حلقات القرآن الكريم
وعلى سياق متصل بالنماذج السابقة في تدريس مقررات، ومواد التربية الإسلامية، فإن إدارة حلقات القرآن الكريم عملية مهمة يتركز عليها إفهام الطلاب الدروس القرآنية، ويتضمن تدريس القرآن الكريم بصفة عامة ثلاثة محاور: محور تدريس التلاوة، ومحور تدريس التفسير، ومحور تدريس حفظ القرآن الكريم.
1. فمحور تدريس التلاوة: تتبين أهمية التلاوة من خلال معناها، ومن خلال أهميتها في أن الطالب أو المتعلم يستطيع أن يتلو القرآن تلاوة جيدة، فكلمة تلاوة، تعني: الإتباع، ومنها: قوله: تلوته، أي: تبعته. وتتالت الأمور: تلى بعضها بعضًا، وتلوته: قرأته. وتلى يتلوه تلاوة، يعني: قرأ، قراءة. وقد وردت مكلمة التلاوة، ومشتقاتها في القرآن الكريم في ثلاثة وستين موضعا،منها: قوله تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُون} [البقرة: 121]. وقوله تعالى: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُون} [البقرة: 151]. وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُور} [فاطر: 29].
وفن التلاوة يعني: طريقة الأداء في قراءة القرآن الكريم، مع التقيد بالأحكام، مثل: أحكام التجويد، وسلامة النطق بالحروف والكلمات، وكذلك الترتيل الذي عرف أيضًا بالتجويد.
أما الترتيل اصطلاحًا: فقد عرفه الإمام علي رضي الله عنه: بأنه تجويد الحروف، ومعرفة الوقوف. وقد عرف أيضًا بأنه -أي الترتيل-: القراءة بتؤدة واطمئنان، وإخراج كل حرف من مخرجه، مع إعطائة حقه ومستحقه، من تدبر المعاني.
أما التجويد لغة: فمأخوذ من أجاد الشيء يجيده، واصطلاحا: هو إعطاء الحروف حقها من الصفات اللازمة لها ومستحقها من الأحكام التي تنشأ عن تلك الصفات.
إن أهمية معرفة التلاوة مصحوبة بأهمية معرفة القراءة من ترتيل، وتحقيق، وهو مثل الترتيل إلا انه أكثر منه اطمئنانًا، وهو المأخوذ به في مقام التعليم. وكذلك من مراتب القراءة: الحدر، وهو الإسراع في القراءة مع مراعاة الأحكام. وتشتمل هذه المراتب على المرتبة الأخيرة، وهي: التدوير، وهي مرتبة متوسطة بين الترتيل والحدر.
محور التفسير، والتفسير في ظل مظلة القرآن الكريم، وارتباطه بتعليم وتدريس القرآن الكريم، يعد من العلوم المهمة، وهذا، إضافة إلى ما سبق الحديث عنه في التفسير، نضيف أيضا: إلى أن التفسير يساعد في الحفظ؛ لأنه يوضح المعاني، وقد عرف: بأنه علم يعرف به فهم كتاب الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وبيان معانيه، واستخراج أحكامه، وحكمه، واستمداد ذلك من اللغة، والنحو، والتصريف، وعلم البيان، وأصول الفقه، والقراءات. ويحتاج لمعرف أسباب النزول، والناسخ والمنسوخ، إلى غير ذلك.
ولمادة القرآن الكريم في تدريسها أهداف، والقرآن الكريم دستور الأمة، وشرفها، ومكانتها، ورفعتها، فتدريس القرآن الكريم ليس كتدريس أي مادة عادية، فهو مهمة عظيمة، ووسيلة راقية توصل إلى فهم القرآن الكريم، وحفظه الذي هو أشرف العلوم، وأجلها. والتدريس يجب أن يكون واضحا في ذهن المعلم؛ ليعرف ما الذي يجب أن يقوم به من أنشطة داخل القاعة؛ لتتم عملية التدريس. وكذلك يجب أن يؤدي إلى تعلم الطلاب لإحداث التغيير في سلوكهم، وهو مجموعة من الأنشطة يشترك فيها المعلم والمتعلم. وأنشطة التدريس أنشطة هادفة، وهي تأكيد على عملية التخطيط في التدريس. وعناصر التدريس ثلاثة عند تدريس القرآن الكريم، هي: المعلم، والطالب، والمنهج. ولفهم التدريس لا بد من فهم العناصر الثلاثة المذكورة، وبما أن التدريس نشاط لغوي لا بد أن يكون فيه مرسل، ومستقبل، ورسالة. والناظر للقرآن الكريم يجد أنه رسالة يرسلها رب العزة إلى مستقبلها الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلمبواسطة ملك الوحي جبريل #. والتدريس ليس هو الاتصال الشفوي فقط، وإنما هنالك اتصال صامت، مثل: الإشارات خاصة في القرآن، مثل: بعض أحكام التجويد، مثل: الإشمام، وهو: إطباق الشفتين دون صوت، وكذلك بعض الآيات والأحكام الأخرى.
أهداف تدريس القرآن الكريم:
وهناك أهداف لتدريس القرآن الكريم، وهي: ثلاثة:
1. أهداف معرفية، وهي تعني التعرف على الأحكام، وتفاهم المعاني، وكذلك التعرف على قواعد الرسم للمصحف الشريف، مع بعض الإشارات إلى أهم المصادر والمراجع، كما تشتمل هذه الأهداف على الآيات المقرر حفظها.
2. الأهداف الوجدانية: وهي تشمل التعبد بتلاوة القرآن الكريم والخشوع والخضوع لله عز وجل وزيادة الإيمان واليقين مع مراعاة آداب التلاوة وتعميق الحب للقرآن الكريم وتقديسه.
3. الأهداف النفس حركية: وهي تعني إتقان التلاوة، وتنمية مهارات التفكير والتأمل، إذ إن القرآن حث على التدبر والتفكر في الآيات والمخلوقات: {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار} [آل عمران: 191].
وعند بداية التدريس، لا بد لمعلم القرآن الكريم -الذي هو معلم أشرف العلوم وأفضلها- أن يستحضر هذه الأهداف في ذهنه، وهو يدرس لطلابه لمتابعتهم، والتأكيد على أن هذه الأهداف مطبقة؛ لأن أي نشاط لا بد أن يقوم باستمرار لمعرفة ما إذا كانت أهدافه محققة أم لا. وكما سبق أن ذكرنا، فإن الخطوة العامة لتدريس القرآن الكريم، هي: التمهيد، والعرض، والتقويم، والإغلاق. وهناك طرق تدريسية للقرآن الكريم، ومن أفضل هذه الطرق، طريقة: الحوار، والمناقشة، والاستقراء، والقياس، وكذلك طريقة المشروعات، وطريقة التدريس المصاغة، وغيرها من الطرق التي يمكن أن يستخدمها المعلم في تدريس القرآن الكريم لطلابه. وليس المعلم مجبرا على استخدام أي من هذه الطرق، ولكن دلت التجارب على أن طريقتي الاستقراء والقياس هما أفضل الطرق لتدريس القرآن الكريم، وفيما يلي بيان لكل طريقة منهما:
الطريقة الأولى: طريق الاستقراء: وهذه الطريقة يقصد بها: أن يبدأ المعلم بالأمثلة، والأجزاء، والأحكام الخاصة، ومنها يصل إلى القواعد والقوانين. وقد عرف الاستقراء: بأنه طريقة الوصول إلى الأحكام العامة بواسطة الملاحظة والمشاهدة، وبه نصل إلى القضايا الكلية التي تسمى في العلوم باسم: القوانين العلمية، أو القوانين الطبيعية، وبه أيضًا نصل إلى بعض القضايا الكلية الرياضية، وقوانين العلوم الاجتماعية والاقتصادية، ومن هذا التعريف يتضح أن المعلم في هذه الطريقة يبدأ بإعطاء الأمثلة، ومنها استنباط الأحكام مثلا: في درس كدرس الغنة في التجويد، وأمثلة ذلك: قوله تعالى{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيم} [الطور: 17] وقوله {ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُون} [الواقعة: 51]. وقوله {فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى} [الليل: 5]. ومن الأمثلة المذكورة نستنبط القاعدة العامة للغنة، فنقول: الغنة هي صوت لذيذ مركب في جسم النون والميم، ولكنها تتفاوت درجاتها في الميم والنون على حسب حالاتهما، وهي لازمة للنون والميم لا تفارقهما بحال، والأمثلة التي ذكرت توصلنا إلى قاعدة عامة، وهكذا في باقي القواعد والأمور.
الطريقة الثانية: هي طريقة القياس: وهي على عكس طريقة الاستقراء، وهي معرفة القاعدة العامة أو القانون العام، ثم أخذ الأمثلة عليه، وتعرف هذه الطريقة: بأنها انتقال الفكر من الحكم على كلي إلى الحكم على جزئي أو جزئيات داخلة تحت هذا الكلي، ويمكن أخذ المثال في الاستقراء ووضعه في الطريقة القياسية على النحو التالي:
القاعدة: الغنة هي صوت لذيذ مركب في جسم النون والميم المشددتين، ولكنها تتفاوت درجاتها في الميم والنون على حسب حالاتهما، وهي لازمة للنون والميم لا تفارقهما بحال. الأمثلة:
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيم} [الطور: 17] كذلك قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُون}، وقوله تعالى: {فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى} إلى غير ذلك، وحتى يمكن أن ندير الفصل الدراسي أثناء تعلم القرآن الكريم، فإنما نتحدث عن حلقة قرآن، وكما سبق أن ذكرنا: أن إدارة حلقات القرآن الكريم، وطرق التحفيظ أمر مهم، ويحتاج من المعلم إلى مهام ومهارات خاصة ومحددة، فالحلقة القرآنية يقصد بهاجلوس مجموعة من الطلاب لدى معلم القرآن؛ ليقوم بتحفيظهم الآيات المحددة وفق خطته، ويقوم التدريس في هذه الحلقات على عدة طرقيتحكم فيها الشيخ، كما يختار الطريقة التي يسلكها للتدريس، وأكثر هذه الطرق شيوعا بين الناس كما يشبه بيئة الفصل الدراسي الطريقة الجماعية. ونحن نجد أن الفصول الدراسية وفيها تدريس القرآن الكريم بطريقة جماعية وتوصف هذه الطريقة: بأنها الطريقة التي يحدد فيها المعلم أو الشيخ الآيات التي يقرأها على الطلاب، ثم يقوم الطلاب بتلاوتها بطريقة فردية، ثم يكلفون بحفظها. والطريقة الجماعية يقوم فيها المدرس بتحديد مقدار معين لجميع طلاب الفصل، أو الحلقة،أن يتلو المعلم الآيات على طلابه أولا، ثم يقوم الطلاب أيضًا بتلاوته ثانيا على المعلم، طالبا طالبا، فردا فردا، واحدا واحدا، ثم يكلفون بحفظه؛ ليتم التسميع لهم من قبل المعلم أو المدرس بعد ذلك.
الطريقة الثانية لإدارة حلقات القرآن الكريم، وطرق التحفيظ أو الفصل الدراسي أثناء تعلم القرآن الكريم ودرس القرآن الكريم: هي الطريقة الفردية: فعلى عكس الطريقة الجماعية السابقة في تعلم القرآن الكريم وحفظه، نجد أن الطريقة الفردية تعتمد كلية على الطلاب أو التلاميذ أو متعلمين في الحفظ، وواجب المدرس أو الشيخ في هذه الطريقة لا يتعدى سوى الإرشاد والتوجيه والتصحيح. وهي: أن يقوم المدرس بفتح المجال أمام تلاميذه في التنافس في تلاوة القرآن الكريم وحفظه، كل حسب إمكاناته، وما يبذله من وقت وجهد؛ لتحقيق ذلك، تحت إشراف المدرس ومتابعته. وعندما ننظر إلى تقويم تلك الطريقتين ونقومهما، نجد أن الطريقة الجماعية يسيطر فيها المعلم أو المدرس تماما على طلابه من حيث تحديد الآيات، وبصورتها هذه ترفع مستوى الأداء والحفظ المجود؛ لأن الطلاب محكومون بتحديد الأستاذ أو المدرس، ومتابعته، ويكون الأداء في هذه الطريقة جيدا، ويكون في أغلب الأحيان سليما؛ لأن المدرس يتابع بنفسه ما قرره على طلابه، وقد أعطاهم نموذجا في القرآن.
أما الطريقة الثانية: وهي الطريقة الفردية: ففي هذه الطريقة يمكن مراعاة الفروق الفردية، وفيها حرية للطالب ليختار العدد من الآيات الذي يناسبه في الحفظ، وهي تحتاج لمعينات كثيرة. أما الطالب الذي يأتي إليها يكون جاهزا ومستعدا؛ لأنه جاءها باختياره، وفي الغالب تكون له الإمكانات التي تمكنه من الاستمرار، ورغم الإيجابيات في هذه الطريقة وفي الطريقة الأخرى، وهي: الطريقة الجماعية، فإن لكل منهما أيضًا جوانب قصور.
وهناك فوائد لإعداد الدروس وتحضيرها عند تدريس القرآن الكريم، منها: حفظ النظام في الفصل، وهذا ينتج عن حضور المعلم باعتبار أن المادة مرتبة في ذهنه، وموجودة كذلك. يتمكن المعلم من إرشاد الطلاب إلى أخطائهم وتصحيحها؛ لإلمامه بالمادة وحضورها في ذهنه أيضا. فالتحضير يجعل المعلم قادرا على النصح، فعليه أن يقدمه بصورة مشوقة للاستزادة من المعلم خاصة القرآن الكريم الذي لا يشبع منه العلماء. كما أن التحضير يمكن المعلم من إدارة وقت الحصة بدقة، والتحكم فيه من حيث البداية والنهاية، والسير على خطوات الدرس. كما أن تحضير درس القرآن الكريم يمكن المعلم من تقويم طلابه، وهي تحقيق الخطوة قبل الأخيرة من خطوات التدريس. كذلك، فإن التحضير يجعل الشيخ أو المعلم متوقعا الأسئلة؛ فيستعد لها دون الوقوع في الحرج أمام طلابه.
أهم طرق حفظ للقرآن الكريم:
وفي ما يلي أهم طرق الحفظ للقرآن الكريم باعتباره أسمى وأعرق وأفضل مصدر لمصادر التعلم في الدنيا بأسرها، وهو القرآن الكريم، أعلى العلوم وأشرفها منزلة ومكانة، فله طرق كثيرة للحفظ من أهم هذه الطرق:
1. الطريقة الكلية: وعلى المعلم أن يعطي فكرة عامة، وملخصًا شاملًا لأهم طرق الحفظ لطلابه. والطريقة الكلية: هي إعطاء الطالب كل الآيات المطلوبة، ويكررها المعلم والطالب بغرض حفظها مرة واحدة.
2. الطريقة الجزئية: وهي تجزئة الآيات المطلوب حفظها بعدد الآيات، أو بالصفحات، أو بالكيفية التي يتفق عليها الشيخ أو المعلم والطالب.
3. الطريقة المشتركة: وهي الطريقة التي تجمع بين الطريقتين الكلية والجزئية.
4. طريقة المحو التدريجي: وفي هذه الطريقة تكتب الآيات على السبورة بشكل واضح، وتشكل بتشكيل صحيح، ويقرأها الطالب بمتابعة الشيخ. وكلما حفظ جزءًا يمسحه بطرق مختلفة، فقد يمسح أول الآية، أو آخرها، أو يمسح جزءا منها، ويطلب الشيخ من الطالب القراءة الكاملة بما فيها الجزء الممسوح، ويقرأ الطلاب الآيات بما فيها الجزء الممسوح حتى تحفظ تماما. وهذه من طرق التدريس والشرح فقط.الحفظ على فترات: حيث يطلب الشيخ من الطالب قراءة الآيات المطلوب حفظها من المصحف، أو حسب الطريقة المكتوبة بها سواء كانت مكتوبة على الشاشة، أم على السبورة، ويفضل أن يتم المحو إلكترونيا، أو يتم المحو عن طريق شيء على الكلمات دون محوها؛ حتى لا يختل معنى الآيات أمام الطالب أو المتعلم، وقد يحفظها بطريقة خاطئة.
ومن الحفظ على فترات أيضًا: أن يترك الآيات التي قرأها المرة الأولى لفترة تستقر في ذهنه، ثم يعود لقراءتها مرة أخرى؛ ليختبر ذاكرته، ومدى حفظه.
وهناك أساليب أثناء تدريس القرآن الكريم للتسميع للطلاب أو المتعلمين، من هذه الأساليب المختلفة للتسميع:
1. التسميع الذاتي: وهو محاولة أن يسمع الطالب لنفسه، مثل: تغطية الآيات بورقة، ومحاولة التسميع، وكذلك يشتمل هذا النوع على الاستعانة بالمسجل، وقد يمسك الطالب المصحف بيده، ثم ينظر فيه، ثم يغلقه، وهكذا حتى يصل إلى تسميع ما تعلمه.
2. الأسلوب الثاني من أساليب التسميع: التسميع الفردي: وهذا يطلبه المعلم أو المدرس أو الشيخ من كل طالب؛ ليسمع بنفسه للمعلم بطريقة مستقلة.
3. التسميع الثنائي: حيث يقوم كل طالبين يسمعان لبعضهما بعضا، فكل طالب يسمع لزميله، وقد ينشأ عن هذا نوع من التنافس بين الطلاب، وهو التنافس المحمود في حفظ القرآن الكريم، كما يمكن لكل طالب أن يقيم نفسه، ويصحح أخطاءه من خلال تلاوة أو تسميع زميله.
4. التسميع الجماعي: حيث يقرأ الطلاب جميعًا وبصورة جماعية بمراقبة المعلم أو المدرس أو الشيخ، وهذا كله في التسميع يجعلنا نتحدث عن التقويم في مادة القرآن الكريم بالطريقة الشفوية، وليس التقويم التحريري.
مواصفات معلم القرآن:
نذكر في نهاية درس اليوم عزيزي الدارس بعض مواصفات معلم القرآن الكريم، وعلوم التربية الإسلامية: لاشك أن معلم القرآن الكريم، وعلوم التربية الإسلامية هو من أفضل المعلمين؛ إذ أنه يقوم بهذا العمل الجليل، وهو تدريس أعظم العلوم وأجلها علوم القرآن الكريم، والشريعة الإسلامية، والتربية الإسلامية.ولأن القرآن الكريم الذي أنزله الله سبحانه وتعالى معجزة لنبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلمبلسماشافيا من كل الأدواء الحسية والمعنوية. وعلى المسلمين به، وبذل الغالي والنفيس لخدمته، وأجل خدماته هي: ترتيله، وتجويده، وحفظه، والعمل به، وتعليمه للعالمين، قال تعالى{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا} [الإسراء: 82]. لذا؛ فإن تدريس القرآن الكريم، وتعليمه، وعلوم التربية الإسلامية، والشريعة الإسلامية، مهنة يجب أن يتسابق عليها، ويذهب إليها المسلمون المخلصون؛ لأنها مهنة شريفة تزيد من حملها شرفا، وتكرم من تلقاها تعلما، ومكانة، وعلما، وفتحا، ورزقا.
وقد وردت نصوص كثيرة في فضل تعليم القرآن وتعلمه، فعلى سبيل المثال لا الحصر قال صلى الله عليه وسلم: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)). ولا شك أن القرآن هو المصدر الأول للشريعة، لذا؛ فهو العماد الأول في جميع علوم التربية الإسلامية. فعلوم التربية الإسلامية كلها كأنها تعليم للقرآن، مع الفرق: أن القرآن كلام الله عز وجل، أما علوم التربية الإسلامية فهي تأليف مؤلفين، وكتابة كتاب، لكنهم جميعا يكتبون في ضوء القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة؛ ولذا فإن أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها المعلم الذي يعلم القرآن الكريم والحديث الشريف، والفقه، والتفسير، وغير ذلك من علوم الشريعة الإسلامية، والتربية الإسلامية: سلامة العقيدة، والسيرة، والإخلاص، وصحة المقصد، وحسن الخلق، والصبر على المتعلمين، والرفق بهم، والرحمة بالمتعلمين، والتواضع الجم. وليس المقصود بالتواضع الجم لمعلم القرآن ألا يهتم بمظهره، بل على العكس من ذلك، إنما ينبغي أن يهتم بأن يظهر للمتعلمين في أحسن صورة ومنظر؛ حتى يليق بالعلم الذي يعلمه ويدرسه، ويقصد بالتواضع الجم: سلامة الصدر، وعدم الكبرياء والعظمة. كذلك من خصائصه وصفاته: العدل بين الطلاب وبين المتعلمين في حل مشاكلهم، وفي معاملاتهم، وفي توزيع الفرص بينهم؛ حتى يتفق مع طبيعة المواد التي يقوم بتدريسها.
وعلى معلم القرآن الكريم أيضًا: أن يتحلى بالمعرفة الشرعية؛ لأن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر. كذلك ينبغي به المعرفة التخصصية، فعليه أن يتقن ويقرأ الجديد والجديد في كيفية تدريس القرآن الكريم، وعلومه وعلوم التربية الإسلامية. كما عليه أيضًا: أن يتعلم بعض العلوم، وبعض الأساليب، والمداخل والاستراتيجيات التربوية، من خلال المعرفة التربوية بأساليب التربية، علم النفس، والسلوك، وغير ذلك. ينبغي عليه أيضا: أن يكون لديه معرفة ثقافية؛ حتى يكون على دراية تامة بكيفية الاستفادة من ربط بعض ما يعلمه لطلابه وتلاميذه بواقع الحياة، فهناك معجزات تظهر للقرآن الكريم، ولا زالت تظهر حتى تقوم الساعة، يبرهن عليها العلم الحديث الآن في كافة المجالات.
ومن الصفات المهنية لمعلم القرآن: البشاشة والابتسامة الصادقة عند لقاء تلاميذه. كذلك حسن الشكل، والمظهر، وسلامة النطق، وحسن البيان، وسلامة الجسد قدر الإمكان من الأمراض والعاهات، وأن يكون دائما ريحه طيبة، وكلامه طيبًا.