Top
Image Alt

ساعة وفاته صلى الله عليه وسلم وذهول الناس لهول النبأ، وثبات أبي بكر، تلاقي أبي بكر خطر الفتنة، أبو بكر خير من يخلفه صلى الله عليه وسلم

  /  ساعة وفاته صلى الله عليه وسلم وذهول الناس لهول النبأ، وثبات أبي بكر، تلاقي أبي بكر خطر الفتنة، أبو بكر خير من يخلفه صلى الله عليه وسلم

ساعة وفاته صلى الله عليه وسلم وذهول الناس لهول النبأ، وثبات أبي بكر، تلاقي أبي بكر خطر الفتنة، أبو بكر خير من يخلفه صلى الله عليه وسلم

أ. ساعة وفاته صلى الله عليه  وسلموذهول الناس لهول النبأ:

ثم دخل الحجرة وأرخى ستره وعلى الرغم مما أمِله المسلمون من عافية رسول الله صلى الله عليه  وسلم من أمره هذا وهم في صلاتهم، إلا أن الساعات التي تلت هذا الموقف كانت آخر الساعات في حياته صلى الله عليه  وسلم وفيها اشتد عليه وجع الموت، وبينما هو في حجر عائشة  رضي الله  عنها إذ دخل عبد الرحمن بن أبي بكر وفي يده سواك، فنظر إليه النبي صلى الله عليه  وسلم وأبّد النظر، فعلمت عائشة أنه يريد السواك، فتناولته من أخيها ولينته للنبي صلى الله عليه  وسلم فاستاك به، تقول فما استنّ رسول الله صلى الله عليه  وسلم استنانًا  أكمل منه ولا أتم، ثم بعد أن استاك صلى الله عليه  وسلم رفع يده وأصبعه وشخص ببصره نحو السقف وتحركت شفتاه لما أصغت إليه عائشة حيث سمعته صلى الله عليه  وسلم وهو ينطق بآخر كلامه: مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى، اللهمّ الرفيق الأعلى، كرر ذلك ثلاثة، وكان هذا آخر ما تكلم به صلى الله عليه  وسلم ثم مالت يده ولحقت بالرفيق الأعلى صلى الله عليه  وسلم وكان ذلك حين اشتد الضحى أو في منتصف النهار، وهنا قالت: فاطمة: يا أبتاه أجاب ربًا دعاه، يا أبتاه من جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه إلى جبريل ننعاه.

وهنا لم يصدق الناس ما نزل برسول الله صلى الله عليه  وسلم حتى إن عمر  رضي الله  عنه لما علم بوفاة الرسول صلى الله عليه  وسلم أخذ يقول: إن رسول الله صلى الله عليه  وسلم لم يمت ولكن ربه أرسل إليه كما أرسل إلى موسى فمكث عن قومه أربعين ليلة، والله إني لأرجو أن يعيش رسول الله صلى الله عليه  وسلم حتى يقطع أيدي رجالًا من المنافقين وألسنتهم يزعمون أو يقولون: إن رسول الله صلى الله عليه  وسلم قد مات.

ب. ثبات أبي بكر في الموقف الصعب:

ووقف الناس في ذهول كلهم حتى جاء أبو بكر لما علم بوفاة النبي صلى الله عليه  وسلم قدم من السُنح مسرعًا على فرسه فدخل على النبي صلى الله عليه  وسلم ولم يلتفت إلى عمر وكلامه، وقول الناس وذهولهم، ثم دخل على النبي صلى الله عليه  وسلم وهو مسجى في ناحية من البيت عليه بُرد حبرة، فأقبل حتى كشف عن وجه رسول الله صلى الله عليه  وسلم فقبله صلى الله عليه  وسلم ثم قال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، أما الموتة التي كتب الله عليك فقد ذقتها ثم لن تصيبك بعدها موتة، ثم رد البُردة على وجه رسول الله صلى الله عليه  وسلم وخرج وعمر يكلم الناس فقال:  على رسلك يا عمر، أنصت، فأبى عمر إلا أن يتكلم، فلما رآه أبو بكر لا ينصت أقبل على الناس، فقال لهم: أيها الناس، إنه مَن كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله، فإن الله حي لا يموت، ثم تلي هذه الآيةَ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِين} [آل عمران:144].

قال عمر: والله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت حتى تلاها أبو بكر يومئذٍ، وأخذ الناس هذه الآية عن أبي بكر فإنما هي في أفواههم، حتى قال عمر: فوالله، ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها، فعقرت حتى وقعت من الأرض ما تحملني رجلاي، وعرفت أن رسول الله صلى الله عليه  وسلم قد مات. هنا عَمَّ الذهولُ الناسَ، ونزل المصاب فادحًا بهم.

ج. تلاقي أبي بكر خطر الفتنة، أبو بكر خير من يخلفه صلى الله عليه  وسلم:

وإذا كان هذا أمر أبي بكر، وأمر ثباته في الناس، مما ثبت الناس لثبات أبي بكر رضي الله  عنه فإنه كان لأبي بكر في هذا اليوم أمر عظيم من مواقف الإسلام لهذا الرجل، فإن الأنصار كان لهم شأن في ثقيفتهم -ثقيفة بني ساعدة- التي اجتمعوا فيها يجعلون رجلًا خليفة لرسول الله صلى الله عليه  وسلم هو سعد بن عُبادة  رضي الله  عنه وهو رجل له مكانته في الإسلام وجهاده فيه، وهو أول رجل استخلفه النبي صلى الله عليه  وسلم عند أول خَرجَة له في غزوة الأبواء، ولعل الأنصار عرفوا فضل سعد بن عبادة ومكانته فيهم، ولذلك رشحوه؛ لأن يلي أمر المسلمين من بعده من بعده صلى الله عليه  وسلم.

ولكن حُمل نبأ اجتماع الأنصار في ثقيفة بني ساعدة إلى عمر بن الخطاب وإلى أبي بكر اللذين خفا إلى حيث الأنصار في ثقيفتهم حتى يتفادوا أمر الفُرقة التي أوشكت أن تطل برأسها في ذلك اليوم العصيب، ولما دخل أبو بكر وعمر إلى حيث الأنصار أراد عمر أن يتكلم، ولكنّ أبا بكر  رضي الله  عنه منعه من ذلك فقام فأحسن الكلام بعد أن تكلم الأنصار، وذكروا فضلهم وسابقتهم في الإسلام، ولكن أبا بكر قام وقال: إن العرب لن تعرف هذا الأمر -وهو أمر خلافة النبي صلى الله عليه  وسلم وقيادة الناس- إلا لهذا الحي من قرش، وذكر الأنصار وعملهم بالخير وأنهم كان لهم جهادهم ودورهم في الإسلام، وقال لهم: لقد كنتم أول من آزر فلا تكونوا من أول من بدل وغير.

وهنا قال أبو بكر للناس في الثقيفة: هذا عمر وهذا أبو عبيدة فاختاروا واحدًا منهما، ولكن عمر وأبا عبيدة قالا: ما كان لنا أن نتقدمك يا أبا بكر وقد رضيك النبي صلى الله عليه  وسلم لديننا -أي للصلاة- أفلا نرضاك لدنيانا. وهنا اجتمع أمر المسلمين في ثقيفة بني ساعدة على انتخاب أبي بكر خليفة للنبي صلى الله عليه  وسلم  وحسمت هذه الفتنة في ذلك اليوم.

error: النص محمي !!