حذف الصلة، حذف العائد
حذْفُ الصّلة:
يجوز إذا دلَّ عليها دليل، أو قُصِدَ الإبهام، ولمْ تكن صلةً لـ(أل).
فالأول نحو:
نَحْنُ الأُلَى فَاجْمَعْ جُمُو | * | عَكَ، ثُمَّ وَجِّهْهُمْ إلَيْنَا |
أي: نحن الأُلى عُرِفُوا بالشجاعة.
والثاني: كقولهم: (بَعْدَ اللَّتُيَّا والّتي)، أي: بَعْدَ الخطّة التي من فظاعة شأنها كَيْتَ وكَيْتَ؛ وإنّما حذفوا ليُوهِموا أنها بلغَت مِن الشدة مبلغًًا تقاصرت العبارة عن كُنْهِه.
حذفُ العائدِ:
يجوز حذف العائد المرفوع بشرطيْن:
أولًا: إذا كان مبتدأ غير منسوخ.
ثانيًا: إذا كان مخبَرًًا عنه بمفردٍ.
وعلى ذلك لا يُحذف في نحو: (جاء اللّذان قاما، أو ضُرِبا)، بالبناء للمفعول؛ لأنه غير مبتدأ؛ لأنه في المثال الأول فاعل (ألف الاثنيْن)، وفي الثاني نائب فاعل. ولا يُحذف في نحو: (جاء اللّذان كانا قائميْن)؛ لأنه اسم كان النّاسخة. ولا يُحذف في نحو: (جاء الذي هو يقوم، أو هو في الدار)؛ لأنّ الخبر غير مفرد.
ففي المثال الأوّل: جملة فعليّة، وفي المثال الثاني: جارٌ ومجرور؛ فإذا حُذف الضمير لم يدلّ دليل على حذْفه، إذ الباقي بعد الحذف صالح لأنْ يكون صِلة كاملة، بخلاف الخبر المفرد، فإنه لا يصلحُ للموصول على حِدَتِهِ، ولا فَرْق في ذلك بيْن صِلة (أي)، وغيْرها.
فـ(أيّ)، نحو: {أَيّهُمْ أَشَدّ} [مريم: 69]، أي: هو أشدُّ، فـ(هو): مبتدأ وهو العائد، وخبره مفرد، وهو: {أَشَدّ} .
وغير (أيِّ)، نحو: {وَهُوَ الّذِي فِي السّمآءِ إِلَـَهٌ} [الزُّخرُف: 84]، فـ{ إِلَـَهٌ} : خبر مبتدأ محذوف تقديره: هو إلهٌ، وذلك المبتدأ هو العائد، وخبره مفرد، وهو: {إِلَـَهٌ} . و{ فِي السّمآءِ} : متعلّق بـ{إِلَـَهٌ}؛ لأنه بمعنى: معبود، أي: هو إلهُ في السماء، أي: معبود فيها.
ولا يكثر الحذْف للضمير المرفوع في صلة غيْر (أيّ) عند البصريِّين، إلاّ إذا طالت الصّلة، نحو: {ﮦوَهُوَ الّذِي فِي السّمآءِ إِلَـَهٌ}، أي: هو إلهٌ، ونحو: (ما أنا بالذي قائلٌ لك سُوءًًا)، حكاه الخليل، أي: أنا قائل.
وشَذَّتْ قراءة بعضهم -يحيى بن يعمر، وابن أبي إسحاق-: {تَمَاماً عَلَى الّذِيَ أَحْسَنَ} [الأنعام: 154]، بالرّفع، أي: هو أحسَنُ، وشَذَّتْ قراءة ابن أبي عبلة، والضحاك، ورؤبة: {مَثَلاً مّا بَعُوضَةً} [البقرة: 26] يرفع {بَعُوضَةً}، أي: والذي هو بعوضةٌ.
وشذَّ قول الشاعر:
مَنْ يُعْنَ بالحمْدِ لم يَنطِقْ بِماَ سَفَهٌ | * | ولا يَحِدْ عن سبيل المجْدِ والكرمِ |
أي: بما هو سَفَهٌ.
والكوفيّون يقيسون على ذلك المسموع مِن الآية، والبيْت، ونحوهما، وتَبِعَهُم ابن مالك إلا أنه جعلَه قليلًًا.