كتاب (ذخائر المواريث)
كتاب (ذخائر المواريث) وإن كان في الترتيب (ذخائر المواريث) وضع بعد (تحفة الأشراف) لكني أعجل بـ(ذخائر المواريث) لأن المفتاح الحقيقي للطريق التي أعطينا فيها هذه الدروس المتقدمة تعتمد اعتمادًا كليًا على كتاب (ذخائر المواريث)، فكتاب (ذخائر المواريث) ألفه الشيخ عبد الغني المقدسي -رحمه الله تعالى- كمفتاح لهذه الطريق، يأتي بمسند أبي بكر فيذكر كل الأحاديث التي رواها أبو بكر.
ثم يقول أين توجد هذه الأحاديث، ويعطي إشارات للكتب التي جاءت فيها هذه الأحاديث، فنذكر (ذخائر المواريث) أولًا، ثم نعقد مقارنة بينها وبين (تحفة الأشراف).
ونكون بذلك قد تكلمنا على الكتابين معًا.
أ. التعريف بكتاب (ذخائر المواريث في الدلالة على مواضع الحديث):
من المفاتيح التي يستدل من خلالها على موطن الحديث في كتب الحديث كتاب (ذخائر المواريث) للمؤلف الشيخ عبد الغني النابلسي، المولود سنة 1050 هجرية، المتوفى سنة 1143 هجرية الدمشقي الحنفي.
الكتاب يجمع أطراف الكتب الستة و(موطأ الإمام مالك)، ورتبه الشيخ عبد الغني النابلسي مؤلفه على مسانيد الصحابة، مرتبًا أسماء الصحابة على حروف المعجم مبتدءًا بالهمزة منتهيًا بالياء.
ب. تقسيم الكتاب:
وكتاب (ذخائر المواريث) قسمه المؤلف إلى سبعة أبواب، ورتب ما في كل باب على حروف المعجم؛ ليكون ذلك أسهل في التخريج، وهذا التقسيم كالآتي:
الباب الأول: مسانيد الرجال من الصحابة.
الباب الثاني: مسانيد من اشتهر من الصحابة بالكنية، مرتبة بالنسبة لأول حرف من الاسم المكنى به.
الباب الثالث: مسانيد المبهمين من الرجال، حسب ما ذُكر فيهم من الأقوال على ترتيب أسماء الرواة عنهم.
الباب الرابع: مسانيد النساء الصحابيات.
الباب الخامس: مسانيد من اشتهر من الصحابيات بالكنية.
الباب السادس: مسانيد المبهمات من النساء الصحابيات، مرتبة على ترتيب أسماء الرواة عنهن.
الباب السابع: ذكر المراسيل من الأحاديث مرتبة على أسماء رجال المرسِلين.
وألحق بهذا الباب ثلاثة فصول في كنى المرسلين وفي المبهمين منهم، وفي مراسيل النساء، وقسم بعض الأبواب السبعة إلى فصول فيما يتعلق بكنى بعض الأسماء.
وهناك رموز استخدمها في كتابه فلنبين معناها تحت عنوان: الرموز التي استخدمها المؤلف في الكتاب كتبت أقول: لقد وضع المؤلف رموزًا لكتب الحديث، التي يشير إليها في بيانه لمواضع الحديث اختصارًا منه، نظرًا لكثرة التكرار على عادة المؤلفين السابقين والمعاصرين له والمتأخرين عنه، وإليك هذه الرموز وترجمتها:
1. “خ” أي البخاري في صحيحه. “م” أي: مسلم في صحيحه. “د” أي: أبو داود في سننه. “ت” أي الترمذي في سننه. “س” أي النسائي في سننه الصغرى، المعروفة بـ (المجتبى من سنن النبي المختار) وهي المتداولة الآن، وأخيرًا طبع في المملكة العربية السعودية، ووزع كتاب (السنن الكبرى) للنسائي. “هـ” دائرة هي لابن ماجه في سننه. “ط” أي (الموطأ) للإمام مالك.
ج. وصف تفصيلي للكتاب:
هذا الكتاب -الذي يعرف بكتاب (ذخائر المواريث)- بينت أنه مرتب لأسماء الرواة بحسب الحروف الأبجدية، وإليك بيان ذلك.
المتصفح في هذا الكتاب سيجد إن شاء الله أن المؤلف بدأ بحرف الهمزة، فقال: “حرف الهمزة ثم قال: أبيض بن حمال الحميري المأربي، نسبة إلى قبيلة حمير. المأربي نسبة إلى سد مأرب. عن النبي صلى الله عليه وسلم”. ثم قال: “حديث”. ويكتب كلمة حديث بخط كبير، ثم يذكر طرف الحديث فيقول: “أنه وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستقطعه الملح الذي بمأرب ثم قال: وفيه: لا حمى في الأراك”.
ثم كتب ما يلي: “د” في الخراج عن قتيبة بن سعيد، ومحمد بن المتوكل، ومحمد بن أحمد القرشي. “ت” في الأحكام عن قتيبة. ” ه ” يعني ابن ماجه فيه، أي: في كتاب الأحكام لابن ماجه، عن محمد بن يحيى بن أبي عمر.
ثم بعد ذلك يذكر بقية مرويات هذا الصحابي بهذا الشكل، مبينًا موضع كل حديث، يذكر جزءًا من الحديث، ويبين موضعه في أي كتاب، فنرجع للكتاب الذي يشير إليه المقدسي، فنجد الحديث كما قال إن شاء الله.
ولا يذكر إسناد الحديث في الكتب المشار إليها كاملة، وإنما يكتفي بذكر شيخ مصنف الكتاب الذي به الحديث المشار إليه، بخلاف (تحفة الأشراف) للمزي. ثم إن الشيخ النابلسي اعتبر المعنى أو بعضه دون اللفظ في جميع الروايات، فإنه يذكر طرف الحديث باللفظ، ثم يرمز إلى ما يوافقه من معاني الروايات الأخرى. وإذا روى الحديث أكثر من صحابي لم يذكر تخريجه إلا في رواية صحابي فقط، بخلاف الحافظ المزي في (تحفة الأشراف) فإنه يكرر الحديث إذا رواه أكثر من صحابي، فيذكره ويذكر مصادره مع كل صحابي رواه، وهذا سبب كبر حجم (تحفة الأشراف) عن (ذخائر المواريث).
د. عدد الأحاديث التي وردت في هذا الكتاب: تسعة عشر ألف حديث، وخمسمائة وخمس وتسعون حديثًا.
هـ. كيفية البحث في كتاب (ذخائر المواريث):
للوصول إلى الحديث في موضعه كما يشير إليه هو، بينها المصنف نفسه الشيخ عبد الغني النابلسي، فلقد قال في مقدمة الكتاب: “إذا أردت الاستخراج منه فتأمل في معنى الحديث الذي تريده، في أي شيء هو، يعني في أي كتاب، هل في كتاب الصلاة، أم كتاب الصوم، أم كتاب الحج. ولا تعتبر خصوص ألفاظهم، ثم تأمل الصحابي الذي عنه رواية ذلك الحديث، فقد يكون في السند عن عمر أو أنس مثلًا، وروايته عن صحابي آخر مذكور في ذلك الحديث، فصحِّح الصحابي المروي عنه، ثم اكشف عنه في محله تجده إن شاء الله تعالى”.
يعني لا بد أن تعرف الراوي الأعلى للحديث، ولذلك هذا الكتاب مفتاح للطريقة الأولى التي قمنا بدراستها.