حكم الديون المؤجلة
اختلف الفقهاء إذا كان للمفلس ديون مؤجلة وعليه للناس ديون، وهي التي وقع الحجر بسببها، فالديون المؤجلة على الناس لا تحل بفلسه، بمعنى: أن هذا الشخص المدين الذي حكم الحاكم بإفلاسه له ديون عند الناس، لكن لم يأتِ موعد سدادها, فهل يحل موعد السداد بحكم الحاكم بالإفلاس, أم تظل على آجالها -أي: كل دين يظل إلى الأجل؟
قال الجمهور: تظل هذه الديون على آجالها, إلا أن الديون المؤجلة التي عليه تحل بفلسه أم لا؟ قلنا: إن فيه خلافًا بين الفقهاء، فالحنفية والشافعية ورواية عند أحمد قالوا: الديون المؤجلة التي على المفلس لا تحل بالتفليس؛ لأن الأجل حق له، أي: قالوا: الأجل حق للمفلس, فلا يسقط بفلسه كسائر الحقوق، ولأن التفليس لا يوجب حلول الدين.
أما المالكية وهم أصحاب القول الأول، وهو المشهور عن مالك، وهو قول الشافعي, فقد قالوا: الديون المؤجلة التي على المفلس تحل بتفليسه، أي: كأن ما هو موجود عنده من أموال، وما له من ديون على غيره تحل, فنطالب الناس بما له عندهم من ديون من أجل ما نسدد ما عليه من دين، واحتجوا بأن التفليس يتعلق به الدين فيسقط الأجل كالموت، أي: قاسوا أنه لو مات الآن تحل الديون التي له على الناس، فالتفليس يسقط الأجل كالموت، فيجعل الدين الدائن متعلقًا بالمال الذي تحت يد الدائن دون نظر إلى كونه مؤجلًا أو حالًّا.
ويترتب على القول الأول أن أصحاب الديون المؤجلة يشاركون أصحاب الديون الحالّة في مال المفلس، ويترتب على القول الثاني أن أصحاب الديون المؤجلة لا يشاركون أصحاب الديون الحالة.