حكم الردء “المعاوِن أو المساعِد لقطاع الطريق”
الردء في اللغة، يعني: المُعين، أما موقع الردء في الحرابة وبين قطاع الطريق: فهو أن يكون مؤيدًا ومناصرًا ومعاضدًا للمباشرين منهم.
وعلى ذلك نقول: فالذي يقتل، أو يأخذ المال بنفسه بعد إشهار السلاح على المارة يعتبر مباشرًا، أما الذي يقف إلى جانبه مؤيدًا ومناصرًا ليشد أزره، ويمده بالقوة والعزم على قطع السبيل، يعتبر ردءًا له وإن لم يقتل أو يأخذ المال بنفسه، وهكذا يكون الشأن لدى المحاربين، أو لدى قطاع الطريق، فإن أحدهم أو بعضهم ما كانوا ليجرءوا على قطع الطريق بالقتل والأخذ والتخويف، لو لَمْ يستمدوا العونَ والمؤازرةَ من هذا الردء الذين معهم.
ولا جرم أن ذلك ضرب من التمالؤ على تنفيذ القتل، الذي ما كان ليتحقق لولا التعاون والتهيئة، أي: تلك الجريمة -جريمة قطع الطريق- لا تكتمل ولا يتحقق الهدفُ منها عند هؤلاء الجناة، إلا إذا كان عندهم هيئة معاونة ومساعدة؛ ليتحققوا من جريمتهم تلك.
وعلى هذا، ماذا عن عقوبة الردء هذا؟ هل يعاقب بعقوبة حدِّية؟ أو يعاقب بعقوبة تعزيرية؟
لا شك أن للفقهاء كلامًا في هذا المعنى، حيث ذهب فقهاء المالكية، والحنابلة إلى وجوب قتل الردء، وأنه والقاطعُ المباشر في الحكم والعقاب سواءٌ.
إذن، هؤلاء الفقهاء يرون: أن الردء هام في ارتكاب الجريمة كالمباشر تمامًا بتمام؛ ولذلك يستحق القتل كالقاطع، ويعزز قول هؤلاء، ما ورد في مقالة عمر رضي الله عنه في المتمالئِين على القتل عندما قال: “لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعًا”.
أما فقهاء الحنفية، والشافعية، فإن لهم منحًى آخرَ فيما يتعلق بالردء، أو المساعد، حيث قالوا: لا يجوز قتل الردء، وإنما يُقتل مَن باشر القتل، أو أخذ المال بنفسه، واستدلوا لذلك بعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة)). وعلى هذا فليس مَن قتْل عند فقهاء الحنفية، والشافعية، إلا على القاطع المباشر، أما الردء فإنه يعزَّر؛ لأنه أعان على معصية،أما لو قَتَل بعضُهم وأخذ البعضُ الآخر المالَ، فهو على الخلاف الذي بينَّاه سابقًا، وجملته: وجوب القتل على الذي قتل، ووجوب القطع من خلافٍ على الذي أخذ المال، وهو قول الجمهور، خلافًا للمالكية، إذ قالوا: للإمام الخيار في ذلك تبعًا للمصلحة، فإن شاء القتل، وإن شاء القطع، أو النفي، أو التعزير.