Top
Image Alt

توريث الصنف الرابع

  /  توريث الصنف الرابع

توريث الصنف الرابع

قلنا: إن الصنف الرابع مَن ينتسب إلى جدي الميت، وهما أبو أبيه وأبو أمه، سواء كانَا قريبين أم بعيدين، أو إلى جدتيه وهما أم أبيه وأم أمه، سواء كانتَا قريبتين أم بعيدتين، أي: فروع الأجداد من الأعمام لأم، والعمات، والأخوال، والخالات مطلقًا، ونعني بكلمة مطلقًا: الشقيق، أو لأب، أو لأم، وكذلك أولادهم.

وقلنا: إن هذا الصنف يشتمل على ست طوائف، وهي مقدم بعضها على بعض أيضا في استحقاق الإرث، كما هو الحال في تقديم الأصناف، فلا يرث أفراد طائفة أو شخص من طائفة مع وجود أفراد أو شخص من الطائفة التي قبلها، وهكذا في كل الطوائف الست.

توريث الطائفة الأولى:

قلنا: إن الطائفة الأولى فروع الجد الأول والجدة الأولى في أول درجتها، وهم: أعمام الميت من جهة الأم، وعماته مطلقًا، وأخواله وخالاته مطلقًا كذلك، فالأعمام لأم، أي: أعمام الميت من جهة أبيه، وهم إخوة أبي الميت من أمه، وكذلك العمات مطلقًا، وهن أخوات أبي الميت من الأبوين أو الأب أو الأم، وكذلك الأخوال والخالات يتصلون بالميت من جهة الأم، فهم إخوة وأخوات أمه، سواء كانوا من الأبوين أو من الأب أو من الأم.

وحكم توريث هذه الطائفة أنه إن وجد منهم شخص واحد فقط كانت التركة كلها له؛ لعدم مزاحمة الغير له، مثله في هذا مثل أي واحد منفرد آخر من أصناف ذوي الأرحام -التي بحثناها فيما سبق- وإن وجد منهم أكثر من شخص، فإما أن يكونوا من حيز قرابة المتحد، أي: من جهة قرابة متحدة، وإما أن يكونوا من حيز مختلف، فإن كانوا جميعًا من حيز واحد -أي: من جهة قرابة واحدة- فالأعمام لأم أو العمات مطلقًا، فهم جميعًا أقرباء للمتوفى من جهة الأب، أو الأخوال والخالات مطلقًا، فهم جميعًا أقرباء للمتوفى من جهة الأم، إذا كان الأمر كذلك كان الميراث لأقواهم قرابةً ذكورًا كانوا أو إناثًا.

وعلى هذا يكون الأولى بالميراث مَن كان لأبوين عمن كان لأب أو لأم فقط، ومَن كان لأب أولى ممن كان لأم، فإن القرابة من الجانبين أقوى، وكذا قرابة الأب أقوى من قرابة الأم، وإن كانوا في قوة القرابة في منزلة سواء بأن كانوا جميعًا لأب وأم، أو لأب فقط أو لأم فقط، كانوا شركاء في الميراث، لا يتقدم أحد منهم الآخرَ؛ لعدم وجود مرجح، ويكون للذكر ضعف نصيب الأنثى، وإن اختلف حيز القرابة بين الموجود منهم كالأعمام مع الأخوال أو الخالات.

 ففي هذه الحالة يعطَى من كانوا من جهة الأب كالأعمام والعمات الثلثين، ولمن كان من جهة الأم الثلث، وهم الأخوال والخالات، وكأن الميت ترك أباه وأمه، ثم يُقسم ما أصاب كل فريق فيما بينهم على النحو السابق، فيكون الأقوى قرابةً أولى بالميراث، ويكون: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} عند التساوي في قوة القرابة.

وفي اختلاف الموجودين في الحيز يقول السرخسي -يرحمه الله-: “وإن اختلط العمات بالخالات والأخوال، فللعمات الثلثان، وللأخوال والخالات الثلث؛ اعتبارًا للعمات بالعم والأخوال والخالات بالأم، ويستوي في هذا إن استوت الأعداد، أو اختلفت، حتى إذا ترك عمة واحدة، وعشرة من الأخوال والخالات، فللعمة الواحدة الثلثان، والثلث بين الأخوال والخالات: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} لماذا؟ لأن استحقاقهم لقرابة الأم، والأمومة لا تحتمل التعدد، فهم بمنزلة أم واحدة، وكذلك إن ترك خالة واحدة، وعشرًا من العمات، فللخالة الثلث، وللعمات كلهن الثلثان بينهن.

وعلى ذلك صار قانون المواريث في مادته رَقْم 35 ونصها:

الطائفة الأولى: من طوائف الصنف الرابع المبينة للمادة الواحدة والثلاثين: إذا انفرد فريق الأب وهم أعمام الميت لأم وعماته، أو فريق الأم وهم أخواله وخالاته، قُدِّم أقواهم قرابةً، فمن كان لأبوين فهو أولى ممن كان لأب، ومن كان لأب فهو أولى ممن كان لأم، وإن تساووا في القرابة اشتركوا في الإرث، وعند الاجتماع يكون الثلثان لقرابة الأب، والثلث لقرابة الأم، ويقسم نصيب كل فريق على النحو المتقدم. وتطبق أحكام الفقرتين السابقتين على الطائفتين الثالثة والخامسة.

مسائل على الطائفة الأولى:

المسألة الأولى: توفي وترك عمة شقيقة وعمة لأب، فالتركة كلها هنا للعمة الشقيقة؛ لماذا؟ لأنها أقرب درجةً وأقوى؛ لأنها تدلي إلى الميت بقرابتين.

المسألة الثانية: توفي وترك عمة شقيقة وعمًّا لأم، فالتركة كلها هنا للعمة الشقيقة؛ لأنها أقرب درجةً، ولا شيءَ للعم لأم.

المسألة الثالثة: توفي وترك عمة لأب وعمًّا لأم، فالتركة كلها هنا للعمة لأب؛ لماذا؟ لأنها أقرب درجةً، ولا شيءَ للعم لأم.

المسألة الرابعة: توفي وترك خالًا شقيقًا وخالةً لأب، فالتركة كلها هنا للخال الشقيق؛ لأنه أقرب درجةً.

المسألة الخامسة: توفي وترك خالًا شقيقًا وخالًا لأم، فالتركة كلها هنا للخال الشقيق؛ لأنه أقرب درجةً، ولا شيءَ للخال لأم.

المسألة السادسة: توفي وترك عمتين شقيقتين، فالتركة بينهما بالسوية؛ لأنهم تساووا في القرابة، وما دام قد تساووا في القرابة فإنهما يشتركان في الإرث.

المسألة السابعة: توفي وترك خالين لأب، فالتركة بينهما بالسوية؛ لأنهما تساويا في القرابة.

المسألة الثامنة: توفي وترك عمًّا لأم وعمةً لأم، فالتركة بينهما: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ}؛ لأنهما تساويا في القرابة واختلفا في النوع، فيكون: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ}.

المسألة التاسعة: توفي وترك خالًا شقيقًا وخالة شقيقة، فالتركة بينهما: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ}.

المسألة العاشرة: توفي وترك خالًا شقيقًا وعمًّا لأم، فالتركة بينهما أثلاثًا: للخال الشقيق الثلث؛ لأنه أدلى بقرابة الأم، وقرابة الأم لها الثلث، والعم لأم له الثلثان؛ لأنه أدلى بقرابة الأب، وقرابة الأب لها الثلثان.

المسألة الحادية عشرة: توفي وترك عمة شقيقة، وعمًّا لأم، وخالةً لأب، وخالًا لأم، هنا تعدد الورثة من ذوي الأرحام، واختلفوا في حيز القرابة، فبعضهم -العم والعمة- يتصل بالميت من جهة أبيه، وبعضهم -كالخال والخالة- يتصل بالميت من جهة أمه، ولذلك فإن التركة تكون بينهم أثلاثًا: للفريق الأول -الذي من جهة الأب- الثلثان، وللفريق الذي من جهة الأم الثلث. ثم إن الثلثين لفريق الأب تستقل بهما العمة الشقيقة؛ لماذا؟ لأنها أقوى قرابةً من العم لأم، والثلث -الذي لفريق الأم- تستقل به الخالة لأب؛ لماذا؟ لأنها أقوى قرابةً من الخال لأم، ولا عبرةَ هنا بالذكورة والأنوثة، وإنما لدرجة القرابة وقوتها.

المسألة الثانية عشرة: توفي وترك عمة لأم، وعمًّا لأم، وخالًا شقيقًا، وخالة شقيقةً، التركة هنا تقسم بين العمة لأم، والعم لأم ولهما الثلثان؛ لأنهما يدليان للميت، ويعتبران فريق الأب، والخال الشقيق والخالة الشقيقة بما أنهما من قرابة الأم، فلهما الثلث، ثم يقسم الثلثان اللذان هما لفريق الأب: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} وكذلك الثلث يقسم: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} للعمة ثلث الثلثين، وللعم ثلثا الثلثين، وللخال ثلثا الثلث، وللخالة ثلث الثلث.

ففي هذه المسألة تعدد الورثة واختلفوا في الحيز -أي: في الجهة- العمة والعم من قرابة الأب، والخال والخالة من قرابة الأم، وكما قلنا: فإن لقرابة الأب الثلثين، ونظرًا لأنهما ذكر وأنثى، فكان الثلثان بينهما: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} وأيضًا فإن لقرابة الأم الثلثَ، ولما كانَا ذكرًا وأنثًى كان الثلث بينهما: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} أيضًا.

هذا، وقد احتاجت المسألة إلى تصحيح؛ لأن سهام كل فريق تنكسر عليه، ولا تنقسم؛ للتباين بين السهام وعدد الرءوس لكل فريق، فقمنا بتصحيح المسألة بضرب عدد الرءوس في بعضها؛ لأن التباين هنا بفريقين، ثم ضربنا حاصلَ الضرب في أصل المسألة، فنتج عنه المصح، وهو هكذا: 3 × 3 يساوي 9، 9× 3 يساوي 27، ثم ضربنا سهمي العم والعمة في جزء السهم هكذا: 2 ×9 يساوي 18، أعطينا العم ثُلثيها وهو اثنا عشر، وأعطينا العمة ثلثها وهو ستة، ثم ضربنا سهم الخال والخالة في جزء السهم هكذا:1× 9 يساوي 9، أعطينا الخال ثلثيها وهو ستة، وأعطينا الخالة ثلثها وهو ثلاثة.

error: النص محمي !!