Top
Image Alt

توريث الطائفة الثانية

  /  توريث الطائفة الثانية

توريث الطائفة الثانية

سبق أن ذكرنا أن أفراد هذه الطائفة، هم أولاد أعمام الميت لأم، وإن نزلوا، ذكورًا كانوا أو إناثًا، وأولاد عماته وأخواله وخالاته مطلقًا لأبوين، أو لأب، أو لأم، وإن نزلوا، وبنات أعمام الميت لأبوين أو لأب؛ أما أبناء هؤلاء الأعمام فهم من العصبات، وبنات أبنائهم وأولادهم وإن نزلوا، ويُجمع كل هؤلاء في جملة واحدة هي: أنهم ليسوا عصبة من فروع أعمام المتوفى وفروع عماته وفروع أخواله وخالاته.

والقاعدة في توريث هذه الطائفة: إذا تعددوا أي: أنهم إذا اختلفوا في درجة القرب إلى الميت، فأولاهم للميراث أقربهم إليه درجةً، سواء اتحد حيز قرابتهم، بأن كانوا جميعًا من جهة الأب فقط، أو كانوا جميعًا من جهة الأم فقط، أو اختلف الحيز، بأن كان بعضهم من جهة الأب، وبعضهم من جهة الأم؛ وذلك لأن ميراث ذوي الأرحام ينبني على القرب. فإذا مات عن بنت عمة وبنت ابن خالة كان الميراث كله لبنت العمة؛ لقرب درجتها إلى الميت عن الثانية، وإذا ماتت عن ابن خالة وابن بنت عمة، كان الميراث كله لابن الخالة؛ لقرب درجته إلى الميت عن الثاني، فإن استووا في الدرجة، واتحدوا في حيز القرابة -أي: في جهة القرابة- فَمَن كان يدلي بعاصب أولى بالميراث ممن يدلي بغير عاصب.

فإذا توفي عن بنت عم لأب، وبنت عمة لأب، فالميراث كله للأولى، وهي بنت العم لأب؛ لماذا؟ لأنها تدلي إلى الميت بعاصب وهو العم لأب، ولا شيءَ لبنت العمة لأب؛ لماذا؟ لأنها تدلي إلى الميت بذات رحم وهي العمة لأب. وكما إذا توفي عن بنت عم لأب، وبنت عمة شقيقة، فالميراث كله للأُولى، وهي بنت العم لأب؛ لماذا؟ لأنها تدلي إلى الميت بعاصب وهو العم لأب، ولا شيءَ لبنت العمة الشقيقة؛ لماذا؟ لأنها تدلي بذات رحم وهي العمة الشقيقة.

وهذا ما ذهب إليه بعض فقهاء الأحناف خلافًا لظاهر الرواية، وهو أن يكون الميراث لبنت العمة الشقيقة؛ لأنها أقوى قرابةً.

وبالنظر والتأمل في المثال الأول -بنت العم لأب، وبنت العمة لأب- يُرى أنهما متحدان في القوة، فهما من جهة الأب.

وفي المثال الثاني -بنت العم لأب، وبنت العمة الشقيقة- يرى أنهما مختلفان في القوة، فهذه من جهة الأب، وهذه من جهة الأم، فإن أدلى كل منهما بعاصب أو أدلى كل منهما بذي رحم، فأولاهم بالميراث أقواهم قرابةً، ومَن كان لأبوين أولى ممن كان لأحدهما، ومَن كان لأب أولى ممن كان لأم. فإذا توفي عن بنت ابن عم شقيق، وبنت ابن عم لأب، كان الميراث للأولى، وهي بنت ابن العم الشقيق؛ لأنها أقوى قرابةً من الثانية، وهي بنت ابن العم لأب، وإذا توفي عن بنت عمة شقيقة، وبنت عمة لأب، وبنت عمة لأم، فالميراث كله للأولى وحدَها، وهي بنت العمة الشقيقة؛ لأنها أقوى قرابةً من الأخيرتين، وهما بنت عمة لأب، وبنت العمة لأم.

وكما إذا توفي عن ثلاث خالات متفرقات، ونعني بكلمة متفرقات -أي شقيقة: خالة شقيقة، وخالة لأب، وخالة لأم، فالميراث كله للشقيقة وحدها؛ لقوة قرابتها، وإذا توفي عن ابن عمة لأب وابن عمة لأم، التركة كلها هنا لابن العمة لأب؛ لقوة قرابته عن الثاني، وهو ابن العمة لأم، فالأول من جهة الأب وهو ابن العمة لأب، والثاني من جهة الأم، وهو ابن العمة لأم، فإن استووا في قوة القرابة بأن كانوا جميعًا أولادَ عصبات أو كانوا جميعًا أولاد ذوي الأرحام مثل بنت عم شقيق مع بنت عم شقيق، وبنت خال لأب مع بنت خال لأب، اشتركوا في الميراث وقُسمت التركة بينهم على الأبدان: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ}.

وإن اختلف حيز القرابة بأن كان بعضهم من جهة الأب كفروع الأعمام والعمات، وبعضهم من جهة الأم كفروع الأخوال والخالات، فيكون لفريق الأب الثلثان، ولفريق الأم الثلث، بصرف النظر عن أي شيء آخر، فلا يقدم الأقوى قرابةً في أحد الحيزين على الأضعف في الحيز الآخر، ولا ولد العصبة في أحد الحيزين على ولده الرحم في الحيز الآخر، ثم يُقسِّم كل فريق ما أخذه على أفراده، كما لو اتحد حيز قرابتهم وكأنه تركة خاصة.

فإذا توفي عن بنت عم لأم، وابن خالة لأب، أخذت الأولى -وهي بنت العم لأم- الثلثين، وأخذ الثاني -وهو ابن الخالة لأب- الثلث الثاني، وإذا توفي عن بنت عمة لأب، وابن عمة لأم، وبنت خالة شقيقة، وابن خال شقيق، أُعطي الأولان الثلثين؛ لكونهما من قرابة الأب، وأعطي الأخيران الثلث؛ لكونهما من قرابة الأم، ثم تأخذ بنت العمة لأب الثلثين وحدها؛ لأنها أقوى قرابةً من ابن العمة لأم، وتأخذ بنت الخالة الشقيقة الثلث وحدها؛ لأنها أقوى قرابةً من ابن الخال لأب.

وقد تناولت المادة 36 من قانون المواريث طريقة توريث الطائفة الثانية، وهذا نصها:

في الطائفة الثانية يقدم الأقرب منهم درجةً على الأبعد ولو من غير حيزه، وعند الاستواء واتحاد الحيز -أي: الجهة- يقدم الأقوى في القرابة إن كانوا أولادَ عاصب، أو أولادَ ذي رحم، فإن كانوا مختلفين قُدم ولد العاصب على ولد ذي الرحم. وعند اختلاف الحيز يكون الثلثان لقرابة الأب والثلث لقرابة الأم، وما أصاب كُلُّ فريق يقسم عليه بالطريقة المتقدمة، وتطبق أحكام الفقرتين السابقتين على الطائفتين الرابعة والسادسة.

 مسائل تطبيقية على كيفية توريث الطائفة الثانية:

المسألة الأولى: توفي وترك بنت عم وابن بنت عم، فالتركة كلها هنا لبنت العم؛ لأنها أقرب درجةً إلى الميت ولا شيءَ لابن بنت العم.

المسألة الثانية: توفي وترك بنت خالة وابن بنت خال، التركة كلها هنا لبنت الخالة؛ لأنها أقرب درجةً إلى الميت، ولا شيءَ لابن بنت الخال؛ لأنه أبعد درجةً إلى الميت من بنت الخالة.

المسألة الثالثة: توفي وترك بنت ابن عم شقيق، وبنتَ بنت عم لأب، فالتركة كلها هنا لبنت ابن العم الشقيق؛ لإدلائها إلى الميت بعاصب، وهو ابن العم الشقيق، ولا شيءَ لبنت بنت العمة لأب؛ لأنها أدلت إلى الميت بذي رحم، ومعلوم أن من أدلى إلى الميت بعاصب يُقدم على من أدلى إلى الميت بذي رحم.

المسألة رابعة: توفي وترك بنت عم شقيق، وبنت عمة شقيقة، التركة كلها هنا لبنت العم الشقيق؛ لماذا؟ لأنها أدلت إلى الميت بعاصب وهو العم الشقيق، ولا شيءَ لبنت العمة الشقيقة؛ لأنها أدلت إلى الميت بذي رحم، وهي العمة الشقيقة، ومعلوم أن من أدلى إلى الميت بعاصب يُقدم على من أدلى إلى الميت بذي رحم.

المسألة الخامسة: توفي وترك بنت عم شقيق وبنت خال، لبنت العم الشقيق الثلثان؛ لماذا؟ لأنها من قرابة الأب، ولبنت الخال الثلث؛ لماذا؟ لأنها من قرابة الأم، هذا في رواية عن أبي يوسف، وأما في ظاهر رواية المذهب الحنفي: فالمال كله للأولى؛ لأنها أدلت إلى الميت بعاصب، وهو العم الشقيق، ولا شيءَ لبنت الخال؛ لأنها أدلت إلى الميت بذي رحم، ومعلوم أن من أدلى إلى الميت بعاصب يقدم على مَن أدلى إلى الميت بذي رحم.

المسألة السادسة: توفي وترك بنت عمة، وبنت عمة أخرى ثانية، وابن خالة، فالثلثان لبنتي العمة يقسم بينهما بالسوية؛ لقرابة الأب، والثلث الباقي لابن الخالة؛ لقرابة الأم.

المسألة السابعة: توفي وترك بنت خالة شقيقة وبنت عمة شقيقة، الثلث هنا لبنت الخالة الشقيقة؛ لأنها من قرابة الأم، والثلثان لبنت العمة الشقيقة؛ لأنها من قرابة الأب.

المسألة الثامنة: توفي وترك بنت ابن عم شقيق، وبنت ابن عم لأب، فالتركة كلها هنا لبنت ابن العم الشقيق؛ لقوة قرابتها، ولا شيءَ لبنت ابن العم لأب؛ لضعف قرابتها.

المسألة التاسعة: توفي وترك بنتَ بنتِ عم لأب، وبنت بنت عم لأم، فالتركة كلها هنا لبنت بنت العم لأب؛ لقوة قرابتها، ولا شيءَ لبنت بنت العم لأم.

المسألة العاشرة: توفي وترك بنت عم شقيق وبنت عم شقيق أخرى، فالتركة بينهما بالسوية.

المسألة الحادية عشرة: توفي وترك ابني عمة لأب، وبنتي عم لأب، فالتركة بينهما جميعًا: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ}لماذا؟ لأنهم تساووا في الجهة، وفي درجة القرابة وقوتها، فكان الترجيح والتفاضل بينهم للذكورة والأنوثة، فيكون أصل المسألة من ستة، وهو عدد رءوسهم بضرب الذكر × اثنين، فيكون للذكر سهمان ويكون للأنثى سهم واحد فقط.

error: النص محمي !!