ما يُلحق بالجمع المذكّر السّالم
حمل النَّحويّون على جمّع المذكر السالم أربعة أنواع تُعرب بالحروف، وليست جمّع تصحيح، هي:
1. أسماء جُموع:
وهي: (أُولُو): بمعنى: أصحاب، و(عَالَمُون): اسم جمع: عَالَم، و(عشْرون)، وبابه إلى التّسعين.
(أولو): معناه: أصحاب، اسم جمع: (ذو)، بمعنى: صاحب. فمفردها مِن معناها لا مِن لفظها، نحو: {نَحْنُ أُوْلُو قُوّةٍ} [النمل: 33]، (رأيت رجالًًا أولِي قوة)، (سلّمتُ على رجالٍ أولِي قوّة).
(عَالَمُون): اسم جمع لِعالَم، وتُطلق على كلّ مجموع مخلوق متجانس، كعالَم الحيوان، أو الجماد، أو النبات، أو الطيور.
ويرى بعض العلماء أنه جمع: (عَالَم) على حقيقة الجمْع.
ويرى بعضهم أنه جمْع: (عالَم) من باب التغليب، ملحق بجمع المذكر السالم.
(عِشْرون) وبابه: وهو سائر العقود إلى التّسْعين؛ وكلّها في التنزيل.
قال تعالى: { إِن يَكُن مّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ} [الأنفال: 65]، {وَوَاعَدْنَا مُوسَىَ ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمّ مِيقَاتُ رَبّهِ أَرْبَعِينَ} [الأعراف: 142]، {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاّ خَمْسِينَ عَاماً} [العنكبوت: 14]، {فَإِطْعَامُ سِتّينَ مِسْكِيناً} [المجادلة: 4]، {ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً} [الحاقة: 32]، {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4]، {إِنّ هَذَآ أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً} [ص: 23].
2. جموع تكسير:
تغيّر فيها بناء الواحد، وأُعربت بالحروف، وهي:
(بنُون): جمع: ابن، وقياس جمْعه جمع السلامة: (ابنون)، كما يقال في تثنِيَته: (ابنان)، ولكن خالف تصحيحهُ تَثنيته لعِلّة تصريفيّة أدّت إلى حذف الهمزة، وهي: التخفيف.
مثاله:{الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدّنْيَا} [الكهف: 46] .
(إِحَرُّون)، ويُقال: (حَرُّون) بلا همز. والحرّةُ: الأرض المليئة بالحجارة السّود، كأنها أُحرقت بالنار. والكلمة جُمعت باعتبار أصلها (إِحَرَّة).
فصارت مِن جمع السلامة بلا تكسير؛ ويجاب عن ذلك: بأنّ الأصل قد تُرك، وصار نسْيًًا منسيًًّا. (الأصل الذي تُنُوسِي هو: (بَنُوٌ) في: (بنون)، و(إحَرَّة) في: (إِحَرُّون) أو (حرُّون).
(أَرَضُون): جمع: أرض، ومثاله:
لقد ضَجَّت الأَرْضُونَ إذ قام من بني سَدُوس خطيبٌ فوق أعواد مِنْبَرِ.
جُمع (أرض) على: (أرَضُون) في مقام التعظيم، حتى كأنها مِن العقلاء، وسُكِّنت الراء في البيت للضرورة الشعريّة.
(سِنُون)، وبابه: كل اسم ثلاثي حُذفت لامُه، وعُوِّض عنها تاء التأنيث، ولم يُكسَّر، نحو:
(عِضِين): جمع: (عِضَة)، وأصلها: عِضَهٌ -بالهاء، مِن: العضَهِ- وهو: الكذب والبهتان.
وفي الحديث: ((لا يعْضَهْ بعضُكم بعضًًا!)).
وقيل: أصله: (عِضَوٌ)، من قولهم: عَضَّيْتُهُ تَعْضِيَةً، إذا فرَّقْتَهُ، قال تعالى: {الّذِينَ جَعَلُواْ الْقُرْآنَ عِضِينَ} [الحِجر: 91].
(عِزينَ): جمع: (عِزَة): الفرقة مِن الناس، قال تعالى: {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشّمَالِ عِزِينَ } [المعارج: 37].
(ثُبِين): جمع: (ثُبَة): الجماعة، وأصلها: ثُبَوٌ، وقيل: ثُبَيٌ من: ثَبَيْتُ، أي: جمعتُ.
(سنين): جمع (سَنة)، قال تعالى: {قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأرْضِ عَدَدَ سِنِينَ} [المؤمنون: 112] وأصلها: سَنَهٌ -بالهاء بدليل الجمع: سنَهَات- أو سنَوٌ -بدليل الجمع: سَنَوَات.
ولم يقع جمع: (ثُبة) في التنزيل إلا بالألف والتاء، نحو: {فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ} [النساء: 71] ولا يجوز الجمْع بالحروف في نحو: (ثمرة)، لعدم الحذف، ولا في نحو: (عِدَة)، و(زِنَة) -غيْر علَميْن-؛ لأنّ المحذوف منهما: الفاء، لا اللام، ولا في نحو: (يد) و(دم)، لعدم التعويض.
وشذ: (أبُون)، و(أخون)، و(هنُون)؛ فإنها جُمعت هذا الجمع مع عدم التعويض، ولا يجوز ذلك في: (اسم)، و(أخت)، و(بنت)؛ لأن العوض فيهن عن لامهن غيرُ التاء. وشذّ بنون: جمع (ابن)؛ لأن المعوَّضَ فيه همزة الوصل.
ولا يجوز ذلك في نحو: (شاةٍ)، و(شَفَةٍ)؛ لأنهما كُسِّرا على: (شِياهٍ)، و(شِفَاهٍ)، فيُعربان بالحركات.
3. جموع تصحيح لمْ تستوفِ الشروط، نحو:
(أهْلون): جمع: (أهْل)، وهم: العشيرة. و(أهْل) ليس علَمًًا وصِفة حتى يُجمع بالحروف جمعَ مذكر سالمًًا.
وإنما ألحق به، مثاله: {شَغَلَتْنَآ أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا} [الفتح: 11]، {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: 89]، {إِلَىَ أَهْلِيهِمْ أَبَداً} [الفتح: 12].
(وابِلُون): جمع: (وابل)، وهو: المطر الغزير، فهو لغير العاقل؛ وشرْط الجمع السالم: أن يكون للعاقل علَمًًا أو صِفة.
4. ما سُمّي به مِن هذا الجمع، وما أُلحق به، نحو:
(عِلِّيُّون): مفرده: (عِلِّيّ) أو (عِلِّيّة)، بمعنى: المكان العالي، أو الغرفة العالية، ومثاله: {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا عِلّيّونَ} [المطفِّفين: 19].
(زَيْدُون): -مسمّى به- نحو: (جاء زيدون).
إعرابه:
لك في إعرابه ثلاثة أوجه:
1. يُعرب إعراب جمْع المذكّر السّالم.
2. يُجرى مُجرى (غِسْلين)، فيُعرب بالحركات على النون مع لزوم الياء والتنوين. والغسلين: الصديد الذي يسيل مِن أجسام أهل النار.
3. يُجرى مُجرى (عَرَبُون) من لزوم الواو، والإعراب بالحركات على النون المنوّنة، تقول: (هذا زيدونٌ)، (رأيت زيدونًًا)، (سلّمتُ على زيدونٍ). وأجاز بعض النحاة إعرابه هذا، مع ترْك التنوين للعلَمية وشبة العجمة كـ(حمْدون).