Top
Image Alt

عناصر المناهج، والمواد التعليمية

  /  عناصر المناهج، والمواد التعليمية

عناصر المناهج، والمواد التعليمية

المنهج وصف عام لما يقدم في مقرر ما، أو مجموعة مقررات وأسلوب تنفيذها، ومتابعة تطويرها، والبرنامج التعليمي جزء من المنهج: وهو مجموعة من النقاط اللغوية مفردات أو قواعد ووظائف، مختارة للقراءة أو الكتابة، أو الحديث التي يراد بالمدرس تدريسها، ويراد بالمتعلم أن يتعلمها على أية حال، إن البرنامج التعليمي جزء من المنهج، والمنهج يشمل المقرر ولكنه أعم منه؛ لأنه معني بكل مقومات البرنامج التعليمي بصورة شاملة.

والمنهج في تعليم اللغات الأجنبية يقوم على أسس عامة، منها السياسة التربوية واللغوية، التي تتبناها الدولة، التي تحدد اللغة المرادة، والميزانية المقررة للإنفاق على التدريس، والأهداف التي ينبغي أن تتحقق، والوقت الذي ينبغي أن يخصص والمرحلة الدراسية، والسن المناسب لبدء العملية.

كما يتوقف المنهج أيضًا على المكانة الاجتماعية والدولية، التي تحظى بها اللغة الأجنبية المستهدفة مدى انتشارها، ومدى استخدامها علميًّا، واقتصاديًّا، وسياسيًّا، ودبلوماسيًّا إلى غير ذلك.

كما يتوقف المنهج أيضًا على النظريات العلمية، التي يستند إليها، وتشمل هذه النظريات: نظريات التعلم السيكولوجية ونظريات علم اللغة علم اللغة الاجتماعي، والنظريات التعليمية إلى غير ذلك مما سبق وأن ذكرنا، كما تستند أيضًا إلى المستخدمات التربوية، التي ينبغي أن تصاحب تنفيذ المنهج.

ومن الأسس العامة للمنهج أيضًا اختيار مادة هذا المنهج ومحتواه، وتنظيم مفرداته في وحدات تعليمية، واختيار الموضوعات التي تترجم من خلالها تلك المفردات إلى نشاطات، وممارسات، وتدريبات لغوية، وهذا مرتبط بما قلنا آنفًا، ومرتبط أيضًا بحاجات المتعلمين في كل سنة دراسية، أو مقرر دراسي، وبالوقت وبالطريقة المتبعة.

كما يتوقف المنهج أيضًا على مراعاة التكامل بين عناصره المختلفة، والتنسيق فيما بينها بحيث تكون كل مرحلة في المنهج مرتبطة بالمرحلة السابقة، وتعززها وصولًا إلى مرحلة أخرى تالية، كما يتوقف المنهج أيضًا على مراعاة المتابعة، والتقويم، والتطوير المستمر، ومعرفة آراء المدرسين المطبقين للمنهج لمعرفة الإيجابيات، والسلبيات؛ للإفادة من الإيجابيات، ومحاولة البعد عن السلبيات.

كما ينبغي أن يفاد أيضًا من المستجدات التربوية والعلمية عند تعديل مكونات المنهج، بما يتفق مع السياسة التعليمية، وحاجات البلاد، وبما يتناسب مع البيئة، ويخدم مطالب المجتمع.

إن المنهج يتكون من مجموعة عناصر؛ الأهداف، والمحتوى والأنشطة، والمصادر، ووسائل التقييم.

أما الأهداف، فلها ثلاثة مستويات يعتمد كل منها على الآخر، أهداف عامة، وأهداف تتصل بالمهارات، وأخرى مرتبطة بالسلوك، أما الأهداف العامة، فتعكس الأهداف التربوية للدولة، المستمدة بطبيعة الحال من المجتمع، ودينه وفلسفته وتراثه، بحيث تكون متناسبة مع طبيعة العصر، وهموم المتعلمين حتى نهيئ الفرصة؛ لنموهم نموًّا شاملًا متكاملًا من الناحية الروحية، والخلقية والفكرية والاجتماعية والجسمية.

وتكون اللغة الأجنبية وسيلة هذا المتعلم، للتخاطب في مجالات، كالسفر والدراسة والتجارة إلى آخره، وأما أهداف المهارات وأعني بها الاستماع والقراءة والتحدث والكتابة، فينبغي أن يكون الهدف من الاستماع الفهم، ومن الحديث الاشتراك في الحوار في إطار الأفكار العامة، والوظائف اللغوية المقررة لكل مرحلة، والهدف من الكتابة المقدرة على التعبير المكتوب حول موضوعات محددة، يختلف مستواها باختلاف المراحل، وأما الأهداف السلوكية، فمجالاتها المعرفة والوجدان والحركة.

وتقسم هذه المجالات الثلاثة في تعليم، وتعلم اللغات الأجنبية إلى حقول أصغر، مثل: المعرفة والفهم والتحليل والتقويم والاستقبال والاستجابة والتركيب، وإظهار المواقف تجاه الأشياء إلى آخره، وتندرج بعض هذه الحقول الصورة، تحت كل مهارة من المهارات اللغوية الأربع، وتندرج تحت كل حقل الأنشطة التعليمية الخاصة بكل من هذه المجالات.

العنصر الثاني: المحتوى أو البرنامج الدراسي الذي يدرسه المتعلم ويتعلمه الطالب باستخدام الوسائل المتاحة: سواء كانت مواد تعليمية أو طرائق وأساليب تدريس أو كانت تقنيات تربوية وغيرها، وصولًا للأهداف المرجوة.

وقد قسم العلماء المحتوى إلى نوعين:

محتوى بنيوي وآخر وظيفي، أما البنيوي فيقوم على قائمة طويلة من القواعد اللغوية، مرتبة ترتيبًا تصاعديًّا، يبدأ بالفعل الحاضر، فالماضي فالمستقبل إلى آخره، كما يقوم على قائمة طويلة من المفردات المراد تدريسها، تبدأ بأكثر الكلمات شيوعًا، ثم يضاف إليها الكلمات الأقل استخدامًا، أو الواردة في سياق خاص علمي أو أدبي أو تجاري أو نحو ذلك.

أما الموضوعات: فهي التي ترد على خاطر مؤلف الكتاب المدرسي؛ كي يضمنها هذه القواعد والمفردات، أما المحتوى الوظيفي فمفرداته كثيرة جدًّا، وخصوصًا بعد انتشار الطريقة الوظيفية أو التواصلية، التي حدثتك عنها آنفًا في تدريس اللغات الأجنبية.

وهذا البرنامج الوظيفي يتطلب معرفة المواقف، التي تستخدم فيها الأجنبية بما في ذلك الموضوعات، التي يجب تناولها، كما يتكون من النشاطات اللغوية، التي يؤديها المتعلم، كما يتضمن المهارة التي سيقوم عليها أداء المتعلم وهكذا، واختيار محتوى المقرر الدراسي، وتنظيمه يتوقف على عوامل يتوقف على الأهداف، يتوقف على مستوى المقرر، كما يتوقف على الوقت المخصص.

واختيار المحتوى أيضًا على نوعين: قد يكون اختيار النمط اللغوي المراد تعلمه، ومن لهجة أو نوع الأسلوب الكلامي، كما يتضمن اختيار المحتوى الأمر الآخر، وهو اختيار مفردات المواد اللغوية أو الأشكال، هذا الاختيار يكون محدودًا على المستوى الصوتي والصرفي، بينما يكون واسعًا على مستوى المعجم والنحو والنصوص.

حيث يتم اختيار المفردات الشائعة والقابلة للاستدعاء، وكذلك الأمر بالنسبة للقواعد النحوية، والنصوص المختارة.

العنصر الثالث من عناصر المنهج، أو من مكوناته فهو طريقة التدريس؛ وقد عرفت أشهر هذه الطرائق آنفًا.

العنصر الرابع الكتاب المدرسي؛ وقد ظل طويلًا هذا الكتاب الأداةالوحيدة المستخدمة في هذا التعلم، إذا استثنينا القلم والورق واللوح، وما يكتب به، كان هذا سائدًا في الطريقة التقليدية، فلم يكن وقتئذ كتاب للمتعلم، وآخر للمعلم، وثالث للتدريبات، أما في الطريقة البنيوية التركيبية، حين اتخذت أساسًا علميًّا لغويًّا سيكولوجيًّا، فظهر الكتاب للمعلم، مرشد وهادٍ له ودليله للسير بالمحتوى.

وكتاب آخر للطالب؛ لتحقيق الأهداف التربوية المحددة، وكتاب ثالث خاص بالتدريبات، وللقراءة الإضافية أو الحرة وغير ذلك.

والكتاب المدرسي يحوي المادة اللغوية المراد تعلمها، من خلال كتاب الطالب، والكتب المساندة، إن المحتوى تفسير حي للمحتوى الدراسي، وهو الوسيلة؛ لتحقيق أهداف المنهج؛ ولذا فإن اختيار المادة التعليمية وترتيبها أمر مهم، وينبغي أن يسير وفق الطريقة المختارة.

فقد كان اختيار المادة التعليمية وترتيبها، أو تدريجها في الطريقتين التقليدية، والبنيوية يتمان على أساس إعداد مضمون لا يعدو أن يكون تطبيقًا للقواعد اللغوية، والأنماط فقط.

وأضافت الطريقة البنوية اختيار الكلمات الجديدة، وترتيبها حسب درجة سهولتها أو صعوبتها، ومدى شيوع استخدامها، والموضوعات مصطنعة؛ لتتلاءم مع القواعد ومع المفردات المراد تدريسها، ومن ثم فإن اللغة المستخدمة كانت بعيدة عن اللغة الحية الحياتية، أو الأصلية المستخدمة في الأغراض والوظائف العامة؛ بل كما تستخدم في الموضوعات العلمية والاجتماعية والأدبية، ولم يكن الكتاب يتضمن نصوصًا أدبية، وعلمية، واجتماعية وحياتية منوعة، إلا في المراحل الأخيرة من عملية التعلم الأجنبي.

وأما في المنهج الوظيفي التواصلي، فأصبح اختيار المادة التعليمية يتم باللغة الأصلية المجتمعية، سواء كانت رسمية أو غير رسمية، وقد ظلت المادة العلمية طبيعية متناسبة مع الموقف التعليمي، سواء أكانت محادثة أو قراءة قصة أو حادثة، أو كانت وصفًا أو طلبًا، أو معبرة عن موقف اجتماعي إلى غير ذلك.

وأما العنصر الخامس فهو الوسائل التعليمية الحديثة المطلوبة في العملية التعليمية، وتسمى هذه الوسائل بالتقنيات التربوية، وتشمل أجهزة من مسجلات وأشرطة، وتلفاز وفيديو، وحاسبات آلية صغيرة وكبيرة.

كما تشتمل أيضًا على برامج ومواد تعليمية، مثل: المواد المسجلة على الأشرطة السمعية والبصرية، كل هذه أساليب تدريسية مستحدثة، حتى إن التفاعل بين الطالب والمدرس، أو بين الطالب والطالب الآخر، أو بين الطالب والنص المكتوب يعد أيضًا تقنية تربوية.

وما يجري داخل الفصل وربطه بالحياة العملية خارجه يعد أيضًا من الوسائل التعليمية، فالبعد عن أسلوب المحاضرة، وتعويد الطلبة على المناقشة، والتعبير عن آرائهم، وإشراكهم في النشاطات الصيفية، وإشراكهم في النشاطات الصفية وغيرها، والتعليق على الصور والخرائط والرسوم البيانية، وتحويل المادة المكتوبة إلى جداول، وأشكال، ورسوم بيانية كلها وسائل، أو تقنيات تربوية حديثة.

وقد ارتبطت هذه التقنيات التربوية بطرائق التدريس المتبعة في تعليم اللغة الأجنبية، وقد قسمها بعض العلماء بصفة عامة إلى أربعة أنواع: تقنيات منهجية تعد جزءًا من المنهج نفسه، النوع الثاني: تقنيات غير منهجية تعد عاملًا مساعدًا للمدرس، أو الطالب من أجل تعزيز، أو تشجيع التعليم والتعلم؛ ليكون جيدًا، النوع الثالث: التقنيات المنهجية وغير المنهجية، التي يعدها المدرس لتقديم خدمة أفضل، النوع الأخير: التقنيات المنهجية وغير المنهجية، التي يعدها الطالب نفسه لزيادة التدرب.

وقد بدأ ظهور هذه الوسائل أو التقنيات بظهور الطريقة البنيوية، وخصوصًا السمعية الشفوية، وكذلك بظهور الأجهزة الإلكترونية؛ حيث بدئ باستخدام المختبر اللغوي، وأجهزة التسجيل السمعية ثم التلفاز التعليمي، وبعد ظهور الطريقة الوظيفية التواصلية ظهرت أجهزة الحاسب الآلي.

 النشاطات داخل الفصل وخارجه، والمنهج يقوم بتحديدها من منظور المتعلم نفسه، لقد كانت النشاطات تتمحور حول المدرس في الطريقتين: التقليدية والبنيوية، كما ذكرنا آنفًا، وكان المدرس وسيطًا، والمتعلم جالس أمامه صامتًا لاخيار له، وما هو إلا منتظر لما يقوم به المدرس؛ ولذلك كان التدريب في الطريقة التقليدية يركز على استظهار الكلمات الجديدة ومعانيها، وقيام المدرس بشرح القاعدة، وإعطاء تدريب عليها، ثم يطلب المدرس قراءة نص أو يقرأه هو، ويتخلل ذلك ترجمة، ثم يعود إلى مزيد من التدريبات الكتابية.

وفي الطريقة البنيوية أيضًا يقوم التدريس على طرح سؤال من المدرس، وهو بمثابة مثير، يعقبه إجابة من الطالب يليها تعزيز وتشجيع أو تصحيح، أو ترديد أنماط لغوية صحيحة.

وكان الدرس يقسم إلى مراحل: مراجعة الدرس السابق، فعرض للمفردات والتراكيب الجديدة، فقراءة وكتابة، فتدريبات فواجبات منزلية، كله بطريقة مبرمجة، لا تسمح للطالب بارتكاب أخطاء، أما في الطريقة الوظيفية، التي محورها المتعلم ذاته، فإن الوظائف اللغوية المطروحة، ينبغي أن تطرح من أجل التواصل مع الآخرين في المواقف الحياتية المختلفة، فيطلب من الطالب أن يعبر عن الوظائف المختلفة، كالوصف والسؤال والموافقة والرفض والاستفسار والثناء والإذن، والتعبير عن مشاعر الفرح والحزن والرضا والرغبات إلى غير ذلك؛ لذلك تحولت العملية التعليمية في الطريقة الوظيفية التواصلية، من مجرد تلق إلى مشاركة وتعبير، فالمحتوى ما هو إلا مجتمع وحياة وما يتم فيها من نشاط.

العنصر السابع: الاختبارات؛ والاختبارات الغرض منها معرفة مدى تمكن الطالب من المحتوى، وفي الطريقة التقليدية كان التركيز على المفردات والتراكيب اللغوية، ولا يتطرق إلى كتابة الإنشاء، واستيعاب الكلام المسموع، إلا في مراحل متأخرة، وفي الطريقة الوصفية أيضًا زاد الاهتمام باختبار الوظائف اللغوية في مواقف الحوار الشفوي، والتعبير الكتابي، كالوصف والقصص والرسائل والتلخيص، وإعداد النقاط الرئيسة حول موضوع أو موقف ما.

ومع ذلك لم يحدث تطور في طرائق الاختبار، كما حدث في طرائق التدريس، والمحتوى والوسائل التعليمية، حتى في ظل المنهج الوظيفي التواصلي، ما زال التركيز على المفردات والقواعد المنفصلة عن السياق التواصلي، والاختبارات الشفوية ما زالت محدودة، الاختبارات الشفوية التي تهتم باختبار واستيعاب الكلام المسموع، والقدرة على الحديث ما زالت محدودة.

العنصر الأخير: التقويم والمتابعة والتطوير؛ وذلك لرصد عملية بناء المنهج وأهدافه وتنفيذه، وهي تحدد مدى نجاح المنهج أو فشله، ومدى قابليته للتغيير والتحديث، ومدى مواكبته للنظريات اللغوية والنفسية والاجتماعية، والمستجدات المتصلة بهذا المجال.

وهذا لم يكن موجودًا قبل ظهور البنيوية، وقد اهتم بهذا أكثر في الطرائق الوظيفية التواصلية؛ ولذلك يهتم هذا العنصر بقيمة البرنامج، أو المحتوى الدراسي من حيث حداثته، أو سهولة تطبيقه، أو تكاليفه وملاءمته للدارسين، وحاجات المجتمع وقدرته على التطور؛ كي يصبح مثاليًّا أو من حيث قدرته على تسهيل مهمة صانع القرار.

إن تعليم العربية لغير الناطقين بها غايته معروفة، وهي تعليم العربية باعتبارها لغة الإسلام؛ لذلك يجب أن يقوم العمل على التخطيط السليم، واختيار المقررات اختيارًا سليمًا، وعلى طرائق التعليم المناسبة.

وسوف أحدثك عن التخطيط في أثناء حديثنا عن علم اللغة الاجتماعي وقضاياه، وسوف تعلم أن التخطيط يجب أن يكون علميًّا يحدد الغايات والأهداف، ويحدد طريقة العمل في إعداد البحوث والمقررات والتنفيذ، ويحدد طريقة المتابعة والمراجعة والاختبار، ويجب أن يكون صادرًا عن جهات عليا، تهتم باللغة، وتدرك أهمية انتشاره، ويجب أن تعلم أن إعداد المدرس من أهم عناصر هذه القضية، إذ عليه يتوقف التنفيذ الفعلي في قاعة الدرس.

إن التخطيط السليم بقرارات عليا، وتحديد الغايات والأهداف والمقررات، واختيار المحتوى واختيار النمط اللغوي، الذي ينبغي أن يعلم والإجراءات التعليمية، التي ينبغي أن تتخذ وتراعى، وإعداد المدرسين، الذي ينبغي ألا يغفل عنه من مناهج العمل السليم في تعليم اللغة الثانية، وخاصة اللغة العربية بوصف كونها، أو بوصف كون تعلمها لغة الشريعة والدين.

error: النص محمي !!