Top
Image Alt

خبر مجهول الحال

  /  خبر مجهول الحال

خبر مجهول الحال

المسألة الثالثة: هل تقبل رواية مجهول الحال أم لا؟.

الفرق بين مجهول العين ومجهول الحال:

لا خلاف بين العلماء في قبول رواية العدل، ولا خلاف -كذلك- في رد رواية الفاسق. إذن أين الخلاف؟!.

قال أهل العلم: إنما الخلاف بينهم في قبول رواية مجهول الحال ومجهول العين:

مجهول الحال يعني: عينه معلومة، لكن لا نعرف حاله، هل هو عدل؟ هل هو غير عدل؟ هل هو فاسق؟ هل هو كذا؟ هل هو كذا؟ فالكلام فيمن لم تعلم عدالته ولا فسقه.

مجهول العين يعني: واحد غير معروف أصلًا، كأن يقول الراوي مثلًا: عن فلان عن فلان عن فلان، ويسميه عن رجل كذا، ولم يسم لنا هذا الرجل.

هل تقبل رواية مجهول العين أم لا؟.

اختلف العلماء في قبول رواية مجهول العين على خمسة أقوال:

القول الأول: لا يُقبل مطلقًا -يعنى: مجهول العين- وهو لأكثر المحدثين وغيرهم.

القول الثاني: يُقبل مطلقًا، وهو من لم يشترط في الراوي غير الإسلام.

القول الثالث: إن كان المنفرد بالراوية عنه لا يروي إلا عن عدل، واكتفينا بالتعديل بواحد قبل وإلا فلا.

القول الرابع: إن كان مشهورًا في غير العلم بالزهد والقوة في الدين قُبل.

القول الخامس: إن زكاه أحد من أئمة الجرح والتعديل مع رواية واحد عنه قبل وإلا فلا. هذا في مجهول العين.

هل تقبل رواية مجهول الحال أم لا؟.

اختلف العلماء في مجهول الحال على عدة مذاهب، ذكر منها ابن قدامة -رحمه الله- مذهبين:

المذهب الأول: إن رواية مجهول الحال لا تُقبل، وفي هذا يقول ابن قدامة -رحمه الله: فصل ولا يقبل خبر مجهول الحال في هذه الشروط في إحدى الروايتين -يعني: عن الإمام أحمد وهو مذهب الشافعي. ودليل هذا المذهب استدلوا بأمور كثيرة:

الدليل الأول: أنَّ العدالة شرط في قبول الرواية عن النبي صلى الله عليه  وسلم باتفاق الجميع.

الدليل الثاني: وهو أن الفسق على فرض أن مجهول الحال فاسق، أن الفسق مانع من قبول الرواية باتفاق الجميع هذا قررناه، وعليه فلا بد من الظن بعدم وجوده في الراوي.

الدليل الثالث: للشافعي وأكثر أهل العلم، وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد في أن رواية مجهول الحال لا تقبل، قالوا: إن شهادة مجهول الحال لا تُقبل في العقوبات باتفاق الجميع.

الدليل الرابع: للجمهور -وأقصد بالجمهور أكثر أهل العلم ومعهم الشافعي، والرواية الثانية عن الإمام أحمد أو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد: إجماع الصحابة رضي الله  عنهم على رد أخبار المجاهيل الصحابة كان من عادتهم وديدنهم وطريقتهم أن مجهول الحال لا يقبلون خبره، فكان هذا من الصحابة رضي الله  عنهم إجماع.

أدلة ابن قدامة:

ذكر ابن قدامة خمسة أدلة لمن قال: إن رواية مجهول الحال لا تقبل:

قال -رحمه الله: ولا يُقبل خبر مجهول الحال في هذه الشروط في إحدى الروايتين -يعني: عن الإمام أحمد- وهو مذهب الشافعي، والرواية الأخرى -يعني: عن الإمام أحمد- يُقبل خبر مجهول الحال في العدالة خاصة دون بقية الشروط وهو مذهب أبي حنيفة، وهذا المذهب الثاني وسنأتي عليه بعد قليل، ثم قال في أدلة المذهب الأول التي سقناها لكم: ووجه الرواية الأولى خمسة أمور:

أحدها: أن مستند قبول خبر الواحد الإجماع، والمجمع عليه قبول رواية العدل ورد خبر الفاسق، والمجهول الحال ليس بعدل ولا هو في معنى العدل في حصول الثقة بقوله، هذا الدليل الأول.

والثاني: أن الفسق مانع كالصبا والكفر كما شرحت لكم، فالشك فيه كالشك في الصبا والكفر من غير فرق.

والثالث: يعني الدليل الثالث على أن رواية مجهول الحال غير مقبولة: أن شهادته لا تقبل فكذلك روايته، وإن مانعوا في المال فقد سلموا في العقبات، وطريق الثقة في الرواية والشهادة واحدة وإن اختلفا في بقية الشروط.

الرابع: أن المقلد إذا شك في بلوغ المفتي رتبة الاجتهاد لم يجز تقليد، بل قد سلموا أنه لو شك في عدالته وفسقه لم يجز تقليده، وأي فرق بين حكايته عن نفسه اجتهاده وبين حكايته خبرًا عن غيره.

الخامس: أنه لا تقبل شهادة الفرض ما لم يعين شاهد الأصل، فلم يجب تعيينه إذا كان قول المجهول مقبولًا.

المذهب الثاني: رواية مجهول الحال مقبولة؛ حيث يُكتفى في قبول الرواية بظهور الإسلام والسلامة من الفسق ظاهرًا.

وإلى هذا المذهب أشار ابن قدامة -رحمه الله- بقوله: والرواية الأخرى -يعني: عن الإمام أحمد.

وقد استدل أصحاب هذا المذهب الثاني على قبول رواية مجهول الحال بعدة أدلة:

الدليل الأول: قول الله تعالى: {يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوَاْ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقُ بِنَبَإٍ فَتَبَيّنُوَاْ أَن تُصِيببُواْ قَوْمَا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُواْ عَلَىَ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6] وقلنا: إن وجه الاستدلال من الآية: أن الله تعالى أمرنا في هذه الآية بالتثبت مشروطًا بالفسق: {إِن جَآءَكُمْ فَاسِقُ بِنَبَإٍ} وعليه فما لم يظهر الفسق لا يجب التثبت فيه؛ إذن رواية مجهول الحال مقبولة؛ لأنه لم يظهر لي فسقه، إذ لو ظهر لي فسقه لرددت روايته قولًا واحدًا، لكنه لما لم يظهر فسقه، والشارع أمرنا أن نتثبت، وهذا التثبت مشروط بالفسق، فما دام الفسق لم يظهر فرواية مجهول الحال مقبولة.

أجاب الجمهور عن هذا الدليل: أن العمل بموجب الآية نفيًا وإثباتًا متوقف على معرفة كونه فاسقًا أو ليس فاسقًا، لا على عدم علمنا بفسقه، وذلك لا يتم دون البحث والكشف عن حاله، يعني: أنا كيف أعرف أن فلانًا هذا فاسق أو ليس بفاسق، لا يتأتى ذلك إلا إذا كشفت وبحثت ومحصت في حال هذا الذي نقل لي الخبر، هذا الدليل الأول والرد عليه.

الدليل الثاني: روى عكرمة عن ابن عباس رضي الله  عنهما قال: ((جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه  وسلم فقال: إني رأيت الهلال -يعني: هلال رمضان- فقال صلى الله عليه  وسلم: أتشهد أن لا إله إلا الله؟ فقال: نعم)) وهذه الرواية رواها أبو داود والنسائي.

وفي رواية أخرى رواها أبو داود قال: ((إنه صلى الله عليه  وسلم أمر بلالًا فنادى في الناس أن يصوموا وأن يقوموا)) يعني: بمجرد أن شهد هذا الأعرابي عند رسول الله صلى الله عليه  وسلم بأنه رأى الهلال أمر النبي صلى الله عليه  وسلم بلالًا أن يؤذن في الناس بأن يصوموا وأن يقوموا.

ووجه الدلالة من الحديث: أن قبول النبي صلى الله عليه  وسلم شهادة الأعرابي برؤية الهلال، والنبي لم يعرف منه سوى الإسلام، يعني: لم يعرف حاله، هل هو عدل، أو ليس بعدل؟ دليل على أن خبر مجهول الحال مقبول.

أجاب الجمهور عن هذا الدليل: لا نسلم أن النبي صلى الله عليه  وسلم لم يعلم من حال الأعرابي سوى الإسلام، فإن كونه أعرابيَّا لا يمنع كونه معلوم العدالة عنده، إما بخبر عنه، أو تزكية من عرف حاله، أو بوحي.

الدليل الثالث: الذي استدل به أصحاب المذهب الثاني على قبول رواية مجهول الحال: قالوا: إنه لو أسلم كافر ثم روى عقب إسلامه مباشرة، كان كافرًا فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ثم روى خبرًا، وكان قد سمع هذا الخبر حال كفر، فلو أسلم كافر ثم روى عقب إسلامه خبرًا من غير مهلة فمع ظهور إسلامه وعدم وجود ما يوجب فسقه بعد إسلامه يمنع رد روايته، لماذا نرد روايته حينئذ؟ وإذا قبلت روايته حال إسلامه -يعني: إسلامه الذي جاء بعد الكفر مباشرة- فطول مدته في الإسلام أولى ألا توجب رد روايته، يعني: نحن نقبل رواية من أسلم للتوّ واللحظة -ونحن لا نعلم حاله قبل ذلك- فلماذا لا نقبل رواية من طالت مدته في الإسلام؟

أجاب الجمهور عن هذا الدليل: نحن نمنع قبول روايته؛ لاحتمال أن يكون كاذبًا أو كذوبًا وهو باقٍ على طبعه.

تنبيه:

جدير بالذكر أن ننبه على أن المذهب نسبه كثير من العلماء إلى الحنفية.

المذهب الثالث: ذهب إلى التوقف، يعني: لم يقل بقبول رواية مجهول الحال أو بردها، وإلى متى يتوقف أصحاب هذا المذهب؟ التوقف إلى أن تتبين حال الراوي، يعني: لا يتوقفون مطلقًا، بل إلى أن يظهر لهم حال الراوي، هل هو موصوف بالعدالة، أو موصوف بالفسق؟ وهذا المذهب -أعنى: مذهب التوقف وعدم الجزم بشيء في رواية مجهول الحال بحيث القبول وعدمها- هذا المذهب هو المختار عند إمام الحرمين الجويني -رحمه الله- والمختار أيضًا عند الحافظ بن حجر -رحمه الله.

الترجيح:

إذا أمعنا النظر في المذاهب السالفة، وفي أدلتها، والمناقشات الواردة على هذه الأدلة؛ تجد نفسك تستريح إلى هذا المذهب الثالث، أعني: مذهب التوقف إلى أن يتبين حال الراوي؛ إذ ربما تقبل رواية مجهول الحال فيتضح في الواقع أن هذا الراوي فاسق، وربما ترفض رواية مجهول الحال وهو في الواقع عدل، وفي الحالتين يترتب على ذلك مفاسد كثيرة؛ لذلك التوقف أسلم، وهو الذي تستريح إليه النفس.

يقول ابن حجر -رحمه الله: والتحقيق -يعني: في مسألة رواية مجهول الحال تقبل أو لا تقبل؟- أن رواية المستور ونحوه مما فيه الاحتمال لا يطلق القول بردها ولا بقبولها، بل هي موقوفة إلى استبانة حاله، كما جزم به إمام الحرمين.

القسم الثاني: الشروط المختلف فيها بالنسبة للراوي بين أهل العلم:

شروط الراوي المختلف فيها -ولم يذكرها ابن قدامة -رحمه الله- في الراوي هي:

أ. اشتراط الفقه في الراوي:

ذهب إمام الحرمين وغيره إلى القول بأنه لا يشترط في الراوي أن يكون فقيهًا، سواء كانت روايته موافقة للقياس أو مخالفة له.

المذهب الأول: لا يشترط في الراوي أن يكون فقيهًا، هذا المذهب اختاره إمام الحرمين، وفي الواقع ونفس الأمر هو مذهب أكثر أهل العلم، بل يصح أن يكون الراوي غير فقيه، ويعتمد في روايته على حفظه وعلى ضبطه، سواء أكان ضابطًا ضبط فؤادٍ أم ضبط كتاب -كما أشرنا لكم غير مرة- واستدل إمام الحرمين ومن وافقه على هذا الرأي بـ:

الدليل الأول: قول الله تعالى: {يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوَاْ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقُ بِنَبَإٍ فَتَبَيّنُوَاْ أَن تُصِيببُواْ قَوْمَا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُواْ عَلَىَ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} ووجه الدلالة من هذه الآية: أنها توجب التبين والتثبت في خبر الفاسق، أما غير الفاسق فلا تثبت التبين والتثبت، سواء أكان عالمًا أو جاهلًا.

الدليل الثاني: خبر العدل يفيد عند السامعين ظن الصدق، يعني: بالمخبر؛ فوجب العمل به؛ حيث إن العمل بالظن واجب، لا فرق في ذلك بين أن يكون الراوي فقيهًا أو غير فقيه.

المذهب الثاني: خالف أبو حنيفة -رحمه الله- المذهب الأول وقال: يشترط في الراوي أن يكون فقيهًا فيما يخالف القياس -يعني: لو كان الخبر الذي يرويه الراوي يخالف القياس، وليس معنى القياس هنا: مساواة فرع لأصل، وإنَّما القياس يعني: الأصول الشرعية، والأشبه في الشريعة، والأليق في الشريعة.

الترجيح:

الراجح هو عدم اشتراط الفقه؛ لقوة الأدلة؛ فقد استدلوا بالآية القرآنية، وبأن خبر العدل يفيد ظن الصدق عند السامع، دون تفريق بين أن يكون الراوي فقيهًا أو غير فقيه، عالمًا أو جاهلًا، والحديث الذي تحفظونه جميعًا: ((نضر الله امرءًا سمع مني حديثًا فحفظه حتى يبلغه غيره، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه غير فقيه)) فهذا الحديث الشريف نص في قبول رواية من ليس بفقيه؛ إذن المذهب الأول هو الراجح؛ لقوة ما استدلوا به.

ب. رؤية الراوي:

شرط رؤية الراوي معبر عنه عند العلماء بـالسماع من وراء حجاب:

الرأي الأول: ذهب جمهور العلماء إلى أنه يصح السماع ممن هو وراء حجاب، يعني: ليس بالضرورة أن تكون مشاهدًا لمن يروي لك الحديث، فيصح السماع ممن هو وراء الحجاب بشرط أن يكون عارفًا لصوته، إذا عرف صوته إن حدث بلفظه، أو عرف حضوره بمكان يسمع منه إن قرأ عليه، ويكفي في المعرفة بذلك خبر ثقة من أهل الخبرة بالشيخ.

الرأي الثاني: شرط شعبة رؤية الراوي، وقال: إذا حدثك المحدث فلم تره فلا تروِ عنه؛ فلعله شيطان قد تصور في صورته.

الترجيح:

الراجح من هذين المذهبين هو مذهب جمهور العلماء، وهو: أنه لا تشترط رؤية الراوي، لماذا؟ لأن النبي صلى الله عليه  وسلم أمر بالاعتماد على سماع صوت ابن أم مكتوم المؤذن مع غيبة شخصه عمن يسمعه، في الحديث المتفق عليه: قال النبي صلى الله عليه  وسلم: ((إن بلالًا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم)).

ج. البصر في الراوي:

الرأي الأول: ذهب الجمهور إلى القول بأنه لا يشترط في الراوي أن يكون مبصرًا؛ وعليه فالضرير الذي يضبط الصوت تقبل روايته، ولأن الصحابة رضي الله  عنهم كانوا يروون عن عائشة رضي الله  عنها وهي من وراء حجاب -كما ذكرت لكم- وذلك اعتمادًا على صوتها؛ إذن ليس بلازم أن يكون الراوي مبصرًا، بل يصح أن يكون الراوي ضريرًا متى كان ضابطًا للصوت. فالضرير الذي يضبط الصوت تقبل روايته وإن لم تقبل شهادته.

الرأي الثاني: قال الخطيب البغدادي -رحمه الله- في كتابه (الكفاية): والبصير الأمي -فيما ذكر- كالضرير، وقد منع من رواياتهما غير واحد من العلماء، لكن الراجح أنه لا يشترط البصر في الراوي.

د. التساهل في غير الحديث:

الإنسان أو الراوي الذي يتساهل في غير الحديث في الكلام العادي، في القصص، في الأمثال، في أشياء غير الحديث -يقبل خبره، أو لا يقبل خبره؟ خلاف بين أهل العلم:

الرأي الأول: أنه طالما لا يتساهل في الحديث فخبره مقبول؛ لأنه في هذه الحالة يؤمن عليه من الخلل في روايته للحديث.

الرأي الثاني: يرد المتساهل مطلقًا، يعني: الذي عهد عنه أنه متساهل في غير الحديث لا يقبل حديثه، لماذا؟ قالوا: لأن التساهل في غير الحديث يجر إلى التساهل في الحديث، فكأنهم يردون خبر المتساهل في غير الحديث من باب سد ذرائع الفساد، أو من باب حسم وسائل الفساد، فقالوا: الذي يتساهل في غير الحديث قد يجره هذا التساهل في غير الحديث إلى التساهل في الحديث؛ وبالتالي نقول بعدم قبول حديثه مرة واحدة.

هـ. تعدد الرواة:

هل يشترط في الخبر أن يتعدد رواته؟ خلاف بين العلماء:

الرأي الأول: قال الجمهور: ليس من شرط قبول خبر الواحد التعدد؛ فرواية العدل الواحد مقبولة، واستدلوا على ذلك بأدلة كثيرة، منها: إجماع الصحابة رضي الله  عنهم على قبول خبر الواحد، وتطبيقه في وقائع كثيرة لا يمكن حصرها، من هذه الوقائع التي اكتفوا فيها بقبول خبر الواحد دون طلب عدد:

  • لما اختلف المهاجرون والأنصار في الغسل من المجامعة من غير إنزال، فهل يجب الغسل، أو لا يجب الغسل؟ اختلف في ذلك المهاجرون والأنصار في الغسل من المجامعة من غير إنزال، فأرسلوا أبا موسى الأشعري رضي الله  عنه إلى السيدة عائشة رضي الله  عنها فسألها -يعني: عن حكم الغسل من المجامعة من غير إنزال- فقالت رضي الله  عنه: ((إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل)) ((التقى الختانان)) يعني: ولو بدون إنزال، فقبلت الصحابة رضي الله  عنهم هذا الخبر، وزال الخلاف بينهم، وقبول هذا الخبر كان بإخبار أبي موسى الأشعري لهم أن عائشة رضي الله  عنها قالت: ((إذا التقى الختنان فقد وجب الغسل)).
  • أن عمر رضي الله  عنه قبل خبر حمل بن مالك ابنَ النابغة في دية الجنين، وقد ذكرنا لكم هذا الخبر قبل ذلك.

الرأي الثاني: ذهب أبو علي الجبائي إلى القول بأن خبر الواحد لا يقبل إلا إذا رواه اثنان في جميع طبقاته، وقد بينا قبل ذلك أن هذا الشرط غير مسلم، فالراجح هو مذهب الجمهور.

error: النص محمي !!