Top
Image Alt

سرية عمرو بن العاص إلى قُضاعة

  /  سرية عمرو بن العاص إلى قُضاعة

سرية عمرو بن العاص إلى قُضاعة

لم تمضِ أيام على عودة خالد ومن معه إلى المدينة حتى أعدّ النبي صلى الله عليه  وسلم سرية أخرى عليها عمرو بن العاص  رضي الله  عنه، وجهها صلى الله عليه  وسلم إلى ذات السلاسل، وذلك لتأديب قُضاعة التي غَرَّها ما حدث في مؤتة، وكانت هي الأخرى اشتركت مع الروم أمام المسلمين؛ ولذلك بعث النبي صلى الله عليه  وسلم إليهم عمرًا لمَّا علم بأنهم يتجمّعون يريدون الدنوَّ من المدينة؛ فتقدم عمرو في ديارها، وكان معه ثلاثمائة من المهاجرين والأنصار، وأمره النبي صلى الله عليه  وسلم أن يستعين ببعض فروع قضاعة من بلي وعذرة وبلقين، وبلغ عمرو أن قضاعة خرجت واستعدت في جموع كثيرة.

وهنا بعث يستمدّ من النبي صلى الله عليه  وسلم فأمدّه بمائتين من المهاجرين والأنصار، عليهم أبو عبيدة عامر بن الجراح، وكان من أفراد هذه السرية المدد أبو بكر وعمر رضي الله  عنهما. وأمر النبي صلى الله عليه  وسلم أبا عبيدة أن يتطاوع. ومع أنه كان في رجال السرية أبو بكر وعمر وغيرهما من كبار المهاجرين والأنصار، ونعلم تأخّر إسلام عمرو، فلم تَكَدْ تمرّ شهور على إسلامه، ومع ذلك فإن النبي صلى الله عليه  وسلم أمَّره على هذه السرية؛ بل إنه صلى بالناس كلهم وبالمدد الذي جاء به أبو عبيدة، وكان أميرًا عليه، فما وسع أبا عبيدة إلا أن يسلم بطاعة عمرو لأن النبي صلى الله عليه  وسلم وصّاه بذلك.

كما أن عمرًا بعد ذلك أمر المسلمين ألا يوقدوا نارًا في ليلة كانوا يحتاجون فيها إلى النار للتدفئة، ولما شكوا ذلك للنبي صلى الله عليه  وسلم، وعرف منه صلى الله عليه  وسلم بأنه خشي أن يرى العدو نارهم فيستقلّها، فيعلم من ذلك قلّة عدد المسلمين؛ فاستحسن النبي صلى الله عليه  وسلم هذا التصرف من عمرو  رضي الله  عنه.

ثمّ إن هذه السرية قامت بهذه المهمّة التي خرجت من أجلها، فتوغّل المسلمون في ديار قضاعة التي هربت، وتفرقت، وأعاد ذلك في نفوس الأعراب ومن حولهم من نواحي الشام الهيبة للمسلمين، والخوف منهم، وهكذا تمّ النصر من الله عز وجل للمسلمين في هاتين السريتين اللتين تلاحقتا في وقت قريب في هذا الميدان الجديد سرية مؤتة، وسرية ذات السلاسل كما رأينا.

error: النص محمي !!