Top
Image Alt

حكم شرب الخمر للمكره، وللمتداوي

  /  حكم شرب الخمر للمكره، وللمتداوي

حكم شرب الخمر للمكره، وللمتداوي

وعن الشرب إكراهًا؟ هل يجب الحد على من شرب الخمر مكرهًا؟

يقولو الفقهاء في بيان ذلك: يشترط لوجوب الحد في الشرب، أن يكون الشارب مختارًا لشرب الخمر، فإن شربها مكرهًا، فلا حد عليه، ولا إثم، ويستوي في ذلك كل صور الإكراه، كالإكراه بالوعيد والتهديد، أو الضرب الذي لا يحتمل، وكذلك ما لو ألجأه أحد إلجاءً بفتح فمه؛ ليصب فيه الخمر صبًّا.

ودليل ذلك واضح في قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((رُفع عن أُمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه)).

وماذا لو شرب الخمر مضطرًا، هل يقام عليه الحد، أو لا؟

قالوا: لو شرب الخمر مضطرًّا، كما لو شرب الخمر؛ لدفع غصَّة استقرت في حلقه أو صدره، وليس من ماء عنده أو شراب مباح، فلا بأس بشرب الخمر حينئذ؛ لدفع غصَّة، وإذهابًا لخطر، وفي هذا المعنى يقول الله تعالى: { فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 173].

هذا ما اتفقت عليه كلمة الفقهاء، بلا خلاف، وننوِّه هنا إلى أنه إذا كانت هناك ضرورة لشرب الخمر؛ لدفع غصَّة، أو لذهاب خَطر، فإنه لا ينبغي أن يكون ذلك ذريعة لأن يكثر الإنسان من الشرب، وإنما هي ضرورة، والضرورة تقدر بقدرها، ومن ثم إذا كان الهلاك يندفع عن النفس بشرب جزء من كوب لا ينبغي أن يتجاوز ذلك؛ لأننا محكومون في تلك الحالة بهذه القاعدة الشرعية: “الضرورة تقدر بقدرها”.

وإذا كان الأمر كذلك، فهل يباح شرب الخمر؛ لدفع العطش؟ وهل الخمر يذهب بالعطش؟

نقول: ثمة خلاف بين العلماء في ذلك، فذهب فقهاء الحنفية، إلى أن الشخص إذا لم يجد الماء، وخيف على الأنفس من الهلاك؛ لفرط العطش، ولم يكن سوى الخمر، فلا بأس بشرب ما يؤمن به من الموت، أي: أن العطشان له أن يشرب من الخمر، بقدر ما يدفع عنه خَطر الهلاك فقط، دون أن يرتوي تمامًا، فإذا دفع عن نفسه خطر الهلاك، بشرب بعض الخمر، وجب عليه أن يكف عن الشرب.

أما فقهاء الشافعية، فلهم في ذلك قولان، أصحهما: وجوب الحد على من شرب الخمر لدفع العطش؛ لأن الخمرة لا تروي العطشان.

أما المالكية، فلعل المستفاد من جملة الأقوال عندهم: أنه لا حد على الذي يشرب الخمر إذا خشي على نفسه الهلاك، ولم يجد غير الخمر.

أما الحنابلة، فقالوا: إن كانت الخمرة ممزوجة بما يروي من الماء، فقد أبيحت لدفع العطش للضرورة، ولا حد على الشارب في ذلك، كما هو الشأن في إباحة الميتة عند المخمصة، وإباحة الخمر عند الغصَّة، أما إن شربت غير ممزوجة بالماء، أو بماء يسير لا يغني من العطش، فقد وجب الحد في تلك الحالة.

شرب الخمر للتداوي:

ثمة خلاف للعلماء في ذلك؛ حيث ورد عن الإمام أبي حنيفة، وصاحبه أبي يوسف: جواز الشرب للتداوي والتَّقوِّي، وعليه فلا حد على الذي يشرب الخمر للتداوي، وخالف في ذلك الإمام محمد من فقهاء الحنفية.

وذهب فقهاء المالكية، والحنابلة، إلى عدم جواز الشرب للتداوي، ومن ثم فإن من شربها للتداوي يجب عليه الحد.

وللشافعية في ذلك قولان، أرجحهما: التحريم، ووجوب الحد.

وإذا قلنا بوجوب الحد، فإن هناك ثمة أحكام يجب أن تُراعَى.

من جملة تلك الأحكام: أنه لا يقام الحد على السكران حتى يصحو، وذلك لكي يتحقق الزجر والتنكيل بالمحدود، فإن السكران قد لا يستشعر فداحة العقوبة، أو قد لا يحس أو لا يشعر بالألم حال سكره، وهذا قول الجمهور من أهل العلم.

ومن الأمور الأخرى التي تراعى: ما لو شرب الخمر شخص عدة مرات قبل أن يقام عليه الحد، هل يجب حد واحد؟ أو يتكرر الحد تبعًا لتكرر الشرب؟

يقول الفقهاء في بيان ذلك: لو شرب الشخص عدة مرات قبل أن يقام عليه الحد، وجب في حقه حد واحد للجميع بلا خلاف.

error: النص محمي !!