Top
Image Alt

تعريف علم اللغة الحاسوبي، ومجالاته

  /  تعريف علم اللغة الحاسوبي، ومجالاته

تعريف علم اللغة الحاسوبي، ومجالاته

علم اللغة الحاسوبي: هو دراسة الجوانب الحاسوبية للغة، والمشكلات الشائعة التي تواجه المعالجة الحاسوبية للغة في شقها المكتوب، والمنطوق، كما يعرف أيضًا بأنه علم دراسة أنظمة الحاسوب؛ لغرض فهم، وتوليد اللغة الطبيعية؛ لذلك فإن معالجة اللغة الطبيعية تشترك مع علم اللغة الحاسوبي في أنهما يدرسان الجوانب الحاسوبية للغة، والمشكلات التي تواجه المعالجة الحاسوبية للغة المكتوبة، والمنطوقة.

وهناك ثلاثة من أصناف تطبيقات تمثل ركيزة في تطور علم اللغة الحاسوبي: 

أولها: الترجمة الإلكترونية.

ثانيها: استرجاع المعلومات.

ثالثها: الأنظمة التفاعلية.

وقبل أن نتحدث عن هذه الأمور، نتحدث عن أهم مجالات هذا العلم، ونذكر كيفية بناء تطبيقات علم اللغة الحاسوبي، وأنظمة معالجة اللغة الطبيعية.

إن بناء نظام لمعالجة اللغة الطبيعية يعتبر مهمة صعبة ومعقدة، ومن أهم هذه الأمور: تصميم الأنظمة التي تعالج اللغة الطبيعية في مستوياتها المختلفة، فهناك النظام الصوتي، والنظام الصرفي، والنظام النحوي، والنظام الدلالي، بالإضافة إلى النظام الكتابي.

إن الأمر يحتاج إلى أنظمة لمعالجة هذه الأمور، وأنظمة معالجة اللغة الطبيعية لها أجزاء، على رأسها: التحليل، والتوليد؛ فإن أكثر أنظمة معالجة اللغة الطبيعية تتطلب توفر القدرة على تحليل وتوليد اللغة الطبيعية، فينظر إلى تحليل الجمل على أنه معالجة لجمل فردية، وتحليل بنية الكلام يتطلب تحليلا لمعنى الجمل المفردة في الكلام.

والتحليل الكامل لسياق الكلام يعتبر من أصعب المهام التي تواجه علم اللغة الحاسوبي، والهدف العام من التحليل الجملي: هو تحديد معنى الجملة، وهذا يتطلب ترجمة الجمل المدخلة إلى الحاسوب بلغة طبيعية إلى جمل تحمل دلالة بسيطة باستخدام ما يعرف: بالمنطق الرمزي، فالتحليل النحوي: عملية تحديد بنية الجملة، وهذه أول خطوة قام بتنفيذها علماء اللغة الحاسبيون.

وقد اجتهد الباحثون في الهندسة الحاسوبية في وضع نموذج من الكافية البشرية على الحاسوب بهدف توفير أسباب الحوار بين الإنسان والآلة، إلا أن نصيب اللغة العربية من هذه البحوث قليل.

فامتلاك ناصية الإنسان بين الحوار والآلة باللغة العربية يمثل إحدى الأولويات التي يجب أن توضع أمام الباحث اللغوي الخبير بطريقة التصميم اللغوي وفق نظرية لسانية يعمل في إطارها.

ثم يأتي في المرحلة الثانية دور المهندس الحاسوبي، فهو مجرد منفذ للعمليات الحاسوبية التي يضعها اللغوي، والمعروف أن اللغة العربية لغة منتظمة من حيث جذورها، وأوزانها، ومع ذلك، لما تخدم بعد بصورة مرضي عنها، فلا توجد إلى الآن لغة برمجة بالحرف العربي، على الرغم من المحاولات التي بذلت في هذا الصدد في بعض مراكز البحوث العالمية، ونقسم مجالات البحث في المعالجة الحاسوبية للغات الطبيعية إلى ثلاثة مجالات أساسية:

المجال الأول: المتصل بالجهود اللغوية.

المجال الثاني: هو المجال البحثي.

المجال الثالث: هو المجال التعليمي.

أما المجال اللغوي: فإن هندسة الحاسب تنتظر جهودًا لغوية في الحروف العربية نفسها، كما تقتضي أيضا معاجم إلكترونية متكاملة، كما أن الجهود اللسانية في خدمتها للحاسب تقتضي على المستوى الصرفي إنتاج مولد ومحلل، وكذلك الأمر بالنسبة للجانب النحوي، فإنه يقتضي مولدًا ومحللًا، ومما يتصل بهذا أيضا، وجود المدقق الإملائي والنحوي، والمشكل الآلي أيضًا.

وأما بالنسبة للبحث العلمي: فمن مجالاته: التعرف البصري على الحروف، سواء منها المطبوع، أو المكتوب باليد.

ومن مجالاته أيضًا: الترجمة الآلية، والتوليف الصوتي، والتوثيق الآلي، والفهم الآلي للنصوص.

وأما في مجال التعليم: فإن الأمر يقتضي تصميم برامج تعليمية إلكترونية، وكذا تصميم برامج على الشبكة العنكبوتية، تأخذ الصبغة العالمية.

ونعود إلى تفصيل ما ذكرناه في هذه المجالات، فبالنسبة للحروف العربية: فالمعروف أن الحاسوب صنع أساسًا بلغات غربية، إنجليزية في الأساس.

ولما أصبح تقنية معتمدة في كتابة النصوص باللغة العربية، اضطر المبرمجون إلى تصميم برامج تمكن المستخدم العربي من استغلال هذه التقنية باللغة العربية، وفي مقدمتها: صناعة الحرف العربي آليًّا، وتنويط وحدة المفاتيح.

فالموضوع إذًا، ذو شقين:

الأول: يتعلق برسم الحرف العربي على الحاسوب.

الثاني: يتعلق بتوحيد لوحة المفاتيح العربية بين مختلف الدول العربية؛ تيسيرًا لنقل البيانات بين الحواسيب باللغة العربية، ونشرها، وعرضها، وتبادلها؛ وتيسيرًا لعملية حفظ الوثائق باللغة العربية المدخلة إلى الحاسوب، سواء باليد، أو بالماسح الضوئي، كما ييسر استرجاعها، وفرزها، وتبادلها بين المستخدمين من جميع الدول العربية.

المعجم الإلكتروني: فإن المقصود به: قاعدة البيانات اللغوية المشفرة التي تشتمل على جميع المستويات اللغوية من الأصوات، والصرف والتركيب.  ونطمح أن تبنى معاجم إلكترونية للدلالة.

برامج البحث العلمي: في مجال ميكنة اللغات الطبيعية، ومن ضمنها اللغة العربية، فإنها كثيرة ومتنوعة في العالم، وهي تقوم على الجهد اللغوي الذي يقوم به اللغويون.

والنتائج في هذا المجال قليلة؛ نظرًا لتشعب مجالات تطوير البرامج الموجهة للبحث العلمي.

ومن أهم المجالات التي تمخضت عنها نتائج إيجابية: التعرف البصري على الحروف، والترجمة الآلية، و التوليف الصوتي.

وأما بالنسبة للتعرف البصري على الحروف: فإن الهدف منه إكساب الحاسوب مهارة القراءة الصحيحة للحروف، سواء كانت مطبوعة، أو مكتوبة باليد.

ويتوقف تصميم برامج التعرف الآلي على نجاح برامج رسم الحروف بالحاسوب، كما يتوقف على قواعد البيانات الصرفية التي ترشد القارئ الآلي إلى طريقة تقطيع الكلمات في الواقع الورقي، أو الحاسوبي، وهو ما يسمى: بمعالج النصوص.

والأمر يحتاج إلى تطوير كبير في مجال بناء قواعد البيانات العربية التي تيسر على الآلة قراءة الحروف، ومطابقتها لما هو مخزن لديها وفق برنامج مبني أساسًا على مقتضيات الهندسة اللسانية العربية.

ولهذه التقنية نتائج كبيرة، فيمكن توثيق جميع النصوص التي دونت على مر العصور، كما يمكن أيضًا تقديم خدمة كبيرة لمحققي النصوص العربية الذين يعانون كثيرًا من تفريغ المخطوطات على الورق قبل إدخالها للحاسوب.

ولا تخفى آثار هذا العمل إن نجح، وهذا ما نطمح إليه على تراث الأمة الذي ما يزال يعاني من قراءته كثيرون؛ بسبب وضعه المخطوط.

وأما بالنسبة للتوليف الصوتي: فإن هذه التقنية تتمثل في إكساب الحاسوب مهارة القراءة الصوتية للنصوص المدخلة، سواء عن طريقة لوحة المفاتيح، أو عن طريق القارئ الآلي.

بالإضافة إلى إكسابه مهارة تحويل المنطوق إلى مكتوب، وهذا يتوقف على الجهود التي يقوم بها اللغويون.

ولهذه التقنية عدة استخدامات، منها: مساعدة المعوقين على النطق، ومنها: الإملاء الآلي باللغة العربية، ومنها: التحقق من هوية المتكلم، ومنها: الترجمة الآلية الشفوية، وخاصة عن طريق الهاتف، كما له أهمية كبرى لدى العاملين في قطاع الاتصالات، والبنوك، وتسيير القطارات.

ومن الاستخدامات أيضًا: تدريب متعلمي العربية على النطق الصحيح بأصواتها بحركاتها المناسبة، ومنها: الحوار الشفوي المباشر مع الآلة بدلا من استخدام لوحة المفاتيح، أو ما يسمى: بالفارة.

ومن الاستخدامات المهمة أيضا لهذا الأمر: التليفون المحمول الذي يسير تصنيعه في اتجاه الاستغناء عن لوحة المفاتيح؛ مما سيمكن المستخدم من دخول قاعدة البيانات التي يتضمنها دخولًا تامًّا، ومن أي مكان في العالم.

إن هذه المجالات لم ينجح إلى الآن تطبيقها على اللغة العربية، وهذا راجع إلى قلة الجهد المبذول من قبل اللغويين، علاوة على التعاون بينهم، وبين الحاسوبيين.

إن ما نطمح إليه من رواء هذه التقنية هو: أن نكسب الحاسوب مهارة الضبط الصوتي للنصوص المدخلة دون ارتكاب أخطاء إملائية بين الأصوات المتشابهة، وذلك بهدف الاستعانة بالحاسوب في ميادين تعليمية، وبحثية نحن في أمس الحاجة إليها اليوم.

وأما بالنسبة للترجمة، وأعني: الترجمة الآلية: فإن الترجمة التي يتم التعامل فيها مع الحاسوب على نوعين:

الأول: تلك الترجمة التي تعتمد قواعد بياناتها على شك مخزون مشفر؛ حيث ينجز الحاسوب ترجمة أولية يقتصر فيها على ترجمة المفردات التي يتألف منها النص.

مما يستدعي تدخل المترجم لإعادة تحرير النص، مستعينا بمعاني المفردات التي ترجمها له الحاسوب، دون أن يتدخل بشكل كبير في ترجمة التراكيب.

فهذا النوع من الترجمة يكون غير قادر على ترجمة المعاني المجازية للمفردات التي تكتسبها في السياق، فهي تقتصر في الغالب على ترجمة المعاني المعجمية للمفردات خارج سياقها التركيبي.

الثاني: وهو المسمى: بالترجمة الآلية: فهي التي ترتكز على المعرفة اللغوية الدقيقة في جميع المستويات اللغوية الصرفية، والنحوية، والمعجمية، والدلالية.

وهذا نوع من الترجمة ما يزال في حاجة إلى تقدم البحث اللساني العام، ويحتاج إلى جهود جمة من اللغويين.

لهذا لا نجد برنامجًا واحدًا في العالم يقوم بالترجمة الآلية التامة من العربية وإليها؛ لقلة الأبحاث اللغوية في هذا الجانب، فالمترجم الآلي يحتاج إلى مدقق إملائي.

ونحوي يوظفه في عملية الترجمة، كما أنه في حاجة إلى مولد صرفي، ونحوي؛ وهذا لما يحدث بعد.

وأما بالنسبة للمدقق الإملائي، والنحوي، والمشكل الآلي: فكلها تعتمد على المعاجم الإلكترونية التي تحتاج إلى جهد كبير من اللغويين.

إن غياب الخبرة اللسانية الحاسوبية في هذه التطبيقات فيما يتصل باللغة العربية أمر ظاهر لا شك فيه.

مجالات علم اللغة الحاسوبي فيما يتصل بالتعليم:

وأما بالنسبة لمجالات علم اللغة الحاسوبي فيما يتصل بالتعليم: فإنه يمكن تقسيم برامج التعليم إلى نوعين: محلية، وعالمية.

البرامج المحلية: وضع برامج تعليمية على أجهزة الحاسوب، أو على أقراص مضغوطة، وفتح المجال للمتعلمين للتفاعل مع الجهاز الذي يتحول إلى القيام بدور المعلم، وعلى الرغم من عدم تلبية هذا النوع من التعليم، جميع الأهداف التربوية التي يقوم بها المعلم البشري، فإنه يسهم في علمية التعليم الذاتي.

البرامج العالمية: وهو التعليم عن بعد، أو عن طريق الشبكة العنكبوتية العالمية، والمقصود به: تطوير برامج توضع على هذه الشبكة؛ بهدف تعليم أكبر قدر ممكن من المتعلمين، إما بشكل تزامني، أو غير تزامني.

والغاية المرجوة من هذا النوع من التعليم، تكمن في توسيع دائرة الحوار المباشر بين أكبر قدر ممكن من المتعلمين، تمكنهم من تبادل الآراء عن طريق المساءلة المباشرة، وتلقي الرد الفوري.

وتسهم هذه التقنية في ترسيخ مفهوم التعليم الذاتي عن طريق التفاعل بين المتعلم، والآخرين من جميع بقاع الكرة الأرضية. وهو ما أصبح ما يطلق عليه: التعليم الدولي.

إن للعلم اللغة الحاسوبي مجالات أخرى غير ما ذكرت، منها: الإحصاء اللغوي، ويوكل إلى هذا الإحصاء في النطاق اللغوي ثلاث مهام رئيسة:

 الأولى: التقييم الكمي لبعض الخواص النوعية للغة، كمعدلات استخدام الحروف، والكلمات، والصيغ الصرفية، والموازين الشعرية.

وأنواع الأساليب النحوية، أو التوزيع النسبي للأفعال المعتلة والصحيحة، أو للإفراد والتثنية والجمع، أو لحالات الإعراب المختلفة.

الثانية: التوصيف الكمي لبعض العلاقات اللغوية، كالعلاقة مثلًا بين طول جذر الكلمة، وعدد مرات تكراره في معجم من المعاجم.

الثالثة: تفسير الظواهر اللغوية، كتفسير بعض ظواهر عدم الاطراد في قواعد الاشتقاق، وتركيب الكلمة، وتفسير ظاهرة القلب المكاني لدى الأطفال مثلًا.

error: النص محمي !!