سمات الأصوات من جهر أو همس، وشدة أو إطباق، أو انفتاح أو استعلاء
الصوت الصائت هو: صوت لغوي لا يصحبه في صدوره صفير أو حفيف وليس في مجراه حوائل، كما يصحب صوت السين أو الصاد (أصوات الصفير) أصوات صامتة.
مثال: عندما نقول: “قال” الألف، لا يصحب الصوت صفير ولا حفيف وليس في مجراه حوائل، بخلاف الصوت الصامت. الصوت الصامت: إما أن يصحبه عائق “إد – إب” عائق في الشفتين. “إت” عائق في طرف اللسان وأصول الثنايا العليا. “إج” عائق في وسط اللسان مع ما يقابله من الحنك الأعلى. “إج – إق” عائق في أقصى اللسان مع ما يقابله من الحنك الأعلى.
ينقسم صوت اللين من حيث الكم –يعني من حيث الكمية– إلى ما يأتي:
أولًا: صوت لين مختلس، وهي الحركة المختلسة وتسمى في القراءات بالرَّوْم، والروم أن ننطق الحركة بكمية أقل، تقطع منها جزء من زمانها، فمثلًا في قوله: “يأمرُكُم” ننطقها “يأمرْكُم” باختلاس الحركة، نسميه صوت لين مختلس، يظن السامع أنك تسكن “يأمركم”.
ثانيًا: صوت لين قصير: الفتحة – والضمة – والكسرة، وصوت لين طويل: أصوات المد الطبيعي في التجويد، “قال” الألف تمد بمقدار حركتين، ومد الحركة بمقدار قبض الأصبع أو بسطه، وصوت لين مديد: وهو صوت المد حين تكون بعده همز أو ساكن في القراءات، عندما نقول مثلًا: {يَشَاءُ} [آل عمران:129] {الضَّالِّينَ} [الأنعام:77].
عندما نحلل صوتيًّا نقول: صوت اللين ينقسم إلى أربعة أقسام:
القسم الأول: صوت لين مختلس، “يأمركم”.
القسم الثاني: صوت لين قصير: الفتحة – الضمة – الكسرة.
القسم الثالث: صوت لين طويل: يمد بمقدار حركتين وهو الألف والواو والياء، فالألف تمدّ بمقدار حركتين دائمًا في المد الطبيعي، والواو عندما تكون ساكنة وقبلها ضم “يقول”، والياء عندما تكون ساكنة وقبلها الكسر “يميل”.
القسم الرابع: صوت لين مديد: هو الألف وبعد الألف إما همزة أو ساكن {يَشَاءُ}، {الضَّالِّينَ}، ساكن؛ لأن الحرف المشدد بحرفين: الأول ساكن، والثاني متحرك؛ إذًا {الضَّالِّينَ} اللام هنا الحرف الأول -من الحرف المشدد- ساكن أتى بعد الألف، فهنا يمد الألف صوت لين مديد، يعني مد أكثر من صوت لين عادي هو المد الطبيعي.
يتنوع صوت اللين أيضًا من حيث الكيف إلى:
– صوت لين أمامي.
– وصوت لين خلفي.
– وصوت لين متسع.
– وصوت لين ضيق.
صوت لين أمامي: وهو صوت يشترك في صدوره طرف اللسان. ومثاله: الكسرة والفتحة الممالة نحو الكسرة. يعني عندما نقول: “إي – إي” يرتفع طرف اللسان إلى أقصى درجة ممكنة دون أن يحدث حفيفًا؛ ولذلك نسميه صوت لين أمامي. أيضًا الفتحة الممالة نحو الكسرة مثلًا في قوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ} [آل عمران:159] في قراءة حمزة والكسائي: “فبما رحْمِة” قراءة تمثل صوت الفتحة الممالة.
صوت لين خلفي: يشترك في صدوره أقصى اللسان، مثاله: الضمة والفتحة الممالة نحو الضمة، يمثلها في اللغة العربية الضمة، ويمثلها في النطق الدارج كلمة “يوم” فتح الممالة إلى الضمة، أصلها “يَوْم”، الياء هنا مفتوحة والفتحة أميلت نحو الضم. وفي نطق بعض القبائل “الصلاة” إمالة الواو نحو الضم “الصلاة” تسمى ألف التفخيم في اللغة الحجازية؛ ولذلك كتبت في المصحف بالواو “الصلوة”.
صوت لين متسع: وهو صوت يتسع معه مجرى الهواء أكثر من اتساعه مع أصوات اللين الأخرى، مثل الفتحة المفخمة في: “صَبَرَ” و”طَمَعَ”؛ لأن عندنا أصوات التفخيم هي أصوات الإطباق الصاد الضاد الطاء الظاء، فعندما يأتي بعد أيِّ صوت من أصوات التفخيم -الصاد، الضاد، والطاء، الظاء- تأتي حركة تكون هذه الحركة أيضًا مفخمة.
صوت لين ضيق: وهو صوت لين يكون معه مجرى الهواء أضيق ما يمكن أن يصل إليه مع أصوات اللين الأخرى؛ بحيث لا يدخل في نطاق الأصوات الساكنة، يمثل هذا الصوت الضمة والكسرة في اللغة العربية الفصحى، هنا يكون مجرى الهواء أضيق ما يمكن أن يصل إليه، فكسرة “إي” “إي” وضمة “أو” وضمة “أت” أو يكون مجرى الهواء أضيق ما يمكن أن يصل إليه مع اللغة العربية.
النوع الثاني: الصوت الصامت:
صوت صامت أو صوت ساكن، عندما نقول: صامت يكون أفضل من الساكن؛ لأننا لو قلنا: ساكن ربما يذهب الذهن إلى ساكن يعني مشكل بالسكون، الصوت الصامت صوت يضيق عند صدوره مجرى الهواء؛ فيسمع له صفير أو حفيف، أو ينحبس لحظة؛ فيسمع له انفجار مثل الصاد والفاء والباء والكاف. مثل “إص” أو حفيف “إف” ومثل الباء والكاف؛ فعندنا “إب” “إج” ينحبس الهواء لحظة؛ فيسمع له انفجار؛ وعند المحدثين يسمى صوتًا انفجاريًّا، وعند القدماء يسمى صوتًا شديدًا.
الصوت الصامت ينقسم إلى: مجهور ومهموس:
الصوت المجهور: وهو الذي يهتز معه الوتران الصوتيان. الوتران الصوتيان في الحنجرة يمتدان أفقيًّا، هما رباطان مرنان يمتدان أفقيًّا من الخلف إلى الأمام يلتقيان عند البروز الحنجري -المسمّى بتفاحة آدم-، وعندما يكون الصوت مجهورًا يقترب الوتران بعضهما من بعض فيحدث الاهتزاز، هذا الاهتزاز المنتظم نسميه صوتًا مجهورًا، ننطق مثلًا الدال “إد” “إز” “إذ” الصوت المجهور يهز الأوتار الصوتية، وعندما ننطق الصوت المجهور نضع يدنا على البروز الحنجري؛ فنحس باهتزازات.
الصوت المهموس: هو صوت لا يهتز معه الوتران الصوتيان، مثاله التاء – والثاء – والحاء – والخاء – والسين – والشين – والصاد – والفاء – والكاف – والهاء – مجموعة في “سكت فحثه شخص”. الكاف – التاء – الفاء – الحاء – الثاء – الهاء – الشين – الخاء – الصاد – والطاء – والقاف – عند المحدثين.
أما عند القدماء كالخليل وسيبويه فـ”الطاء” و”القاف” من الأصوات المجهورة موجودة طبعًا في كتب العلماء، إنما بحسب التجارب الحديثة والمعامل الصوتية، فوجد أن صوت الطاء صوت مهموس؛ يعني لا يهز الأوتار الصوتية، ووجد أن صوت القاف صوت مهموس.
الأصوات الشديدة: هي الهمزة – والباء – والتاء – والدال – والطاء – والقاف – والكاف – والجيم غير المعطشة، هذه الأصوات الشديدة جمعت في “أجدت طبقك”.
الصوت الرّخو أو الاحتكاكيّ: وهو الصوت المتنادي الذي يتسرب معه الهواء خلال مجرى ضيقٍ عند مخرجه، وتسمع حركة الهواء عند صدوره، مثاله: الهاء – والحاء – والعين – والخاء – والغين – والشين – والجيم المعطشة – والسين والصاد- والزاي – والظاء- والذال- والثاء- والفاء، هذه الأصوات تسمى أصوات رخوة، وتسمى عند المحدثين أصوات احتكاكية، وهو مجرد اصطلاح.
الصوت المستعلي: وهو صوت يرتفع معه مؤخر اللسان نحو الحنك الأعلى. وأصوات الاستعلاء هي: الصاد – الضاد – الطاء – الظاء – القاف – الخاء – والغين – والراء واللام المفخمتان، وهي مجموعة في “خص ضغط قظ”. اللام والراء المفخمتان، مثلًا اللام عندما تأتي في لفظ الجلالة، مثلًا “رسول الله” اللام مفخمة تفخيمًا جزئيًّا يعني في أماكن معينة.
حروف التفخيم الكامل: الصاد – والضاد – والطاء – والظاء، والتفخيم الجزئي وأصواته هي الخاء والقاف والغين، والتفخيم المتغير هو أن يكون الصوت مفخمًا في مواضع معينة، وصوتاه هما اللام والراء، يعني قد يكون مفخمًا وقد يكون مرققًا.
متى تكون اللام مفخمة؟
في لفظ الجلالة إذا كانت بعد فتح نحو قوله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 18] الدال مفتوحة يعني لا نقول: “شهد الله”، اللام هنا مفخمة. “قال الله” اللام هنا في لفظ الجلالة بعد فتحة ، أو وقعت بعد ضم نحو “رسولُ الله” اللام تفخم في لفظ الجلالة كما تفخم -في غير لفظ الجلالة- إذا وقعت بعد أحد حروف الإطباق؛ لأن حروف الإطباق مفخمة.
مثلًا “صلاة” الصاد هنا قبل اللام، وقعت اللام بعد الصاد. الراء تفخم إن فتحت ولم تسبق بكسر.
وإن سكنت الراء وسبقت بفتح: {وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [النور:38] “يرْزق” إن سكنت الراء وسبقت بكسر ووليها صوت من أصوات الاستعلاء: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة:122] ولا بد من تفخيم الراء إذا كان بعدها ألف، وأعلى أصوات الإطباق هي الطاء.
عندما ندرس الأصوات لا ندرس هذه الأصوات منعزلة عن السياق؛ فبعض الأصوات المهموسة قد يصيبها الجهر عندما تكون بجوار الأصوات المجهورة، عندما قلنا في مثال قبل ذلك في قوله تعالى: {حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} [القصص: 23] {حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} هنا صوت الصاد صوت مهموس.
القاعدة الصوتية: أنه إذا تجاور صوتان: مجهور ومهموس؛ فالذي يؤثر في الآخر هو الصوت المجهور.
والذي يذوب في الآخر هو الصوت المهموس. فصوت الصاد صوت مهموس تأثر هنا بصوت الدال فنطقت الصاد زايًا.