Top
Image Alt

فصيلة اللغات السامية الحامية

  /  فصيلة اللغات السامية الحامية

فصيلة اللغات السامية الحامية

الموطن الأصلي للساميين:

اختلف العلماء في الموطن الأصلي للساميين، واختلفت آراؤهم إلى ما يلي:

الرأي الأول: يرى بعض العلماء أن المهد الأول للساميين هو شمال إفريقيا “مصر، وما حولها”، أو بلاد الحبشة، ثم هاجروا إلى آسيا عن طريق برزخ السويس، أو “بوغاز” باب المندب، هذا الرأي له دليله.

أولًا: هذا الرأي يقول: للتشابه الجسماني بين الساميين والحاميين في شعر الرأس، وفي كبر الفكين، وفي أخمص القدمين.

ورُدَّ هذا الرأي بأن التاريخ لم يخبرنا بهجرة للساميين في هذا الاتجاه؛ حيث ثبت أن الساميين هاجروا من آسيا إلى إفريقيا، وليس العكس، أما التشابه الجسماني فمرجعه إلى اتصال سكان جنوبي شبه الجزيرة العربية بالساميين من سكان الحبشة، ومخالطتهم لهم.

الرأي الثاني: ويرى نفر من العلماء أن المهد الأول للساميين إنما هو بلاد أرمينية بالقُرب من حدود كردستان حاليًا.

الرأي الثالث: يرى المستشرق الإيطالي “جويدي” أن المهد الأول للساميين كان جنوب العراق؛ حيث تتبع بعضًا من الكلمات المتداولة في جميع اللغات السامية عن جميع مجالات العمران، والحيوان، والنبات، وادعى أن أول من استخدم هذه الكلمات هم جماعات جنوب العراق.

تصدى لهذا الرأي ولصاحب هذا الرأي المستشرق الألماني “نولدكه”، وأهدر دليل “جويدي”، عندما قدّم هو الآخر طائفة من الكلمات عن الحيوان، والعمران جديرة بالقدم مثل كلمات: رجل، وخيمة، وشيخ، وجبل، وولد؛ هذه الكلمات سامية، كما أن اتخاذ بضعة كلمات لإثبات قضية كهذه لا ينهض دليلًا يعتد به لإثباتها.

الرأي الرابع: وهو رأي طائفة من العلماء يرى أن جزيرة العرب كانت هي المهد الأول للساميين، وهذا هو الرأي الذي نرتضيه.

ذهبت طائفة من العلماء -مؤرخين، ومستشرقين- إلى أن جزيرة العرب كانت المهد الأول للساميين، ومن هؤلاء “سايز” المؤرخ الإنجليزي، و”رايت” المستشرق الإنجليزي، و”شريدر”، و”شرنجر” الألمانيان، و”دجويه” الهولندي، وهذا الرأي هو الذي يؤيده التاريخ؛ إذ يذكر التاريخ أن نزوح الساميين كان من شبه الجزيرة العربية إلى ما جاورها من البلدان طلبًا للرزق، وكان ذلك النزوح يحدث كل ألف سنة تقريبًا، فكانت هجرة الساميين من قلب شبه الجزيرة إلى بابل في القرن السادس والثلاثين قبل الميلاد، والقرن السادس يعني: أول جزيرة كانت إلى العراق وأول هجرة كانت من شبه الجزيرة العربية إلى ما جاورها من البلدان كانت لطلب الرزق؛ لأن شبه الجزيرة العربية كان صحراء وكان ذلك النزوح يحدث كل ألف سنة تقريبًا، فكان أول هجرة من شبه الجزيرة العربية أو من قلب شبه الجزيرة العربية إلى بابل في شمال العراق في القرن السادس والثلاثين قبل الميلاد، ثم كانت هجرة الكنعانيين في القرن السادس والعشرين قبل الميلاد، ثم كانت الهجرة الثالثة إلى بابل في القرن السادس عشر قبل الميلاد، ثم كانت هجرة بعض القبائل العربية من الحجاز إلى الشام في القرن السادس قبل الميلاد، ثم كانت هجرة الساميين مع الفتح الإسلامي في القرن السابع الميلادي.

كانت الهجرات تخرج من شبه الجزيرة العربية إلى ما جاورها من البلدان، وليس كالآن؛ حيث البترول في شبه الجزيرة العربية فالكل يهاجر، والكل يطلب النزوح إلى شبه الجزيرة العربية، أما قديمًا فكان شبه الجزيرة العربية الناس يهاجرون منها إلى ما جاورها من البلدان طلبًا للرزق.

طائفة اللغات السامية:

الفصيلة السامية الحامية تنقسم إلى طائفتين:

القسم الأول: طائفة اللغات السامية.

القسم الثاني: طائفة اللغات الحامية.

يوجد تشابه كبير بين الطائفتين؛ ولذلك أطلقوا على الطائفتين اسم الفصيلة السامية الحامية.

أولًا: اللغات السامية:

هي مجموعة من اللغات يرجع اسمها اصطلاحًا إلى “سام بن نوح عليه السلام” يعتقد اللغويون أنها انحدرت من اللغة السامية الأم، وهي لغات بعضها اندثر، وبعضها لا يزال حيًّا.

حدود اللغات السامية: انتشرت هذه الطائفة من اللغات السامية قديمًا في المنطقة التي تحد من الجنوب الشرقي بالخليج العربي، ومن الشمال الشرقي ببلاد ما بين النهرين، ومن الجنوب الغربي بالهضبة الحبشية، ومن الشمال الغربي بالبحر الأبيض المتوسط، واعتاد العلماء أن يقسموها جغرافيًّا إلى شرقية، وغربية.

الطائفة الأولى: الشرقية، وتشمل:

الأكادية:

وهي لغة الشعوب السامية التي أقامت في منطقة ما بين النهرين حوالي الألف الرابع قبل الميلاد، وأخذت في الانقراض في القرن الرابع قبل الميلاد، وقد حلت هذه اللغة محل اللغة الشومارية، التي ليست سامية، وأقدم ما وصل منها مدونًا بالخط المقطعي، أو الإسفيني، أو الوتدي المسماري يرجع إلى حدود القرن الثلاثين قبل الميلاد.

اللغة الشومارية، أو السومارية تسمى سومارية، أو شومارية لأننا نعرف أن هناك اطراد التبادل الصوتي بين اللغات السامية في “الشين، والسين”؛ فمثلًا عندما نقول عندنا: سلام، يقول العبريون: شلوم، فينطقون السين شينًا، تسمى اللغة الشومارية، أو اللغة السومرية، وهي التي كانت في العراق في بلاد ما بين النهرين.

هذه اللغة التي ليست سامية أقدم ما وصل منها مدونًا بالخط المقطعي، أو الإسفيني، أو الوتدي، أو المسماري هو الخط الذي كان يكتب به العراقيون، ونجد في المكتبات كتابًا يقول: هؤلاء الذين كتبوا على الطين، وهم العراقيون؛ لأن الكتابة فن من الفنون الحضارية، وكانت الكتابة توجد حيث توجد الأنهار، فوجدت الكتابة في مصر؛ لأن في مصر نهر النيل، ووجدت الكتابة في العراق؛ لأن العراق به دجلة والفرات. وجدت أدوات الكتابة في العراق، ووجدت أدوات الكتابة في مصر.

ولذلك كان عندنا في مصر كتابة، بالخط الهيروغليفي، وأيضًا في العراق كانت هناك كتابة، هناك القلم المسماري، أو الخط المسماري ويُسمى الخط المقطعي، أو الخط الإسفيني، أو الوتدي، أو المسماري كل اسم فيها صحيح.

لأن العراقيين بنص الكتاب الذي قال: هؤلاء الذين كتبوا على الطين، نعم: كانوا يكتبون على الطين، ووجدت أدوات الكتابة عندهم؛ فالطين موجود عندهم في دجلة والفرات، يأخذون قطعة من الطين ويرسمون عليها بما يشبه المسامير، يرسمون عليها بقطع المسامير، بقطع محددة، مثلًا: كانت البداية الكتابة بالرسم؛ فإذا أرادوا شيئًا رسموه على الطين.

ثم بعد ذلك يأخذون الطين ويضعونه في الشمس أو على النار فيجف هذا الطين، ثم ترسل الرسالة إلى البلد المراد إرسالها إليها، وكانوا يفهمون الأغراض برسم صور على الطين؛ فمن يريد جملًا يرسم جملًا، ومن يريد حمارًا يرسم حمارًا بالمسامير، ومن يريد أي شيء يرسمه على الطين، ويجفف هذا الطين، ثم ترسم الرسالة، وسمي هذا القلم بالخط المقطعي؛ لأنه يضع هذا الذي يرسم به على الطين على هيئة مقاطع معينة.

ويسمى أيضًا الخط الإسفيني؛ لأنه يضع ما يُرسم به شبيه بالإسفين، أو مثلًا الوتدي لأنه شبيه بالوتد، ويرسم به، أو المسماري شبيه بالمسمار، ويرسم به على الطين يضع هذا المسمار على الطين، أو الوتد يضعه على الطين فيعلّم به على الطين، وكانت الكتابة هكذا. وهكذا أخذت هذه اللغة اللغة الأولى -وهي اللغة الأكادية كما قلت: لغة الشعوب السامية التي قامت في منطقة ما بين النهرين حوالي الألف الرابع قبل الميلاد- أخذت هذه اللغة في الانقراض في القرن الرابع قبل الميلاد.

فهذه اللغة -الأكادية- هي القسم الشرقي من اللغات السامية أقدم ما وصل منها مدونًا بالخط المقطعي أو الإسفيني أو الوتدي المسماري يرجع إلى حدود القرن الثلاثين قبل الميلاد، وآخر ما وصل منها مدونًا في القرن الرابع قبل الميلاد.

الأكادية: موطنها، وتاريخها:

تنقسم اللغة الأكادية إلى لهجتين:

اللهجة الأولى: البابلية، نسبة إلى بابل، وهي لهجة الجنوب.

اللهجة الثانية: الآشورية، نسبة إلى آشور وهي لهجة الشمال.

الطائفة الثانية: الغربية، وهي شمالية وجنوبية. وتشمل الشمالية:

الأجريتية:

وهي لغة النقوش التي عُثِر عليها ابتداءً من سنة 1929 في رأس شمرا -ميناء البيضاء- قريبًا من اللاذقية إلى جهة الشمال، وهي مكتوبة بأبجدية مسمارية، وأقدم ما وصل إلينا منها يرجع إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد، وهي تُنسب إلى مدينة “أجريت” وهو الاسم القديم لرأس شمرا.

error: النص محمي !!