلب على الظن هلاكه بها، فإذا كان كذلك كان التقاطه فرض كفاية.

فهم يتفقون مع الجمهور أنه يصير فرض كفاية, إذا وصل به الأمر أنه لو لم يؤخذ يهلك لحصول المقصود بالبعض، وهو صيانته من الضياع؛ فيكون فرض كفاية لهذا.

وإذا كان لا يعلم به غير شخص واحد -كما هو عند الجمهور- كان التقاطه فرض عين عليه، فليس هناك فرق كبير بين الحنفية والجمهور.

error: النص محمي !!