Top
Image Alt

عدة المطلقة

  /  عدة المطلقة

عدة المطلقة

المطلقة إن كانت حاملًا فإن عدتها تكون بوضع الحمل على النحو الذي بيناه آنفًا، وإن لم تكن حاملًا فعدتها بالاتفاق إن كانت من ذوات الحيض سواء من طلاق، أو فسخ ثلاثة قروء، أي: ثلاث حيضات عند الحنفية والحنابلة، وثلاثة أطهار عند المالكية والشافعية؛ لقول الحق سبحانه وتعالى : {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]،  فإنه أوجب على المطلقة الانتظار مدة ثلاثة قروء، والقرء عند الحنفية والحنابلة ثلاث حيضات كوامل؛ لعدم تجزء الحيضة، وإذا طلق الرجل امرأته لم تعتد بالحيضة التي وقع فيها الطلاق، ولا تحل لغيره إذا انقطع دم الحيضة الأخيرة حتى تغتسل في رأي الحنابلة.

وأما عند المالكية والشافعية فقد لا تكون القروء ثلاثة كاملة؛ فإذا طلقت المرأة في طهر كانت بقية الطهر قرءًا كاملًا ولو كانت لحظة فتعتد به، ثم بقرأين بعده فذلك ثلاثة قروء، فمن طلقت طاهرًا انقضت عدتها ببدء الحيضة الثالثة، ومن طلقت حائضًا انتهت عدتها بدخول الحيضة الرابعة بعد الحيضة التي طلقت فيها، والأظهر لدى الشافعية عدم احتساب طهر من لم تحض قرءًا إذا طلقت فيه، فمن طلقت في طهر وكانت لم تحض أصلًا ثم حاضت في أثناء عدتها بالأشهر؛ فلا يحتسب ذلك الطهر الذي طلقت فيه.

وإن لم تكن المرأة من ذوات الحيض لصغر، أو كبر سنّ بأن بلغت سن اليأس، أو لكونها لا تحيض أصلًا بعد بلوغها خمسة عشر عامًا فإن عدتها تكون بثلاثة أشهر، قول الحق سبحانه وتعالى : {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4].

عدة من لم تحض لصغر، أو كبر سن بسبب بلوغ سن اليأس، ومن لم تحض أصلًا:

وبعبارة أخرى عدة الصغيرة، والآيسة، والمرأة التي لم تحض ثلاثة أشهر؛ لقوله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ}.

سن اليأس:

أما تحديد سن اليأس؛ وهو السن التي إذا بلغت المرأة لا تحيض فيها؛ فمختلف في تقديره بين الفقهاء؛ فيرى الحنابلة أن حد اليأس خمسون سنة؛ لقول عائشة: “لم تر في بطنها ولدًا بعد خمسين سنة”، ويرى الحنفية في المفتى به عندهم أن سن اليأس يكون بخمس وخمسين سنة، وقال الشافعية: إن أقصى سن اليأس اثنتان وستون سنة، وذهب المالكية إلى أن سن اليأس تقدر بسبعين سنة؛ فما تراه المرأة بعد هذه السن لا يعتبر حيضًا قطعًا.

سن الحيض:

وأقل سن تحيض فيه المرأة تسع سنين؛ لأن المرجع فيه إلى الموجود، وقد وجد من تحيض لتسع.

سن البلوغ:

وسن البلوغ في الغالب إذا لم تحض المرأة باتفاق المذاهب خمس عشرة سنة.

عدة المرتابة ممتدة الطهر، والمستحاضة:

النساء في سن الحيض ثلاثة أصناف: معتادة، ومرتابة، ومستحاضة.

فأما المعتادة؛ فعدتها بثلاثة قروء على حسب عادتها كما بينا في النوع الثالث.

وأما المرتابة بالحيض، أو ممتدة الطهر؛ وهي التي ارتفع حيضها ولم تدر سببه من حمل، أو رضاع، أو مرض؛ فحكمها عند الحنفية والشافعية أنها تبقى أبدًا حتى تحيض، أو تبلغ سن من لا تحيض، ثم تعتد بثلاثة أشهر؛ لأنها لما رأت الحيض صارت من ذوات الحيض فلا تعتد بغيره؛ ولما روى البيهقي عن عثمان أنه حكم بذلك في المرضع.

أما عند المالكية والحنابلة عدتها سنة بعد انقطاع الحيض بأن تمكث تسعة أشهر وهي مدة الحمل غالبًا، ثم تعتد بثلاثة أشهر فيكمل لها سنة ثم تحل، وذلك إذا انقطع الحيض عند المالكية بسبب المرض، أو بسبب غير معروف؛ لما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال في رجل طلق امرأته فحاضت حيضة، أو حيضتين فارتفع حيضها لا تدري ما رفعه: “تجلس تسعة أشهر، فإذا لم يستبن بها حمل فتعتد بثلاثة أشهر فذلك سنة”.

وروى هذا الأثر الإمام الشافعي بسند جيد عن سعيد بن المسيب عن عمر، ثم قال الشافعي: “هذا قضاء عمر بين المهاجرين والأنصار لا ينكره منكر”، ولأن المقصود من العدة معرفة براءة الرحم وخلوه من الحمل، وتتحقق هذه المعرفة بمضي هذه المدة فيكتفى بها، فإن انقطع الحيض بسبب الرضاع؛ فإن عدتها عند المالكية تنقضي بمضي سنة بعد انتهاء زمن الرضاع وهو سنتان؛ فإن رأت الحيض ولو في آخر يوم من السنة انتظرت الحيضة الثالثة.

ورأي الحنابلة والمالكية هو الراجح؛ لما فيه من الرفق بالناس وعدم تطويل العدة على المرأة.

أما المرأة المستحاضة، أو ممتدة الدم؛ وهي المتحيرة التي نسيت عادتها فالمفتى به عند الحنفية أنها تنقضي عدتها بسبعة أشهر بأن يقدر طهرها بشهرين فتكون أطهارها ستة أشهر وتقدر ثلاث حيضات بشهر احتياطًا، وقيل: تنقضي عدتها بثلاثة أشهر، وأما إذا استمر بها الدم وكانت تعلم عادتها فإنها ترد إلى عادتها.

وأما الحنابلة والشافعية؛ فإنهم يرون أن عدة المستحاضة الناسية لوقت حيضها والمبتدئة كالآيسة ثلاثة أشهر؛ مستدلين على ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر حمنة بنت جحش أن تجلس في كل شهر ستة أيام، أو سبعة، فجعل لها حيضة من كل شهر بدليل أنها تترك فيها الصلاة ونحوها؛ فإن كانت لها عادة، أو تمييز عملت به كما تعمل به في الصلاة والصوم، وذهب المالكية إلى أن المستحاضة غير المميزة بين دم الحيض والاستحاضة كالمرتابة تمكث سنة كاملة تقيم تسعة أشهر استبراء لزوال الريبة؛ لأنها مدة الحمل غالبًا، وثلاثة أشهر عدة، وتحل للأزواج بعدها، فتكون عدة المستحاضة غير المميزة ومن تأخر عنها الحيض لا لعلة، أو لعلة غير رضاع سنة كاملة، أما المميزة المستحاضة ومن تأخر حيضها لرضاع فتعتد بالأقراء.

عدة المفقود زوجها:

المفقود هو: الذي لم يدر أحي هو فيتوقع قدومه، أو ميت أودع القبر؟ كالذي يفقد من بين أهله نهارًا، أو ليلًا، أو يخرج إلى الصلاة مثلًا فلا يرجع، أو يفقد في مفازة، أي: مهلكة، أو يفقد بسبب حرب، أو غرق مركبة ونحوه، وحكم عدة زوجته بحسب حكم حاله عند الفقهاء؛ فقال الحنفية: هو حي في حق نفسه فلا يورث ماله، ولا تبين منه امرأته، فلا تعتد زوجته حتى يتحقق موته؛ استصحابًا لحال الحياة السابق، أما المنعي إليها زوجها، أو الذي أخبرها ثقة أن زوجها الغائب مات، أو طلقها ثلاثًا، أو أتاها منه كتاب على يد ثقة بالطلاق؛ فلا بأس أن تعتد وتتزوج.

وقال الشافعية في الجديد الصحيح مثل ما قال به الحنفية: ليس لامرأته أن تفسخ النكاح؛ لأنه إذا لم يجز الحكم بموته في قسمة ماله لم يجز الحكم بموته في نكاح زوجاته؛ فلا تعتد زوجته ولا تتزوج حتى يتحقق موته، أو طلاقه؛ عملًا بمبدأ الاستصحاب وبقول علي رضي الله عنه: “تصبر حتى يعلم موته”.

وقال المالكية والحنابلة: تنتظر امرأة المفقود أربع سنين ثم تعتد عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرة أيام؛ لما روي عن عمر رضي الله عنه: “أن رجلًا غاب عن امرأته وفقد، فجاءت امرأته إلى عمر فذكرت ذلك له، فقال: تربصي أربع سنين، ففعلت ثم أتته، فقال: تربصي أربعة أشهر وعشرًا، ففعلت ثم أتته، فقال: أين ولي هذا الرجل؟ فجاءوا به، فقال: طلقها، ففعل، فقال عمر للمرأة: تزوجي من شئت”، والأثر رواه الأثرم، والدارقطني.

error: النص محمي !!