هذا مصطلح مركب من كلمتين، تحتاج كل منهما إلى تعريف، ثم من مجموع التعريفين نصل إلى التعريف المركب منهما.

أ. الهندسة: مصدر من الفعل الرباعي هندس، بمعنى قدَّر، وأنشأ على أسس علمية، وفعلها أيضًا “هندز” بالزاي مكان السين، يقال: هندس الرجل القُنِيّ، جمع: قناة مجرى المياه، والأبنية، والآلات ونحوها، هندزها بالزاي؛ أي: قدرها أو أنشأها على أسس علمية، والمهندس من يلم بعلم من العلوم الهندسية، وهو أيضًا من يمارس فنًّا من الفنون الهندسية، والهِنْدِس من الرجال أي: المجرب، الجيد النظر، والهِنْدِس من الأسود الجريء، والهندسة: العلم الرياضي الذي يبحث في الخطوط والأبعاد والسطوح والزوايا، والكميات، أو المقادير المادية من حيث خواصها وقياسها، أو تقويمها وعلاقة بعضِهَا بِبَعض.

والهندسة النظرية: المبادئ والأصول العلمية، المتعلقة بخواص المادة ومصادر القوى الطبيعية، وطرق استخدامها، لتحقيق أغراض مادية.

والهندسة التطبيقية أو العملية: هي فن الإفادة من المبادئ والأصول العلمية، في بناء الأشياء وتنظيمها وتقويمها.

ونجمل القول بأن الهندسة النظرية تضع المبادئ، وتبين الأصول العلمية، المتعلقة بخواص المادة، والهندسة التطبيقية هي كيفية الاستفادة من المبادئ، والأصول العلمية في التطبيق.

والهندسة العملية أنواع، لكل منها غرضٌ معين، منها الهندسة الآلية أو الميكانيكية، والهندسة الكهربية، والهندسة الحربية، وهندسة المعادن أو الهندسة الكيماوية، والهندسة المدنية، كالهندسة المعمارية، وهندسة الطرق والجسور، وهندسة الطرق الحديدية، والهندسة الصحية، والهندسة الزراعية.

والهندسي المنسوب إلى الهندسة، نقول: هذا عمل هندسي، أي: منسوب إلى الهندسة، والعالِمُ أيضًا بالهندسة النظرية نقول عنه هندسي.

ومما سبق نعلم: أن الهندسة هي علم التقدير، والإحكام، والإتقان، في أيِّ مجالٍ من المجالات المتعددة السابقة.

الوراثة:

لأن المصطلح المركب “الهندسة الوراثية”؛ والوراثة: مصدر من الفعل ورِث يرث فلانًا ورثًا وورْثًا وإرْثًا ورِثَةً ووراثةً، كل هذه مشتقات من الفعل ورث، ومعناها كلها صار إليه ماله بعد موته، الميراث المعروف انتقال المال من الميت إلى الحي بشروط وضوابط خاصة، فعملية الوراثة التي نتحدث عنها الآن فيها انتقال، لكن هذا في الأصل هو انتقال المال من الميت إلى الحي، يقال: أيضًا ورث المجدَ وغيره، وورث أباه ماله ومجدَهُ، أي: ورثه عنه، فهو وارث، وإذا كانوا أكثر من واحد يسمى ورثة، فالجمع ورثة، ووُرَّاث.

والوارث: اسم من أسماء الله الحسنى، وصفة من صفاته عز وجل  العلى، وهو الباقي الدائم الذي يرث الأرض ومن عليها، أي: يبقى بعد فناء الكل ويفنى مَنْ سواه، فيرجع ما كان ملك العباد إليه وحده لا شريك له.

والوراثة -بمعنى علم الوراثة-: هي العلم الذي يبحث في انتقال صفات الكائن الحي من جيل إلى آخر، وتفسير الظواهر المتعلقة بهذا الانتقال.

الهندسة الوراثية: هي العلم الطبي الذي يقوم بتقدير، وتحديد صفات الكائن الحي، التي تنتقل من شخص إلى آخر، كالأب وابنه، أو من جيل إلى آخر؛ لأن الوراثة قد تكون من الجد أو من جد الجد، وهكذا إلى سابع جد كما يقولون، مع تفسير الظواهر المتعلقة بطريقة هذا الانتقال، بشكل علمي دقيق.

إذًا فهي نوع من الهندسة النظرية، الهندسة العلمية، وهي أيضًا نوع من الهندسة التطبيقية؛ لأنها تستفيد بالمبادئ والأصول العلمية المتعلقة بخواص الكائنات، وتفسر عملية انتقالها، والظواهر المتعلقة بطريقة هذا الانتقال إلى الآخر، بشكل علمي دقيق. إذًا فالهندسة الوراثية نوع جديد من أنواع علم الهندسة التي سبق ذكرها، إلا أنه حديث جدًّا، وفي المجال الطبي بصفة خاصة.