Top
Image Alt

كتاب (التلخيص الحبير في تخريج أحاديث شرح الوجيز الكبير)

  /  كتاب (التلخيص الحبير في تخريج أحاديث شرح الوجيز الكبير)

كتاب (التلخيص الحبير في تخريج أحاديث شرح الوجيز الكبير)

إن من الكتب المهمة لابن حجر العسقلاني في علم التخريج كتاب: (التلخيص الحبير في تخريج أحاديث شرح الوجيز الكبير).

الإمام ابن حجر كان شافعي المذهب؛ فأراد أن يخدم مذهبه، فخرج الأحاديث التي في (الشرح الوجيز) وهي أحاديث في الفقه الشافعي كما فعل الزيلعي في خدمة مذهبه في تخريج الأحاديث التي في (الهداية) ولخَّصها ابن حجر في كتاب (الدراية)؛ فهي في الفقه الحنفي.

التعريف بكتاب (التلخيص الحبير في تخريج أحاديث شرح الوجيز الكبير):

هذا الكتاب كتاب يلخص فيه الإمام ابن حجر ما ورد من تخريج الأحاديث في كتاب (البدر المنير) وكتاب (البدر المنير) لسراج الدين عمر بن علي بن الملقن، المتوفى سنة 804 هجرية، ويعرف بـ(البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير)، أما كتاب (الشرح الكبير) فهو كتاب عظيم في الفقه الشافعي، لأبي القاسم عبد الكريم بن محمد الرافعي، المتوفى سنة 623 هجرية، شرح فيه كتاب (الوجيز) في الفقه الشافعي للإمام أبي حامد الغزالي المتوفى 505 هجرية -رحمه الله تعالى-.

اهتمام العلماء بكتاب (الشرح الكبير) وتخريجهم لِمَا فيه من الأحاديث:

لقد نال كتاب (الشرح الكبير) للرافعي في الفقه الشافعي حظًّا كبيرًا من جهد العلماء؛ فلقد اعتنى به جهابذة التخريج في علم الحديث؛ فلقد قام بتخريج أحاديثه ستة من أعلام الإسلام المشهود لهم بالباع الطويل والمتانة في علم الحديث والفقه، وهم:

1. سراج الدين عمر بن علي بن الملقن، المتوفى 804 هجرية.

2. عز الدين بن جماعة، المتوفى سنة 767 هجرية.

3. بدر الدين بن جماعة، المتوفى 819 هجرية، حفيد الإمام عز الدين بن جماعة.

4. أبو أمامة محمد بن عبد الرحمن بن النقاش، المتوفى 845 هجرية.

5. بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي، المتوفى 774 هجرية.

6. الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني المتوفى 852 هجرية، وهو كتابنا هذا المعروف بـ(تلخيص الحبير).

7. وآخر الكتب التي قامت بتخريج أحاديث كتاب (الشرح الكبير) هذا هو (نشر العبير في تخريج أحاديث الشرح الكبير)، وهو للعالم الفاضل الحافظ جلال الدين السيوطي -رحمه الله تعالى- المتوفى 911 هجرية.

وصف كتاب (البدر المنير) لابن الملقن:

لقد صنف الإمام ابن الملقن كتابه (البدر المنير) في سبع مجلدات ثم لخصه في أربع مجلدات وسماه: (خلاصة البدر المنير)، ثم انتقاه في جزء وسماه: (منتقى خلاصة البدر المنير)، ولقد ذكر ابن حجر العسقلاني في مقدمة كتابه (تلخيص الحبير) أن أوسع الكتب التي خرجت أحاديث (الشرح الكبير) وأخلصها إشارة هو كتاب ابن الملقن؛ لكنه قال: إنه أطاله بالتكرار.

السبب في تأليف ابن حجر لكتابه (تلخيص الحبير):

قال ابن حجر عن كتاب (منتقى خلاصة البدر المنير): إن ابن الملقن أخل فيه بكثير من مقاصد الأصل؛ لذا رأى تلخيصه في قدر ثلث حجمه مع الالتزام بتحصيل مقاصده؛ فهذا هو السبب في تأليف ابن حجر للكتاب.

وذكر ابن حجر أنه تتبع الفوائد والزوائدَ في كتب التخاريج السابقة التي سبقته في تخريج كتاب (الشرح الكبير) والتي كان عددها خمسة من قبله، كما ذكر أنه استفاد في تلخيصه هذا الكثير من كتاب (نصب الراية) للزيلعي، وعلل استفادته من كتاب الزيلعي الحنفي في تخريج أحاديث كتاب في الفقه الشافعي؛ بأن الزيلعي ينبه في كتابه (نصب الراية) على ما يحتج به مخالفوه من أصحاب المذاهب الأخرى، ثم أعلن ابن حجر عن أن كتابه هذا حاوٍ لأكبر عدد -إن لم تكن كل الأحاديث- التي يستدل بها الفقهاء في مصنفاتهم، وجاء هذا القول في مقدمة ابن حجر في كتابه (تلخيص الحبير).

نص مقدمة (التلخيص الحبير) كما جاءت في أول الكتاب:

قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-:

أما بعد؛ فقد وقفت على تخريج أحاديث (شرح الوجيز) للإمام أبي القاسم الرافعي -شكر الله سعيه- لجماعة من المتأخرين؛ منهم القاضي عز الدين بن جماعة، والإمام أبو أمامة بن النقاش، والعلامة سراج الدين عمر بن علي الأنصاري، والمفتي بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي، وعند كل منهم ما ليس عند الآخر من الفوائد والزوائد، وأوسعها عبارةً وأخلصها إشارةً كتاب شيخنا سراج الدين، إلا أنه أطاله بالتكرار؛ فجاء في سبع مجلدات، ثم رأيته لخصه في مجلدة لطيفة أخل فيها بكثير من مقاصد المطول وتنبيهاته؛ فرأيت تلخيصه في قدر ثلث حجمه مع الالتزام بتحصيل مقاصده فمنَّ الله بذلك، ثم تتبعت عليه الفوائد والزوائد من تخاريج المذكورين معه، ومن تخريج أحاديث (الهداية) من فقه الحنفية للإمام جمال الدين الزيلعي؛ لأنه ينبه فيه على ما يحتج به مخالفوه، وأرجو الله تعالى إن تم هذا التتبع أن يكون حاويًا لجل ما يستدل به الفقهاء في مصنفاتهم في الفروع، وهذا مقصد جليل.

تقييم كتاب (تلخيص الحبير):

لقد أعلن الإمام ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى- أنه قام بتتبع كل ما سبقه من تخريج لأحاديث (الشرح الكبير)، ثم إنه أفاد الكثير من كتاب (نصب الراية) للزيلعي، وابن حجر -رحمه الله تعالى- هو المعروف بطول الباع في التتبع والتقصي والمقدرة الفائقة على التلخيص المفيد، وأنه أعلن إن أطال الله عمره وتم هذا التتبع لما سبق وتم الكتاب؛ فسيكون كتابًا شاملًا لأغلب ما يستدل به الفقهاء من الأحاديث في كتبهم، والحمد لله؛ لقد تم الكتاب وجاء كما أرادَ وطلبَ من الله تعالى الحافظُ ابن حجر العسقلاني.

يقول الدكتور محمود الطحان في كتابه (أصول التخريج) معلقًا على أمنية ابن حجر في أن يتم الله له تتبعه لما سبق من التخاريج لكتاب (الشرح الكبير) يقول:

قد تم هذا التتبع -بحمد الله تعالى- وقد حوى فعلًا جل ما يستدل به الفقهاء في مصنفاتهم؛ لذا يعتبر هذا الكتاب مصدرًا مهمًّا من مصادر التخريج لأحاديث الأحكام التي يستدل بها الفقهاء من شتى المذاهب.

لكني هنا أود أن أقول: إن هذا التخريج لهذا الكتاب ولغيره مما سبق إنما هو على عادة المخرجين القدامى، وهو أنهم يذكرون اسم الكتاب فقط الذي به الحديث؛ إنما طريقة المتأخرين أن يذكروا اسم الكتاب واسم الباب ورقم الجزء ورقم الصفحة، وهذا هو الفرق بين المتقدمين والمتأخرين.

وطريقة ابن حجر في تصنيف هذا الكتاب تشبه طريقة تصنيفه كتاب (الدراية في تخريج أحاديث الهداية) إلى حد كبير، وإيراد الأحاديث فيه مرتبة على ترتيب أبواب الفقه كما جاءت في كتب الفقه، وخاصة كتاب (الوجيز) للإمام الغزالي، وهو الأساس في هذا الموضوع.

نموذج من تخريج بعض الأحاديث في كتاب (تلخيص الحبير):

قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-: حديث علي أن العباس سأل رسول الله صلى الله عليه  وسلم في تعجيل صدقته قبل أن تحل؛ فرخص له، هذا هو الحديث الذي يريد ابن حجر تخريجه في كتاب (تلخيص الحبير) وهو جاء في الفقه الشافعي وغيره.

يعني: الإنسان إذا أراد أن يخرج الصدقة قبل موعدها. سأل العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه  وسلم عن ذلك؛ فرخص له صلى الله عليه  وسلم أن يخرج الصدقة -أي: الزكاة- قبل أن يحل موعد أدائها.

ورواه الترمذي من رواية إسرائيل عن الحكم عن حجر العدوي عن علي، وذكر الدارقطني الاختلاف فيه على الحكم، ورجح رواية منصور عن الحكم عن الحسن بن مسلم بن يناق عن النبي صلى الله عليه  وسلم مرسلًا، وكذا رجحه داود، وقال البيهقي: قال الشافعي روي عن النبي صلى الله عليه  وسلم أنه تسلف صدقة مال العباس قبل أن تحل، ولا أدري أثبت أم لا.

قال البيهقي: عني بذلك هذا الحديث، ويعضده حديث أبي البختري عن علي أن النبي صلى الله عليه  وسلم قال: “إنا كنا احتجنا فاستسلفنا العباس صدقته عامين” رجاله ثقات، إلا أن فيه انقطاعًا، وفي بعض ألفاظه: أن النبي صلى الله عليه  وسلم قال لعمر: ((إنا كنا تعجلنا صدقة مال العباس عام أول))، رواه أبو داود الطيالسي من حديث أبي رافع.

طبعات الكتاب:

لقد سخر الله تعالى من يقوم بطبع كتاب (تلخيص الحبير) لابن حجر العسقلاني، ويعمل على نشره للإفادة من هذا الكتاب العظيم القدر النافع في مادته العلمية؛ فتم -بحمد الله تعالى- طبع الكتاب مرتين، وتم نشره وتداوله في أرجاء العالم الإسلامي:

الطبعة الأولى: كانت الطبعة الأولى للكتاب بالمطبعة الأنصارية في دلهي.

وكانت الطبعة الثانية لشركة الطباعة الفنية في القاهرة، وذلك في سنة 1384 هجرية 1964 ميلادية، وهي طبعة منقحة قام بتصحيحها والتعليق عليها، وعمل على نشرها السيد عبد الله هاشم اليماني المدني، أما المؤلف فهو ابن حجر.

error: النص محمي !!