Top
Image Alt

مدخل تاريخي عن علاقة اليهود بأرض فلسطين

  /  مدخل تاريخي عن علاقة اليهود بأرض فلسطين

مدخل تاريخي عن علاقة اليهود بأرض فلسطين

انتهينا فيما سبق من الحديث عن قضيّتَي: الاستشراق، والتبشير؛ وهما مِن أقْدَمِ القضايا التي مثّلَتْ وجسّدت موقف النصرانية، أو -إن شئت- موقف الصليبية الغربية من الإسلام ومن الشرق. وانتهينا إلى: أن بيْن هاتيْن الظاهرتيْن وحدة في الهدف. وقد يكون بينهما وحدة في الأسلوب أحيانًا. وقد يكون بينهما نوع من الفروق في الأسلوب أحيانًا أخرى؛ لكن الهدف والغاية تتّحد عند هاتيْن الظاهرتيْن وهو: الموقف العدائيّ الرافض للإسلام كدِين سماوي، وللقرآن كوحي إلهي، وللنبيّ محمد صلى الله عليه  وسلم كرسول نبيّ.

ونريد أن نُكمل الدائرة بالحديث عن موقف اليهوديَّة من الإسلام. وإذا كان الاستشراق والتبشير يمثِّلان موقف الصليبية من الإسلام؛ فإننا نجد الحوار، أو الصراع -إن شئت- اليهودي للإسلام يتمثّل في ظاهرتيْن تاريخيتيْن قديمتيْن قِدَم الإسلام نفسه. هاتان الظاهرتان هما: الماسونية، والصهيونية؛ فكلتا الظاهرتيْن -الصهيونية والماسونية- تمثِّلان وجهيْن لعُملة واحدة هي: موقف اليهودية من الإسلام.

وأودّ في البداية: أن أفرِّق بين الصهيونية واليهودية. فاليهودية الصحيحة ديانة سماوية نزل بها وحيُ الله تعالى على نبيِّه موسى عليه السلام ونزل بها كتابُه التوراة على سيِّدنا موسى عليه السلام كما نزلت بها الألواح على موسى عليه السلام ونحن نؤمن بما صحّ من التوراة، وبما صحّ من الألواح، وبما صحّ منهما على نبيّ الله موسى عليه السلام

والمسلم مطالَب -لكي يصحّ إيمانه وإسلامه- أن يؤمن بنبوّة موسى، كما هو مطالب أن يؤمن بنبوّة عيسى عليه السلام ويؤمن في نفس الوقت بوحي الله الذي نزل على موسى ممثلًا في التوراة، وبوحي الله الذي نزل على عيسى ممثلًا في الإنجيل، مع الإيمان بجميع الأنبياء.

وفي نفس الوقت، نحن نؤمن بأنّ هاتيْن الظاهرتيْن قد امتدّت أيديهما إلى هذيْن الكتابيْن بالتحريف والتبديل، كما صرّح بذلك القرآن الكريم. وعلينا أنّ نعرف من البداية: أنّ اليهودية شيء، والصهيونية شيء آخَر، كما سوف نعرف -فيما بعد- ما هي الصهيونية؟ وكما فرّقنا بين المسيحية الصحيحة والصليبية المعاصرة، ينبغي أن نفرِّق بين اليهودية الصحيحة والصهيونية المعاصرة.

فنحن مطالبون بالإيمان باليهودية الصحيحة، كما أنّنا نرفض وبشدّة الصهيونية المعاصرة. كما أننا مطالبون بالمسيحية الصحيحة، لكننا نرفض -أيضًا وبشدّة- الصليبيةَ المعاصرة لنا الآن؛ لأن الأولى منهما وحي سماوي، والثانية منهما صناعة بشرية.

هذه بعض النقاط التي ينبغي أن نضعها أمامنا منذ البداية، حتى تتضح الرؤية أمامنا، وحتى لا تختلط الأوراق في ذهن البعض؛ فيَخْلط بين الصهيونية واليهودية، كما حاول البعض أن يخلط بين الصليبية والمسيحية. لا! هناك فارق كبير بينهما.

المسيحية الصحيحة وحْي إلهي، لكنّ الصليبية المعاصرة صناعة وفكْر بشري. كذلك اليهودية الصحيحة وحْي إلهي، أمّا الصهيونية المعاصرة فهي صناعة وفكر بشري. والفارق كبير بين ما تقرؤه فيما نزل على نبي الله عيسى، وما نزل على نبي الله موسى، وما وضعَتْه وما حرّفَتْه عقول البشر في مزامير وفي دساتير الصليبية من جانب، والصهيونية من جانب آخَر.

ولعلّ من المفيد: أن نُلقي بعض الضوء على علاقة الإسلام باليهودية، كما ألقينا بعض الضوء على علاقة الإسلام بالمسيحية قبل حديثنا عن الاستشراق وعن التبشير. فمن المعروف: أنّ أوَّل مَن ناصَبَ الرَّسول صلى الله عليه  وسلم العِداءَ بالمدينة المنورة هم: اليهود. عادوه وعاندوه عمليًّا على مستوى الحرب، وعقليًّا وفكريًّا على مستوى الخديعة والمكر وإثارة الشبهات.

ولعلّ الذين يقرءون السيرة النبوية وبداية تاريخ صدر الإسلام يؤمن تمامًا بقسوة الحوار، وقسوة العداوة التي أظهرها اليهود في المدينة المنورة للرسول صلى الله عليه  وسلم التي بلغت في بعض المواقف حدّ التآمر عليه، ومحاولة قتله، إمّا بالسم أحيانًا، وإمّا بإلقاء الأحجار الثقيلة وهو جالس بجانب الجدار، من جانب آخَر.

في زمن الأمويِّين والعباسيين أيضًا، نجد علاقة اليهودية بالإسلام لا تختلف عن علاقة اليهودية بالرسول صلى الله عليه  وسلم حتى إننا نجد أنّ بيْن الأمويِّين والعباسيِّين، وبين العصر الراشدي -عصر الخلفاء الراشدين- نجد أنّ التاريخ لم يتوقّف، بل كانت هناك مؤامرات حاكها عبد الله بن سبإ، وهناك مؤامرات ترتّب عليها قتْل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وهناك مؤامرات ترتّب عليها قتْل الخليفة الزاهد عثمان بن عفّان، ولا نبرِّئ اليهود من الفتنة التي وقعت بين عليٍّ ومعاوية.

ولعلّ دوْر عبد الله بن سبإ كان من أبرز الأدوار التي أجّجت نار الفتنة بين هذيْن الصاحبيْن الجليليْن في بداية صدر الإسلام رضي الله عنه .

في العصر العباسي والأموي، وجدْنا بعض اليهود يُعلنون الإسلام، وتولّى بعضُهم المناصب الإدارية في بلاط الأمراء، لكنهم أيضًا حاكوا الفتَن، والدسائس؛ سواء في ذلك مَن وُجد منهم في بلاد الشام، أم في الأندلس، أم في مصر، أم في جنوب الجزيرة العربية، وحتى في شمال أفريقيا. لم تَخْلُ هذه المناطق من مكائد أظهرها اليهود للإسلام والمسلمين في هذا الوقت المبكِّر من تاريخ الإسلام.

وأمّا مَن بقي على يهوديّته ولم يُعلن الإسلام؛ فقد أصابهم بعض من الاضطهادات في البلاد التي وقعوا فيها، وتفرّقوا في البلاد، لكنهم لم يَنسَوْا -لِلحظة من اللحظات- موقفَهم من الإسلام، وتمخَّضت تاريخيًّا هذه المواقف اليهودية التي لم يَخْلُ منها عصر من عصور التاريخ عن بلْوَرة هدفيْن أساسيين يمثِّل كلٌّ منهما غاية ومقصدًا لكلّ مَن يحمل الديانة اليهودية:

أمّا الهدف الأوّل فهو: إقامة دولة لليهود في أرض فلسطين، وبعض المناطق المجاورة لها بمضيّ الزمن.

أمّا الهدف الثاني فهو: محاولة السّيطرة على العالَم بأسره بعد أن تتحقّق لهم المملكة التي يحلُمون بها؛ لتكون لهم السيادة على أناس هم يؤمنون أنهم خُلقوا لخدمتهم فقط. يؤمن اليهود: أنّ غيرهم خُلق لخدمة اليهودي فقط. وتكونت جماعات كثيرة جدًّا أخذت تُبلْور وتجسِّد هذيْن الهدفيْن بوسائل من التزوير أحيانًا للتاريخ، ومن التزوير أحيانًا للكتب المقدسة، ومن التزوير أحيانًا لبعض الوثائق التاريخية.

وكان من أخطر هذه الجماعات أو الجمعيات: الصهيونية العالمية، والتي شكّلت خطرًا داهمًا على العالَم عامة، وعلى الإسلام بصفة خاصة.

هذان الهدفان اللّذان يسعى إلى تحقيقهما تاريخ اليهود كلّه، أيضًا من المهمّ أن نلقيَ الضوء عليهما؛ لأن محاولة الصهيونية العالمية الدءوب لتحقيق هذيْن الحُلميْن اعتمدت على مجموعة من الأساطير التاريخية ومجموعة من الأساطير الدينية، حاوَلت الصهيونية العالمية أن تركّز على الأساطير الدينية بالذات لتبيِّن للعالَم كلّه أنّ هذيْن الهدفيْن -إقامة الدولة اليهودية في فلسطين، والسيطرة اليهودية على العالم- هما وعْد من وُعُود الرب -تبارك وتعالى- لأبناء إسرائيل، ولا بد من العمل على تحقيقهما تنفيذًا لوعْد الرب. وبناءً على ذلك -على أنّ هذيْن الهدفيْن يعتمد كل منهما على أسطورة دينيّة- بدأت أيدي الصهاينة تمتدّ إلى الكتب المقدسة بالتزوير؛ بالإضافة أحيانًا، وبالحذف أحيانًا أخرى، وبالتبديل وبالتحريف أحيانًا أخرى، لتُبيِّن للعالَم أنّ هذيْن الهدفيْن نزلت بهما التوراة على موسى عليه السلام

ولكي يكون اليهودي يهوديًّا صادقًا، لا بدّ أن يعمل على تحقيق هذيْن الهدفيْن مهما كان موقعه الجغرافي، ومهما كانت الأرض التي يقف عليها؛ فلا بد أن يعمل، أو يساعد بما يستطيع على تحقيق هذيْن الهدفيْن.

وبدأت أسطورة الأرض تُحاك حولها المؤامرات، ويوضع لها النصوص الزائفة في المزامير، وفي الأسفار الملحَقة بالتوراة، والتي هي من صنع الصهيونية لتجسِّد قضية العودة إلى الأرض المقدسة في فلسطين؛ ولذلك أرى من المناسب: أن أضع أمام حضراتكم بعض الملامح التاريخية التي تُكذب هذه الافتراءات، وترفض هذه الافتراءات، من واقع التاريخ ومن واقع الحقائق التاريخية الواقعة أمامنا الآن، لِنبيِّن مدى تزييف التاريخ على أيدي هذه الجماعة الصهيونية، ومدى استعبادها لعقول الناس بمحاولة السيطرة عليها بالفكر الديني أحيانًا، وبالقوّة وبالبطش أحيانًا أخرى.

أوّلًا: ما معنى كلمة: “إسرائيل”؟ “إسرائيل” هذا هو: اسم من أسماء أبناء إبراهيم عليه السلام نحن نعلم: أنّ إبراهيم عليه السلام وُلد له: إسماعيل الذبيح، ثم إسحاق، ثم يعقوب. أطلق لفظ “إسرائيل” على نبيّ الله: يعقوب. وكلمة “إسرائيل” تعني: شعْب الله، أو عبد الله.

ولعلّكم تلاحظون معي: أنّ الاسم له دلالة دينيّة. كلمة: “إسرائيل”: اسم نبي. وهذه الدلالة الدينية إذا سمعها اليهودي أو الصهيوني يُحدث عنده من التَّداعي: أنّ هذه دولة دينيّة أيّدها الرب بوعْده في التوراة، ولا بدّ من مناصرة هذه الدولة.

وأيضًا ممّا ينبغي أن نعرفه من وجْه المقارنة بين كلمة “إسرائيل” وأيّ اسم لأيّة دولة إسلامية: لا نجد أية دولة إسلامية تحمل اسم نبيّ، ولا رسول، ولا صاحب، ولا صدِّيق؛ لأن التاريخ يؤكّد أنّ اسم هذه الدولة يحمل معه معنى العصبية، ومعنى العنصرية التاريخية كما سنرى فيما بعد.

التاريخ يؤكِّد لنا: أن بني إسرائيل قد دخلوا أرض فلسطين بوسيلة الغزو من الخارج، دون أن يكون لهم أيّ جذور تاريخية، أو أي تاريخ إقامة في هذه المنطقة. وقد صوّر جمهور المؤرخين دخولهم إلى أرض فلسطين على أنه انقضاض مجموعة من الرّعاة الجياع الذين يبحثون عن مرعى لإبلهم وأغنامهم ليستقروا حولها، فتأكل الماشية ويأكلون ويعيشون، ثم ينتقلون إلى مكان آخَر فيه رعْي جديد وهكذا.

فلم يكن دخولهم فيها للإقامة، وإنما بحثًا عن الرعي، بحثًا عن الكلإ؛ بحيث إذا انتهت مصادر الرعْي ومصادر الكلإ لإبلهم وماشيتهم تركوها وانتقلوا منها إلى مكان آخر. وكان هذا الوجود في أرض فلسطين يمثِّل في بعض جوانبه المظهر الأوّل لجماعة من بني إسرائيل على مسرح التاريخ بوصفهم جماعة من البدو الرُّحّل الذين يبحثون عن المرعى وعن الكلإ، ولا قرار لهم في أيّ مكان يقيمون فيه، وإنما يتنقلون وراء الرعي ووراء الأمطار. هذا كان أوّل دخول لبني إسرائيل إلى أرض فلسطين.

أيضًا، لا يعرف التاريخ أبدًا ولم يذكر التاريخ أنّ بني إسرائيل كانت لهم إقامة أو استقرار في أرض فلسطين؛ ولكن السكان الأصليِّين كانوا يقيمون بها وينتمون إلى بني كنعان من الكنعانيِّين العرب. ويقول المؤرِّخون: إنّ اليهود لم تَقُم لهم قوّة في هذه المنطقة إلا فترة خمسين سنة فقط. وحتى في هذه الخمسين سَنة، كانوا مُحاطين بممالك أكثر قوّة وأرقى مدنيّة وحضارة، كالمملكة المصرية القديمة، ومملكة فارس … إلخ.

والمدة التي أقاموا فيها أيضًا لم تكن إقامة على سبيل الاستقرار، وإنما كانت إقامة طلبًا للرعي، وبحثًا عن الرزق. وهذه الظاهرة -ظاهرة الإقامة في أرض فلسطين- كانت أشبه بحياة رجل أصرّ على الوقوف وسط ميدان صاخب؛ فكان مصيره أن دهَمَتْه السيارات. هذا الوصف يَذكُره المؤرِّخ “ويلز” وهو يؤرِّخ لحياة العبرانيِّين في أرض فلسطين.

كان حولهم من كل جانب ممالكُ قويَّة؛ ولذلك لم يستطيعوا أن يقيموا في هذه الأرض إلا ريثما توجد حياةٌ رعويَّة، توجد أمطار، ويوجد عشب، فترعى الماشية، ويَنعمون بهذه الظاهرة، ثم ينصرفون منها إلى غيرها.

ومِن ناحية العلاقة بالأماكن والأمم المجاورة لهؤلاء البدو، كانت علاقة عداء ولم تكن علاقة مؤاخاة ولا حُسن جوار؛ وإنما كما يؤرِّخ لهم “ويلز”: أن علاقتهم بالمجاوِرين لهم كانت علاقة عداء، كموقفهم من السلوقيِّين في سوريا، والبابليِّين في العراق، والمصريِّين، والرومان، وفارس؛ فهؤلاء جميعًا ناصبوهم العداء، ودمّروهم تدميرًا.

ثم جاء التدمير التاريخي الأول على يد بُخْتُنَصَّر الذي جعل مملكة يهودا ولاية تابعة لبابل. وهذا الملك قد غزا هذه المنطقة أكثر من مرّة، وكان أكثرها شدّة وقسوة تلك التي حدثت في عام 587م، حين استولى على أورشليم، وأحرقها على آخرها، وهدم الهيكل، وأسَر جميع سكان المدينة، وأخذهم أسرى إلى بابل.

وبعد فترة زمنية قد تبلغ نصف قرن تقريبًا، استعان بهم ملك الفُرس “قورش”، وسمح لهم بالعودة إلى فلسطين بعد أن احتلّ هو مملكة بابل، وسمح لهم بالعودة إليها، ولكن كثيرين منهم فضّلوا البقاء بعيدًا عن أرض فلسطين. ووقع من عاد منهم تحت السيادة الفارسية، ولم تكن لهم دولة ولا مملكة، ولا إقامة مستقلة، وإنما كانوا عبيدًا لـ”قورش”؛ فهم انتقلوا من أسْر بابل إلى أسْر الفُرس بقيادة “قورش”.

ثم تعرّضت المدينة للتدمير الثاني بعد ذلك؛ فقد دُمِّرت على يد “بطليموس الأوّل” الذي كان يحكم مصر. فقد هدَم القدس، ودكّ أسوارها، وأخذ منهم عشرات الآلاف من الأسر. وكان ذلك في القرن الرابع قبل الميلاد تقريبًا. ثم تكرّر الغزو بعد ذلك. ومن يقرأ تاريخ هذه المنطقة، يجد أنه لا يمضي قرن -وربما أقلّ- إلا ويغزوها أحد جيرانها ويدمّرها، ويدمّر كل ما فيها؛ حتى إنهم في سنة 63ق. م. دخل الجيش الروماني المدينة واستباح هيكلها، وفتَك بسكّانها.

وفي عهد القائد الروماني “تيطوس”، تم تدمير أورشليم وتدمير الهيكل تدميرًا كاملًا، وذبح اليهود فيها، وأسر من أسر من شعبها. ومنذ ذلك التاريخ، انقطعت صلة اليهود تمامًا بفلسطين، فلم تقم لهم بها دولة، ولم يتأسّس لهم بها حُكم. وقد تفرّقوا في أقطار الأرض شرقًا وغربًا، وشمالًا وجنوبًا. واستمرت هذه المرحلة التي تُسمّى: “مرحلة الشّتات” أكثر من سبعة عشر قرنًا من الزمان.

وظلّ الأمر كذلك إلى أن بدأ التفكير في العودة مرّة أخرى إلى فلسطين. وشهد القرن التاسع عشر الميلادي نشاطًا ملحوظًا حول تحقيق هذا الحُلم لأسباب تاريخية، ذكرنا بعضها ونحن نتحدث عن الاستشراق والتبشير، وعن دَوْر المستشرقين ودوْر أوربا في هزِّ كيان الخلافة العثمانية ومحاولة القضاء عليها- لأنه لم يتمّ إقامة هذه الدولة، أو التفكير فيها بشكل عملي إلا بعد أن وصلت الخلافة العثمانية بسبب المؤامرات التي حيكت حولها إلى مرحلة من الضعف الذي هيّأ لأحد الصهاينة أو مؤسس الصهيونية المعاصرة وهو “تيودور هرتزل” أن يقابل السلطان عبد الحميد ليتفاوض معه على تأسيس دولة لليهود في أرض فلسطين، كما سنعرض لذلك فيما بعد.

هذه فكرة موجزة عن قضية الأرض، وقضية وجود إسرائيل في هذه المنطقة من العالم وجودًا تاريخيًّا، وهل لها أصول أو حقوق تاريخية؟ أو ليس لها حقوق تاريخية؟ وقد يزداد الأمر تفصيلًا فيما بعد -إن شاء الله تعالى.

error: النص محمي !!