Top
Image Alt

حكم اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم

  /  حكم اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم

حكم اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم

اتّفق أهل العلْم على أنّه يجوز له صلى الله عليه  وسلم الاجتهاد في المصالح الدنيوية وتدابير الحروب.

ومثال ذلك: اجتهاده صلى الله عليه  وسلم في أسارى بدر، وإذْنه صلى الله عليه  وسلم للمتخلِّفين عن غزوة تبوك، وإشارته صلى الله عليه  وسلم بعدَم تأبير النّخل، وغير ذلك مِن الحوادث.

واختلف أهل العلم فيما عدا المصالح الدنيوية، وتدابير الحروب، مِن الأمور الشرعية والقضايا الدينية، هل له أن يجتهد فيها صلى الله عليه  وسلم أم لا؟ على أقوال:

القول الأول: أنّ له أنْ يجتهد فيها عقلًا، وقد وقع ذلك منه فعلًا. وهذا هو قول جماهير أهل العلْم.

واستدلّوا بما يلي:

  1. الأدلّة الدالة على إثبات القياس، كقوله تعالى: {فَاعْتَبِرُواْ يَأُوْلِي الأبْصَارِ} [الحشر: 2]؛ فالاعتبار هو القياس، وقد أمر الله به أهل البصائر، والنبي صلى الله عليه  وسلم أعظم الناس بصيرة، وأكثرهم خبرة بالقياس وشروطه؛ فكان مأمورًا به بطريق الأوْلى.
  2. وقوع الاجتهاد منه صلى الله عليه  وسلم كقوله لعُمر: ((أرأيتَ لو تمَضْمضتَ؟))، وقوله للذي سأله عن أبيه الذي مات ولمْ يحج، فقال: ((أرأيت لو كان على أبيك دَيْن، أكنتَ قضَيْتَه؟))، قوله صلى الله عليه  وسلم في حجة الوداع: ((لو استقْبلْتُ مِن أمْري ما استدْبرتُ، لَمَا سُقْتُ الهَدْي)).
  3. 3.   أنّ العمل بالاجتهاد أشقّ مِن العمل بالنص، وعليه فيكون أكثر ثوابًا؛ فلو لم يكن النبي صلى الله عليه  وسلم عاملًا بالاجتهاد مع أن بعض أمته قد عمل به، لكان يلزم منه اختصاص بعض أمته صلى الله عليه  وسلم بفضيلة لم توجد له؛ وهذا باطل.

القول الثاني: أنه لا يجوز له أن يجتهد فيها.

واستدلوا بقوله تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىَ (3) إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحَىَ} [النجم: 3، 4]، وبقوله تعالى: {مَلَكٌ إِنْ أَتّبِعُ إِلاّ مَا يُوحَىَ إِلَيّ} [الأنعام: 50].

وبأنه كان إذا سئل صلى الله عليه  وسلم في الحادثة، انتظر الوحي، أو يقول: ((ما أُنزل عليَّ فيها شيء)).

القولُ الثالثُ: التّوقّف، وعدَم القطْع بشيء، لجواز أن يكون أُذِن له في الاجتهاد، ولجواز أن يكون رجع إلى الوحي في ذلك.

تنبيه: إذا قلنا بقول الجمهور، وهو: أنّ له صلى الله عليه  وسلم أن يجتهد، فهل اجتهاده يُعتبر مصدرًا من مصادر التشريع غير القرآن والسُّنّة؟ الجواب: لا؛ لأن اجتهاده صلى الله عليه  وسلم يرجع إلى الوحي، فإن أصاب أقرّه الوحي على اجتهاده، وإن أخطأ نبّهه على خطئه، وبيّن له وجْه الصَّواب في المسألة.

error: النص محمي !!