Top
Image Alt

حكم العمل بالحديث الضعيف

  /  حكم العمل بالحديث الضعيف

حكم العمل بالحديث الضعيف

سبق أن عرفنا الحديث الضعيف، وقلنا في تعريفه: هو ما فقد شرطًا أو أكثر من شروط القبول، أو من شروط الحديث المقبول. وهذا يعني أن نسبته إلى الرسولصلى الله عليه وسلم نسبة ضعيفة، وليس معنى حكم العلماء على الحديث بالضعف أن النبي لم يقله. فهذا ما لا يستطيع أحد أن يجزم به، وهذا هو المنقول عن أئمة الحديث، وليس بينهم خلاف في ذلك، والله أعلم.

قال الشيخ ابن الصلاح: إذا قالوا في حديث: “إنه غير صحيح” فليس ذلك قطعًا بأنه كذب في نفس الأمر؛ إذ قد يكون صدقًا في نفس الأمر، وإنما المراد به أنه لم يصح إسناده على الشرط المذكور، والله أعلم.

وقبل أن نذكر مذاهب العلماء في العمل بالحديث الضعيف لا بد أن نذكر هذه الحقائق:

  • أجمع العلماء على أنه لا يجوز الاحتجاج بالأحاديث الضعيفة في مسائل العقيدة؛ فلا تروى الأحاديث الضعيفة للاحتجاج بها فيما يتعلق بأسماء الله تعالى وصفاته، وما يجب له، وما يجوز عليه، وما يستحيل بالنسبة له سبحانه وتعالى، وغير ذلك من مسائل العقيدة المعروفة.               
  • أجمع العلماء على أنه لا يجوز أن تروى الأحاديث الموضوعة، لا في الترغيب، ولا في الترهيب، ولا الفضائل، ولا في غير ذلك، إلا على سبيل التنبيه على أنها موضوعة ليحذرها الناس.
  • اختلف العلماء في الأحاديث الضعيفة التي لم تصل إلى درجة الوضع: هل يجوز أن تروى في المواعظ والقصص، وفضائل الأعمال، والترغيب والترهيب، وغير ذلك مما لا يتعلق بمسائل العقيدة، أو الأحكام الشرعية؟

قال الإمام النووي: يجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل في الأسانيد، ورواية ما سوى الموضوع من الضعيف، والعمل به من غير بيان ضعفه في غير صفات الله تعالى، والأحكام كالحلال والحرام، ومما لا تعلق له بالعقائد والأحكام.

ونأتي الآن إلى ذكر مذاهب أهل العلم في العمل بالحديث الضعيف.

المذهب الأول: مذهب الجمهور:

ذهب جمهور العلماء إلى جواز رواية الأحاديث الضعيفة التي لا تصل إلى درجة الوضع في الترغيب، والترهيب، وفضائل الأعمال، والقصص. وممن ذهب هذا المذهب من الأئمة: سفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وأحمد بن حنبل، وعبد الرحمن المهدي، وعبد الله بن المبارك، وابن عبد البر، والخطيب البغدادي، وابن الصلاح، والنووي، وابن القطان الفاسي، وغيرهم.

وأخرج الخطيب بإسناده عن الإمام أحمد أنه قال: “إذا روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام والسنن والأحكام- تشددنا في الأسانيد، وإذا روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل الأعمال وما لا يضع حكمًا ولا يرفعه- تساهلنا في الأسانيد”.

وقال الإمام أحمد أيضا: “أحاديث الرقاق يحتمل أن يتساهل فيها حتى يجيء شيء فيه حكم”.

قال ابن عبد البر: أحاديث الفضائل لا يحتاج فيها إلى من يحتج به.

قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح: يجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل في الأسانيد، ورواية ما سوى الموضوع من أنواع الحديث الضعيفة من غير اهتمام ببيان ضعفها، فيما سوى صفات الله تعالى، وأحكام الشريعة من الحلال والحرام وغيرهم، وذلك كالمواعظ، والقصص، وفضائل الأعمال، وسائر فنون الترغيب والترهيب، وسائر ما لا تعلق له بالأحكام والعقائد.

شروط العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال:

ليس كل ضعيفٍ يصلح للعمل به في فضائل الأعمال، والترغيب والترهيب. قال الحافظ السيوطي: لم يذكر ابن الصلاح والنووي هنا وفي سائر كتبهما سوى شرطًا واحدًا للعمل بالضعيف، وهو كونه في الفضائل ونحوها، وذكر شيخ الإسلام -أي: الحافظ ابن حجر- ثلاثة شروط، وهي:

  • أن يكون الضعف غير شديد، فيخرج من انفرد من الكذابين والمتهمين بالكذب، ومن فحش غلطه. نقل العلائي الاتفاق على هذا الشرط.
  • أن يندرج الحديث تحت أصلٍ معمول به.
  • لا يعتقد عند العمل به ثبوته، بل يعتقد الاحتياط.
error: النص محمي !!