مؤسسات التربية الإسلامية
المؤسسة الأولى من مؤسسات التربية الإسلامية: الأسرة:
باعتبارها الكنف الذي ينشأ الإنسان في أحضانه، وباعتبارها البيئة التي ينمو فيها الإنسان منذ طفولته ومولده، وحتى يصبح رجلا كبيرا. والأسرة في اللغة -كما وردت في (لسان العرب): أسرة الرجل عشيرته، ورهطه الأدنون؛ لأنه يتقوى بهم. أما في (المعجم الوسيط) فقد جاءت بمعنى الدرع الحصينة، وأهل الرجل وعشيرته، والجماعة التي يربطها أمر مشترك، إذًا فالأسرة في اللغة تعني: الجماعة المحيطة بالإنسان، التي تمثل أهله وعشيرته، وتمثل قوته وسنده.
أما الأسرة في الاصطلاح: فهي الوحدة الأولى للمجتمع، وأولى مؤسساته التي تكون فيها العلاقات في الغالب من نوع العلاقات المباشرة، والتي ينشأ فيها الفرد، ويتم في إطارها المراحل الأولى من تنشئته الاجتماعية، أو تطبيعه الاجتماعي، ويكتسب عن طريق التفاعل معها كثيرًا من معارفه، ومهاراته، وميوله، وقيمه، وعواطفه، وعاداته الدينية الصحيحة، واتجاهاته في الحياة، ويجد فيها أمنه وسكينته، ويرى البعض: أنها عبارة عن مجتمع صغير، وهو وحدة ديناميكية لها وظيفة تهدف نحو نمو الطفل نموا اجتماعيا صحيحا، ويتحقق هذا الهدف بصفة مبدئية عن طريق: التفاعل العائلي الذي يحدث داخل الأسرة، والذي يلعب دورا مهما في تكوين شخصيته. وكذلك، فإن الطفل تنمو شخصيته، وسلوكه من خلال الأسرة التي تحيط به؛ ولذلك فإنه عند اعتبار التربية الدينية والإسلامية الصحيحة، فإن الأسرة هي الوعاء الاجتماعي الذي يتلقى الطفل عاداته ومعلوماته، وأخلاقياته فيه، ويتفاعل مع أفراده، ويشعر بالانتماء إليهم، وبذلك يكتسب الطفل أول عضوية جماعة، ويتعلم منها كيف يتعامل مع الآخرين في سعيه لإشباع حاجاته، وتحقيق مصالحه، من خلال تفاعله مع أعضائها.
والحديث عن الأسرة كعامل مؤثر في التربية الدينية والإسلامية، يبين لنا أهمية الأسرة المسلمة في تنمية العادات الإسلامية الصحيحة، والأخلاق القويمة. ومقومات الأسرة؛ لتنمية القيم الأخلاقية لدى أبنائها، والدور الديني والخلقي للأسرة.
أما بالنسبة لأهمية الأسرة المسلمة في تنمية القيم الدينية والخلقية لأبنائها: فتعد الأسرة من أهم المؤسسات التربوية المؤثرة في تنمية القيم الخلقية في نفوس الأطفال؛ حيث إنها الوسيط الأول للتربية الإسلامية، والتربية بصفة عامة، والتي فيها يتعلم الطفل، وتنمو لديه الأفكار، والمفاهيم، والمبادئ، والعادات، ويتعلم فيها الناشئة أنماط السلوك، والعادات الاجتماعية، والدينية، المرغوب فيها من خلال: التفاعل العائلي، والعلاقات التي تتكون بين أعضاء الأسرة، والتي يترتب عليها: أن يؤثر كل فرد في الآخر؛ بقصد تكوين خبرات جديدة تعزز، وتنمي القيم الدينية الإسلامية لدى الأطفال. ولهذا؛ يقول صالح بن حميد: “إن الله أراد للأسرة أن تقوم على الأسس الصحيحة السليمة، فأرسى الدعائم السليمة الصحيحة، والأسس القويمة لتكوينها تكوينا سليما كحاضن جيد للطفل بحيث ينشأ نشأة سوية متمسكا بالقيم، والأخلاقيات الإسلامية”.
لذا؛ لا ينكر أحد دور الأسرة في تكوين نسق محدد لما هو ملائم، وما هو غير ملائم من أنواع السلوك، من خلال أساليب التنشئة. وهنا يبرز دور الأسرة في تشكيل نوع من الترتيب الهرمي لدرجة تفضيل الأشياء والمواقف، والأحداث لدى أفرادها، وهذا يمثل معيارا يهتدي به الفرد في المواقف المختلفة، أي تكون بمثابة القيم لدى الأشياء، وبهذا، تكون الأسرة المسلمة: هي وسيلة المجتمع الإسلامي للحفاظ على قيم، وأخلاقيات، ومبادئ، وثقافة الإسلام، وكذلك الثقافة الإسلامية بصفة عامة. وهناك مقومات للأسرة لتنمية الخلق، ولتنمية الأفكار الدينية والإسلامية الصحيحة لدى أبنائها، فالأسرة التي نسعى أن تقوم بدورها في تنمية القيم الأخلاقية السليمة، وكذلك إحداث التربية الإسلامية الصحيحة لدى أبناء تلك الأسرة، يجب أن يتوافر فيها أو يراعى في هذه الأسرة الأمور التالية:
الأمر الأول: وهو عماد هذا الموضوع، وأساسه: الدين، وهو من أهم أسس اختيار الزوجة لزوجها، أن يكون ذا دين، وكذلك الزوج لزوجته لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض)) ويقصد بالدين: أن يكون هذا الرجل متمسكا بالتدين في كل تصرفاته، ملتزما التزاما كاملا بمناهج الشريعة الإسلامية، يعرف حقوق الإسلام عليه، وكذلك أيضا: أن تكون المرأة ذات دين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((تنكح المرأة لأربع لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)). ويقصد بالدين هنا: الفهم الحقيقي للإسلام، والتطبيق السلوكي لكل فضائله السامية، وآدابه الرفيعة، والالتزام الكامل بمناهج الشريعة الإسلامية. ولا شك أنه إذا توفر هذا في الزوجين؛ فإن أثره سينعكس على الأبناء؛ حيث يتوفر لهم الاستقرار، والطمأنينة، والمودة، والرحمة، وغيرها من الآداب، والأخلاق الإسلامية الضرورية لسلامة التربية الأسرية.
الأمر الثاني: الكفاءة، ويقصد بها: تقارب الزوجين في أغلب الجوانب الحياتية؛ لأن ذلك التقارب يؤدي إلى نوع من التفاهم، والانسجام يساعد على استمرار الألفة، والمودة، وحسن التكيف، والتوافق بينهما، وفي ظل هذا تنشأ التربية الإسلامية الصحيحة.
الأمر الثالث: هو إقامة حدود الله؛ وهو أن يقوم الزوجان بتنفيذ أوامر الله، وإقامة أحكامه، والتمثل بشريعة الله عز وجل؛ وبذلك يكون سلوكهما تسوده المظاهر، والآداب الإسلامية في جميع شؤون الأسرة، فيتربى الأطفال في المنزل على تلك الآداب الفاضلة، والأخلاق الإسلامية الرفيعة، والنبيلة، وتسهم في بناء شخصيته بصورة غير مباشرة، مما يراه ويلحظه ويشاهده من أبويه في المنزل، في بيئة دينية وإسلامية خصبة، وصحيحة؛ ولذلك يحرص الزوجان على خلق جو إسلامي سليم في الأفعال والأقوال داخل المنزل؛ ليقتبس منه الأبناء ما يغرس في نفوسهم، ويعين كل منهما الآخر؛ لتحقيق ذلك حتى تصبح الأسرة الإسلامية وسطا تربويا إسلاميًّا، ومناخا دينيا صحيحا، وصالحًّا لتربية الأبناء على القيم الأخلاقية الإسلامية الفاضلة.
أيضًا من الأمور التي ينبغي أن تتوفر في الأسرة: أن يكون الزوجان على معرفة بالتربية على القيم الأخلاقية الدينية الصحيحة، وهذا الأمر له أكبر الأثر في التربية السليمة؛ فينبغي أن تتوافر لدى الوالدين معرفة بالتربية الخلقية، ومتطلباتها وذلك وفق توجيهات القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة، ومعرفة الأهداف، والأسس والمبادئ، والأساليب والأحكام الخاصة بالتربية الإسلامية، ومعرفة ما توصل إليه علماء التربية المسلمون؛ لتوجيه الفطرة السليمة لدى الأطفال، ورعايتهم، وصونهم، وإبعادهم عن الانحراف، أو الزيغ عن الإسلام، ومبادئ التربية الإسلامية الصحيحة.
من الأمور التي ينبغي مراعاتها أيضًا في الأسرة المسلمة: استفادة الزوجين من التقنية الحديثة؛ فإنه مع التغير الاجتماعي تغيرت أشياء كثيرة، ومنها: التغير الذي صاحب تكنولوجيا المعلومات، وتكنولوجيا الاتصالات، والأقمار الصناعية، والإنترنت، والكمبيوتر إلى غير ذلك من المستحدثات التكنولوجية، ونهاية بالتكنولوجيات المحمولة، والهاتف النقال، مما جعل وظيفة الأسرة المسلمة أكثر أهمية، وأبلغ صعوبة خاصة في مجال تنمية القيم الإسلامية، والخلقية الصحيحة. فاستخدام الأجهزة الحديثة يجعل الأسرة المسلمة أمام مسؤولية عظيمة،في محاولة الضبط والاستفادة من هذه التقنيات في جوانبها الإيجابية، وتلافي سلبياتها في جوانب أخرى كثيرة؛ لذلك يجب انتقاء ما يعرض في المنزل أمام الأطفال منذ طفولتهم، بحيث يفيدهم في غرس القيم الأخلاقية في نفوسهم، وبمرور الزمن يعتادون على هذا التصرف، واستخدام هذه الأجهزة على هذا النحو البناء.
من المبادئ التي ينبغي أن تتوافر في الأسرة المسلمة أيضًا: تهيئة الجو المناسب لتربية المراهقين؛ حيث إن من أهم مراحل النمو، وأخطرها مرحلة المراهقة، والتي تتطلب تربية سليمة في بناء شخصية الإنسان، ونموه نموا سليمًا. فالحياة الأسرية المليئة بالمواقف التي يكتسب فيها المراهق ميوله، وعواطفه، واتجاهاته، فإذا كان الجو الأسري يسوده الحب، والعطف، والهدوء، والثبات؛ فإن المراهق يشعر بالاطمئنان، والثقة في نفسه، فيبدو عليه مظهر الاستقرار والثبات، وإن كان جو الأسرة مشحونا بالمنازعات، واضطراب العلاقات بين أفرادها انعكس ذلك سلوك هذا الشاب، أو تلك الفتاة في مرحلة المراهقة، فيبدو الاضطراب، وعدم الثبات في السلوك، ويسوء تكيف هذا الفرد مع نفسه، ومع المجتمع، وهذا يتطلب من الأسرة القيام بواجبها نحو تربية البالغين تربية أخلاقية سليمة وفق مبادئ الإسلام، وتعاليمه، وأسسه، وشريعته في جو يتسم بالهدوء، وتسود فيه المحبة، والرحمة، والاستقرار، والعلاقات الاجتماعية الجيدة.
الدور الخلقي للأسرة:
إن للبيت تأثيرًا في تكوين خلق الإنسان وسلوكه، وتعامله مع الآخرين، فالطفل الذي يتربى في المنزل على تحمل المسؤولية ينشأ فيما بعد متحملا المسؤولية؛ لهذا كانت التربية الخلقية داخل الأسرة ضرورة لا عوض عنها، فهي التربية الأولى التي يتلقى فيها الطفل التربية ومبادئها؛ لذلك يكون الدور الخلقي للأسرة المسلمة في التربية دورا بالغافي إكسابه للخلق السديد، والأخلاقيات، والقيم الخلقية الحسنة.
ومن هذه الأخلاقيات التي يمكن تناولها عند اعتبار الدور الخلقي للأسرة المسلمة: الاهتمام بسلوك الطفل، حيث تعد الأسرة من أقوى العوامل والوسائط التربوية تأثيرا، ولها أثر إيجابي أو سلبي في تنشئة أبنائها، وما ذلك إلا لأنها الوسط الأول الذي يتربى فيه الناشئة منذ اللحظة الأولى لولادتهم، بل وقبل أن يولدوا، فقد أرسى الإسلام كثيرا من الأسس التي تكفل للناشئة التربية الدينية الصحيحة، بداية من اختيار الزوجين لبعضهما، فيقول سبحانه وتعالى: {وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: 32] فوضع الأساس الأول للأسرة الصالحة، وهو: الصلاح في الزوج والزوجة، ثم أتت السنة بما يحمي الولد من الشيطان، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: ((لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا فقضى بينهما الولد لم يضره)) وهذا يشكل أساسا ثانيا لصلاح الذرية، وصيانتها من الانحراف.
وعند خروج الطفل للحياة توجد عدة أسس لينمو الناشئ كما يحب الله ورسوله؛ فمنها: الأذان في أذنيه، وتحنيكه، والعقيقة له، وحلق رأسه، وتسميته بأحسن الأسماء وأحبها. وهكذا، لم تترك الشريعة الإسلامية صغيرة ولا كبيرة إلا اهتمت بها ونظمتها، ووضعت لها الأسس، والدعائم التي تمكن الأسرة من الحصول على الذرية الصالحة، وحتى ينمو الطفل وسط أسرة مسلمة، تقوم على الهدى والصلاح، وتهتم بالقيم الأخلاقية، والآداب الإسلامية؛ ليكتسب منها، وينشأ عليها. ومن خلال الممارسات اليومية للأسرة تصبح تلك القيم عادة وسلوكا مرغوبا فيه لدى الطفل، وهنا يبرز دور الأسرة في التمسك بتلك الآداب الإسلامية؛ ليتولد عنها أسرة مسلمة صالحة، بإذن الله عز وجل.
أيضًا من الأمور التي يمكن أن تؤدي الأسرة في إحداثها في ضوء الدور الخلقي للأسرة: إشباع حاجات الطفل؛ فللطفل خلال نموه الكثير من الحاجات التي يحتاج لإشباعها، وحيث الأسرة تعد هي الوسط التربوي الأول الذي ينشأ فيه، فهي معنية بإشباع تلك الحاجات، وتأتي تلك الحاجات من جوانب متعددة، فمنها: الحاجات الجسمية، والحاجات العقلية، والحاجات الخلقية، وغيرها من الحاجات التي تؤهله لاكتساب القيم، كالحاجة للأمن، والتقبل الاجتماعي، والحاجة للحب، والحاجة للعطف، والحاجة للشعور بالنجاح، والحاجة لتعلم السلوك، وغيرها من الحاجات. وحينما تتحقق تلك الحاجات للطفل المسلم، فإنه يكتسب الشخصية المتوازنة التي تساعده في الاكتساب القِيمي السليم للسلوك، وللأخلاقيات الصحيحة، واكتساب مبادئ التربية الإسلامية الصحيحة.
أيضًا، فإن من دور الأسرة: تهيئة المناخ المناسب، فالجو الأسري داخل المنزل وخارجه، له أثره على شخصية الطفل، فحينما تسوده العلاقات الشخصية القوية تنشأ الشخصية المتزنة، وحينما تسوده العلاقات المضطربة، والمتفككة تنشأ الشخصية المضطربة. وهذا مما له الأثر الفعال في إكساب القيم، والأخلاقيات الإسلامية الصحيحة لدى الناشئة. وهكذا، تؤثر الأسرة في القيم الأخلاقية، والتربية الإسلامية الصحيحة لدى الناشئة، وتمثل أول مؤسسة من تلك المؤسسات التربوية.
ومن خلال ما سبق، يمكن القول: بأن هناك عدة نقاط ينبغي أن تتوافر في الأسرة:
أول هذه النقاط: تمسكها بتعاليم الإسلام، وتمسكها بالقيم الدينية، والأخلاقية، والإسلامية الصحيحة، ويكون لذلك أثرًا كبيرًا على تربية أفرادها. المستوى التعليمي: فكلما كان المستوى التعليمي مرتفعًا للأسرة، كلما ساعد ذلك على نشر الثقافة الإسلامية، والتربية الإسلامية الصحيحة. العلاقات الأسرية: فكلما كانت العلاقات الأسرية قوية بين أفراد الأسرة وبعضها، كلما كان ذلك أقوى لغرس المبادئ الدينية الصحيحة لدى الأطفال.
المؤسسة الثانية من مؤسسات التربية الإسلامية: المدرسة:
والمدرسة هي المؤسسة الثانية بعد الأسرة، والتي تؤثر في عملية التربية الإسلامية الصحيحة للنشء، وهي أول مؤسسة اجتماعية رسمية في المجتمع، وهي تتجاوز حدود الأسرة، وتربط الأطفال بنظام اجتماعي واسع، والمدرسة هي المؤسسة الرئيسة التي يوكلها المجتمع لتعليم أبنائه، وتعريفهم بما توصل إليه المجتمع، والمجتمعات الأخرى، والعالم من معرفة، ومهارات، وقيم بطريقة منظمة ومتطورة، كما أنها تعتبر امتدادا للأسرة؛ فهي الحاضنة الثانية ذات الأهمية الخاصة في تربية النشء تربية إسلامية صحيحة؛ من خلال المقررات الدينية: كالفقه، والحديث، والتفسير، وكحفظ القرآن الكريم، وعلوم الشريعة الإسلامية، والسيرة النبوية، ولكن أيضًا من خلال المناخ الذي توفره للدارسين، المناخ النقي من كل ما يخالف دين الله، ومن كل ما يخالف تعاليم الإسلام.
ويعمل على ترسيخ السلوك الإسلامي، عن طريق القدوة، وأداء الفرائض، والالتزام بالسلوك، والأخلاق الإسلامية. كما أن المدرسة تستطيع أيضًا أن تسهم الإسهام الفعال في بناء شخصية الفرد؛ بما تهيئه له من مناخ صحي يساعد على النمو المعرفي، والانفعالي، والجمالي، والاجتماعي، والعقدي،لا بما تقدمه من معلومات نظرية فقط، بل بالممارسة العملية، ومن خلال الأسوة، والقدوة الحسنة، ومن خلال ما يفعله المعلم أمام تلاميذه في المدرسة. ولمعرفة الدور الذي تقوم به المدرسة في تنمية القيم الدينية الصحيحة، والأخلاقيات الإسلامية الصحيحة لدى النشء، يتضح من خلال مناقشة المحاور التالية:
المحور الأول: أهمية المدرسة في تنمية القيم الخلقية: إن أهمية المدرسة ترتكز حول وظيفتها التربوية التي تقوم بها، والدور الذي من خلاله تؤدي تلك الوظيفة إلى تربية النشء على المنهج الإسلامي التربوي الصحيح، ولذلك؛ فإن الوظيفة الأساسية للمدرسة في المجتمع الإسلامي: هي أن تقوم بإفهام طلابها أو تلاميذها للإسلام، وتعاليمه ومبادئه، ومصادره، فهما صحيحا متكاملا، وغرس العقيدة الإسلامية الصحيحة ونشرها، وتزويد المتعلمين أو التلاميذ بالقيم، والتعاليم الإسلامية، والمثل العليا، وإكسابهم المعارف، والمهارات المختلفة، وتنمية الاتجاهات السلوكية البناءة، وتهيئة الفرد والمتعلم المسلم؛ ليكون عضوا نافعا في بناء المجتمع الإسلامي.
وتزداد أهمية المدرسة في تنمية القيم الخلقية؛ حيث إن المدرسة هي التي تعمل مع الأسرة على تربية الطفل، فهي أنشئت من أجل مساعدة الأسرة بعملية التربية؛ لأن وقت الأسرة لا يسمح بالإشراف المستمر طوال مرحلة الطفولة، والبلوغ، والمراهقة إلى الرجولة. ولأنالتربية عملية تخصص تحتاج إلى مربين لهم خبراتهم، ومعرفتهم بطبيعة الطفل، وما تحتاج إليه من وسط مناسب، وأدوات، ومعلومات، وجو يستثير نشاطه ورغباته في العلم والتعلم. ولأن المربين يجيدون التعامل مع الطفل دون تساهل يشجعه على العبث، والسلوك الشاذ، أو قسوة تنفره من التعلم والاكتساب.
المحور الثاني: الوظائف التي تقوم بها المدرسة: تقوم المدرسة في ظل التربية الإسلامية بوظائف متعددة ومختلفة تؤثر في حياة الناشئة، وتتمثل تلك الوظائف: في تعليمهم، وحل مشكلاتهم، وفي إكسابهم للقيم الأخلاقية، والسلوك الصحيح، ليسهم ذلك في تربيتهم؛ ليحسنوا التعامل مع كافة المجالات. وتنبثق تلك الوظائف المتعددة من الوظيفة الرئيسة للمدرسة في نظر الإسلام، والشريعة الإسلامية، وهي: تحقيق التربية الإسلامية بأسسها الفكرية، والعقدية، والتشريعية، وبأهدافها، وعلى رأسها: عبادة الله، وتوحيده، والخضوع لأوامره، وشريعته، وتنمية كل مواهب النشء، وقدراته على الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها. وفيما يلي عرض لتلك الوظيفة الخلقية للمدرسة، وتلك الوظيفة هي: خلقية، وإسلامية أيضا. أول تلك الوظائف: نقل التراث، والمحافظة عليه، من خلال تعريفهم بتاريخ الإسلام والمسلمين، وتاريخ الأمة الإسلامية والمحافظة على هذا التراث. وأيضًا، تبسيط التراث الثقافي، والتراث الإسلامي؛ حتى يتعلمه الطفل تعلما يسيرا، ويستطيع أن يدمجه في ذاكرته، ويعمل في ضوئه من خلال السير، ومن خلال القصص.
انتقاء التراث وتصفيته: فينبغي تدريس التراث النقي المحقق المدقق الواضح الصحيح للتلاميذ في المدارس الإسلامية، كذلك ينبغي التأليف بين الأطفال، وتعويدهم على التعاون، والتفاهم مما يساعد على التماسك، وحب الأطفال بعضهم بعضا، وبالتالي: يؤدي إلى تماسك الأمة بأكملها عندما يصبحون كبارا، وتنمية الإبداع والابتكار، فالمسلم لا بد أن يكون مبتكرا، وأن يكون مفكرا ومتأملا ومتدبرا. وتنمية أنماط اجتماعية جديدة، بحيث يمكن للتلاميذ في المدارس الإسلامية أن يتكيفوا مع التيارات التي تحدث في المجتمع، على كافة الجوانب الحياتية، وبالتالي، فإن المدرسة تسهم في غرس أنماط اجتماعية جديدة تتفق مع القيم الأخلاقية الفاضلة، النابعة من التربية والشريعة الإسلامية.
المحور الثالث: عناصر المجتمع المدرسي ودورهم في تنمية القيم الإسلامية، والأخلاقيات الإسلامية، وإحداث التربية الإسلامية. المجتمع المدرسي يتكون من عدة عناصر؛ أول هذه العناصر: هو الإدارة المدرسية؛ ولها دورها الفاعل والمؤثر في إحداث التربية الإسلامية، وفي مراقبة وتنظيم جو يسود فيه الخلق والأخلاقيات الإسلامية، وجو يحقق تطبيق المبادئ الإسلامية، وتعلم مبادئ الدين الإسلامي تعلما صحيحا.
أيضًا المعلم وهو العنصر الثاني من عناصر المجتمع المدرسي، ويعتبر المعلم هو أهم عناصر المجتمع المدرسي على الإطلاق، بل هو شريانه إذ يمثل حلقة الوصل بين بين كافة تلك العناصر، وعليه تعتمد كل عمليات التربية والتعليم في تحقيق أهدافها، ولهذا يكتسب المعلم أهمية عظمى ضمن عناصر العملية التعليمية، وتزداد أهمية المعلم؛ إذ إنه يتعامل مع الناشئة، وجيل المستقبل، فهو يشكل شخصياتهم، ويغرس القيم والمبادئ في نفوسهم، ويمكن له أن يغرس المبادئ التربوية الإسلامية الصحيحة في نفوس التلاميذ، وتنميتها من خلال كونه قدوة لهم، وذلك من خلال واقع تربوي ملموس، تتحقق فيه المبادئ والقيم التي ينادي بها ويعلمها لتلاميذه، وحيث تعد القدوة أكثر تأثيرا في المتعلم؛ بعث النبي صلى الله عليه وسلم ليكون معلما للناس الخير، وقدوة لهم متمثلا المنهج التربوي الإسلامي، ولذلك أشار الله عز وجل بقوله: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21].
ولا تعد القدوة وحدها كافية، فلا بد للمعلم نقل القيم والمبادئ الأخلاقية الفاضلة إلى طلابه، وإرشادهم وتوجيههم في ضوء ذلك ويتطلب ذلك: خلق جو مناسب من العلاقات بين المعلم وبين الطلاب، ومواقف تربوية وتعليمية داخل البيئة المدرسية تساعد التلاميذ على تقبل تلك القيم الأخلاقية، والإسلامية الصحيحة. المنهج المدرسي أيضًا، لا يقتصر على المقرر الدراسي، بل يشتمل جميع أنواع النشاطات التي يقوم بها التلاميذ، أو جميع الخبرات التي يمرون فيها تحت إشراف المدرسة، وبتوجيه منها، سواء أكان ذلك داخل أبنية المدرسة أم خارجها. وبهذا، فإن المنهج المدرسي له دور كبير على تزكية النفوس، وتطهير القلوب، وتربية الضمائر، وتطبيع جميع الناشئة على جميع الخصال الفاضلة، وهي التربية الإسلامية التي تعصم من النزوات، وتحمي من سلطان الميول الجامحة، وجموح الأهواء المردية وتنير للناشئين طريق الهدى والصلاح. وهكذا، فإن المجتمع الإسلامي له دور كبير في التربية الإسلامية الصحيحة.
المؤسسة الثالثة من مؤسسات التربية الإسلامية: وهي أهم مؤسسة تربوية في التربية الإسلامية وإحداث التربية الإسلامية، والدينية الصحيحة: المسجد:
يعتبر المسجد المؤسسة التربوية الأولى في صدر الإسلام الذي تنطلق منه التربية الإسلامية لأبناء الأمة على العقيدة الصحيحة، والقيم الأخلاقية الفاضلة. ولذا؛ يمثل المسجد أهمية كبرى للمجتمع المسلم في تنميته، وترشيده، وتوجيهه في جميع مجالات الحياة؛ لتحقيق الغاية الكبرى، وهي: عبادة الله وحده لا شريك له. والمسجد له مكانة عظيمة، وهو ليس مكانا لأداء العبادة فقط، وإنما يعد خير مكان يكتسب منه الفرد القيم الإسلامية البانية لشخصيته، والمهذبة لسلوكه، والقيم التي توجهه، وترسم له الخطوط الهادية للطريق المستقيم. ولكي نفهم وظيفة المسجد كمؤسسة تسهم في غرس القيم الأخلاقية لدى الناشئة، وتنميتها لدى الكبار نناقش ذلك فيما يلي:
أولا: مكانة المسجد التربوية: المسجد هو المكان الذي يجتمع فيه الناس للخضوع، والخشوع بين يدي الله عز وجل، وقد ذكره الله تعالى في كتابه الكريم موضحا مكانته وتكريمه، فقال: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: 18]. وقد أثنى الله عز وجل على من يعمر مساجد الله، فقال: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَـئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِين} [التوبة: 18]. وتتضح مكانة المسجد من حرص النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وسلمعلى بناء المساجد حيث ما كان صلى الله عليه وسلم. فأول ما وصل قباء بنى مسجد قباء، ثم لما وصل المدينة بنى مسجده صلى الله عليه وسلم، بل رغب النبي صلى الله عليه وسلمفي ارتياد المساجد، فقال صلى الله عليه وسلم: ((ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط)).
وكانت المساجد منذ ظهور الإسلام تقوم بدور هام في تعليم المسلمين، فكان الرسول صلى الله عليه وسلميعلم المسلمين في المسجد أمور دينهم، ويرشدهم إلى السلوكيات الصحيحة، وينهاهم عن العادات الذميمة. وهكذا، نجد أن المسجد ليس مكانا فقط لأداء العبادة، بل مؤسسة تربوية إسلامية؛ لتصحيح السلوكيات السليمة، وغرس القيم الأخلاقية الفاضلة، وتعليم الناس. وتعددت وظائف المسجد لوظائف أخرى في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، والخلفاء الراشدين من بعده، فكان مكانا للإعداد للحروب، وتعيين القادة، ورفع الروح المعنوية للمجاهدين، واستقبال الوفود فيه، بل كان يستقبلهم صلى الله عليه وسلمفي مسجده بالمدينة المنورة، فيدعوهم إلى تطبيق تعاليم الإسلام في سلوكهم. وهكذا، يتبين الدور الكبير الذي كان يؤديه المسجد، ولا زال في بناء المجتمع الإسلامي الصحيح.
دور المسجد في التربية الإسلامية والأخلاقية: يعد المسجد أحد المؤسسات الهامة، والتي تلعب دورا كبيرا في تربية الأفراد تربية إسلامية سليمة، ويتضح ذلك من قوله تعالى: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُون} [البقرة: 177]. وفي المسجد حينما يقف الناس صفا واحدا فقيرهم وغنيهم دون تمييز؛ تذوب فيه كل الفروق بينهم، وذلك من خلال القدوة الحسنة التي تبرز في المسجد، وبالتالي: تضعف اتجاهات الصراع القيمي في ظل القدوة، ومبدأ التربية الإسلامية الصحيحة، ولذلك فإن المسجد ليس مكانا لأن ننصب فيه الأجساد، ونقف فيه صفوفا فقط، بل مكانا لأن نربي فيه أنفسنا تربية دينية صحيحة.
المؤسسة الرابعة من مؤسسات التربية التي تؤدي وتحدث أثرًا في التربية الإسلامية في المجتمع اليوم: وسائل الإعلام:
حيث تعد وسائل الإعلام من أقوى المؤسسات التربوية، وأكثرها أثرا في العصر الحاضر؛ نظرا لما حظيت به من تقدم تكنولوجي، ومعلوماتي، وتنوع في الوسائل، والعرض، وقوة في إثارة وجذب المتابعين لها، وعالمية في الخبر، والنقل. ووسائل الإعلام تشمل جميع المؤسسات الحكومية، والأهلية التي تنشر الثقافة للجماهير، وتعنى بالنواحي التربوية كهدف لتكيف الفرد مع الجماعة. ومن هذه المؤسسات: الصحف، والإذاعة والتلفزيون، والهاتف النقال، إضافة إلى الشبكة العنكبوتية وهي الإنترنت.
وتعد وسائل الإعلام ذات أهمية كبرى في حياة الإنسان، وذلك لأنه لم يعد الإنسان قادرا عن الاستغناء عما يتزود به يوميا من المادة الإعلامية. ولا شك أن لهذه المادة آثارا، قد يكون لها أثر إيجابي، أو سلبي فيما يتصل بالتربية الإسلامية الصحيحة. ولذلك؛ ينبغي أن تكون وسائل الإعلام المختلفة في الدول الإسلاميةأول القوى، والمؤسسات التربوية، عملا من أجل تنمية مبادئ التربية الإسلامية، ونشر الثقافة، والأخلاقيات الإسلامية الصحيحة، من أجل تنشئة الأطفال تنشئة صالحة، وكذلك مساعدة الكبار على تعلم أمور الدين الإسلامي ذات الأهمية بالنسبة لهم في دنياهم وآخرتهم.
المؤسسة الخامسة: هي جماعة الرفاق:
حيث تعتبر جماعة الرفاق من الوسائط التربوية المهمة في حياة الطفل؛ إذ تتحول ميوله مع تقدم عمره من الأسرة إلى جماعة الرفاق الذين يجلس معهم، ويأكل ويشرب معهم، ويصاحبهم، ويسايرهم، ويجلسون معا كثيرا، سواء كانوا يتزاورون أو يتقابلون، أو يخرجون في رحلات أو فسح، أو غير ذلك. وذلك؛لأن الطفل دائما والتلميذ أو الطالب دائما يلجأ إلى التقارب ممن هم في مستوى عمره، ويحب دائما الاستقلال عن الأسرة، فيبدأ الناشئ بتكوين علاقات مع رفاقه داخل عائلات أسرته أولا، ثم خارج عائلات أسرته ثانيا، أو رفاق الحي الذي يسكنون فيه، فتؤدي به هذه العلاقات إلى مجاراة، ومحاكاة، وملاحظة ما يسود بينهم من قيم، ومبادئ، ومعايير، بعضها يتفق مع تعاليم الإسلام، وبعضها يبتعد عنه كلية. ولذلك؛ فإن جماعة الرفاق تعد من أهم الوسائط تأثيرا على قيم الفرد الأخلاقية.
ولقد اهتم الإسلام بها اهتمامًا كبيرًا، حيث توجد توجيهاته واضحة وجلية في دعوة الآباء، والأمهات، والمربين إلى العناية بتوجيه أبنائهم إلى اختيار رفقائهم من الأخيار الصالحين، دينا، وخلقا، وسلوكا حتى يقتدوا بهم، ويكتسبوا منهم الصفات الحميدة، والخلال الفاضلة، وأن يجنبوهم مخالطة الأشرار، حتى لا يقلدوهم، ويسلكوا طريقهم المعوج. ولذلك؛ ينبغي علينا أن نعرف خصائص الرفاق لأبنائنا، ونسأل أبناءنا عمن يذهبون، وعمن يعودون، عمن يصاحبون، وعمن يعرفون، وعن خصائص وسلوكيات أصحابهم، وأصدقائهم، ورفاقهم؛حتى نطمئن أن البيئة المحيطة بهم بيئة صالحة، ولذلك نبه النبي صلى الله عليه وسلمإلى أهمية الرفيق، فقال صلى الله عليه وسلم: ((مثل الجليس الصالح، والجليس السوء كحامل المسك، ونافخ الكير، فحامل المسك: إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة. ونافخ الكير: إما أن يحرق ثوبك، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة)).