جواز الاتصال والانفصال
في مسألتيْن:
إحداهما: أنْ يكون عامِل الضّمير عاملًًا في ضمير آخَر، أعرَف منه، مقدَّم عليه، وليس المقدَّم مرفوعًًا، بأنْ كان منصوبًًا أو مجرورًًا؛ فيجوز حينئذ في الضمير الثاني الوجهان: الاتّصال، والانفصال، تقول: (الكتاب أعطيْتَنِيه، وأعطيتَنِي إيّاه، وأعطيْتَكُه، وأعطيْتُكَ إيّاه).
أيّهما أرجح:
(1) الوصْل أرجح: إذا كان العامل فعْلًًا غيْر ناسخ، نحو: (سلْنِيه)، و(سلْنِي إيّاه)، ومنه قوله تعالى: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ} [البقرة: 137]، وقوله: {َنُلْزِمُكُمُوهَا} [هود: 28]. ومِن الفصْل: الحديث الشريف: ((إنّ الله ملّكَكُم إيّاهُم)).
(2) الفصْل أرجح: إذا كان العامل اسمًًا يُشبه الفعل (مصدر، اسم فاعل)، نحو: (عجبتُ مِن حبِّي إيّاه). ومِن الوصْل قول الشاعر:
لئن كان حبُّك لي كاذبًا | * | لقد كان حُبِّيك حقًا يَقينَا ً |
(3) رجّح الجمهور الفصْل إذا كان العامل فعلًًا ناسخًًا، نحو: (خِلتَنِيه)، و(خِلتَنِي إيّاه). ومنه قول الشاعر:
أخي حسبتُك إيّاه وقد مُلئتْ | * | أرجاءُ صدرِك بالأضغانِ والإحنِ |
(4) رجّح جماعة مِن النَّحويّين الوصْل، نحو قول الشاعر:
بُلِّغتُ صنعَ امرئٍ بَرٍّ إخالُكَهُ | * | إذْ لم تزَلْ لاكتساب الحمدِ مبتدِرَا |
وجاء به التنزيل: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللّهُ} [الأنفال: 43].
الثانية: أنْ يكون الضمير منصوبًًا بـ(كان)، أو إحدى أخواتها، نحو: (الصديق كُنْتَه)، أو (كنتَ إيّاه)، (كانه زيد)؛ فيجوز في الهاء الاتصال، والانفصال.
أيّهما أرجح:
(1) الأرجح عند الجمهور: الفصْل.
(2) الأرجح عند جماعة مِن النَّحويِّين؛ منهم: الرّماني، وابن الطراوة، وابن مالك: الوصْل.
ومِن ورود الوصل: الحديث الشريف: ((إنْ يكُنْهُ فلنْ تُسَلّط عليْه)).
ومِن ورود الفصْل قول الشاعر:
لئن كان إيّاه لقدْ حال بعدَنا | * | عن العهد والإنسانُ قد يتغيّرُ |
ولو كان الضّمير السابق في المسألة الأولى مرفوعًًا، وجب الوصْل، نحو: (ضربتهُ)، ولا يجوز: (ضربت إيّاه).
ولو كان الضمير المتقدِّم على الضمير الثاني غير أعرف، وجب الفصْل، نحو: (أعطاه إيّاك)، أو (أعطاه إيّاي)، أو (أعطاك إيّاي).
ومِن ثم وجب الفصل إذا اتّحدت الرّتبة، نحو: (ملَّكتَنِي إيّاي، وملّكتُك إيّاك، وملّكته إيّاه).
وقد يباح الوصل إنْ كان الاتّحاد في ضميرَي الغيْبة، واختلف لفظ الضميريْن تذكيرًًا، وتأنيثًًا، وإفرادًًا، وتثْنيَة، وجمعًًا، ومن قول الشاعر:
لوجهك في الإحسان بَسطٌ وبهجةٌ | * | أنا لَهُمَاهُ قَفْوُ أكرمِ والِدِ |
ولو جاء بالكلام على ما هو أكثر، لقال: (أنا لهما إيّاه)، ومع ذلك ليْس الاتّصال شاذًًّا ولا ضرورة.