Top
Image Alt

شروط النسائي في سننه

  /  شروط النسائي في سننه

شروط النسائي في سننه

قال الحازمي: إن أبا داود والنسائي يخرجان من أحاديث الطبقة الأولى والثانية والثالثة ولا يتجاوزانها إلى الرابعة في الأصول، بخلاف المتابعات والشواهد؛ غير أن (سنن النسائي) تقدم على (سنن أبي داود) لتحري مؤلفه واحتياطه في أمر الرجال، وفحصه الشديد عن حال الرواة، وتركه لكثير ممن روى عنه أبو داود والترمذي.

وكان أبو بكر بن الحداد كثير الحديث ولم يحدث عن غير النسائي، وقال: رضيتُ به حجة بيني وبين الله سبحانه، وكان النسائي يتحرى في الألفاظ إلى جانب تحريه في الرجال؛ فلا يتساهل في وضع “حدثنا” مكان “أخبرنا” ونحو ذلك، وكان فقيهًا.

قال الدارقطني: كان أفقه مشايخ عصره وأعلمهم بالحلال والحرام، وقد سمى “سننه الصغرى” (المجتبى) ورتبها على الأبواب الفقهية كبقية كتب السنة، وللحافظ ابن كثير رأي وهو أن في السنن رواية عن الرجال المجهولين، إما عينًا أو حالًا، وفيهم المجروح، وفيها أحاديث ضعيفة ومعللة ومنكرة، وكلامه محمول على (السنن الكبرى) لا (الصغرى)، وقد اضطره إلى ذلك جمعه لطرق الحديث صحيحها وسقيمها؛ لتظهر عيوب الضعيف وعلله من زيادة راوٍ أو نقصه، أو وجود تدليس، أو زيادة مخالفة في المتن، أو شذوذ، أو نكارة.

و(السنن الكبرى) مرتبة على الأبواب التابعة للكتب، وندر في (السنن الصغرى) تكرار الحديث.

ومن خصائص (السنن الصغرى) -(المجتبى)- أنها جمعت الأحاديث بحسب الموضوع الذي يندرج تحته الحديث، وقسم الكتاب -كتاب (السنن)- إلى كتب وأبواب يشتمل عليها كل كتاب، وجمعت فيه الأحاديث المتصلة بالسنن -أي: الأحكام الشرعية- التي تندرج في أبواب الفقه من العبادات والمعاملات وما يلزم امتثال ذلك والانتفاع به من الإيمان والذكر ونحو ذلك، ويكرر النسائي الحديث فيه سندًا ومتنًا في موطن واحد وفي مواطن متكررة؛ بحسب ما يشتمل عليه الحديث من معانٍٍ وما انتخبه النسائي من رواياته، ووضع تراجم عامة لأسماء الكتب وتراجم خاصة لأسماء الأبواب ظهر فيها فقهه وفضله.

ومن فوائده: معرفة المعاني التي يشتمل عليها الحديث والتي استنبطها الإمام النسائي من الأحاديث، وفهم أسرار ومنهج التأليف في (السنن), وجمع طرق مختلفة للحديث الواحد سندًا ومتنًا.

قال ابن رجب: وقد اعتُرِض على الترمذي -رحمه الله- بأنه في غالب الأبواب يبدأ بالأحاديث الغريبة الإسناد غالبًا، قال: وليس ذلك بعيب، فإنه -رحمه الله- يبين ما فيها من العلل، ثم يبين الصحيح من الإسناد، وكان قصده -رحمه الله- ذكر العلل؛ ولهذا تجد النسائي إذا استوعب طرق الحديث بدأ بالغلط, ثم يذكر بعد ذلك الصواب المخالف له، قال: وأما أبو داود -رحمه الله- فكانت عنايته بالمتون أكثر؛ ولهذا يذكر الطرق واختلاف ألفاظها والزيادات المذكورة في بعضها دون بعض, فكانت بفقه الحديث أكثر من عنايته بالأسانيد؛ فلهذا يبدأ بالصحيح من الأسانيد، وربما لا يذكر الإسناد المعلل بالكلية.

وقال ابن حجر -فيما كتبه محقق (النكت)-: إنه نقل عن الحافظ المنذري اختلاف العلماء في قول الصحابي: “كان يقال كذا”، وإن الجمهور على أنه إذا أضافه إلى زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- يكون مرفوعًا، ومما يؤيد أن حكمها الرفع مطلقًا ما رواه النسائي من حديث عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- أنه قال: كان يقال: “صائم رمضان في السفر كالمفطر في الحضر”؛ فإن ابن ماجه رواه من الوجه الذي أخرجه منه النسائي بلفظ: “قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-” فدل على أنها عندهم من صيغ الرفع.

قال المحقق: فرجعت إلى الحديث في (النسائي) و(ابن ماجه) فوجدت أن مداره على الزهري، وقد اختلف عليه ابن أبي ذئب وأسامة بن زيد؛ فأما ابن أبي ذئب فرواه عن الزهري عن أبي سلمة ثم عن حميد بن عبد الرحمن عن أبيهما عبد الرحمن بن عوف موقوفًا عليه من قوله، وأما أسامة بن زيد فرواه عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه مرفوعًا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي رواية ابن ماجه، وأسامة بن زيد متفق على ضعفه، قد خالف بن أبي ذئب وهو ثقة ضابط؛ فرواية أسامة -على هذا- تعتبر منكرة، ومنه يتضح أن الرفع في روايته لم يأتِ بناء على هذه الصيغة؛ كان يقال: كذا من صيغ الرفع، وإنما سبب ذلك وهم وخطأ أسامة بن زيد؛ حيث رفع الرواية المحفوظ فيها عن الزهري الوقف على عبد الرحمن بن عوف.

وذكر ابن حجر مثالًا للمنكر ذكرناه في (سنن أبي داود), وهو حديث همام عن ابن جريج عن الزهري عن أنس في وضع الخاتم عند دخول الخلاء، قال: وقد نُوزع أبو داود في حكمه عليه بالنكارة؛ مع أن رجاله من رجال الصحيحين، والجواب: أن أبا داود حكم عليه بكونه منكرًا؛ لأن همامًا تفرد به عن ابن جريج، وهمام وإن كان من رجال الصحيح, فإن الشيخين لم يخرجا من رواية همام عن ابن جريج شيئًا؛ لأن أخذه عنه كان لما كان ابن جريج بالبصرة، والذين سمعوا من ابن جريج بالبصرة في حديثهم خلل من قِبَله، والخلل في هذا الحديث من جهة أن ابن جريج دلسه عن الزهري بإسقاط الواسطة وهو زياد بن سعد، ووهم همام في لفظه -على ما جزم به أبو داود وغيره- وهذا وجه حكمه عليه بكونه منكرًا، وحكم النسائي عليه بكونه غير محفوظ أصوبُ، فإنه شاذ في الحقيقة؛ إذ المنفرد به من شرط الصحيح، لكنه بالمخالفة صار حديثه شاذًّا، وقلنا: إن القول بأنه منكر -كما قال أبو داود- أصوب؛ لأنه لم يخالف الثقات فقط، وإنما أتى برواية أو بمتن لا يوجد ما يشهد له من الأحاديث.

وذكر متابعة يحيى بن المتوكل له عن ابن جريج، وقال: قد تفيد؛ لكن قول يحيى بن معين لا أعرفه -أراد به جهالة عدالته لا جهالة عينه؛ فلا يعترض عليه بكونه روى عنه جماعة؛ فإن مجرد روايتهم عنه لا تستلزم معرفة حاله؛ فالمتابع ضعيف، والضعيف لا يعلل القوي ولا يزيل علته، قال ابن حجر: وأما ذكر ابن حبان له في (الثقات)؛ فإنه قال فيه مع ذلك: كان يخطئ، وذلك مما يتوقف به عن قبول أفراده، ثم قال ابن حجر: على أن للنظر مجالًا في تصحيح حديث همام؛ لأنه مبني على أن أصله حديث الزهري عن أنس -رضي الله عنه- في اتخاذ الخاتم -وهذا ذكره أبو داود في تعليل الحديث كما تقدم- ولا مانع أن يكون هذا متنًا آخر غير ذلك المتن، وقد مال إلى ذلك ابن حبان فصحّحهما جميعًا. ولا يُقبل تفرد همام؛ بل ومعه يحيى بن المتوكل المتابع له بمتن لا أصل له في الحديث، وأبو داود أعلم بحديث البصريين، وهذه المتابعة لا تغني شيئًا، ويحتمل أن أحدهما أخذ من الآخر أو اعتمد على الآخر.

قال ابن حجر: ولا علة له عندي إلا تدليس ابن جريج؛ فإن وُجد عنه التصريح بالسماع فلا مانع من الحكم بصحته. وهو في كل ذلك يتجاهل كلام أبي داود أن المتن الوارد من هذا السند هو المعتمد، وأن المتن في هذه الرواية لهمام ولمتابعه ليس له أصل في كتب الحديث.

قال ابن حجر: وأما حديث أبي ذكير في أكل البلح بالتمر؛ فقد أورده الحاكم في (المستدرك)، لكنه لم يحكم له بالصحة ولا غيرها، وأما ابن الجوزي فذكره في (الموضوعات) والصواب فيه: ما قال النسائي وتبعه ابن الصلاح: إنه منكر؛ باعتبار تفرد الضعيف به على إحدى الروايتين، وقد جزم ابن عدي بأنه تفرد به، قال: وقول الخليلي: “إنه شيخ صالح” أراد به في دينه لا في حديثه؛ لأن من عادتهم إذا أرادوا وصف الراوي بالصلاحية في الحديث قيّدوا ذلك فقالوا: صالح الحديث؛ فإذا أطلقوا الصلاح فإنما يريدون به في الديانة -أي: وليس في الضبط.

وذكر ابن حجر حديثًا معللًا ورد في (النسائي), وقال: ومن المواضع الخفية في الأحاديث المعللة ما ذكره ابن أبي حاتم قال: سألت أبي عن حديث رواه حماد بن سلمة عن عكرمة بن خالد عن ابن عمر { عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “من باع عبدًا وله مال…” الحديث, فقال: قد كنت أستحسن هذا الحديث من ذي الطريق؛ حتى رأيت من حديث بعض الثقات عن عكرمة بن خالد, عن الزهري عن ابن عمر { فعاد الحديث إلى الزهري، والزهري إنما رواه عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه وهو المعلول، قال: يعني لأن نافعًا عن ابن عمر {, فجعل مسألة بيع العبد عن عمر -رضي الله عنه- ومسألة بيع النخل عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. قال النسائي: سالم أجلّ من نافع؛ ولكن القول في هذا الأمر قول نافع، وكذا قال علي بن المديني والدارقطني، قال العلائي: وبهذه النكتة يتبين أن التعليل أمر خفي؛ لا يقوم به إلا نقاد أئمة الحديث دون الفقهاء, الذين لا اطِّلاع لهم على طرقه وخفاياها.

قال ابن حجر: فسبب الخفاء في هذا المثال أن عكرمة بن خالد أكبر من الزهري، وهو معروف بالرواية عن ابن عمر {, فلما وجد الحديث من رواية حماد بن سلمة عنه كان ظاهره الصحة، وكان يعتضد بها ما رواه الزهري عن سالم عن أبيه، ويرجح على رواية نافع؛ خلافًا لما قال ابن النديم والنسائي وغيرهما، لكن لما فُتشت الطرق تبين أن عكرمة سمعه ممن هو أصغر منه وهو الزهري، والزهري لم يسمعه من ابن عمر { إنما سمعه من سالم؛ فوضح أن رواية حماد بن سلمة مدلسة أو مسواة، ورجع هذا الإسناد الذي كان يمكن الاعتضاد به إلى الإسناد الأول الذي حُكم عليه بالوهم.

وكان سبب حكمهم عليه بالوهم كون سالم أو من دونه سلك الجادة؛ لأن العادة والغالب أن الإسناد إذا انتهى إلى الصحابي -رضي الله عنه- قيل بعده: عن النبي-صلى الله عليه وسلم-, فلما جاء هنا بعد الصحابي ذكر صحابي آخر والحديث من قوله؛ كان الظن غالبًا على أن من ضبطه هكذا أتقن ضبطًا.

وقال أبو الحسن القابسي في كتابه (الممهد): وإذا التفتَّ إلى غير ما يخرجه أهل الصحيح؛ فما خرجه النسائي أقرب بالصحيح مما خرجه غيره، بل من الناس من يعده من أهل الصحيح؛ لأنه يبين علل الأسانيد, فإنه أدخلها في كتابه وذكر أنها من كتابه.

وفي (فتح المغيث) للسخاوي: قال شيخنا -أي: ابن حجر: وقع في (سنن النسائي) عن إسحاق بن راهويه عن المغيرة بن أبي سلمة عن وهيب عن أيوب عن الحسن عن أبي هريرة في المختلعات؛ قول الحسن: لم أسمع من أبي هريرة غيره، قال شيخنا: وهذا إسناد لا مطعن في أحد من رواته، وهو يؤيد أنه سمع من أبي هريرة في الجملة، قال السخاوي: والذي رأيته في (السنن الصغرى) للنسائي بخط المنذري بلفظ: قال الحسن: لم أسمعه من غير أبي هريرة، وفي (الكبرى): من أحد غير أبي هريرة، قال النسائي: لم يسمع الحسن من أبي هريرة شيئًا، وكأنه جوَّز التدليس في هذه العبارة بإرادة: لم أسمعه من غير حديث أبي هريرة.

وعن مزايا كتاب (السنن) قال السخاوي: والمقدم منها كتاب أبي داود؛ لكثرة ما اشتمل عليه من أحاديث الأحكام, ثم كتاب أبي عبد الرحمن النسائي لتتمرن في كيفية المشي في العلل، ثم كتاب أبي عيسى الترمذي لاعتنائه بالإشارة لما في الباب من الأحاديث، وبيانه لحكم ما يورد من صحة وحسن وغيرهما، ثم كتاب (السنن) للبيهقي لاستيعابه لأكثر أحاديث الأحكام؛ ولذا كان حقه التقديم على سائر كتب السنن, ولكن قدمت تلك لتقدم مصنفيها في الوفاة ومزيد جلالتهم ضبطًا وفهمًا لمشكلها.

ومن نماذج النسائي في (الكبرى) قوله: الرخصة للصائم المتطوع أن يفطر، وذكر اختلاف الناقدين لحديث أم هانئ في ذلك، ثم روى بسنده عن شعبة عن جعدة عن أم هانئ -وهي جدته- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل عليها يوم الفتح؛ فأتي بإناء فشرب ثم ناولها، فقالت: إني صائمة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “المتطوع أمير نفسه؛ فإن شئتِ فصومي، وإن شئتِ فأفطري”، قال النسائي: لم يسمعه جعدة من أم هانئ، ثم روى بسنده عن شعبة قال: أخبرني جعدة عن جدته أم هانئ “أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل عليها…”، وذكر الحديث، قلت له: أسمعته من أم هانئ؟ قال: حدثنا أهلنا وأبو صالح عن أم هانئ، قال شعبة: وكان سماك يقول: حدثني ابن أم هانئ؛ فرويته أنا عن أفضلهما.

ثم ذكر الروايات عن سماك عن ابن أم هانئ عن جدته أم هانئ، قال: سمعه منها أنها قالت: وهذا مخالف لقول شعبة: “إنه لم يسمع”، ثم روى عن سماك بن حرب عن هارون ابن أم هانئ عن أم هانئ الحديث، ثم روى بسنده عن سماك عن ابن أم هانئ عن أم هانئ الحديث أيضًا وذكر المتن، ثم ذكر عن أسباط عن سماك عن رجل عن يحيى بن جعدة عن أم هانئ: أنها دخلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم فتح مكة؛ فأتي بشراب فشرب، ثم ناولها فشربت منه، قالت: إني كنت صائمة؛ ولكن كرهت أن أردّ عليك شرابك، قال: “أكنت تقضين؟ لا يضرك”، أي: ما دام ليس عليك قضاء، ثم ذكر الرواية عن سماك عن أبي صالح عن أم هانئ مختصرة، ثم ذكرها بعد ذلك مطولة.

ثم قال النسائي عن هذا الحديث: أما حديث أم هانئ؛ فقد اختلف على سماك بن حرب فيه، فسماك بن حرب ليس ممن يعتمد عليه إذا انفرد بالحديث؛ لأنه كان يقبل التلقين، وأما حديث جعدة فإنه لم يسمعه من أم هانئ، ذكره عن أبي صالح عن أم هانئ، وأبو صالح هذا اسمه باذان، وقيل: باذام، وهو مولى أم هانئ، وهو الذي يروي عنه الكلبي.

قال ابن عيينة: عن محمد بن قيس عن حبيب بن أبي ثابت: كنا نسمي أبا صالح دُرُوزَن أو دُزْوَزن وهو بالفارسية: “كذاب”، قال: وأبو صالح والد سهيل بن أبي صالح اسمه ذكوان ثقة مأمون، قال: وأما حديث يحيى بن أيوب الذي ذكرناه, فإنه ليس ممن يعتمد عليه وعنده غير حديث منكر؛ ففصل الكلام عن الروايات وميز الضعيف وميز منه الثقة، وبين أن الضعيف هو الذي روى، وبين النقد له بالفارسية، وذكر تفسيره بالعربية، وأشبع الكلام على روايات سماك وأنه ليس ممن يعتمد عليه إلى جانب رواية شعبة.

وفي حديث رقم (5393): روى بسنده عن وهيب عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس: “أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نكح ميمونة وهو حرام؛ جعلت أمرها إلى العباس فأنكحها إياه”، ثم قال النسائي: هذا إسناد جيد.

وقوله: “جعلت أمرها إلى العباس فأنكحها إياه” كلام منكر، ويشبه أن يكون هذا الحرف من بعض من روى هذا الحديث؛ فأدرج في الحديث. فهنا اعتنى ببيان علة المتن وأنها الإدراج، ولم يتيسر له تحديد من أدرج هذا اللفظ في الحديث.

وفي رقم (10052): روى بسنده من طريق محمد بن عبد الله الرقاشي قال: حدثنا جعفر بن سليمان عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن عن ابن مسعود عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال -ويظهر أن عطاء بن السائب هو أبو عبد الرحمن: “إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله رب العالمين، ويقال له: يرحمكم الله، وإذا قيل له: يرحمكم الله؛ فليقل: يغفر الله لكم”. قال: وهذا حديث منكر ولا أرى جعفر بن سليمان إلا سمعه من عطاء بن السائب بعد الاختلاط، ودخل عطاء بن السائب البصرة مرتين؛ فمن سمع منه أول مرة فحديثه صحيح؛ ومن سمع منه آخر مرة ففي حديثه شيء، وحماد بن زيد حديثه عنه صحيح. فبين علة الحديث وأنه السماع من ابن السائب بعد الاختلاط، ثم بين إضافة، وأن حماد بن زيد حديثه عنه صحيح.

وفي رقم (10143): روى بسنده عن معمر عن الزهري عن سالم عن ابن
عمر {: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى على عمر ثوبًا فقال: “أجديد هذا أم غسيل؟” قال: غسيل، قال: “البس جديدًا، وعش حميدًا، ومت شهيدًا”، قال النسائي: هذا حديث منكر؛ أنكره يحيى بن سعيد القطان على عبد الرزاق، ولم يروِه عن معمر غير عبد الرزاق، وقد روي هذا الحديث عن معقل بن عبد الله واختلف عليه فيه؛ فروي عن معقل عن إبراهيم بن سعد عن الزهري مرسلًا، قال: وهذا الحديث ليس من حديث الزهري؛ فهنا بين علة الحديث باختلاف الرواية عن الزهري، من حيث الاتصال ومن حيث الإرسال، ثم بين أنه ليس من حديث الزهري لا متصلًا ولا مرسلًا.

وروى في رقم (10434)، (10435) روى في الأول من طريق يعقوب قال: حدثنا ابن أخي ابن شهاب عن عمه -أي: الزهري- قال: أخبرني طارق بن مخاشن عن أبي هريرة, عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “أنه أتي بلديغ فقال: لو قال: أعوذ بكلمات الله التامات -أو التامة- من شر ما خلق؛ لم يلدغ ولم يضار”، ثم رواه من طريق بقية عن الزبيدي عن الزهري عن طارق بن مخاشن عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مثله سواء، ثم قال: أبو عبد الرحمن الزبيدي أثبتُ من ابن أخي الزهري، وابن أخي الزهري ليس بذاك القوي, عنده غيرما حديث منكر عن الزهري، ثم قال: خالفه يونس؛ فروى من طريق ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب أنه قال: بلغنا أن أبا هريرة… نحوه، أي: لم يذكر الصحابي.

error: النص محمي !!