Top
Image Alt

ثالثًا: العرَب المستعربة

  /  ثالثًا: العرَب المستعربة

ثالثًا: العرَب المستعربة

وأصْل جَدِّهم الأعلى: سيدنا إبراهيم وأصْل إبراهيم من بلاد العراق، من بلدةٍ يُقال لها: “أر”، على الشاطئ الغربي من نهر الفرات بالقرب مِن الكوفة.

وقد هاجر منها إلى حرَّان، ومنها إلى فلسطين، فاتخذها قاعدة لدعوته، وقدم مرة إلى مصر. وقد حاول فرعون مصر كيدًا وسوءًا بزوجته سارة، ولكن الله ردَّ كيدَه فِي نحره؛ فعرف فرعون ما لسارة مِن الصلة القوية بالله تعالى، فأهداها ابنته هاجر لتخدمها -وقِيل: كانت أمه- اعترافًا بفضلها. فزوجتها إبراهيم عليه السلام ثم رجع إبراهيم إلى فلسطين، وبها رزقه الله ابنه إسماعيل مِن هاجر.

وغارت سارة حتى ألجأت إبراهيم إلى نفْي هاجر مع ابنها إلى وادٍ غير ذِي زرعٍ، عِند بيتِ اللهِ الحرام الذي لم يكن إذْ ذاك إلا رابية. فوضع زوجته عند دوحة فوق زمزم، ولم يكن فِي ذلك الوادي أحَد ع إبراهيم عليه السلام إلى فلسطين، ففجَّر اللهُ لزوجته وابنه ماءَ زمزمَ، فصارت قوَّةً وبلاغًا إلى حين.

ثم جاءت قبيلة جُرهم، واستوطنت مكة بإذنٍ مِن هاجر. وقد كان إبراهيم يرحل إلى مكة؛ ليطالِعَ أحوال زوجته وابنه إسماعيل.

وقد ذكر الله -تبارك وتعالى- قصة إبراهيم عليه السلام ودعاءه عندما ترَك ولده وزوجته: {رّبّنَآ إِنّيَ أَسْكَنتُ مِن ذُرّيّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرّمِ رَبّنَا لِيُقِيمُواْ الصّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مّنَ النّاسِ تَهْوِيَ إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مّنَ الثّمَرَاتِ} [إبراهيم: 37].

وكذلك قصة الرؤيا أنه يذبح ابنه: {السّعْيَ قَالَ يَبُنَيّ إِنّيَ أَرَىَ فِي الْمَنَامِ أَنّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىَ} [الصافات: 102]، وكذلك قصة بنائه للكعبة ومساعدة إسماعيل له: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ} [البقرة: 127].

وقد روى البخاريُّ وغيره عن ابن عباس، مرفوعًا: “أن إبراهيم زار ابنه بعد ما أصبح له أسرة، فلما جاء لم يجدْه، فسأل زوجته عنه وعن أحوالهم، فشكت إليه؛ فأوصاها أن تخبره بأنه يطلب منه تغْيير عتبة بابه؛ ففهمها إسماعيل فطلَّقها. ثم تزوج من امرأة أخرى”.

وقد أنجبت منه اثنَي عشر ولدًا ذكرًا، وتشعَّبت مِن أبنائه اثنتا عشرة قبيلة سكنت كلها مكة. ثم انتشرت هذه القبائل فِي أرجاء الجزيرة العربية، إلا ما كان مِن أبناء قدار بن إسماعيل؛ فإنهم ظلوا بمكة يتناسلون هناك حتى كان منهم عدنان وولده معد؛ ومنه حفظت العرب العدنانية أنسابها. وعدنان هو الجَدُّ الحادي والعشرون فِي سلسلة نسب النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وقد كان صلى الله عليه وسلم إذا انتسب فبلغ عدنان أمسك، ويقول: “كذَب النَّسَّابون”.

وقد قال بعض العلماء بجواز رفع نسَبه الشريف إلى فوق ذلك، لقولهم بأن الحديث ضعيف. وقد أوصل بعضهم مِن عدنان إلى إبراهيم عليه السلام أربعين أبًا. وقد تفرَّقت بطون معد. ومِن أولاده: نزار، وله أربعة أبناء تشعبت منهم قبائل عظيمة: إياد، وأنمار، وربيعة ، ومضر. وكثرت بطون كلّ مِن مضر وربيعة.

وتشعبت قبائل مضر إلى شعبتيْن عظيمتيْن: قيس غيلان بن مضر، وإلياس بن مضر. ومن إلياس بن مضر: تميم بن مرة، وهذيل بن مدركة، وبنو أسد بن خزيمة، وبطون كِنانة بن خزيمة، ومن كنانة: قريش. وانقسمت قريش إلى قبائل كثيرة؛ منها: عبد مناف بن قصيِّ الذي تشعَّبت منه أربع فصائل: عبد شمس، ونوفل، والمطِّلب، وهاشم؛ وبيت هاشم هو الذي اصطفى الله منه سيدنا محمدًا بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم.

قال صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ اللهَ اصطفى مِن وَلَدِ إبراهيم إسماعيلَ، واصطفى مِن وَلَدِ إسماعيل كنانةَ، واصطفى مِن بني كنانة قريشًا، واصطفى مِن قريش بني هاشم، واصطفاني مِن بني هاشم)). رواه مسلم.

وعن العباس بن عبد المطلب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ الله خلَق الخلْق، فجعلني مِن خيْر فِرَقهم وخيْر الفريقيْن. ثم تخيَّر القبائل فجعلني مِن خيْر القبيلة. ثم تخيَّر البيوت فجعلني مِن خيْر بيوتهم. فأنا خيْرُهم نفسًا، وخيْرهم بيتًا)) رواه الترمذي. 

error: النص محمي !!