Top
Image Alt

عبقرية خالد في إدارة غزوة مؤتة، وحزن الرسول صلى الله عليه وسلم على أمراء المسلمين

  /  عبقرية خالد في إدارة غزوة مؤتة، وحزن الرسول صلى الله عليه وسلم على أمراء المسلمين

عبقرية خالد في إدارة غزوة مؤتة، وحزن الرسول صلى الله عليه وسلم على أمراء المسلمين

أ. عبقرية خالد في إدارة غزوة مؤتة:

 أراد خالد في هذا القتال أن ينحاز بالمسلمين بلا خسائر تذكر أمام هذه الجموع الكثيرة، وكان في هذا نصر الله عز وجل؛ ولذلك فإنه قاتل الروم وأعوانهم قتالًا شديدًا، استبسل فيه المسلمون غاية الاستبسال، ويكفي المقارنة بين عدد المسلمين وبين عدد الروم وأعوانهم، حتى نعرف مدى الإقدام والإقبال الذي كان عند المسلمين.

وحتى لا يظن ظانٌ أن انسحاب خالد بالمسلمين كان تقهقرًا؛ فإن النبي صلى الله عليه  وسلم بشر المسلمين بعد أن أنبأهم بمقتل الأمراء الثلاثة، بشرهم بأنه قد أخذ الراية سيف من سيوف الله، ففتح الله على يديه وهو خالد؛ ولذلك سُمي فعل خالد فتحًا، وكان حريًّا به أن يوصف بهذا الوصف حين نَجَا بالمسلمين، وخاف الروم وأعوانهم أن يتابعوا خالدًا الذي انسحب انسحابًا منظمًا لم تكن فيه خسارة تذكر، وعاد بالمسلمين إلى المدينة.

ولذلك فإن النبي صلى الله عليه  وسلم على الرغم مما أصابه من الحزن لما علم بمقتل الأمراء الثلاثة فإنه صلى الله عليه  وسلم سُرّ لما رأى أمرهم وما نالهم من الخير بفضل الله عز وجل والثواب العظيم في الجنة، كذلك فإنه سرّ بتصرف خالد وعودته بالمسلمين من هذه المعركة دون الهزيمة.  فلقد رأينا جيش الروم وكثرة عدده وعدته، فكان من المحتمل هزيمة المسلمين في هذه المعركة، ومع ذلك فإن المسلمين استشهدوا كلهم إلا من نجا منهم، أو من ارتث من بين القتلى.

ب. حزن الرسول صلى الله عليه  وسلم على أمراء المسلمين:

أعلم الله عز وجل رسوله صلى الله عليه  وسلم بمصاب المسلمين في هؤلاء الأمراء، وذلك قبل أن يأتي بالخبر، فَرُئِيَ الحزن في وجهه صلى الله عليه  وسلم حتى لاحظ المسلمون ذلك، وساءهم ما فيه النبي صلى الله عليه  وسلم من الحزن الذي ظهر عليه بعد أن صلى الظهر، وظل صلى الله عليه  وسلمكذلك في صلاة العصر والمغرب والعشاء.

ثم لما كانت صلاة الصبح من اليوم التالي دخل النبي صلى الله عليه  وسلم المسجد وهو يبتسم، فقال الناس بعد أن فرحوا بتبسّمه: يا نبي الله، بأنفسنا أنت لا يعلم إلا الله ما كان بنا من الوَجْد منذ رأينا منك الذي رأينا، فقال رسول الله صلى الله عليه  وسلم: ((كان الذي رأيتم مني أنه أحزنني قتل أصحابي حتى رأيتهم في الجنة إخوانًا على سرر متقابلين)).

وهنا نقول بأنه صلى الله عليه  وسلم: إنما كان حزنه لرقّة قلبه ورحمته بأمته، وإن الحزن لا ينافي الرضا والتسليم لأمر الله عز وجل؛ فلقد بكى النبي صلى الله عليه  وسلم يوم وفاة ولده إبراهيم، وقال: ((وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون)) مع أنه أعلم برضاه بأمر الله عز وجل، وتسليمه له فيما أصابه صلى الله عليه  وسلم.

error: النص محمي !!