عوامل وضع الحديث
من أهم العوامل التي ساعدت على الوضع والكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم
العامل الأول: مؤامرات أعداء الإسلام المستمرة والمستميتة لهدم الإسلام، وصد الناس عنه، والقضاء على المسلمين:
لَمَّا عجز أعداء الإسلام من اليهود والنصارى والمجوس والزنادقة، الذين يبطنون الكفر ويظهرون الإسلام، وغيرهم من أتباع الديانات الباطلة والمذاهب المنحرفة عن مواجهة الإسلام والمسلمين عسكريًّا، وشاهدوا الانتصارات العظيمة التي يحققها المسلمون كل يوم، ورأوا أن الإسلام ينتشر بسهولة ويسر، وأن الناس يدخلون في الإسلام طائعين مختارين، وتحولت دول كثيرة إلى الإسلام؛ هالهم كل ذلك؛ فبدأ أعداء الإسلام مؤامراتهم السرية للفتك بالمسلمين، وإيقاف المد الإسلامي المتدفق في شرق الدنيا وغربها.
فلجأ أعداء الإسلام إلى حرب فكرية؛ لإشغال المسلمين عن هدفهم الأسمى: وهو نشر الإسلام ودعوة الناس إليه، وبدأ أعداء الإسلام بالبحث والتنقيب في الكتاب الكريم والسنة المطهرة، وبدأ الكلام عن متشابه القرآن الكريم، وكادت البدع أن تطل برأسها على المسلمين في زمن الخليفة الراشد والإمام العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولكنها وجدت مَن يستأصلها، ويقضي عليها في مَهْدِها، وذلك عندما بدأ صبيغ يسأل عن متشابه القرآن في المدينة وغيرها من البُلدان الإسلامية.
وظلت هذه المؤامرات السرية بقيادة اليهودي الخاسر عبد الله بن سبأ، بعد استشهاد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فلقد حاك اليهودي عبد الله بن سبأ المؤامرة الخسيسة التي انتهت باستشهاد أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه .
العامل الثاني: اندلاع الفتنة بين المسلمين بعد مقتل الخليفة الراشد والإمام العادل عثمان بن عفان رضي الله عنه :
وإذا كان أعداء الإسلام قد دبروا وتآمروا على الإسلام والمسلمين، بقيادة عبد الله بن سبأ اليهودي، وقد أثمرت هذه المؤامرات قتلَ عثمان بن عفان؛ فهل يسكت أعداء الإسلام؟!
لقد واصلوا المسيرة، فأوقعوا بين المسلمين، وكاد الصلح أن يتم بين المسلمين وتنتهي الحروب، فتدخلوا لإشعال نار الحرب بين المسلمين بعد مقتل الخليفة عثمان؛ فهم الذين أفسدوا الاتفاق بين المسلمين في البصرة وما خرجت له أم المؤمنين السيدة عائشة وأخويها طلحة والزبير بعد أن دخلوا في صفوف الفريقين، وبدءوا القتال بعد الاتفاق على الصلح؛ فظن كل فريق أن الآخر قد غدر به وخان، فكان كل فريق في موقف الدفاع عن نفسه.
ومنذ ذلك الحين تفرق المسلمون وتقاتلوا، وطلت البدع برأسها، وبدأ الوضع في الحديث، والكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليؤيد كل صاحب بدعة بدعته، ولينصر كل فريق ما يراه، وما يحقق أهدافه، وليدخل الزنادقة في الإسلام ما يشوهه ويصرف الناس عنه.
فلم يكن قتل عثمان رضي الله عنه هدفًا في حد ذاته؛ بل إن المستهدف الأعظم هو الإسلام، لذلك لم يتوقف الأمر عند قتل عثمان رضي الله عنه فقد ظهر -على إثر قتل عثمان- الخوارج، الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه وقاتلهم، وكفَّر الخوارجُ المخالفينَ لهم.
قال ابن الجوزي: وقد رَدَّ الله تعالى كيدَ هؤلاء الوضَّاعين والكذَّابين، بإخبار أخيارٍ فضحوهم، وكشفوا قبائحهم، وما كذب أحد قط إلا وافتضح، ويكفي الكاذب أن القلوب تأبى قبول قوله؛ فإن الباطل مظلم، وعلى الحق نور، وهذا في العاجل، وأما في الآخرة فخسرانُهم فيها متحقق.
قيل لابن المبارك: هذه الأحاديث الموضوعة؟ قال: تعيش لها الجَهابذة. وقال الدارقطني: يا أهلَ بغدادَ، لا تظنُّوا أنَّ أحدًا يَقْدِرُ أن يَكْذِبَ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأَنَا حَيٌّ.