Top
Image Alt

خصائص منهج أطفال ما قبل المدرسة

  /  خصائص منهج أطفال ما قبل المدرسة

خصائص منهج أطفال ما قبل المدرسة

وإذا كانت هذه أهم المطالب التي تتصل بمرحلة ما قبل المدرسة إلا أنها تفرض على هذه المرحلة لونًا معينًا ومذاقًا خاصًّا من التربية والتعليم للطفل، يتفق هذا مع المرحلة العمرية له فيها؛ لذا فإن كل شيء في منظومة التعليم والتعلم لطفل ما قبل المدرسة لا بد أن تضع في الحسبان خصائص تلك المرحلة، وخصائص الأطفال أيضًا، وما أكدت عليه الأدبيات والتربويات العالمية في تربية أطفال ما قبل المدرسة، ولا سميا إعداد المناهج، ومفردات هذه المناهج، والقضايا التي تتناولها هذه المناهج، وطريقة عرض هذه المناهج، والوسائل التعليمية المستخدمة مع أطفال تلك المرحلة، والأنشطة التي يمكن تناولها ودمجها في مناهج أطفال ما قبل المدرسة، وكذلك التقويم والتطوير المستمر لمناهج أطفال ما قبل المدرسة في ضوء التطور السريع والمتلاحق في بعض العمليات الخاصة بالتربية والتعلم وأساليبه، في ضوء المتغيرات التي تفرض نفسها على واقعنا المعاصر.

ولأن المنهج له القيمة الأساسية، وهو العماد الأساسي في تربية طفل ما قبل المدرسة، فإن الطفل في هذه المرحلة يحتاج إلى تربية تهتم بإيقاظ قواه، واستعداده الكامنة في نفسه، وترقيتها شيئًا فشيئًا؛ حتى يبلغ أقصى ما يمكن أن يصل إليه الطفل من الكمال، وذلك عن طريق منهج متكامل يراعي جوانب الطفل، ويراعي حاجاته واستعداداته، ويقدم له النشاط الذاتي، ويحضه على العمل والتعلم المنظم؛ حيث تقوم التربية بالإحاطة في هذه المرحلة بهذه المؤثرات التي تثير قواه، وتستدعي فيه ذلك النشاط، وهي تربية لا تكون عن طريق الاكتساب والتعلم بالتلقين، وإنما تكتسب عن طريق الاكتساب بالممارسة والمران عليها، بطريقة يغلب عليها اللعب وعدم الفردية وعدم الملل بالنسبة للطفل.

كما تعمل أيضًا على مقدار جهد الطفل في هذه المرحلة، وقدراته العقلية، وكيفية مواجهته للحقائق والمشكلات التي تواجهه حتى يشعر بزيادة قوته عندما يتغلب عليها، فيعدل من سلوكه، كذلك منهج يكون منهجًا بسيطًا، فعندما يقرأ الطفل معلومة أو يستمع إليها ثم يستدعيها بسهولة ويسر، فإن ذلك يكون عاملًا محفزًا للطفل؛ لأن يتعلم المزيد والمزيد وهكذا، ولذا ينبغي أن يكون هناك متخصصون على درجة عالية ممن لهم خبرات وباع في هذا المجال أثناء إعداد مناهج أطفال ما قبل المدرسة.

ولأن التعليم في هذه المرحلة يعمل على تربية الطفل تربية صحيحة وتربية نفسه أيضًا، ويؤدي إلى عملية ارتقاء ونمو في مستوى المتعلم، فإنه يثير في نفس الطفل المتعلم شوقًا إلى الاستزادة من العلم، وكذلك الاهتمام بالحرص عليه، وكذلك أيضًا قد ينمي لديه بعض عمليات التفكير والموهبة الإبداع والابتكار حين يزوده بمعلومات وحقائق نافعة ومرتبطة بحياته العملية التي ما زال يكتشفها الطفل ويستكشف ما فيها في هذه الفترة؛ فينمو عقله ويرتقي في وقت واحد، ويصبح التعلم بذلك وسيلة من وسائل التربية العقلية، والمنهج له الدور الأعظم في تحقيق تلك التربية العقلية، وهو الوسيلة الكبرى في تحقيق ذلك في تلك المرحلة.

ولأن هناك مظاهر لنمو الطفل في مرحلة ما قبل المدرسة، وهناك مكونات للنمو المختلفة للطفل في هذه المرحلة، وهي نفس مكونات النمو العامة للفرد، متمثلة في نموه الجسمي والعقلي، وكذلك نموه الانفعالي والاجتماعي، فإن واضعي المناهج والمخططين لها يجب أن يضعوا في الحسبان هذه الخصائص، وهذه المظاهر.

ومن بين هذه المظاهر أننا في السنة الرابعة تكثر أسئلة الطفل، وتزيد قدرته على إدراك التجانس والتشابه، كما يصل التفكير لدى الطفل إلى مرحلة التعميم، ويتمكن من الاعتماد على نفسه في الأعمال الروتينية اليومية، ولذلك ينبغي أن يكون المنهج مراعيًا الإجابة عن أسئلة الطفل في تلك المرحلة، كما يقدم له إجابات عما قد يدور بخلده بدون أن يسأل الطفل عنها، ويكون المنهج أيضًا مثيرًا ومشوقًا للطفل.

وفي السنة الخامسة يتم نضج الطفل الحركي، فيقفز ويقوم بالكثير من المهارات الحركية الأخرى، ويتحدث حديثًا خاليًا من لكنة الأطفال، ومن أسلوب الأطفال، ويجد نوعًا من الكبرياء في ملبسه ومظهره وما يقوم به من أفعال، كما تزداد ثقته في نفسه، ويصبح مواطنًا صغيرًا، لكنه في عالم خاص به.

لذلك يجب على المنهج في هذه المرحلة أن يراعي عملية النضج الحركي والنمو النفسي للطفل، ولا ينظر إليه أو لا يشعر الطفل أنه مازال صغيرًا جدًّا، ولكن يشعره المنهج بمدى النمو، وبأنه يخاطب طفلًا في نفس مستواه، أو بأن المنهج في مستوى الطفل، والطفل كذلك في مستوى المنهج، فيكون هناك تناسب بينهما. غير أنه يتميز عمومًا في السنة الخامسة بوضوح الترابطات الحركية وتصوراته والجمل اللغوية التي يستخدمها، وعلاقاته الشخصية الاجتماعية، وتكيفه للمنزل وأدوار الروضة، وهي روضة الأطفال بالمقارنة لطفل الرابعة، كما تقل صراعات الطفل آنئذ مع نفسه ومع من حوله، ويصبح أكثر ضبطًا لأعصابه في المواقف الحرجة والأزمات عن طفل المرحلة الرابعة.

ولذلك ينبغي في مناهج أطفال ما قبل المدرسة أن تكون على مستويات، ولكل سنة منها المناهج الخاصة بها، ويكون كل محتوى منهج منها مرادفًا وملائمًا لخصائص أطفال تلك السنة، وتلك المرحلة الصغيرة، وعلى ذلك فإن واضعي المناهج في أطفال ما قبل المدرسة لا بد أن يهتموا اهتمامًا دقيقًا بمعرفة المرحلة العمرية للطفل، وبمعرفة خصائص كل مرحلة؛ لأن كل مرحلة من المراحل العمرية للطفل في الروضة تختص بعدة متطلبات أساسية، أو في طفل ما قبل المدرسة عمومًا، تلك المطالب الأساسية خاصة بنموه فيها، ومن أهم تلك المتطلبات الأساسية ما يلي:

ضبط السلوك التلقائي للطفل، والتصرف بشكل مهذب أقرب إلى التعقل بدلًا من الاندفاع، وتأجيل إشباع الرغبات عندما يتطلب الموقف ذلك من غير صراع أو توتر، والسيطرة على المهارة اللغوية؛ لذا يجب على المناهج أن تهتم بالتأكيد على المهارات اللغوية وتعليمها وتدريسها وتضمينها في مناهج ما قبل المدرسة، واستخدام الوسائل والمعينات السمعية والبصرية في إطار تلك المناهج في تدريب وتعليم الطفل على المهارات اللغوية الصحيحة.

وأيضًا من هذه المتطلبات الأساسية استخدام الوحدات الأساسية التي يتضمنها النشاط المعرفي، وهي الشكل العام، والصور الذهنية، والرموز، والمفاهيم، والقواعد، وأيضًا النمو الخلقي، ويتمثل في: القيم والمعايير الاجتماعية، كاحترام ملكية وحقوق الآخرين، والكف عن العدوان غير المشروع وما إلى ذلك، والتوحد مع الدور الجنسي المحدد له بحكم جنسه الطبيعي، والقدرة على اللعب مع الآخرين.

وهذا مع الوضع في الاعتبار أن لكل مظهر من مظاهر النمو متطلباته الخاصة التي يجب على القائمين على إعداد مناهج أطفال ما قبل المدرسة أن يضعوها في الحسبان، وأن يراعوا كل هذه المتطلبات أثناء إعداد المنهج، بما يعمل في النهاية على الخروج بمنهج يتوافق مع هذه المتطلبات الأساسية التي تؤدي في النهاية إلى نمو الطفل نموًّا صحيحًا من كافة الجوانب العقلية والنفسية والحركية والانفعالية.

error: النص محمي !!