Top
Image Alt

خروج المسلمين لمؤتة بعد أن ودعهم الرسول صلى الله عليه وسلم ووعظهم، وبطولات المسلمين فيها

  /  خروج المسلمين لمؤتة بعد أن ودعهم الرسول صلى الله عليه وسلم ووعظهم، وبطولات المسلمين فيها

خروج المسلمين لمؤتة بعد أن ودعهم الرسول صلى الله عليه وسلم ووعظهم، وبطولات المسلمين فيها

أ. خروج المسلمين لمؤتة بعد أن ودّعهم الرسول صلى الله عليه  وسلم ووعظهم:

تحدد الأمر، وتحدد المسير وخرج المسلمون بعد أن ودعهم رسول الله صلى الله عليه  وسلم وشيعهم حتى بلغ ثنية الوداع، ثم وقف ووعظهم، فقال صلى الله عليه  وسلم: ((اغزوا بسم الله، فقاتلوا عدو الله وعدوكم بالشام، ثم قال صلى الله عليه  وسلم: أوصيكم بتقوى الله وبمن معكم من المسلمين خيرًا، اغزوا بسم الله في سبيل الله مَن كفر بالله، لا تغدروا، ولا تغلوا، ولا تقتلوا وليدًا، ولا تقطعوا شجرًا، ولا تعقروا نخلًا، ولا تهدموا بيتًا))، كل هذا مما يدل على أن دعوة الإسلام حتى في القتال إنما هي للإصلاح، وليست للتخريب.

ثم إنه صلى الله عليه  وسلم أمر أمراءه أن يبدءوا بدعوة أعدائهم أولًا إلى هذا الدين العظيم قبل أن يقاتلوهم، وبعد هذا مضى الرجال متوجهين إلى طريق الشام حتى نزلوا معان من أرض الشام، وهناك بلغ الناس أن هِرَقل نزل مآب من أرض البلقاء في مائة ألف من الروم، وانضم إليهم من لخم وجذام، وبهراء، وبلي، وغيرها من القبائل مائة ألف أخرى عليهم رجلٌ من دلي يُقال له مالك بن رافلة. فلما بلغ المسلمين ذلك أقاموا في معان ليلتين يفكرون في أمرهم، وقالوا نكتب إلى رسول الله صلى الله عليه  وسلم فنخبره بعدد عدونا؛ لأنهم رأوا عدوًا كثيرًا، فإما أن يمدنا بالرجال، وإما أن يأمرنا بأمره فنمضي له، فشجع الناسَ عبدُ الله بن رواحة وقال: يا قومي إن التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون -أي:  الشهادة-، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فانطلقوا، فإنما هي إحدى الحسنيين، إما ظهور وإما شهادة؛ فتشجع الناس لذلك وقالوا: قد والله صدق ابن رواحة، ومضوا حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء لقيتهم جموع هِرَقل من الروم والعرب بقرية تسمى مشارف من قرى البلقاء.

ب. بطولات المسلمين في غزوة مؤتة:

ثم دنا العدو وانحاز المسلمون إلى قرية مؤتة وعبئوا أنفسهم فيها، وجعلوا على الميمنة قطبة بن قتادة العذري، وعلى الميسرة عبادة بن مالك الأنصاري ثم التقى الناس واقتتلوا، فاستشهد زيد فأخذ الراية من بعده جعفر، فاقتحم عن فرس له شقراء ثم عقرها وقاتل حتى أكرمه الله بالشهادة، وقد قيل بأن جعفر أخذ اللواء بيمينه فقطت، فأخذه بشماله فقطعت، فاحتضنه بعضديه حتى قتل وكان ابن ثلاث وثلاثين سنة؛ ولذلك بشَّر النبي صلى الله عليه  وسلم أن الله أبدل جعفر بجناحين يطير بهما في الجنة حيث شاء، وبعد جعفر تقدم عبد الله بن رواحة، ولكنه عند ساعة أخذ الراية بدا منه بعض التردد ولكنه تشجع، ثم نزل وباشر القتال حتى قُتل شهيدًا يرحمه الله.

وهكذا قُتل الأمراء الثلاثة، وهنا أخذ الراية ثابت بن أرقم وطلب من المسلمين أن يصطلحوا على رجل منهم حتى لا تقع الراية، وحتى لا ينهزم المسلمون فالناس براياتهم في القتال، فلما عرض الناس على ثابت أن يقودهم لم يرضَ، فاصطلحوا على خالد بن الوليد، فأخذ الراية خالد، ولما أعطاه ثابت قال: إنك لهذا الأمر أصلح مني.

هكذا وفق الله المسلمين إلى ذلك الرجل إلى خالد بن الوليد، وكان قتل ابن رواحة مساءً وآلت الإمارة إلى خالد الذي بات يفكر في الأمر، فلما أصبح قام بأمورٍ في صفوف الجيش حتى يكون لها أثرها في نفوس الأعداء، فجعل مقدمة الجيش ساقة، والساقة مقدمة، والميمنة ميسرة، والميسرة ميمنة؛ ولذلك أنكر الأعداء ما رأوا وظنوا أن مددًا قد جاء المسلمين، وقاتل خالد والمسلمون قتالًا عنيفًا مستبسلين مقدمين غير متقهقرين حتى أبلوا بلاءً حسنًا، حتى أن خالدًا ليذكر بأنه اندقت في يده في مؤتة تسعة أسياف، وما ثبت في يده إلا صفيحة يمانية؛ مما يدل على أن المسلمين رغم قلة عددهم، فإن إقبالهم على الجهاد والموت في سبيل الله كان أمرًا واضحًا في هذه السرية التي أثبتت معية الله عز وجل كانت خير دعم لهم في هذا اللقاء.

error: النص محمي !!