Top
Image Alt

تقويم المنهج

  /  تقويم المنهج

تقويم المنهج

يعد التقويم أحد العناصر الأساسية للمنهج الدراسي، وتقويم المنهج عملية تربوية لها أهميتها، نظرا للدور المهم الذي يلعبه المنهج، في تحقيق أهداف التربية المدرسية، فأهمية التقويم تنبع من كونها الوسيلة، التي نحكم من خلالها على مدى فاعلية العملية التربوية، والمنهج واحد من العوامل الفعالة في نجاح العملية التربوية، أو أحد العوامل الفاعلة في ذلك، وتقويم المنهج يساعد المختصين في صناعة القرار واتخاذ القرار، على اتخاذ القرار الصائب تجاه كافة جوانب العملية التربوية. ومن هنا، فإن الأمر يتطلب تقويم المنهج بين الحين والآخر، لمعرفة مدى فاعليته، وتحديد جوانب القوة والضعف فيه، من أجل إثراء جوانب القوة، وعلاج جوانب الضعف والحد منها، عن طريق تحسينه وتطويره، أو استبدال هذا المنهج بمنهج آخر إذا لزم الأمر.

وتشمل عملية تقويم المنهج على عدة عمليات فرعية، ومنها تخطيط وتطوير وتنفيذ المنهج، فهي تشمل تقويم النظرية التي يتبناها، والنماذج التي قام عليها، وأهداف المنهج ومحتواه، وطرق تنظيمه وأنشطته وخبراته وتنظيمها، والوسائل التي تستخدم في تنفيذ تلك الأنشطة والخبرات، وأساليب التقويم المقترحة فيه، كما تشمل عملية التقويم طرق تنفيذ المنهج، أو ما يسمى: بالكفاية العملية، من صلاحية المتعلمين، ومرونة عند التطبيق، وقبول لدى الجهات المعنية وغيرها.

وعند الحديث عن مفهوم تقويم المنهج، نجد أن هناك تعددا لمفاهيم تقويم المنهج، وهذه المفاهيم تتعدد وتتباين، إلا أنها جميعا تتفق في خاصية مهمة، مؤداها: تقرير صلاحية المنهج، وقيمته التربوية، وكفايته من الناحيتين الفنية والتربوية، فالبعض يرى أن تقويم المنهج، يهدف إلى التعرف على مدى تحقيقه للأهداف التربوية المنشودة، بينما يرى البعض الآخر أن عملية التقويم تصف مدخلات وعمليات ومخرجات المنهج والحكم عليها، وهناك وجهة نظر ثالثة ترى أن عملية التقويم: هي جمع ومعالجة البيانات الخاصة بالمنهج؛ للمساعدة في اتخاذ القرارات المرتبطة به، من أجل زيادة فاعليته.

ونرى أن مفهوم تقويم المنهج، يشمل جمع المعلومات والبيانات الخاصة بالمنهج كوثيقة، سواء في تنظيمه أو تصميمه أو في وثيقته أو في عناصره، أو في ما يرتبط به من عمليات وإمكانات مادية وبشرية أو في تنفيذه، أو في تأثيره على المتعلمين، ثم يلي ذلك: معالجة تلك البيانات والمعلومات بالطرق الإحصائية المناسبة للوصول إلى استنتاجات، تساعد في اتخاذ القرارات الخاصة بمدى صلاحية المنهج، من حيث التصميم والبناء، أو من حيث كفايته الإنتاجية، أو من حيث مدى نجاحه في إعداد الكوادر البشرية، من المعلمين والموجهين أو مديري المؤسسات التربوية، وفي تنفيذ أدوارهم، ومساعدتهم على تحقيق الأهداف المنشودة، مما يترتب عليه تحسين هذا المنهج، وعلاج جوانب القوة والضعف فيه، أو تغييره كليا أو استبداله أحيانا بغيره من المناهج.

فتقويم المنهج يتطلب: تحديد الهدف من عملية التقويم، ويتطلب: تحديد المصادر، التي يمكن أن نلجأ إليها، من أجل جمع المعلومات المرتبطة بالهدف من التقويم، وتحديد الأدوات التي تستخدم في جمع المعلومات، وتصحيحها بالطرق العملية السليمة، والقيام بجمع المعلومات من مصادرها، ثم تحليل تلك المعلومات، بهدف الوصول إلى استنتاجات من خلالها، وتقديم تفسيرات مناسبة لتلك الاستنتاجات، ثم إصدار قرار أو حكم حول الظاهرة المرتبطة بالمنهج، وتحديد جوانب القوة والضعف فيها، بهدف علاج جوانب القوة مما يؤدي إلى التحسين، وتلافي جوانب القصور عن طريق التغذية الراجعة، التي تعني الإفادة من نتائج التقويم التي تم الوصول إليها، من أجل علاج أوجه القصور في المنهج، وتدعيم أوجه القوة فيه بهدف تحسينه.

وتتنوع أوقات تقويم المنهج أثناء التعامل مع المنهج، ولذا؛ فهناك عدة أنواع من التقويم للمنهج، منها: التقويم المبدئي أو التمهيدي، ويطبق هذا النوع من التقويم، قبل البدء في تدريس المنهج، بهدف تحديد ما يلي:

  • المستويات القَبلية للدارسين: حيث يمكن تصنيفهم إلى مجموعات متقاربة في المستوى، تقل بينهم الفروق الفردية عند دراسة المنهج، وهذا النوع من التقويم يتم قبل البدء في تطبيق المنهج على المتعلمين، الذين أعد من أجلهم المنهج، بهدف تحديد مستواهم المعرفي، وكذلك المهاري.
  • تحديد معارف وخبرات مرتبطة بالمنهج المزمع تنفيذه.
  • تحديد إمكانات المؤسسة التعليمية، التي سيطبق فيها المنهج، ولتحديد صورة واضحة وشاملة للواقع الذي ستتم فيه عملية التطبيق. وبهذا، فإنه يمكن أن يستخدم في بداية العام الدراسي الجديد، أو عند بداية التدريس في مرحلة تعليمية جديدة.

النوع الثاني من التقويم: هو التقويم البنائي أو التكويني: يجري هذا التقويم أثناء تطبيق المنهج؛ ولهذا فقد يطلق عليه: التقويم التطوري، وأهداف هذا التقويم: هي توفير معلومات تساعد في توجيه مسار تطوير المنهج؛ بهدف الوصول إلى الصورة الأفضل، وتوفير صورة واضحة عن مدى تقدم الدارسين للمنهج في التحصيل والمهارات، وتحديد اتجاهات الدارسين نحو المنهج، التي تبين رضاهم أو عدم رضاهم عن المنهج. أما النوع الثالث من التقويم: فهو التقويم النهائي أو الشامل أو الختامي ويبدأ هذا النوع من التقويم بعد الانتهاء من تطبيق المنهج؛ بهدف التعرف على مدى تحقيقه للأهداف التعليمية المرجوة، أي بعد الانتهاء من تنفيذ المنهج، وإصدار حكم نهائي على فعاليته الفنية والتربوية، أو مدى نجاحه أو فشله في تحقيق أهدافه، ويركز على إنتاجية المنهج وفعاليته، في إحداث التعلم المرغوب لدى المتعلمين، مما يساعد في صنع القرارات الخاصة بتحسينه.

والتقويم يكون في اختبارات في نهاية الفصل الدراسي، واختبارات نهاية العام الدراسي، أو بعد الانتهاء من دراسة مقرر معين، وقد يشترك في هذا النوع من التقويم، أعضاء لم يشتركوا في تخطيط المنهج أو تنفيذه. النوع الرابع من التقويم: وهو التقويم التتبعي والتقويم التتبعي يلي التقويم النهائي؛ لأنه يساعد في الكشف عن آثار المنهج المستمرة لدى المتعلم، بعد الانتهاء من دراسته للمنهج، فمن المفترض أن يكون له آثاره المستقبلية على تعلم المتعلم ونجاحه في دراسته المستقبلية أو في عمله، أو عند مجابهة مشكلات الحياة العملية. كل هذا يمكن أن يوفره التقويم التتبعي. ومن أمثلة هذا النوع من التقويم: تقويم نظام الثانوية العامة الجديد، بعد تطبيقه على الطلاب، والتعرف على مدى فعاليته. وتجدر الإشارة إلى أنه لو تبين، أن هناك تعديلات جوهرية طرأت على المنهج نتيجة التقييم؛ لتطلب الأمر إعادة تجريبه مرة أخرى؛ لاختبار صلاحيته والحكم عليه، أما إذا كانت التعديلات بسيطة وغير جوهرية، فيتم تنفيذه في الميدان الفعلي بعد إجراء هذه التعديلات.

من يقوم بعملية التقويم؟

عملية التقويم يقوم بها أشخاص متخصصون، ذات علاقة بالمجالات المتنوعة، ولهم علاقة بالمادة، والتلميذ، والمجتمع. فهم يجمعون من خلالها البيانات المرتبطة بالمنهج، والتي في ضوئها يقررون قبول المنهج أو تحسينه أو تغييره أو إلغاءه، وتتم هذه الخطوة قبل تنفيذ المنهج على نطاق واسع في المدارس، بتجريبه ميدانيًّا على عينة من المدارس، تمثل إلى حد كبير المجتمع الأصل الذي سيطبق فيه، وعادة ما تسفر هذه الخطوة، عن تحديد أوجه القوة والضعف في المنهج، والتعرف على الإمكانات الواجب تنفيذها وتوافرها فيه، ومعرفة ردود فعل المعلمين، والمشرفين، والموجهين، والقائمين على تنفيذ المنهج، والتعرف على وجهة نظر الإداريين وأولياء الأمور والطلاب، بخصوص المنهج، وملاحظاتهم عليه، حتى يتم إدخال التعديلات عليه ليصبح قابلا للتنفيذ.

ما هي أدوات التقويم؟ من أدوات التقويم للمنهج: الاختبارات التحصيلية، وبطاقات الملاحظة، وقوائم التقدير، ومقاييس الاتجاهات، والقيم والعادات، وعقد المقابلات الشخصية مع المسئولين عن تخطيط وتنفيذ المنهج، وكذلك الدراسات والبحوث العلمية الميدانية.

وسائل تحقق فاعلية التقويم: عملية التقويم تتطلب فريقا متكاملا في واجباته وكفاياته، يمكن أن يتكون من أعضاء متخصصين في مجالات التقويم المنهجي، ومصممي دراسات التقويم، ومختصين في الوسائل التعليمية، وتكنولوجيا التعليم والمعلومات وتطويرها، وفنيين في جمع وتبويب ومعالجة البيانات، ومتخصصين في تخطيط وتطوير وتنفيذ المناهج، وأكاديميين متخصصين في المادة الدراسية للمنهج، ومتخصصين في علم النفس التعليمي والتربوي، ومعلمين من المساهمين في تنفيذ المنهج، ومشرفين إداريين مسئولين عن توجيه عمليات تنفيذ المنهج وتدريسه، وأيضًا التلاميذ المستفيدين من المنهج، وبعض المهتمين من المجتمع المحلي وأولياء الأمور، والمربين. ويجب أن يرأس هذا الفريق مديرا يتولى توزيع المسئوليات، في عملية التقويم ومتابعتها أثناء التنفيذ، ورفع نتائجها للجهات المعنية الرسمية، وأن يتم اختيار نائبا للمدير، يهتم بتنفيذ مسئوليات التقويم ويوجه أنشطة التقويم، ويتابع مهامها عند التنفيذ الفعلي في الميدان، فهو حلقة الوصل بين المدير وبين باقي أعضاء الفريق.

error: النص محمي !!