Top
Image Alt

(سنن ابن ماجه)

  /  (سنن ابن ماجه)

(سنن ابن ماجه)

ابن ماجه: هو محمد بن يزيد الحافظ الحجة المفسر، أبو عبد الله القزويني، صاحب السنن، ولد سنة تسع ومائتين، وقد قال عن كتابه: عرضت هذه السنن على أبي زرعة الرازي، فنظر فيه -أي: في كتاب السنن- وقال: أظن إن وقع هذا في أيدي الناس تعطّلت هذه الجوامع أو أكثرها، ثم قال: لعل لا يكون فيه تمام ثلاثين حديثًا مما في إسناده ضعف، أو نحو هذا.

قال الخليلي عن ابن ماجه: ثقة كبير، متفق عليه، محتج به، له معرفة بالحديث وحفظه، وله مصنفات في السنن والتفسير والتاريخ، وكان عارفًا بهذا الشأن.

وقال الذهبي: كان ابن ماجه حافظًا ناقدًا صادقًا، واسعَ العلم، وإنما غَضَّ من رتبة سننه ما في الكتاب من المناكير وقليل من الموضوعات، وقول أبي زرعة إن صح فإنما عنى بثلاثين حديثًا الأحاديث المطرحة الساقطة، وأما الأحاديث التي لا تقوم بها حجة -أي: بسندها- فكثيرة لعلها نحو الألف. عاش أربعًا وستين سنةً.

قال ابن حجر: كتابه في السنن جامع جيد كثير الأبواب والغرائب، وفيه أحاديث ضعيفة جدًّا؛ حتى بلغني أن السري كان يقول: مهما انفرد بخبر فهو ضعيف غالبًا، قال ابن حجر: وليس الأمر في ذلك على إطلاقه باستقراء.

وفي الجملة ففيه أحاديث منكرة، لكن حمله على الرجال أولى، وأما حمله على الأحاديث فلا يصح.

وذكر أن فيه الأحاديث الصحيحة والحسان مما انفرد به عن الخمسة، وذكر ابن طاهر أن أبا زرعة وقف عليه فقال: ليس فيه إلا نحو سبعة أحاديث -أي: ساقطة- وحكى ابن عساكر أن أول من أضاف كتاب ابن ماجه إلى الأصول أبو الفضل بن طاهر، قال: فإنه عمل أطرافه معها, وصنف جزءًا آخر في شروط الأئمة الستة فعده منهم، ثم عمل الحافظ عبد الغني كتاب (الكمال في أسماء الرجال) الذي هذّبه الحافظ أبو الحجاج المزي، فذكره فيهم. وإنما عدل ابن طاهر ومَن تبعه عن عد (الموطأ) إلى عد ابن ماجه؛ لكون زيادات (الموطأ) على الكتب الخمسة من الأحاديث المرفوعة يسيرة جدًّا، بخلاف ابن ماجه؛ فإن زياداته أضعاف زيادات (الموطأ)، فأرادوا بضم كتاب ابن ماجه إلى الخمسة تكثير الأحاديث المرفوعة.

وقد ألف أحد علماء الحديث (زوائد ابن ماجه)، وحكم على الأحاديث، وتكلم عليها وسمى كتابه (مصباح الزجاجة)؛ فمما ذكره فيه حديث ابن ماجه بسنده عن مجالد, يذكر عن الشعبي عن جابر بن عبد الله أنه قال: “كنا عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فخط خطًّا، وخط خطين عن يمينه وخط خطين عن يساره، ثم وضع يده في الخط الأوسط، فقال: ((هذا سبيل الله))، ثم تلا هذه الآية: {ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ-رضي الله عنهم-” [الأنعام: 153]. قال: هذا إسناد فيه مقال؛ من أجل مجالد بن سعد أو سعيد.

وروى أيضًا بسنده عن حماد بن زيد عن مجالد عن الشعبي عن قرظة بن كعب، أنه قال: “بعثنا عمر بن الخطاب إلى الكوفة وشيعنا، فمشى معنا إلى موضع يقال له: صرار، وفيه أنه قال لهم: إنما مشيت معكم؛ لحديث أردت أن أحدثكم به، فأردت أن تحفظوه لممشاي معكم. إنكم ستقدمون على قوم, للقرآن في صدورهم هزيزٌ كهزيز المرجل، فإذا رأوكم مدوا إليكم أعناقهم، وقالوا: أصحاب محمد، فأقلوا الرواية عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم أنا شريككم”. قال: هذا إسناد فيه مقال من أجل مجالد، لكن لم ينفرد به مجالد عن الشعبي، فقد رواه الحاكم في (المستدرك) عن محمد بن يعقوب الأصم عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم, عن ابن وهب عن ابن عيينة عن بيان عن الشعبي به، وقال: صحيح الإسناد، وله طرق تجمع ويذاكر بها. وقرظة بن كعب صحابي سَمِعَ رسولَ الله-صلى الله عليه وسلم-, قال: وأما رواته فقد احتجا بهم. وعلق الذهبي في (التلخيص) على هذا الحديث فقال: صحيح وله طرق.

والأمثلة كثيرة في (مصباح الزجاجة), وهي تبين الحق التفصيلي فيما يتصل بزوائد ابن ماجه.

قال ابن حجر في نكته عن كتاب ابن ماجه (السنن): تفرد فيه بإخراج أحاديث عن رجال متهمين بالكذب وسرقة الأحاديث، وبعض تلك الأحاديث لا تعرف إلا من جهتهم، مثل: حبيب بن أبي حبيب كاتب مالك، والعلاء بن زيد، وداود بن المحبر، وعبد الوهاب بن الضحاك، وإسماعيل بن زياد السكوني، وعبد السلام بن أبي الجنوب وغيرهم، وأما ما حكاه ابن طاهر عن أبي زرعة الرازي أنه نظر فيه فقال: لعل لا يكون فيه تمام ثلاثين حديثًا مما فيه ضعف، فهي حكاية لا تصح لانقطاع إسنادها وإن كانت محفوظة، فلعله أراد ما فيه من الأحاديث الساقطة إلى الغاية، أو كان ما رأى من الكتاب إلا جزءًا منه فيه هذا القدر.

وقد حكم أبو زرعة على أحاديث كثيرة منه بكونها باطلة أو ساقطة أو منكرةً، وذلك محكي في كتاب (العلل) لابن أبي حاتم، وكان الحافظ صلاح الدين العلائي يقول: ينبغي أن يعد كتاب الدارمي سادسًا للكتب الخمسة بدل كتاب ابن ماجه؛ فإنه قليل الرجال الضعفاء، نادر الأحاديث المنكرة والشاذة، وإن كانت فيه أحاديث مرسلة وموقوفة؛ فهو مع ذلك أولى من كتاب ابن ماجه.

error: النص محمي !!