دراسة دلالة الألفاظ
دراسة الدلالة: هي دراسة لغوية تتناول العلاقة بين الرمز اللغوي ومعناه، وتطور معاني الكلمات تاريخيًّا، وتنوّع المعاني، والمجاز اللغوي، والعلاقات بين كلمات اللغة.
نأتي إلى هذه الجملة: دراسة لغوية تتناول العلاقة بين الرمز اللغوي ومعناه، أي أن اللفظ رمز لمعناه، والجملة: رمز لمفهومها، أو لمضمونها.
أيضًا ندرس في مجال الدلالة تطور معاني الكلمات تاريخيًّا، يوجد كلمات تتطور عبر الزمن يكون لها معنى، ثم بعد ذلك تتغير، فأيّ ثورة اقتصادية، أو أيّ ثورة اجتماعية، أو أيّ ثورة سياسية، أو ثورة دينية أيضًا عندما جاء الإسلام تغيّرت بعض الألفاظ، فماتت ألفاظ، وحَيَتْ أخرى، وتغيّرت بعض الألفاظ من معاني قديمة إلى معاني أخرى جديدة بوجود الإسلام.
فعندنا كلمات ماتت مثل: أنعِم صباحًا، وأنعم مساءً، وقولهم للملوك: أبيتَ اللعنَ، وما إلى ذلك.
وكلمات حَيَتْ بمجيء الإسلام لم تكن موجودة، كلفظ “النفاق”، فالمنافق لم تكن موجودة قبل الإسلام -يعني: في الجاهلة- ولكنها وجدت؛ لأن النفاق لم يوجد إلا في المدينة، فطبعًا تحيا بعض الألفاظ، وتموت أخرى، وتتغيّر معاني بعض الألفاظ من معنًى قديم إلى معنى حديث.
هذا ندرسه في المجال الدلالي، تطور معنى أو معاني بعض الألفاظ، عندنا مثلًا لفظ: التيمّم، أو لفظ الحجّ، ولفظ التوبة، ألفاظ تغيّر معناها من المعنى اللغوي إلى المعنى الشرعي.
الحج كان معناه: مطلق القصد، وعندما جاء الإسلام فأصبح معنى الحج: هو قصد بيت الله الحرام في وقت معين، وبأفعال معينة.
بحيث لو قصد بيت الله الحرام، ولكنه لم يقف بعرفة لا يُعَدّ حجًّا؛لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((الحج عرفة)) فإن فاته عرفة لم يكن حجًّا.
أيضًا التيمم: قصد الصعيد الطيب بأفعال معينة، إذًا تغيّر معناه من معنى لغوي كان قبل الإسلام، إلى الاصطلاح الإسلامي.
أيضًا ندرس في المجال الدلالي تنوّع المعاني، فعندنا مثلًا التضادّ، والتّرادف، والمشترك اللفظي.
ترادف: عندنا أكثر من كلمة بمعنى واحد، مثلًا: ذراع وساعد بمعنى واحد، أيضًا سكين ومدية الاثنان بمعنى واحد، مرحاض وكنيف الاثنان بمعنًى واحد؛ فإذًا لفظٌ له معنيان أو أكثر، يعني: لفظ متعدّد المعنى، ومعنى له أكثر من لفظ، مثلًا: حنطة، وبر، وقمح، الثلاثة بمعنى واحد؛ فالقمح عند الشام لهجة شامية، والحنطة عند الكوفيين نفس الحبة المعروفة.
والبرّ أيضًا عند الحجازيين، الثلاثة بمعنى واحد؛ فهذا نسميه المعنى المتعدد اللفظ، أو نسميه الترادف. إذًا الترادف ندرسه في المجال الدلالي.
بالعكس: لفظ يدل على أكثر من معنى؛ فلفظ “العين” تدل على العين الجارحة، وعلى أحد النقدين: الذهب أو الفضة.
وتدل على النفيس من كلّ شيء، نقول: هذا الرجل من أعيان البلد، أو هذه القصيدة من عيون الشعر يعني: من أنفس الشعر، أو من أجود الشعر… وما إلى ذلك.
أيضًا لفظ “الجلل” يدل على العظيم، والحقير. أو الضدين فـ”السدفة”: تدل على الضوء والظلمة، الضوء عند قبيلة قيس، والظلمة عند قبيلة تميم، شاعر تميم يقول :
وأقطع الليل إذا ما أسدفا | * | …. …. …. …. |
إذن لفظ يدل على معنيَيْن متقابلين، نسميه التضاد؛ إذًا العلاقة بين كلمات اللغة، أو تنوّع المعاني يعني: لفظ له أكثر من معنى، أو معنى له أكثر من لفظ، أو لفظ يدل على معنيين متقابلين.
المجاز اللغوي أيضًا من تنوّع المعاني، وهو اللفظ الذي يستعمل في غير ما وضع له؛ يعني: لفظ له حقيقة يستعمل في معنى آخر غيرها.
عندما نستعمل مثلًا: الأسد في الرجل الشجاع ومعناه الحقيقي: الحيوان المفترس، عندما نطلقه على الرجل الشجاع يكون هذا مجازًا لغويًّا.
أيضًا العلاقات بين كلمات اللغة -كما قلت- تدخل ضمن هذا المجال، مجال الدلالة: التضاد، والترادف، والمشترك في اللفظ… إلخ.