عناصر محتوى المنهج
المَقْصُود بالمُحتوى ذاته كما بَيّنا سابقًا بإيجاز فهو: اختيار تنظيم المادة العلمية؛ لكِنّه لا يساوي المنهج، والأنشطة التعليمية مجموعة الخبرات الهادفة التي تمكن من يتفاعل معها من المادة العلمية، داخل المدرسة أو خارجها تحت إشراف المعلم.
معايير اختيار المحتوى بصفة عامة:
هناك معايير عديدة، يمكن أن نوجز بعضًا منها ثم نفصل البعض الآخر يمكن النظر إلى معايير اختيار محتوى للمنهج نظرة عامة فيما يلي:
أولًا: اختيار المحتوى يتم في ضوء الأهداف المعدة مُسبقًا لمرحلة أو صف ما، وبِذلك يكون المحتوى متفقًا مع الأهداف؛ كما ينبغي أن يكون ذلك المحتوى جوهريًّا، يَتناسب مع المستوى العقلي لكل صف، ويجبُ أنُ يَتّسم بصدق ودقة وصحة المعلومات المقدمة.
ومن معايير اختيار المحتوى أيضًا: أن يتصف بالتوازن والعمق والشمول، ويُغطي جوانب الموضوع المختلفة بقدر معقول ومناسب؛ فلا يستفيض في جزئية، ويُقَصّر في جزئية أخرى، لا تَقِلُّ أهمية عن غيرها.
ومن المعايير أيضًا: حداثة المحتوى: بطريقة تناسب مستقبل الأمة، وتناسب أيضًا مستقبل المتعلمين، وذلك من خلال اطلاع المعلم أو معد المنهج أو مطور المنهج، على آخر ما وصل إليه العلم؛ حتى يمكن له أن يكون مواكبًا في إعداد منهجه لما وصل إليه العلم الحديث.
كما ينبغي أن يكون هناك ارتباط بين المحتوى، وخصائص المتعلمين؛ لكي يعكس اهتماماتهم، وآمالهم، وطموحاتهم، ويلبي حاجاتهم، ويَحُلّ مشكلاتهم، لزيادة دافعية المتعلمين، ولسهولة عملية التعلم بالنسبة لهم.
كما يمكن أن نضيف معايير أخرى في اختيار المحتوى، وتلك المعايير يمكن أن تعد في معايير ثلاثة:
المعيار الأول: هو معيار الصدق.
والمعيار الثاني: هو معيار الأهمية أو المغزى.
والمعيار الثالث: معايير إضافية عديدة، تندرج تحت هذا المعيار منها حاجات واهتمامات المتعلم، ومنها المنفعة، القابلية للتعلم، والارتباط بواقع المجتمع والتوافق معه، وأن يتصف المحتوى بالشمول والعمق، وكذلك أن يتصف بالمعقولية.
خطوات اختيار المحتوى: فيرى كل من “إزنر” و”كولوني” و”كلاندنين” أننا عند اختيارنا للمحتوى لا بد أن نُجيب على عدد من الأسئلة وهي:
على سبيل المثال نسأل أنفسنا عندما نُريد أن نُعِدّ محتوى: ما هي النظريات الرئيسة في مجال المادة؟ ما هي المفاهيم الرئيسة في مجال المادة؟ ما هي القيم الرئيسة في مجال المادة؟ ما هي المهارات والقدرات الرئيسة في مجال المادة؟.
ويمكن تضمين هذه المكونات عند اختيار المحتوى من خلال عدة مراحل، وهي المراحل التالية:
مرحلة اختيار الموضوعات المفاهيم الرئيسة، مرحلة اختيار المفاهيم الفرعية للمادة العلمية للموضوعات من مفاهيم، وحقائق وقيم، ومهارات.
وهذه المراحل متسلسلة حيثُ نختار موضوعات في كل مرحلة في ضوء المراحل السابقة؛ فمرْحَلَةُ اخْتِيارُ المَوضوعات الكُبرى تُعْتَبرُ نقطة البداية في عملية اختيار المحتوى، حيث يرى “ريتشارد ردز” أنّ موضوعات المُحتوى يجبُ أن تكون ترجمة لأهداف المنهج، وأن تتسع لضم جوانب المادة المختلفة، وأن تكون بينها علاقة واضحة تربط بعضها ببعض من خلال عدد من الأمور: وهي:
اختيار عدد من الموضوعات الكبرى التي سوف يشملها، أو يتناولها المنهج.
وأيضًا: اختيار عدد من الموضوعات الرئيسة، تمثل الخطوط العريضة التي يَدُور حولها كل موضوع من الموضوعات الكبرى. وكذلك اختيار عدد من الموضوعات الفرعية التي تُغَطّي الموضوعات الرئيسة، واختيار المادة العلمية التي تُمَكِّننا من تجسيد الموضوعات الكبرى والرئيسة والفرعية، وتحديد المفاهيم والمبادئ والحقائق والقيم والمهارات، التي تغطي كل موضوع من الموضوعات الفرعية.
كما أن من محتوى المنهج: الأنشطة التعليمية: والنشاط التعليمي يجب أن ألا يخلو منه محتوى أي منهج دراسي؛ فالنشاط التعليمي يشير بالضرورة إلى تلك الأمور والعمليات، والمهارات التي يتبعها المتعلم، ويقوم بتنفيذها واتباعها، وتحقيقها بذاته من أجل أن يدعم، ومن أجل أن ينمي، ومن أجل أن يزيد فيما توصل إليه، أو فيما اكتسبه من معلومات ذات علاقة بما تعلمه داخل الفصل الدراسي، أو ذات علاقة بمحتوى الكتاب المقرر الذي يدرسه.
وطَبِيعَةُ الأنْشطة التعليمية يجب تحديدها وأنواعها، بالنسبة لطبيعة وتحديد ونوع كل منهج دراسي؛ فهُناك أنْشطة تعليمية يمكن أن يتم تنفيذها، بحيث تتلاءم مع خصائص وطبيعة المنهج الدراسي، وأنشطة قد لا تتفق ولا تتلاءم مع منهج دراسي، ولذلك يمكن تصنيف الأنشطة التعليمية وتحديدها بدقة، في ضوء طبيعة محتوى المنهج، وخصائص المنهج أيضًا، وينبغي بالضرورة أن تتنوع الأنشطة التعليمية داخل المنهج الواحد.
أنواع الأنشطة التعليمية:
الأنشطة التعليمية التي يُمكن أن يشارك فيها التلميذ متنوعة، حسب الموضوعات التي تقدم لأجلها كما يلي:
نجد أن هناك أنواعًا مختلفة من الأنشطة، وهي خمسة أنواع:
النوع الأول من الأنشطة: أنشطة صفية، وأنشطة لا صفية. أما بالنسبة للأنشطة الصفية فيشارك فيها التلاميذ، وقد تكون أنشطة علمية صفية أو مدرسية، أي: يشارك التلاميذ فيها أثناء وجودهم بالمدرسة تحت إشراف المعلم.
وبالنسبة للأنشطة اللاصفية، وهذا النوع من الأنشطة يشارك فيه التلاميذ بصورة فردية أو جماعية خارج المدرسة، أو لتنمية قدرات التلاميذ المختلفة، وإشباع ميولهم واهتماماتهم، ولكن يتم كل هذا تحت إشراف المعلم، ومن أمْثلة هذه الأنشطة اللاصفية: الواجبات المنزلية، والرحلات العلمية، وكذلك الزيارات الميدانية، وكذلك أيضًا زيارة المتاحف. بما في ذلك من نقل للمتعلمين من الجانب النظري إلى الجانب العملي، ومن الجانب المجرد إلى الجانب الملموس، ومن الجانب السمعي إلى الجانب البصري، ومن الجانب التخيلي إلى الجانب الواقعي.
فبدل أن يسمَعَ المُتعلم عن مصنع ما، أو ظاهرة بيئية ما، أو عن مدينة علمية ما، أو متحف أثري، قد يسمعه من المتعلم أو قد يسمع عنه من المُتعلم أو قد يقرأ عنه داخل الكتاب المدرسي، ويرى بعض الصور القليلة والفقيرة، التي لا تَفِي باحتياجات المُتعلم، ولا تلبي نهمه المعرفي، ولا تُشبع حاجاته التعليمية؛ فعندما ينتقل إلى زيارة ذلك، قد يأخذ المتعلم كمًا هائلًا وقسطًا وفيرًا من المعلومات، ربما أكثر مما قدم له في الفصل الدراسي، وأكثر مما قرأه داخل الكتاب الدراسي المقرر، وينتج عن هذا بالضرورة تطوير في عمليات وقدرات ومعارف ومعلومات المتعلم.
النوع الثاني من الأنشطة وهي: أنشطة علمية تدريسية، والأنشطة التعليمية التدريسية هي: تلك الأنشطة التي يخطط لها المعلم، وتُستخدم في إطار طريقة تدريسية ما، أو في إطار مدخل تدريسي ما، أو كنشاط علمي صفي، أو كنشاط علمي غير صفي.
النوع الثالث من الأنشطة: أنشطة علمية إثرائية وتقويمية، وهذه الأنشطة التي يُخطط لها المتعلم وتُنفذ كأنشطة صفية أو أنشطة لا صفية، وذلك بِقصد إثراء تعلم التلاميذ، ومُراعاة ما بَينهم من فروق فردية، وإشباع ميولهم واهتماماتهم العلمية المختلفة.
وأما الأنشطة التقويمية فهي تعمل على تقويم مدى اكتساب التلاميذ لجوانب التعلم، وهل أنهم حقًّا قد اكتسبوا ما قُدّم لهم من معلومات وخبرات داخل محتوى المنهج أم لا؟.
النوع الرابع من الأنشطة وهي: الأنشطة الفردية وفي هذا النوع من الأنشطة فرصة كبيرة لمراعاة ما بين التلاميذ من فروق فردية، ومراعاة أيضًا لميولهم العلمية المختلفة، وتنمية قُدرة كُلٍّ منهم على تحمل مسئولية ما يقوم به من نشاط تعليمي.
والنوع الخَامس: الأنشطة الجماعية: وفي هذا النوع من النشاط يُقَسّم تلاميذ الفصل إلى مجموعات، وتُمارس كل مجموعة منهم نشاطًا ما، أو نفس النشاط، كما قَد يَقومُ كُلّ التّلاميذ بنشاط واحد، وفي الأنشطة الجماعية شيء إذ أنه يعمل على تبادل خبرات التلاميذ وتفاعلهم الاجتماعي ومهاراتهم الاجتماعية أثناء التعلم في مجموعات، كما أن هذا النوع من الأنشطة الجماعية يحتوي على خبرات تربوية متنوعة ومتعددة أكثر من الأنشطة الفردية على نحو ملحوظ.
دور الأنشطة التعليمية: بما سبق وتم عرض أن الأنشطة نوع من مكونات المنهج، ومحتوى المنهج؛ فإن للأنشطة دور كبير؛ بما يجعل لنا مبررًا أن نقول أنها مكون من مكونات محتوى المنهج، ويتضح دور الأنشطة المختلفة التي يقوم بها التلميذ أو يشارك فيها فيما يلي:
- تَحمل التلاميذ جزءًا من مسئولية التعلم.
- توفر الوقت للمعلم ليستخدمه في تنفيذ عديد من مسئولياته المتعددة، مثل: الإعداد للأنشطة، أو مُتابعة التلاميذ خلال قيامهم ببعض الأنشطة المتنوعة، أو تطوير المُعلم لمهاراته وقدراته، أو مطالعة الحديث من أوعية المعلومات.
- المعلومات من خلال الأنشطة: لا تُنسى بِسُرعة؛ لأنّ المتعلم قد اكتسبها بنفسه، وكان مشاركًا إيجابيًّا في موقف تنفيذ هذا النشاط؛ فلذا لا يُمكن أن يُنسى أثر هذا النشاط بسرعة، كما يمكن نقل أثر تعلم الأنشطة إلى مواقف تعليمية أخرى مشابهة.
- إكساب التلاميذ للعديد من المهارات المرتبطة بأهداف المنهج.
- تنمية بعض مهارات التفكير العلمي، أو التفكير الإبداعي لدى التلاميذ، من خلال مواجهاتهم لحل ما يعترضه من مشكلات، وقيامهم بالأنشطة المختلفة، بما يعمل على تنمية اتجاهاتهم العلمية، وبما يَعْمَلُ على إكسابهم عددًا من المهارات، مثل: التأني في إصدار الأحكام، والموضوعية، والأمانة العلمية، وحسب الاستطلاع العلمي.
كذلك أيضًا تنمية الميول لدى هؤلاء التلاميذ؛ بحيث تعد الأنشطة أحد أساليب تقويم مدى اكتساب التلاميذ للميول المرغوبة، من خلال مدى مشاركة وتفاعل التلاميذ في عملية تنفيذ الأنشطة التعليمية، سواء على المستوى الفردي أو المستوى الجماعي.
وأخيرًا والنُّقطة السابعة في دور الأنشطة التعليمية: أنها تَعْمَلُ على تنمية قدرات التلاميذ الهامة، مِثْلَ القُدرة على التطبيق والتركيب، وإصدار الأحكام، والقدرة على الابتكار.