Top
Image Alt

تعلم اللغة الأجنبية

  /  تعلم اللغة الأجنبية

تعلم اللغة الأجنبية

إن نظريات تعلم اللغات الأجنبية هي في الأساس نظريات التعلم العامة ونظريات تعلم اللغة الأم الخاصة، فتعلم اللغات الأجنبية شكل من أشكال التعلم ينطبق عليه ما قيل عن النظريات السلوكية، والنظريات المعرفية فالنظريات التي ذكرناها بصدد اكتساب اللغة الأم، هي نفسها مطبقة في تعلم اللغات الأجنبية، وهناك نظريات ترى تطابقا بين اكتساب اللغة الأم وتعلم اللغات الأجنبية، فترى أن العمليتين متطابقتان في الأساس؛ ولذلك فليس هناك أي تأثير للغة الأم على تعلم اللغة الأجنبية.

وهناك نظرية تؤمن بالتباين وترفض هذا التطابق، فاكتساب اللغة الثانية يتحدد بصورة كبيرة بفعل الأنماط الصوتية واللغوية الخاصة باللغة الأولى التي تم تعلمها، فالتراكيب والصيغ اللغوية التي تشبه تلك الموجودة في اللغة الأم يتم تمثلها وتعلمها بسهولة وتسمى هذه العملية بالنقل الإيجابي، أما الصيغ والتراكيب المختلفة فإنها تشكل عقبة في سبيل تعلم اللغة الثانية أو الأجنبية، وتسبب حدوث الأخطاء اللغوية نتيجة النقل السلبي أو ما يسمى بالتداخل بين اللغتين؛ ولذلك ظهرت نظرية تسمى بنظرية تحليل الأخطاء؛ حيث أخذت على نظرية التباين أنها تتجاهل تماما تأثير التداخل اللغوي النابع من داخل اللغة الأجنبية ذاتها؛ لذلك نشأت نظرية تحليل الأخطاء رد فعل على قصور نظرية التباين، وقامت نظرية تحليل الأخطاء على عوامل من أهمها: التعرف على الأخطاء الحقيقية، وتمييزها من الأخطاء الناجمة عن السهو أو عن عدم الاكتراث الكافي عند استخدام اللغة، ثم وصف هذه الأخطاء وتصنيفها إلى أخطاء صوتية ونحوية وصرفية إلى غير ذلك؛ لمعرفة أسباب هذه الأخطاء هل نجمت عن تداخل اللغة الثانية مع اللغة الأم؟ أو تداخل مع صيغ اللغة الأجنبية ذاتها؟ أو نجمت عن موقف تعليمي؟ أو موقف تواصلي؟ إلى غير ذلك.

وهناك ما يسمى بنظرية الجهاز الضابط، وبنظرية اللغة المرحلية كل هذا يفسر عملية تعلم اللغة الثانية، ويفسر بعض مشكلاتها، وكما سبق أن التراث العربي الإسلامي لا يخلو من أسس لهذه النظريات الحديثة، فقد حدثتك عن البنيوية عند العالم السويسري “دي سوسير”، وعن تأصيل لها عند الإمام عبد القاهر الجرجاني، كما حدثتك عن السلوكية الحديثة، وعن تأصيلها عند ابن خلدون.

إن اكتساب اللغة الأم، وتعلم اللغة الأجنبية أمر معقد؛ لذلك تعددت وجهات النظر، وتنوعت نظريات العلماء ولابد من تعاون كل هذه النظريات في تفسير اكتساب اللغة الأم وتعلم اللغة الأجنبية، ولا ينبغي أن نركن إلى نظرية واحدة، وقد سبق أن ذكرنا تعدد طرق تدريس اللغة الأجنبية بتعدد النظريات المفسرة لهذا النوع من التعليم، فقد حدثتك عن الطريقة التقليدية التي تعتمد على الترجمة، كما حدثتك عن الطريقة المباشرة التي تعمد إلى اختلاق بيئة لغوية من أجل تعلم اللغة الأجنبية، كما حدثتك عما يسمى بالطريقة السمعية الشفوية.

إن صعوبة تعلم اللغة الأجنبية تختلف تبعا لسن الدارس والبيئة التي يعيش فيها في أثناء تعلمه اللغة، فالطفل في أول مراحل تعليمه يحتاج من الوقت إلى أكثر مما يحتاجه البالغ الرشيد، والدارس الذي يتعلم اللغة في بيئتها ينفق من الوقت أقصر مما ينفقه من يتعلمها في بيئة غريبة عنها، أو في بلاد تتكلم لغته الأصلية أو أية لغة أخرى غير اللغة التي يتعلمها.

كما تختلف صعوبة تعلم اللغة الأجنبية أيضا حسب طبيعتها، من حيث مشابهتها أو اختلافها في الصوت أو الكتابة للغة الدارس الأصلية، ومن ثم يسهل مثلا على الفرنسي أن يتعلم الإيطالية أو الإسبانية، في حين تقابله بعض الصعوبات في تعلمه اللغة الإنجليزية أو الألمانية، ثم يجد المشقة الكبرى في تعلمه لغة تختلف تماما عن أسرة لغته الأصلية كاللغة العربية أو الصينية، والعربي مثلا يسهل عليه تعلم اللغة الفارسية أو الأردية، ويشق عليه تعلم اللغة الأوروبية أو اللغة الصينية.

error: النص محمي !!