Top
Image Alt

شروط المصالَح به أو المصالَح عليه

  /  شروط المصالَح به أو المصالَح عليه

شروط المصالَح به أو المصالَح عليه

والمصالح به، أو المصالح عليه هو بَدَلُ الصلح، وشروطه عند الفقهاء لا تزيد على اثنين:

الشرط الأول: أن يكون بدل الصلح مالًا متقوّمًا؛ لأن الصلح فيه معنى معاوضة؛ لأنه قد يدعي عليه بشيء فيدفع جزءًا منه، فهو معاوضه كأنه عاوضه بالنصف عن الكل الذي يدعيه، أو أخذ شيئًا مكان شيء, فكأنه عاوضه بهذا الشيء عن الشيء الذي يدعيه، فالشرط في كلٍّ من الحالتين أن يكون مالًا متقوّمًا؛ لأن الصلح فيه معنى معاوضة، فكل ما لا يصلح عوضًا في البيع لا يصح جعله بدل صلح.

إذًا: الذي يصلح أن يكون بدلًا قد يكون دينًا، وقد يكون عينًا، وقد يكون منفعة، فلو صالح شخص آخر على قدر من الدراهم، وهذه عين متعينة ظاهرة وواضحة أمامه يملكها ويلمسها، أو قد يصالحه على سكنى دار, فهذه منفعة، أو ركوب دابة.

وبناء على هذا, ما دام هذا الشرط مطلوبًا, وهو أن بدل الصلح أو المصالح به يشترط أن يكون مالًا متقومًا؛ فلا يصح الصلح على الخمر، والخنزير، والميتة، والدم، وصيد الحرم، فكل ما يجوز بيعه وشراؤه يجوز الصلح عليه، وما لا يجوز بيعه ولا شراؤه لا يجوز أن يقع الصلح عليه.

الشرط الثاني في المصالح به, أي: ما يقع عليه الصلح وهو بدل الصلح: أن يكون معلومًا؛ فلا يجوز أن يكون الصلح بمجهول، أي: غير معلوم؛ لأن جهالة البدل تؤدي إلى المنازعة، والحنفية يشترطون هذا الشرط فيما إذا كان المصالح به مما يحتاج إلى قبض وتسليم، فالذي يحتاج إلى قبض وتسليم لا بد أن يكون معلومًا، وإذا كان الذي لا تسلم فيه ولا تسليم لا يفضي إلى منازعة، فعليه لا يمنع الجواز؛ لأن جهالة البدل لا تمنع جواز العقد؛ لأنها لا تفضي إلى المنازعة، وما دام الذي يفضي إلى المنازعة هو الذي يمنع من التسليم والتسلم، يبقى هذا لا يجوز أن يكون بدل صلح؛ لأنه غير معلوم.

المثال: لو ادعى شخص حقًّا في دار آخر، بأن قال له مثلًا: هذه الدار داري، والشخص الآخر المدعى عليه يدعي أن له حقًّا في أرض بيد المدعي، يقول له: أنت تدعي أن هذه الدار دارك، وأنا أدعي أن الأرض التي بيدك أرضي، فتصالحا على ترك الدعوى، هذا يترك له الدار وهذا يترك له الأرض، فإذا تصالحا على ترك الدعوى جاز هنا، وإن لم يكن منهما بيان لمقدار الحق؛ لأنه ما دام قد تصالحا لم يكن هناك تسليم ولا تسلم، وعليه لم تكن هناك منازعة، والجهالة هنا لا تفضي إلى المنازعة.

إذًا: اشترط أبو حنيفة شرطًا هنا -كأن هذا الشرط الذي اشترطه هو أبو حنيفة- وهو أن بدل الصلح لا بد أن يكون معلومًا، والمجهول هو الذي يفضي إلى المنازعة عند التسليم والتسلم؛ وعليه ما لا يفضي إلى المنازعة لا يمنع جواز أن يكون البدل فيه جهالة لا تفضي إلى المنازعة، وعليه فالصلح جائز.

error: النص محمي !!