Top
Image Alt

شروط الوكيل

  /  شروط الوكيل

شروط الوكيل

الوكيل -وهو الشخص الذي يُعهَد إليه تنفيذ الوكالة- يشترط فيه الشروط الآتية:

الشرط الأول: ألا يكون ممنوعًا بالشرع من تصرفه في الشيء الذي يوكل فيه، فلا تصح وكالة المجنون -أي: لا يجوز أن يكون المجنون وكيلًا- ولا يجوز الصبي غير المميز وكيلًا، فالوكيل لا بد أن يكون عاقلًا, ومعنى أنه عاقل كونه يعقل العقد، فمثلًا بالنسبة للبيع يعقله؛ بأن يدرك حقيقة البيع والشراء، فالمجنون والصبي غير المميز لا يعرفان حقيقة البيع من حقيقة الشراء؛ إذًا: هما لا يعقلان حقيقة عقد البيع، ولا يعقلان الغبن الفاحش من الغبن اليسير.

وعلى هذا, فإنه يتفرع على هذا الشرط بالنسبة للوكيل أن جواز التصرف وعدم جوازه بحسب الحالة التي يكون عليها الوكيل، والحالة التي يكون عليها الوكيل قسم من ثلاثة:

القسم الأول: يجوز تصرفهم على الإطلاق كما في الموكل، وهم: البالغ العاقل الحر الرشيد، فيجوز أن يكون كل واحد من هؤلاء وكيلًا عن غيره, في كل ما تصح فيه الوكالة.

القسم الثاني: من لا يجوز تصرفه على الإطلاق، وهما المجنون والصبي غير المميز، فلا يجوز أن يوكلا غيرهما، وكذلك هنا لا يجوز أن يكونا وكيلين عن غيرهما، فلا يصح أن يتوكلا لغيرهما، فمن وكلهما كانت الوكالة باطلة؛ أي: إذا وكّل شخص شخصًا آخر, وكان هذا الوكيل صبيًّا غير مميز أو مجنونًا؛ كانت الوكالة باطلة.

القسم الثالث -كما في الموكل: قسم يجوز تصرفه في شيء دون شيء، وهم: السفيه والمفلس والعبد.

فالسفيه ممنوع من التصرف في حق نفسه؛ أي: محافظة على ماله، ويجوز أن يكون وكيلًا فيما يجوز أن يتصرف فيه، أي: يجوز أن يكون وكيلًا عن غيره في الطلاق والخلع، ولا يجوز أن يكون وكيلًا عن غيره فيما لا يجوز له أن يتصرف فيه، كما في البيع والشراء والأشياء التي ربما كانت ضارة ضررًا محضًا؛ لأنه لما كان تصرفه هذا في حق نفسه باطلًا، كان أولى أن يكون باطلًا في حق غيره؛ لمنعه من تصرفات يفعلها هو، وعليه فلا يجوز أن يكون وكيلًا فيها؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه، وهو ممنوع من أن يهب أو يتصدق، فهنا لا يكون وكيلًا عن غيره في هبة أو صدقة؛ لأنه فاقدها في حق نفسه، فلا يجوز أن يكون وكيلًا عن غيره فيها.

وأما المفلس فيجوز أن يتوكل أيضًا, أي: أن يكون وكيلًا فيما يجوز تصرفه فيه، فهذا يتصرف فيما تحت يده، فيجوز أن يكون وكيلًا في عقد البيع والنكاح أو غير ذلك.

ولو جمعنا الموكل والوكيل, نستطيع أن نقول في الأقسام الثلاثة: إن كلًّا من الموكل والوكيل إذا كان قد منع من تصرف فلا يجوز أن يوكل فيه، وإذا كان قد منع من تصرف فلا يجوز أن يكون وكيلًا فيه، والأمر بالتفصيل الذي قلناه لو وزعناه عند الكلام في الوكيل يصير منطبقًا على الوكيل، ولو وزعناه عند الكلام على الموكل يصير منطبقًا على الموكل.

العبد أيضًا لا داعي لأن نتكلم فيه؛ لما قلناه سابقًا عنه.

الصبي المميز: هو الذي يستطيع أن يميز الضارّ من النافع والصواب من الخطأ.

وفي المعاملات, الصبي المميز إذا كان يقصد العقد ويعقله؛ أي: يعرف أن هذا العقد نافع له أو ضار به، فالحنفية أجازوا أن يكون وكيلًا -أي: قالوا تجوز وكالته- سواء كان مأذونًا له في التجارة أو محجورًا عليه نظرًا لتمييزه؛ لأنه يقصد العقل ويعقله.

أما الجمهور -المالكية والشافعية والحنابلة- فذهبوا إلى أن وكالة الصبي غير صحيحة، فكما في الموكل هنا في الوكيل تكون وكالته -أي يكون وكيلًا عن غيره- غير صحيحة؛ لأنه غير مكلف، فلا تصح مباشرته التصرف لنفسه، ولا يصح بذلك أن يكون وكيلًا عن غيره.

وعلى ذلك نقول كقاعدة عامة: إن كل من ملك التصرف في شيء؛ جاز أن يكون وكيلًا فيه عن غيره، وجاز أن يوكل فيه غيره.

الشرط الثاني من شروط الوكيل: أن يكون معينًا, إما بالاسم أو بالنسبة أو بالإشارة إليه؛ بمعنى: أن هذا الشخص الموكَّل لا يصح أن يكون مجهولًا، فلو تم توكيل أحد رجلين لا تصح الوكالة للجهالة.

ومن شروط صحة توكيل هذا الوكيل أن يكون عالمًا بمن يوكّله، فلو قيل له: إن شخصًا في البلد الفلاني وكّلك لا يجوز؛ لأنه لم يحدد باسم، ولا بوصف له، ولا بشهرة، وإنما أطلق الأمر على عمومه، فهنا يكون الوكيل وكالته غير صحيحة للجهل بالموكل، لكن لا بد إذا كانت الوكالة صحيحة بأن يكون الوكيل معينًا، يقول له الوكيل: وكلت فلانًا، هذا اسم، وكلت هذا الرجل ويشير إليه، عينه بالإشارة إليه.

كذلك الوكيل يكون عالمًا بمن يوكله بالاسم, يقال له: وكلك فلان أو وكلك الشخص الذي شهرته كذا، أو الشخص الموصوف بكذا، هذا شرط من شروط الوكيل.

ما وضع المرأة؟ هل المرأة يجوز لها أن تكون وكيلة لأجنبي أو لزوجها؟ هذا في حالة إذا ما كانت غير ممنوعة، بمعنى: أنها غير محجور عليها لأي سبب، أو ليست هناك موانع شرعية لها، فهل هذه المرأة يجوز لها أن تكون وكيلة لشخص أجنبي أو تكون لزوجها؟

بالنسبة لغير الزوج لا يجوز أن تتوكل لغير زوجها -لشخص أجنبي- إلا إذا أذن لها الزوج، وذلك مراعاة لحق الزوج عليها؛ أي: لا يأتي شخص إلى امرأة ويجعلها وكيلة له إذا كان لها زوج، فلا بد أن يستأذن زوجها؛ لأن للزوج أن يمنعها من الخروج الذي تستلزمه الوكالة، فالوكالة تحتاج إلى الخروج والذهاب إلى المحاكم، وغير ذلك.

إذا كانت ذات زوج, فلا بد من إذن زوجها في الوكالة؛ بأن يُستأذن زوجها في أن يوكل زوجته، لكن إذا كان زوجها هو الذي يوكلها أو الغير بإذن الزوج، هل تجوز وكالتها؟

قالوا: تجوز وكالتها فيما عدا النكاح والطلاق، فإن وكلت في النكاح كان النكاح باطلًا عند الجمهور ما عدا الحنفية؛ فالحنفية لهم وجهة نظر في أن المرأة تملك أمر نفسها في النكاح، وعليه ما دامت المرأة تملك أمر نفسها في النكاح يجوز لها أن توكل.

فقال الجمهور: ما دامت المرأة لا تملك عقد النكاح، فإن وكلت في النكاح فوكالتها باطلة، لكنها تجوز فيما عدا النكاح, وكذلك إن وكلت في الطلاق. وفي حكم الطلاق الذي توكل فيه اختلف الفقهاء في صحة الوكالة فيه, على رأيين عندهم:

أولهما: بطلان الوكالة لأنها لا تملك الطلاق؛ لأن الطلاق بيد الرجل.

الرأي الثاني: يجوز أن توكل في الطلاق؛ أي: من زوجها بأن يقول لها: وكلتك في أن تطلقي فلانة من زوجها؛ فالأمر بعيد عن تطليق نفسها، فـ “وكلتك أن تطلقي فلانة من زوجها” لأنه وكيل، وتوكيل الوكيل فيه كلام، وهذا هو المراد.

لكن لو ملكها طلاق نفسها صح ذلك، وما دامت عند الذين يجيزون أن تملك طلاق نفسها، فهذا صحيح؛ لأنه يجوز للرجل أن يملك امرأته واسمه تمليك الطلاق عند المالكية، يقولون: لو ملكها أمر طلاقها صح، فجاز أن تتوكل في طلاق غيرها، وهذا معناه: أنه يجوز للمرأة أن يوكلها زوجها أو يوكلها شخص أجنبي بعد إذن زوجها في الطلاق؛ أي: أن تملك المرأة أمر طلاقها، فيجوز لامرأة ملكت أمر نفسها في طلاقها أن توكل غيرها في تطليقها؛ أي: إن هذه المرأة الموكلة في تطليق نفسها، تأتي إلى امرأة أخرى وتقول لها: وكلتك في تطليقي من زوجي. فهذه المرأة يجوز لها أن تطلق هذه المرأة من زوجها بالوكالة عن الزوج.

error: النص محمي !!