مخالفة الشيعة وتطاولهم لآل البيت
أما مخالفة الشيعة لآل البيت وتطاولهم عليهم، فهذا أمر واضح على الرغم من أن الشيعة يزعمون أنهم يحبون آل البيت، وأحب أن أقول: إن الشيعة إذا تحدثت عن آل البيت فإنما تتحدث عن آل بيت علي رضي الله عنه، وليس عن آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، فهم يحبون آل بيت علي خاصة الأئمة كما يعتقدونه، أما حبهم لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم بصفة عامة فهذا لا نعرفه عن الشيعة، بل نعرف مخالفتهم لآل البيت وتطاولهم عليه، فقد جاء في كتبهم ما يدل على هذا التطاول وتلك الإهانة في روايات بدأت من إهانة الرسول صلى الله عليه وسلم وإهانة علي والحسن والحسين، وأمهات المؤمنين رضي الله عنهم أجمعين.
يروي النعماني عن الإمام محمد الباقر عليه السلام كما يقولون أنه قال: لما يظهر الإمام المهدي يؤيد بالملائكة، وأول من يبايعه محمد صلى الله عليه وسلم، ثم علي عليه السلام، أليست هذه إهانة للنبي صلى الله عليه وسلم بل إهانتهم للمهدي ذاته حين روى الشيخ الترسي والنعماني عن الإمام الرضا عليه السلام أن من علامات ظهور المهدي أنه سيظهر عاريًا أمام قرص الشمس. وانظر أخي -رحمك الله- كيف يهنون رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمير المؤمنين عليًّا رضي الله عنه، ويدَّعون كذبًا وزورًا أنهما سيبايعان المهدي، ثم يفترون على المهدي أيضًا أنه سيظهر عريانًا هكذا بدون ثياب، أيّ دين هذا. وكيف يكون هذا حال المهدي، وكيف يكون هذا حال آل البيت، ثم نسبت الشيعة كذبًا وزورًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من تمتَّع مرة كان درجته كدرجة الحسين، ومن تمتع مرتين فدرجته كدرجة الحسن، ومن تمتع ثلاث مرات كانت درجته كدرجة علي بن أبي طالب، ومن تمتع أربع مرات فدرجته كدرجتي.
وانظر إلى هؤلاء الحمقى، أفدرجة الحسين رضي الله عنه هينة إلى هذا الحد أن من يطأ مرة في نكاح المتعة عندهم مزعوم يصير في درجة الحسين، إننا أهل السنة والجماعة نعتقد أن الرجل مهما عبد الله بشتَّى أنوع العبادات العظيمة؛ فإنه لا يستطيع بحال أن يبلغ درجة أدنى فرد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف بسيد شباب أهل الجنة وسبط رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم كيف بدرجة أخيه الأكبر الحسن، ودرجة والده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه رابع الخلفاء الراشدين المهدين رضي الله عنهم أجمعين.
وأما عن بهتانهم ووقاحتهم في شأن سيد الأولين والآخرين، وأفضل الرسل أجمعين أن من تمتع أربع مرات تُصبح درجته كدرجته صلى الله عليه وسلم، عياذًا بك اللهم، اللهم إنا نبرأ إليك مما يدّعي هؤلاء الخُبثاء، ونكل أمرهم إليك وأنت الجبار القهار، ولا حولا ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وذكر الكليني في فروع (الكافي) أنه قال زرارة: “فلما ألقي طرق الصحيفة إذا كتاب غليظ يُعرف أنه من كتب الأولين، فنظرت فيها فإذا فيها خلاف ما في أيدي الناس من الصلة والأمر بالمعروف الذي ليس فيه اختلاف، وإذا عامته كذلك فقرأته حتى أتيت على آخره بخبث نفسٍ وقلة تحفظٍ، وإسقام رأي قلت: أنا أقرأه باطل حتى أتيت على آخره، ثم أدرجتها ورفعتها إليه، فلما أصبحت لقيت أبا جعفر عليه السلام فقال لي: أقرأت صحيفة الفرائض؟ قلت: نعم. فقال: كيف رأيت ما قرأت؟ قلت: باطل ليس بشيء، وهو خلاف ما الناس عليه إن الذي، قال: فإن الذي رأيت والله يا زارة هو الحق الذي رأيت إملاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخط علي بيده” وهذه إحدى روايات الكافي.
وكتاب (الكافي) هذا أعظم مرجع عند الشيعة، فانظر يا أخي أهناك إهانة في حق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وفي حق سيد الخلق أجمعين أكثر وأشدّ من أن ينسب إليهما تحرير فيه خلاف ما في أيدي الناس من الصلة والأمر بالمعروف أي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم والعياذ بالله كان يأمر الناس عامة في كل حين بالصلة والأمر بالمعروف، ولكنه في الخلوة يُملي لسيدنا علي رضي الله عنه بخلاف ذلك أي: بالقطيعة والأمر بالمنكر ونحوه، أفهناك بهتان أشنع من هذا، ثم انظر ما رأيك في دين الشيعة هؤلاء الذين يرون أن الدين الحقيقي هو الذي يدعيه زرارة كذبًا وافتراء، أنه أملاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتبه سيدنا علي رضي الله عنه بخط يده، فيه أحكام بالقطيعة وأمر بالمنكر؛ فهل يصلح مثل هذا أن يكون دينًا.
وأما عقيدة الشيعة في إهانة أمهات المؤمنين فأمر لا يخفى على كبير ولا صغير، ذلك أنهم يعتقدون أن أمهات المؤمنين لسن من آل البيت مع أن الله عز وجل يقول: {النّبِيّ أَوْلَىَ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6]، وأنزل الله عز وجل في حق أمهات المؤمنين رضي الله عنهن-: {إِنّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ الرّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيــراً} [الأحزاب: 33]، ومع ذلك فعقيدة الشيعة هي إنكار أن يكون أمهات المؤمنين من آل البيت؛ بل وأشدّ من ذلك ما ورَد عن المجلسي، محمد الباقر المجلسي في كتابه (حق اليقين): “وعقيدتنا -أي: الشيعة- في التبرؤ أننا نبرأ من الأصنام الأربعة أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية، والنساء الأربع عائشة وحفصة وهند وأم الحكم، ومن جميع أتباعهم وأشياعهم، وأنهم شرّ خلق الله على وجه الأرض، وأنه لا يتم الإيمان بالله ورسوله والأئمة إلا بعد التبرؤ من أعدائهم”.
هذا واضح في إهانة عائشة وحفصة زوجات النبي صلى الله عليه وسلم مع غيرهنَّ مع أن الله سبحانه وتعالى يقول عنهن: {النّبِيّ أَوْلَىَ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6]، ويروي ابن بابويه في كتابه (علل الشرائع) أنه قال: الإمام محمد الباقر عليه السلام إذا ظهر الإمام المهدي فإنه سيحيي عائشة، ويقيم عليه الحد انتقامًا لفاطمة، وهذا في منتهى الوقاحة والبشاعة في حق الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم المبرأة من فوق سبع سماوات، ولا ندري ما نُعلّق على هذه الأكذوبة، إننا نَكِل أمر الشيعة وأعلامهم، هؤلاء إلى الله الجبار القهَّار لينتقم منهم بحبيبته صلى الله عليه وسلم ولآل بيته، وللصحابة رضي الله عنهم أجمعين، وقال شيخهم: مقبول أحمد في كتابه وترجمته لمعاني القرآن: إن قائدة الجيوش البصرة في وقعة الجمل عائشة قد ارتكبت فاحشة مبينة، حسب هذه الآية، وكأنه يُكّذب تبرئة الله عز وجل بأم المؤمنين عائشة فيما نزل في قوله سبحانه: {إِنّ الّذِينَ جَآءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مّنْكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لّكُمْ لِكُلّ امْرِىءٍ مّنْهُمْ مّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالّذِي تَوَلّىَ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}(11) {لّوْلآ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُواْ هَـَذَآ إِفْكٌ مّبِينٌ} [النور: 11، 12]، الآيات قد نزلت في تبرئة السيدة عائشة رضي الله عنها، لكن الشيعة -عليهم لعنة الله- يلعنون عائشة ويتهمونها بالفاحشة، وإذا أردوا أن يسبّوا امرأة في عرضها قالوا لها: يا عائشة يعني يا زانية، أو يعني: يا عاهرة، يقولون هذا بعد أن أنزل الله عز وجل في حقها، وفي حق أمهات المؤمنين: {إِنّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ الرّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيــراً} [الأحزاب: 33] فإنها نزلت في حق أمهات المؤمنين عامة وفي حق السيدة عائشة رضي الله عنها خاصة؛ حيث أنزل الله عز وجل آيات سورة النور في طهارتها وعفتها وكمالها.
وهي صريحة في أن من يطعن فيها بالإفك ويخترع الروايات الكاذبة بالطعن فيها بإنه من عصبة المنافقين؛ إذ قال الله عز وجل في آخرها: {يَعِظُكُمُ اللّهُ أَن تَعُودُواْ لِمِثْلِهِ أَبَداً إِن كُنتُمْ مّؤْمِنِينَ} [النور: 17] كيف يتجرأ هؤلاء الشيعة ولا يستحيون من الله ولا من عباده، فيهنون أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه لا يرضى زوج أبدًا أن يتعرض أحد لزوجته، أو أن يطعن فيها أو يذلها بأيّ سورة كانت، بل إن الرجل الشهم ربما يتحمل ذُلّ نفسه لسبب ما، ولكن لا يمكن أن يتحمل الذل والإهانة والطعن في زوجته وأهله، أفنصدق الشيعة في طعنهم في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ونكذب الله سبحانه وتعالى ما هذا؟ أيُّ دين هذا، وأي منطق هذا، وأي عقل هذا.
نعوذ بالله من هذا الضلال، وهذا البهتان، هذا وإهانة أهل البيت من بنات النبي صلى الله عليه وسلم في عقيدة الشيعة واضح كذلك، بل إن الأمر وصل إلى إهانة سيدة النساء فاطمة الزهراء رضي الله عنه، فنحن نعلم أن بنات النبي صلى الله عليه وسلم أربع السيدة زينب، السيدة رقية، السيدة أم كلثوم، السيدة فاطمة رضي الله عنهن أجمعين، وكذا ذهب إلى هذا الأمر عامة الشيعة أيضًا إلا أن الشيعة الهند والباكستان أنكروا البنات الثلاثة، وأثبتوا للرسول صلى الله عليه وسلم بنتًا واحدة فقط، وهي السيدة فاطمة الزهراء، أما الثلاثة الباقيات فأثبتوهنّ لغير رسول الله صلى الله عليه وسلم مخالفين صريح الوحي الإلهي {ادْعُوهُمْ لاَبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللّهِ} [الأحزاب:5]، وما ذلك لأجل العداوة مع عثمان بن عفان ذي النورين رضي الله عنه؛ كي لا يتحقق له الشرف السامي والمجد الموصل؛ حيث زوجه النبي صلى الله عليه وسلم بابنتيه رقية وأم كلثوم رضي الله عنها، ولذا سمي بذي النورين رضي الله عنه قال الله تعالى: {يَأَيّهَا النّبِيّ قُل لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: 59]، فالله ذكر البنات بصيغة الجمع التي تدلّ على تعدد بناته صلى الله عليه وسلم وكتب علماء الشيعة تزوج خديجة رضي الله عنها، وهو ابن بضع وعشرين سنة، فولد له منها قبل مبعثه القاسم ورقية وزينب وأم كلثوم، وولد منها بعد مبعثه الطيب والطاهر وفاطمة -عليها السلام.
كذا قال أئمة المعصومون عند الشيعة وعلمائهم صريحة في تعدد بنات النبي صلى الله عليه وسلم ومع ذلك أنكر من أنكر بقية بنات النبي صلى الله عليه وسلم حتى لا يُنسب هذا الشرف لعثمان رضي الله عنه، وذكروا في أمر فاطمة رضي الله عنها: أنه لما زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة دخل عليها وهي تبكي فقال لها: ما يبكيكِ فوالله لو كان في أهلي خير منه ما زوجتك، وما أنا أزوجه، ولكن الله زوجك”.
وذكر أيضًا الكليني في فروع (الكافي) أن فاطمة -عليها السلام- قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: “زوجتني بالمهر الخسيس، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أنا زوجتك، ولكن الله زوجك من السماء”. وقال الإمام محمد الباقر عليه السلام في (كشف الغمة): “بأنه اشتكت يومًا فاطمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن عليًّا ما يأتيه من الأموال يُقسمها بين الفقراء والمساكين”، فقال صلى الله عليه وسلم: “أتريدين أن أسخط أخي وابن عمي، اعلمي أن سخطه سخطي، وسخطي سخط الله. فقالت: فاطمة إني أعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله”.
ويظهر من هذه الروايات أن السيدة فاطمة رضي الله عنها كانت غير راضية بالزواج من سيدنا علي رضي الله عنه بسبب فقره وقلة المهر، وفيه إهانة عظيمة لسيدة نساء أهل الجنة، فإنها رضي الله عنها كانت من أزهد الناس في هذه الدنيا الفانية، وأرغبهنّ إلى الدار الآخرة، وكيف يتصوّر من مثلها أنها لا ترضى بهذا الزواج المبارك بسبب دنيا أو مال بسيط، ومهر خسيس، حشاها من ذلك. وهل يمكن أن تكون تكره من سيدنا علي رضي الله عنه أنه ينفق المال على الفقراء والمساكين، حتى تشتكيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هل ذلك ممكن وهي الكريمة بنت الكريم، عجبًا للشيعة كيف يدَّعون محبة السيدة الطاهرة الزهراء، وقد نسبوا إليها هذه الأمور الدنيئة التي لا تليق بامرأة شريفة، فكيف بالزهراء رضي الله عنها وأرضاها.
قد أورد روايات أخرى في حق السيدة البتول الزهراء رضي الله عنها وهي تخاطب زوجها بأسلوب لا ترتضيه أيُّ زوجة عاقلة شريفة في يومنا هذا أن تُخاطب به زوجها، فكيف تفعل هذه السيدة الطاهرة فاطمة رضي الله عنها بنت النبي صلى الله عليه وسلم؛ إنما أوردوه من روايات في حق السيدة الزهراء إنما هو من باب الإهانة للزهراء رضي الله عنها ولسيدنا علي رضي الله عنه ومع ذلك يدَّعون حبهم لفاطمة، ويريدون هذه الروايات التي وضعوها كذبًا وزورًا.
ومن إهانتهم لآل البيت أيضًا ما قالوه في حق العباس رضي الله عنه وابنه عبد الله بن العباس رضي الله عنهما حيث روى الكليني: أنه سأل صغير الإمام محمد الباقر أين كانت غيرة بني هاشم وشوكتهم وكثرتهم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم حين غُلب علي من أبي بكر وعمر وسائر المنافقين، فأجاب الإمام محمد الباقر: من كان باقيًا من بني هاشم جعفر وحمزة اللذين كانا من السابقين الأولين، والمؤمنين الكاملين قد ماتا والاثنان اللذان كانا ضعيفي اليقين، وذليلي النفس وحديثي عهد بالإسلام قد بقيا العباس وعقيل. كذا ترى الشيعة رأيها في العباس وعقيل.
كما أهانوا ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير الآية الكريمة: {وَمَن كَانَ فِي هَـَذِهِ أَعْمَىَ فَهُوَ فِي الاَخِرَةِ أَعْمَىَ وَأَضَلّ سَبِيلاً} [الإسراء: 72] قالوا: نزلت في حق عبد الله بن عباس وأبيه، ويظهر من هذه الروايات واضحًا إهانتهم لعم المصطفى صلى الله عليه وسلم سيدنا العباس رضي الله عنه، وكذا سيدنا عقيل، واتهامهما بالخذلان وضعف اليقين، وعدم كمال إيمانهم، وإهانة العباس وابنه حبر الأمة سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما والعياذ بالله، وأن الآية نزلت فيهما مع أن الآية نزلت في حق الكفار، فنعوذ بالله من كل زيغ وإلحاد.