Top
Image Alt

تعريف شركة العقود، وحكمها، وحكمة مشروعيتها

  /  تعريف شركة العقود، وحكمها، وحكمة مشروعيتها

تعريف شركة العقود، وحكمها، وحكمة مشروعيتها

عرف الحنفية شركة العقد بأنها عقد بين المتشاركين في الأصل والربح، والمراد بالأصل: أصل رأس المال.

وعرفها الحنابلة بأنها اجتماع في تصرف.

وعرفها ابن عرفة من المالكية بأنها: بيع مالك كل بعضه ببعض كل الآخر موجب صحة تصرفهما في الجميع.

وشركة العقد لها أنواع ثلاثة:

– شركة أموال.

– وشركة أعمال.

– وشركة وجوه.

وهي بأنواعها الثلاثة جائزة، سواء أكانت عنانًا أو مفاوضة، معنى ذلك: أن شركة العقد في أساسها، هي إما أن تكون شركة عنان، وإما أن تكون شركة مفاوضة.

وشركة العقد تنقسم إلى:

شركة عقد عنان، أو مفاوضة، وكل منهما تنقسم إلى أموال، وأعمال، ووجوه.

ودليل مشروعية شركة العقد -إن كانت عنانًا- الكتاب، والسنة، والإجماع، والمعقول.

أما الكتاب: فقوله تعالى: {وَإِنّ كَثِيراً مّنَ الْخُلَطَآءِ لَيَبْغِيَ بَعْضُهُمْ عَلَىَ بَعْضٍ إِلاّ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مّا هُمْ} [ص: 24]، وهذه الآية في الواقع يمكن أن يفهم منها مشروعية شركة الأملاك وشركة العقود؛ لأن لفظ الخلطاء يشمل الجميع.

وأما من السنة:

الحديث القدسي الذي رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه  وسلم يقول عن الله عز وجل أنه قال: ((أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه))، وقد ضعفه بعض العلماء؛ لوجود أحد الرواة المضعفين في سنده.

وحديث السائب بن يزيد المخزومي، أنه كان شريك النبي صلى الله عليه  وسلم في أول الإسلام في التجارة، فلما كان يوم الفتح، قال النبيصلى الله عليه  وسلم له: ((مرحبًا بأخي وشريكي لا يداري ولا يماري))، رواه الحاكم وصححه.

ووجه الاستدلال به: أن النبيصلى الله عليه  وسلم في بداية الإسلام كان يشارك، ومن شركائه في التجارة، السائب بن يزيد المخزومي، وقد بعث النبيصلى الله عليه  وسلم والناس يتعاملون بالشركة -شركة العنان- فأقرهم عليها صلى الله عليه  وسلم.

والإجماع أيضًا: فقد كان الناس وما زالوا يتعاملون بها في كل زمان وفي كل مكان، وفقهاء الأنصار شهود، فلا يرتفع صوت بنكير، فكأن هذا إجماع سكوتي.

وحكمة مشروعية هذه الشركة: إن شركة العنان طريق من طرق استثمار المال وتنميته، تمس الحاجة إليها من جانب الناس، سواء منهم من قلت أمواله أو كثرت، كما هو مشاهد ملموس.

وهي في الحقيقة درب من الوكالة، وإذا كانت تتضمن وكالة في مجهول؛ فهذا شيء يغتفر في ضمن الشركة؛ لأن هذا الغرر تبع وليس المقصود الأصلي، ويغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع، ويغتفر في الفرع ما لا يغتفر في الأصل.

وأما شركة المفاوضة -من شركة الأموال-  فأجازها الحنفية، وليس فيها أصل ثابت، ومنعها الشافعية؛ لأنها تتضمن وكالة في مجهول، والكفالة بمجهول لمجهول، وكلاهما باطل.

وأما شركتا الأعمال والوجوه؛ فتجوز عند الحنفية، والحنابلة، وحتى المالكية، بتعريفهم الخاص لهذا النوع من الشركة، وكذلك شركة الوجوه يوافق عليها بعضهم، لكن يخالف فيها المالكية، والشافعية.

ويستدل للجواز، بالبراءة الأصلية، فالأصل في العقود كلها الصحة حتى يقوم دليل الفساد، ولا دليل هنا على فساد هذه الشركات؛ ولأن الحاجة داعية إليها سواء أكانت أعمالًا أو وجوهًا، وتصحيحهما ممكن بطريق التوكيل الضمني من كل شريك لشريكه، فلا معنى للحكم ببطلانهما.

وأما عند الشافعية، فإن شركة الأعمال والوجوه، باطلتان؛ لعدم المال المشترك فيهما، وللغرر في شركة الأعمال.

وذهب المالكية، إلى بطلان شركة الوجوه؛ لأنها من باب الضمان بجعل، ومن السلف الذي يجر نفعًا، وسموها شركة الذمم.

وتنقسم شركة العقد إلى ثلاثة أقسام:

شركة أموال، وشركة أعمال، وشركة وجوه؛ لأنه إذا كان رأس مال الشركة نقودا فهي شركة أموال، وإن كان العمل للغير هو أساس الشركة؛ فهي شركة أعمال أو تقبل، وأما إذا كان ما تقوم عليه الشركة هو مال الشريكين، من وجاهة عند الناس وما لهم من منزلة تصلح للاستغلال والاستفادة منها؛ فهي شركة وجوه. وكل نوع من هذه الأنواع، إما عنان، وأما مفاوضة.

error: النص محمي !!