Top
Image Alt

تعريف علم الحديث وأقسامه، وبيان موضوعه، وفائدته، وغايته، وحكمه وفضله

  /  تعريف علم الحديث وأقسامه، وبيان موضوعه، وفائدته، وغايته، وحكمه وفضله

تعريف علم الحديث وأقسامه، وبيان موضوعه، وفائدته، وغايته، وحكمه وفضله

. تعريف “علْم الحديث”:

مِن العلماء مَن ألّف في علوم الحديث، وعبارة “علوم الحديث” -بالمعنى العامّ- تتكوّن مِن كلِمتيْن: “علوم” و”الحديث”.

– فأمّا “العلوم”، فهي: جمْع “علْم”، و”العِلْم” يُطلق على: اليقين والمعرفة، ويُطلَق على: الصّفة التي بها تنكشف المعلومات، وعلى الملَكة الراسخة في النفْس التي بها الإدراك. ويُطلق ويُراد به: المسائل والقواعد التي تُذكر في علْم من العلوم، وهذا الأخير هو المراد حينما نريد التّعريف بعلْم من العلوم المدوّنة.

-وأمّا “الحديث”، فمعناه الاصطلاحي هو: أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله، وصفاته الخَلْقية والخُلُقية.

ومِن العلماء مَن يزيد في تعريفه: وأقوال الصحابة والتابعين وأفعالهم.

وعلى هذا، فيكون المراد بهذا المُركّب الإضافي: هي جميع العلوم والمعارف التي بحثت في الحديث، من حيث روايتُه وجمْعُه في الكتب، أو من حيث بيانُ صحيحِه مِن ضعيفه، أو من حيث بيانُ رُواته ونقْدِهم وجَرْحِهم وتعديلهم، أو مِن حيث بيانُ غريبه، أو بيانُ ناسخ ومنسوخه، أو مُختلِفه ومُتعارِضِه، أو من حيث شرحُ معناه واستخراج الأحكام منه، إلى غير ذلك من العلوم التي دارت في فلَك الحديث الشريف.

ثم تطوّر هذا المُركّب فأصبح يُطلق عَلَمًا لقَبِيًّا على علْم الحديث دِراية.

2. أقسام علم الحديث:

“علْم الحديث” بمعناه الإضافي -أي: العامّ، قبل صيرورته علمًا- ينقسم إلى قسميْن، وهُمَا: علْم الحديث رِواية، وعلْم الحديث دراية.

القسم الأول: علْم الحديث رواية:

أ. تعريفه: هو علْم يشتمل على نقْل ما أُضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم مِن قوْلٍ، أو فعْلٍ، أو تقرير، أو صِفةٍ خَلْقية أو خُلُقية، وكذا ما أضيف إلى الصحابة والتابعين من أقوالهم وأفعالهم.

ب. موضوعه: ذات النبي صلى الله عليه وسلم من حيث قولُه وفعْله… إلى آخر ذلك، وذاتُ الصحابة والتابعين أيضًا من أقوالهم وأفعالهم، كما قاله الكرماني في (شرح صحيح البخاري).

ويرى الكثير من العلماء: أنّ موضوعه هو: أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله، وتقريراته، وصفاته الخَلْقية والخُلُقية؛ وهو الأوْلى.

ج. فائدته: هو الوقوف على ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث فنهتدي بهدْيه، ونأتَسي به.

وإذا علِمنا أنّ السُّنّة هي الأصل الثاني من أصول التشريع، وأنّها شارحةٌ للقرآن ومُبيِّنةٌ له ومفسِّرة له، وتُزيل مُشكِلَه وتُفصِّل مُجمَله، وتُقيِّد مُطلَقَه، وتُخصِّص عامّه، أدركنا جلالة هذا العلْم وعظيمَ فائدته للإسلام والمسلمين، وأنّه أشرفُ العلوم وأفضلُها بعد علْم القرآن الكريم.

د. غايته: هو الفوز بسعادة الدنيا والآخرة.

وواضِعُه -كما سبق وأنْ ذكرْنا- هو: أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، المتوفّى سنة (120)، وقيل: الإمام محمد بن شهاب الزّهري، المتوفّى سنة (124).

هـ. مسائلُه: قضاياه التي تُذكر فيه، مثْل: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنّما الأعمال بالنِّيّات))؛ فإنه مُتضمِّن لقضيّة قائلِه ((إنما الأعمال بالنيات)) بعضَ أقواله.

و. حُكْمُه: أنه من فروض الكفاية، فإن لم يوجَد في الأمّة مَن يقوم به أثِمت الأمّة كلّها.

ز. فضْله: أنه من أشرف العلوم وأفضلِها؛ إذ العلْم إنما يَشرُف بشَرف موضوعه، وأشرف الكلام بعد كلام الله سبحانه وتعالى هو كلام رسوله صلى الله عليه وسلم.

يقول عزّ الدِّين بن جماعة: “علْم الحديث علْم بقوانين يُعرف بها أحوال السّند والمتْن. وموضوعه: السّند والمتْن. وغايته: معرفة الصحيح من غيره”.

وقال ابن الأكفاني: “علْم الحديث الخاصّ بالرواية: علْم يشتمل على نقْل أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله، ورواياتها وضبطها وتحرير ألفاظها.

القسم الثاني: علْم الحديث دراية:

أ. تعريفه: هو علْم يُعرف منه حقيقة الرواية وشروطها وأنواعها وأحكامها، وحالُ الرّواة وشروطهم، وأصناف المرويّات وما يتعلّق بها.

أولًا: حقيقة الرواية: نقْل السُّنّة ونحوها، وإسنادُ ذلك إلى مَن عُزي إليه بتحديث وإخبار وغير ذلك…

ثانيًا: شروطها: تَحمُّل راويها لِما يرويه، بنوع من أنواع التّحمّل، من سماع، أو عرْض، أو إجازة، أو نحو ذلك…

ثالثًا: أنواعها: الاتّصال والانقطاع ونحو ذلك…

رابعًا: أحكامها: القبول والرّدّ.

خامسًا: حال الرّواة: العدالة والجَرْح.

وشروطهم في التّحمّل وفي الأداء، وأصناف المرويّات المصنّفات من “المسانيد” و”المعاجم” و”الأجزاء”، وغيرها، أحاديثَ وآثارًا وغيرهما.

سادسًا: ما يتعلّق بها هو: معرفة اصطلاح أهلها”.

ب. المقصود من علْم الحديث: يقول الإمام النووي -رحمه الله تعالى- في (شرح خطبة صحيح مسلم) ما نصّه: “إنّ المراد من علْم الحديث: تحقيقُ معاني المتون، وتحقيق علْم الإسناد، والمُعلّل. والعلّة: عبارة عن معنىً في الحديث خفِيّ، يقتضي ضُعف الحديث، مع أنّ ظاهره السلامة منها. وتكون العلّة تارة في المتْن وتارة في الإسناد. وليس المراد من هذا العلْم مُجرّدَ السّماع ولا الإسماع ولا الكتابة”.

قال الحافظ ابن حجر عن علْم الحديث دراية: “هو معرفة القواعد المعرِّفة بحال الراوي والمروي.

ويمكن أن نُعرِّفه بتعريف أوضح؛ فنقول: هو علْم بأصولٍ وقواعد يُتوصّل بها إلى معرفة الصحيح والحَسن والضعيف، وأقسامِ كلٍّ، وما يتّصل بذلك من معرفة معنى الرواية وشروطها وأقسامها، وحالِ الرّواة وشروطهم، والجَرح والتعديل، وتاريخ الرواة ومواليدهم ووفيّاتهم، والناسخ والمنسوخ، ومختلف الحديث وغريبه، إلى غير ذلك من المباحث والأنواع التي تُذكر في كُتب هذا الفن…

ج. موضوعه: الرّاوي والمرويّ، من حيثُ القبولُ والرّدّ.

د. فائدته: معرفة المقبول من المردود، وتمييز الصحيح من الحَسن من الضّعيف.

هـ. غايته: صيانة الأحاديث من الكذب والاختلاق؛ وبذلك تُصان الشريعة من التحليل والتحريم بغير دليل.

و. حكم هذا العلْم: أنه من فروض الكفاية أيضًا، إذا قام به البعضُ سقَط عن الباقين، فإن فرّطت فيه الأمّة أثِمت كلّها.

ز. استمداده: من كلام الأئمّة: أئمّة الحديث ورُواته، وأئمّة الجَرْح والتعديل، وأئمّة الفقه والاجتهاد المستنِد إلى ما جاء في كتاب الله تعالى وسُنّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم.

ح. فضل هذا العلم: أنه من أشرف العلوم وأجلِّها؛ إذ هو يتعلّق بالذّبِّ والدِّفاع عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسُنّته”.

error: النص محمي !!