Top
Image Alt

فتح مكة، ومحاولة أبي سفيان تلافي خطأ قريش

  /  فتح مكة، ومحاولة أبي سفيان تلافي خطأ قريش

فتح مكة، ومحاولة أبي سفيان تلافي خطأ قريش

أ. سبب المسير إلى فتح مكة:

كان هناك عملٌ من أجلِّ الأعمال وفتحٌ هو أعظم الفتوح التي أتَمَّهَا الله على المسلمين، ألا وهو فتح مكة، الذي كان في رمضان من السنة الثامنة، وكان لهذا الفتح العظيم أسباب دعت إليه؛ فإنه صلى الله عليه  وسلم بلغه نقض قريش للعهد؛ ذلك أنهم أعانوا بني بكر بالسلاح والرجال على حلفائه صلى الله عليه  وسلم من خُزاعة، فقد جاءت بنو بكر إلى خُزاعة وهم على ماء لهم يُقال له: الوتير، فَبَيَّتُوهم وقتلوا منهم رجالًا كثيرين.

وكان مع بني بكر رجال من قريش قاتلوا مستخفين، حتى إنهم ألجئوا خزاعة إلى الحرم، ومع ذلك تبعوهم، وكان الباعث على ذلك هو ما كان بين بني بكر وبين خزاعة من الدماء التي كانت قبل بعثة النبي صلى الله عليه  وسلم، حتى جاء الإسلام وتشاغل الناس بشأن هذا الدين، ثم إنه لما كان صلح الحديبية بين النبي صلى الله عليه  وسلم وبين قريش، ووقع الشرط بأن من أحب أن يدخل في عَقْد رسول الله وعهده فله ذلك، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم فله ذلك؛ فدخلت بنو بكر في عقد قريش ودخلت خزاعة في عقد النبي صلى الله عليه  وسلم وعهده.

وكان عدوان بني بكر على خزاعة هو السبب الذي دفع النبي صلى الله عليه  وسلم إلى أن يعد العدة لفتح مكة؛ لأنهم ساعدوا حلفاءهم على قتال حلفاء النبي صلى الله عليه  وسلم، وهذا يناقض ما اتفق عليه النبي صلى الله عليه  وسلم مع قريش في الصلح.

على أنه صلى الله عليه  وسلم جاءه الخبر من السماء بما فعلت قريش مع خزاعة حتى إن عائشة  رضي الله  عنها أخبرت أنه في صبيحة كانت وقعة بني نفافة وخزاعة بالوتير قال لها النبي صلى الله عليه  وسلم: ((يا عائشة، لقد حدث في خزاعة أمر))، فقالت عائشة: يا رسول الله، أترى قريشًا تجترئ على نقض العهد الذي بينك وبينهم وقد أفناهم السيف؟ فقال صلى الله عليه  وسلم: ((ينقضون العهد لأمر يريده الله تعالى)).

كما أنه صلى الله عليه  وسلم سُمع وهو يتوضأ ويقول: ((لبيك لبيك ثلاثًا، نُصِرتَ نُصِرت))  فلما سُئل عن ذلك قال: ((هذا راجز بني كعب يستصرخني ويزعم أن قريشًا أعانت عليهم بكر بن وائل )) ، ولم تمر ثلاثة أيام حتى جاء عمرو بن سالم الخُزاعي يناشد النبي صلى الله عليه  وسلم النصر على قريش التي أعانت عليهم بني بكر، كما قدم بديل بن ورقاء في نفر من خزاعة على رسول الله صلى الله عليه  وسلم بما أصيب منهم وبمظاهرة قريش بني بكر عليهم ثم رجعوا إلى مكة، ولكن النبي صلى الله عليه  وسلم أمرهم أن يتفرقوا وهم راجعون في الأودية حتى لا ترى قريش جمعهم، فتعرف أنهم قدموا على النبي صلى الله عليه  وسلم.

ب. مجيء أبي سفيان يتلافى خطأ قريش:

ولكن أبا سفيان الذي كان قد خرج بعد أن تشاور مع قريش فيما يصنع بعد أن حدث هذا الحدث الذي لم يكن موافقًا عليه كما يبدو، فخرج أبو سفيان متوجهًا إلى المدينة يطلب مد الصلح مع النبي صلى الله عليه  وسلم وتأكيده ولم يمض على الصلح إلا أقل من سنتين ومع هذا يذهب ليشد من عقد الصلح وليطلب زيادة المدة، ولعله كان يطمع كما كانت تطمع قريش أن ذلك سوف يحجز النبي صلى الله عليه  وسلم عن أن ينالهم بما يستحقون من الجزاء على ما فعلوا مع خزاعة.

فجاء أبو سفيان المدينة، وكان النبي صلى الله عليه  وسلم قد أخبر أصحابه من قبل قائلًا: ((كأنكم بأبي سفيان وقد جاء ليشد العقد ويزيد المدة)) فلم تمضِ إلا أيام قلائل حتى جاء أبو سفيان يطلب الذي أخبر به النبي صلى الله عليه  وسلم ودخل أبو سفيان على النبي صلى الله عليه  وسلم فكلمه فلم يرد عليه شيئًا، ثم ذهب إلى أبي بكر لكي يكلم له النبي صلى الله عليه  وسلم، ولكنه لم يجد الشفاعة عنده، ثم أتى عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعنده، فلم يجد الشفاعة عندهما، فخرج عائدًا إلى مكة آخذًا بنصح عليٍّ له بأن يجير بين الناس، وأن يلحق بأرضه، وكانت هذه المشورة غاية ما يمكن أن يقدمه عليٌّ إلى أبي سفيان، فقام أبو سفيان في المسجد فقال: أيها الناس إني قد أجرت بين الناس، ثم ركب بعيره عائدًا إلى مكة.

error: النص محمي !!