Top
Image Alt

تعريف الوكالة

  /  تعريف الوكالة

تعريف الوكالة

الوكالة في اللغة: اسم من التوكيل، وتنطق بفتح الواو وكسرها؛ وَكالة ووِكالة.

وهي في اللغة: التفويض, يقال في اللغة: وكله؛ أي: فوض إليه. وتقول: وكلت أمري إلى فلان؛ أي: فوضته إليه. ومنه قول الشخص: توكلت على الله, أي: فوضت أمري إليه. قال تعالى:  {وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُون} [إبراهيم: 12], وقال تعالى مخبرًا عن هود عليه السلام: {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم}  [هود: 56], أي: اعتمدت عليه، وفوضت أمري إليه.

كما أنها في اللغة أيضًا اسم يطلق ويراد به الحفظ، كما في قوله تعالى: {وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيل}  [آل عمران: 173] أي: الحافظ, وقوله تعالى: {لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً}  [المزمل: 9], قال الفراء من علماء اللغة: أي: حفيظًا. وغير ذلك من المعاني اللغوية.

أما عن تعريفها في اصطلاح الفقهاء أو تعريفها شرعًا؛ فقد عرفها الحنفية بأنها: إقامة الإنسان غيره مقام نفسه, في تصرف جائز معلوم يملكهُ.

ويخرج بهذا التعريف في مجمله: أن الإنسان إذا أقام غيره مقام نفسه في تصرف لا يملكه، فالوكالة غير جائزة، ويمثل لذلك بالصبي، فإنه لا يوكل -أي: لا ينيب غيره وكالة- في الهبة مثلًا؛ لأنه لا يجوز له أن يهب؛ لأنه ممنوع من التصرف الضار به، والهبة من التصرفات الضارة لأنها إخراج مال عن الملك.

وعرفها أيضًا المالكية بأنها: نيابة في حق غير مشروطة بموته، ولا إمارة.

ونيابة في حق غير مشروطة بموته، بمعنى: أن النيابة المشروطة بموت صاحب الحق؛ أي: كأنه وكل غيره أو فوضه في أمر يملكه، لكنه شرط أن تكون هذه النيابة بعد موته؛ لم تكن هذه من باب الوكالة، وإنما تعتبر وصية؛ لأن الوكالة تكون في حال الحياة، لا تكون مشروطة بموت من اشترط.

قال المالكية: غير مشروطة بموته -أي بموت الشخص الذي اشترط- ولا إمارة. معنى “ولا إمارة”: أن النيابة في الإمارة، بمعنى: أن الأمير إذا أناب غيره في الحكم أو القاضي أناب غيره, فهذه النيابة لا تسمى وكالة عرفًا. فالمالكية عرفوها بأنها: نيابة في حق يملكه صاحبه, إلا أن هذه النيابة ليست مشروطة بموت المشترط، ولا تكون في الإمارة أو القضاء؛ لأن هذا لا يسمى وكالة.

أما الشافعية فقالوا في تعريفها: هي تفويض شخص ما له فعله مما يقبل النيابة إلى غيره ليفعله في حياته. وهذا تعريف قريب من تعريف المالكية؛ لأنهم قالوا: تفويض الشخص ما له فعله, أي: مما يملك أن يفعله هو، وأن يكون الأمر المناب فيه يقبل النيابة، وأن يكون ذلك في حياته, فهو تعريف قريب من تعريف الشافعية؛ لأنه في هذا التعريف تخرج الوصية, كما أخرجها المالكية في تعريفهم.

وعرفها الحنابلة بتعريف واضح, حيث قالوا: استنابة جائز التصرف مثله؛ أي: أن ينيب شخص فتصرفه جائز، وليس ممنوعًا من التصرف في أمر تجوز فيه النيابة؛ لأن هناك أمورًا لا تجوز فيها النيابة، كالعبادات وغيرها مما يمكن أن نبينه فيما بعد.

وهذه التعريفات كلها تؤدي معنًى واحدًا وإن اختلفت ألفاظها، ومضمون هذه التعاريف أو معناها الواحد: أن ينيب أو يفوض شخص شخصًا آخر في أمر أو تصرف معلوم، سواء كان هذا الأمر الذي فوض غيره فيه أمرًا ماليًّا أو غير مالي؛ أي: من الأمور المالية أو من غير الأمور المالية، ويكون هذا الأمر يقبل النيابة، وأن يكون الأصيل أو الذي أناب غيره يملك أن يوكل؛ لأنه يملك فعل الأمر الذي وكل فيه، بشرط أن يتم فعل هذا الأمر الذي حدثت فيه النيابة في حياة الموكل، لا بعد موته وإلا كانت وصية، وألا تكون هذه النيابة في الإمارة أو القضاء، فهذه لا تسمى وكالة.

وهناك أمر نبه إليه الفقهاء, حيث قالوا: إن الوكالة التي هي نيابة الشخص غيره، أو إنابة الشخص غيره في أمر، سواء كانت هذه الإنابة حدثت ترفهًا أو عجزًا؛ بمعنى: أن الوكالة التي تحدث ترفهًا, أي: إن الشخص قادرٌ على أن يفعل أو يباشر ما وكل فيه غيره بنفسه، ففعل هذا ترفهًا، ويريد بهذا أن يترفع أو يصون نفسه عن الدخول في بعض المجالات التي لا تتناسب مع مكانته، بمعنى: أنه ليس كل شخص ينيب فهو محتاج إلى هذا، فقد لا يكون محتاجًا إلى هذا، وإنما يفعله من باب الترفه؛ لأن مكانته تمنعه من أن يدخل في هذه الأمور؛ لأن الوكالات أحيانًا يكون فيها الدخول في خصومات ومنازعات، فمعنى النيابة الترفهية أو الوكالة التي فيها معنى الترفه أن الإنسان يصون نفسه عن الدخول في هذا.

فالفقهاء يقولون: إن الوكالة تحدث ترفهًا أو عجزًا، وقد عرفنا معنى الترفه، أما معنى العجز فالوكالة قد تكون راجعة إلى عجز, بحيث إن الذي يريد أن يوكل غيره يكون عاجزًا عن القيام بالأمر الذي وَكل فيه غيره. هذا هو معنى أن الوكالة قد تكون ترفهًا أو عجزًا.

error: النص محمي !!